أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها















المزيد.....

الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3047 - 2010 / 6 / 28 - 00:16
المحور: الادب والفن
    



بداية أو منتصف التسعينات من القرن المنصرم برزت ظاهرة جديدة بكتابة الشعر الشعبي ، وهذه الظاهرة تسمى ظاهرة ( الومضة الشعرية) ، ولتقريب الموضوعة بدقة أكثر فأن الشاعر منشأ هذه الومضة ، كأنه يحمل بيده آلة للتصوير يلتقط من خلالها لقطة لظاهرة ما ، ومن الزاوية التي يراها مناسبة لومضته ، وبداية ظهور الكتابة بهذه الصور الشعرية الجديدة ، قوبلت بالترحاب حينا وبالنفور حينا آخر ، المتمسكون بكلاسيكية القصيدة الشعبية صرحوا وبأكثر من مرة ، لماذا لا نعتبر الدارمي أو الأبو ذية ضربا من هذه الومضات التي تكتب ، وبهذا لا نحتاج لهذه الومضات المزعومة ، معتمدون بطرحهم هذا على أن القصائد الشعبية هي ما زادت على السبع أبيات شعرية ، والمقطوعة ما قلت عن السبعة أبيات ، ولا توجد تسمية أخرى لمثل هذه الكتابات الجديدة ، وبزعمهم أيضا أن الدارمي و الأبوذية يأخذان هذا المنحى ، أي أربعة أشطر للأبو ذية ، وشطران للدارمي ، و الدارمي عروضيا يقع تحت أربعة أشطر شعرية ، وقسم آخر من الشعراء ، أستحسن هذا الفتح الجديد ، ليواكب حركة التطور الأدبية العراقية ، وليختصر المسافات الطويلة التي يقطعها الشاعر الشعبي بقصيدته للوصول لما يريد قولته ، بمعنى الدخول لبيت القصيد الذي يبتغيه شاعر القصيدة مباشرة والذي أخذه ، أي بيت القصيد شاعر الومضة .
بعد دراستي وتتبعي لشعراء الومضة خلصت لنتيجة قد أعارض بها الكثير ، ويعترض عليها الأكثر ، فأنا أرى أن للومضة شعرائها المتخصصون بكتابتها ، ولا يمنع ذلك من أن شاعر الومضة يمكنه أن يكتب قصيدة جميلة يشار لها من قبل النقاد والباحثون ، مثلهم بذلك مثل شعراء الأغنية ، فالشاعر المتمكن من القصيدة قد لا يستطيع كتابة أغنية يتلقفها الملحنون قبل المغنون ، بمعنى أن شاعر الأغنية ليس بالضرورة شاعرا مجيدا بكتابة النصوص الشعرية ، وقد تجتمع الخصلتان كتابة القصيدة وكتابة الأغنية بشاعر واحد ، والأمثلة لا تحصى بهذا الباب ، أبو سرحان ، زامل سعيد فتاح ، كاظم الرويعي ، رياض النعماني ، وغيرهم ، وهناك قصائد حفظتها الألسن ورددتها كثيرا ، مما أضطر الملحن لتلحينها لغنائيتها العالية ، ولموسيقاها الجميلة ، ومن رواد هذه المدرسة الرمز العراقي الكبير مظفر النواب ، ولم أجد أغنية واحدة لشاعر رائد كشاكر السماوي لحنت له قصيدة ما ، على حد تتبعي وذاكرتي ، وكثير من الشعراء كتبوا القصائد الغنائية بزعمهم ، وحين أقرأ تلك الأغاني التي كتبوها ، أجدها قصائد ألبست ثوب الغنائية ولا تصلح أن تغنى .
والومضة الشعرية الناجحة بزعمي ، لا يمكن لشاعر آخر أن يضيف لها شيئا ما ، أو أن يحذف منها شيئا آخر ، ويمكن لشاعر آخر أن يغير بتلك الومضة ليأتي بومضة مشابهة لها ، ومرات تأتي هذه المجاراة أو المحاكاة أقوى أو أقل سباكة من الأخرى ، ( بمريكا أنتخينه من هذولا لا لا لا ك / يا هو اللي يفكنه من هذوله / صباح الهلالي ) ، والتساؤل الذي يُطرح هنا ، ماذا يمكن أن أضيف لهذه الومضة الشعرية ؟ ، وماذا سأحذف منها ؟ ، في كلتا الحالتين لا يمكن أن أضيف أو أحذف ، فالإضافة والحذف الذي أدخله على هذه الومضة سيغير معناها بالكامل ، وقد أجدها عصية على الفهم لو حذفنا أو أضفنا شيئا لها ، ناهيك عن أنها موضوعة متكاملة لقصيدة أن أراد أن يكتبها قصيدة ، وبهذه الحالة – أن كتبت قصيدة – سيحتاج الى التقريرية المملة والصور المكررة ، إذن أنها ومضة مسبوكة بإحكام لا يمكن أن نضيف أو نحذف منها شيئا آخر ، وإن حاول شاعر آخر اقتباسها وإلباسها حلة جديدة لربما سيصاب بخيبة أمل ، أو بنجاح أكبر مما نجح بها الشاعر صباح الهلالي ، وشاعر آخر يحب أن يوصل صوته جهوريا للمسؤلين ، ويتبرم من وضع لا يرتضيه ، ويطمح لوضع