أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد حسين - بوق الصباح














المزيد.....

بوق الصباح


احمد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 22:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العنوان جزء من ذاكرة مريرة تنهش أرواح الأعم الأغلب من العراقيين الذكور تحديدا، الذين دفعوا رغم أنوفهم ضريبة فادحة عن هذه الذكورية التي لا يد لهم في تكوينها ولا خيار، بل أنها جاءت نتاج تزاوج قسري في أغلبه بين رجل وامرأة شاءت الأقدار أن ينجبوهم في بلد توالت على حكمه أنظمة استبدادية وحكام سفاحون حولوا الرجال إلى مشاريع موت دائم في حروب رعناء جميعها خاسرة والنساء خطوط إنتاج بشري لإدامة العسكرتارية المتغلغلة في هذه الأرض.
بوق الصباح ما زال يزعق في آذان كل من ساقه حظه العاثر إلى جحافل التجنيد الإجباري أو الاختياري، أنه النعيق الذي كان يوقظنا كل صباح في المعسكرات لنقف في صفوف خاوية متراصة في ساحات العرضات لكي يؤكد البعض منا حضوره اتقاءا لشر ذوي البيريات الحمر والبدلات الزيتونية، فيما يعلن البعض الآخر تمرده واحتجاجه الصامت بالغياب أو الهروب، نافخ البوق لم يكن معنيا بحضور من يحضر وغياب من يتغيب فهذا أمر يتولاه آمر الوحدة وضباطها، خاصة وأن الحاضر لا يكافأ والغائب لا يعاقب إذ الأموال تجب ما قبلها، لذلك لم نشعر يوما أن المبوق أكثر عسكرتارية من أمراء الوحدات وضباطها.
بعد التاسع من نيسان تغير الكثير من الأمور حتى المبوقون تغيروا، لكن نحو الأسوأ، وأصبح العديد منهم أشد صرامة في عسكرتاريتهم من ضباط الصف وعلا فحيحهم على صوت البوق نفسه، فضلا عن أنهم تناسلوا في مؤسسات الدولة بطريقة أميبية بعد أن كان حضورهم محصورا بالثكنات والوحدات العسكرية، لكن الفرق بين هؤلاء وأولئك يكمن بأن التبويق في السابق كان وظيفة يؤديها البعض للتملص من مسؤوليات وواجبات أخرى في حين بات الآن حرفة حمى وطيس التنافس والتنابز فيها إلى حد الخنوع والذلة.
المبوقون الآن يفصلون هندامك ويزوقون مظهرك ويشذبون لسانك ويصفونك في صفوف العرضات الحكومية لرسم صورة لم تخطر على قلب مرؤوسيهم ولا أظن أحدا منهم طمح إلى ملمح بسيط من ملامحها، إلا أن النفاخين بادروا من تلقاء أنفسهم لإظهار مؤسساتهم بشكل يرضي كل الأذواق ويبز كل الأبواق حتى تناسوا أن إرضاء الناس غاية لا تدرك فكيف إذا كان هؤلاء الناس هم العراقيون الذين لا يرضون حتى عن أنفسهم؟.
الخلل الذي يعاني منه العراق الجديد ويحول دون انتقاله من المركزية الحزبية الاستبدادية إلى دولة مؤسساتية لا يكمن في عدم استجابة المواطنين لهذا التحول أو هضمهم للمنظومة الفكرية التي تحولت بالأنظمة الغربية إلى دول مؤسساتية، بل أن العثرة التي تعرقل هذا التحول هي رؤساء المؤسسات الحكومية أنفسهم، فالمواطن غير معني بالتحولات السياسية ما دامت لا تهدد أمنه وحريته ومصادر دخله ولا يهتم بالنظم الفكرية المؤسساتية طالما تلبي احتياجاته، لكن المعني الأكبر هم من أسميناهم بالمبوقين فهم الأكثر تضررا من هذه التحولات والأشد تمسكا بالشخصنة والحزبنة التي قفزت بهم إلى حيث هم الآن، سواء عن طريق صفقات سياسية أو بما أجرته بعض المؤسسات من انتخابات شكلية في حلقات ضيقة وبنتائج محسومة قبل بدء الاقتراع.
قد لا نحصي أعداد من امتهنوا التبويق والمهادنة في العهد المباد لكننا شهدنا العديد منهم وهم يغتسلون بمياه الحرية من أدران تلك المهنة كذلك نعرف من لم يلقي بثوبه الخليع في مزبلة التغيير بعدما ما طمأنه السيرك السياسي على سلامة مكتسباته شريطة أن لا يغادر مهنته ويجدد تجربته في العهد المعاد، ومن بين هؤلاء نجد من يحمل بيده بوقا سياميا يرضي به كل الأطراف والاتجاهات وباليد الأخرى يرفع عصا بوجه كل من تسول له نفسه التطاول على ذوي المقام الرفيع، فتراه يكافئ هذا لا تملقه ويتوعد ذاك على تجرئه ويكمم من تغريه حرية التعبير، حتى بات مقصلة رقابية لا ينجو منها أحد.
بوق الصباح ينحدر بنا يوما بعد آخر إلى حيث ينتهي صداه في حفرة لا يعلم عمقها أحد سوى النافخ ولربما هو أيضا لا يعلم طالما لا يطاله الانزلاق في غياهب الجب الذي حفره، وهو يعيد إنتاجه نفسه ويهجنها كلما جد جديد لتتلون بحسب بما تشتهي أنفس أولي الأمر.



#احمد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امنحوني عضوية أمنحكم كرامتي
- ملاذات الأنذال الأخيرة
- دولة العجزة
- ثورة في إيران
- والصباح تسير
- الى مجهولة
- الى حبيبه
- تاره
- في الامس
- تلويحة الجوكر
- عودة الضجيج
- خطوات نحو السلام
- بؤسنا الخارجي
- حزب العمال... الخيار العسكري
- بيانات عسكرية
- حدود العراق أزمة أزلية
- يا ليتني كنت بعثيا فأفوز فوزا عظيما
- البراق النبوي ...وحواشي ذات صلة
- عاصمة المؤتمرات
- أوبئة


المزيد.....




- فيديو هبوط اضطراري لمروحية رئيس وزراء أرمينيا بسبب الظروف ال ...
- هل تريد تجربة فاكهة -الأناناس الأحمر-؟ هذا سعر الحبة الواحدة ...
- اختبار بسيط لقياس درجة ترطيب الجسم
- -ولادة جبل جليدي جديد- في صور مذهلة!
- تحليق طائرات حربية بولندية تزامنا مع عمليات للطيران الروسي غ ...
- بيونغ يانغ تتهم سيئول وواشنطن بالتجسس عليها
- لبنان.. خطف شاب سوري يتيم الأبوين والمطالبة بفدية لإطلاق سرا ...
- -هل تستطيع السلطة الفلسطينية القيام بدور أفضل في غزة منه في ...
- الأولى منذ نحو ربع قرن... الرئيس الفرنسي ماكرون يزور ألمانيا ...
- بعد احتجاجات.. الرئيس التونسي يقيل وزيري الداخلية والشؤون ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد حسين - بوق الصباح