آخر ، ولأن المسئول يدعي منهجا إسلاميا متأسيا بصحابة رسول الله (ص) ، ولأن هذا النهج لا يشبه نهج من أتخذه ذريعة ولباسا للوصول لغاية أدركها المسئول ، إذن على شاعر الومضة إيصال صوته واضحا وجليا عبر ومضة غير مرمزة فيقول ، ( طلب منك يا إلهي / وخاف إذا يحمل تجاوز / هالطلب إغفر إلي / لو تموتلنه اليتامى / لو ترجعلنه علي / الشاعر محمد الفاطمي ) ، ترى ما سنضيف أو نحذف من هذه الومضة التي أشرت ودلت على تبرم واضح لواقع مر معاش ، ومن جمالية الرمزية الشفافة جاءت قوة وسباكة الومضة الجميلة ، ( جنت شايل دنية بيدي / ولمن شفتك صفكت / شاعر مجهول) ، لو أمعنا النظر بالومضة أعلاه لوجدناها تحمل وجوها عديدة ، منها أني كنت أحمل كل الدنيا بيدي وحينما رأيتك صفقت ففقدت الدنيا ، ووجه أخر أني حينما رأيتك صفقت لك وربحتك كي أرمي من يديّ خسائر الدنيا ، وأوجه المقارنة والدلالة أكسبت الومضة جماليتها هذه ، ( صار أسنين أمر ع الباب ، غبت يومين أجاني الباب / محمد الغريب) ، هنا حين الفت الباب مرور محمد الغريب رحمه الله عليها وأستاحشت طلته عليه أتت الباب طائعة له ، وهي تحمل رؤى كثيرة ومضامين أكثر ، وشاعر آخر يعتقد – وهي حقيقة – أن الفراعنة لا يخلقون هكذا فراعنة ، بل خنوع المرؤوسين أوصل الرؤساء للفرعنة ، وقديما قيل لماذا تفرعنت ؟ ، أجاب لأني لم أجد من يقف بوجهي ، وهذا ما يرسمه الشاعر راسم الخطاط بومضته التي تقول ، ( مشكلة هذا العصر موش الذياب ، تبقه مشكلة العصر كثر الغنم ) .
هناك قصائد كثيرة كتبت سابقا أوحاليا ، لا يستفاد من كثرة أبياتها أو سرديتها أو مباشرتها ، ويمكن أخذ مطلعها أو مقطعا منها على أنها ومضة يشار لها ، كتب الشاعر المرحوم صاحب عبيد الحلي قصيدة وطنية رتلها من أحد المنابر الحسينية يقول باستهلالها ، ( ثوار دوخنه الكرة الأرضية / ثوار هاي أعلومنه مروية / واليوكف أبخط النار / ما غيرنه ونفدي الوطن بدمانه ) ، والذي يقرأ كامل القصيدة يجد أنها تدور ضمن هذا المحور ولا تتعداه ، إذن ما قاله لا يعتبر إلا حشوا ليوصل به مقولته لجمهور متحمس ، وقد أعطيه الحق بهذه السردية والإطالة لتفاوت ثقافة مستمعيه ، وهناك مطالع قصائد كتبها شعرائها لم يجدوا روحية المطلع بباقي أبيات القصيدة فمزقوا ما كتبوه وأبقوا المطلع فقط كومضة جميلة ، وهنا سألت الشاعر عبد الكريم النور لماذا لم تكمل قصيدة العقارب ؟ ، أجاب بأنه أن وجد اليوم أوغدا لموضوعة تأتيه بقوة وجمالية مطلعها لأكمل تلك القصيدة ، ( معذوره العكارب فاكده الشوف / حكها أتخاف من الما تشوفه / ذنبها أسلاحها وتلدغ أمن الخوف / بنيادم شجاه هم فكد شوفه) ، لربما بقادم الأيام يستطع عبد الكريم النور أكمال مشوار قصيدته ، ولربما لا تأتي بقوة مطلعها ولربما ، وشاعر آخر كتب قصيدة لأمه وهي تعد من العلامات الفارقة بقصائد الأمومة وهو الشاعر السيد عماد المطاريحي ، أخلص منها لومضة يستفاد منها لا حقا لشعراء آخرين ليبدعوا ما أبدع السيد المطاريحي الذي يتصور أمه بعد طول غيابه ترفع كفيها للسماء طالبة أن يعيد لها ولدها ، ( تظل تدعي ، تظل تدعي ، ربي يرجع بالسلام ، مرة رديت ولكيت أمبيض أبجفها الحمام ) .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل المبرمج
- الخرسان وقوة البيان
- أركب عالصعاب
- الاتفاقية الأمنية وأهدافها غير المخفية
- وعلى هذه وقس ما سواها
- وطن وهموم
- ( يمه بشري )
- موالات
- ( تيتي تيتي ، مثل ما رحتي إجيتي )
- (تجيك الحمه من الرجلين)
- الغناء فسق وفجور !!!
- الحداثة ذوق رفيع أرسى قواعدها اليسار العراقي
- غنائيتان من سامراء
- المرضَع
- بيع و رهن
- حمامة بيت
- مضيف الحلة
- التلاعب بالمفردة الشعبية لدى الشاعر الرائد شاكر السماوي
- يا سامر الحي الى الشهيد قاسم عبد الأمير عجام
- دوَه العكرب مرثية الشهيد المفكر قاسم عبد الأمير عجام


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها