أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - التلاعب بالمفردة الشعبية لدى الشاعر الرائد شاكر السماوي















المزيد.....

التلاعب بالمفردة الشعبية لدى الشاعر الرائد شاكر السماوي


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 01:00
المحور: الادب والفن
    




يقول أحد أصدقائنا الشعراء لربما يصل عدد الشعراء الشعبيين لأكثر من (3000) شاعر لجيل واحد ، وهذا العدد لا تملكه دولة الصين ذي المليار والنصف مليار من البشر ، بمعنى أن البيئة العراقية وموروثها الثقافي والمعرفي أفرز هذا العدد الكبير من الشعراء ، والسؤال الذي يطرح نفسه كم شاعرا من هؤلاء ال (3000) آلاف يشار له كما يشار (للنواب) الكبير أو الحاج (زاير) و(عبد الحسين ابو شبع) (وكاظم منظور الكربلائي) و(طارق ياسين) و (شاكر السماوي) و (عريان السيد خلف) وآخرين ؟ ، وكل من هذه الأسماء الكبيرة تركت أثرا و إرثا ثقافيا لا يمكن الا أن يكون محطات مضيئة للأجيال اللاحقة ، ومن خلال قراءتي لنتاج هذه الرموز الكبيرة وجدت لكل واحد منهم مدرسته وطريقته لبناء قصيدته ، واختيار مواضيعها ومفرداتها التي يكتب قصيدته فيها و بها ، فمنهم من أبتعد أو أقترب صوب المفردة العامية الموغلة التي تحتاج لفك طلاسمها والسؤال عنها ، ومنهم من أقترب صوب اللهجة المدينية المحكية القريبة من العامية البغدادية ، وهذا متأتي من حكم انتقالهم من مناطق سكناهم صوب العاصمة او المدن العراقية الأخرى ، ووجدت أكثر من شاعر أتخذ من لهجة البادية أطرا لبناء قصيدته التي يتبَدون بمفرداتها ، ومنهم من أوغل بالرمزية لأسباب أما سياسية أو اجتماعية ، ومنهم من جاءت قصائده مباشرة مع شئ من التقريرية لحاجة المتلقي آنذاك لهذه التقريرية .
بداية السبعينات من القرن المنصرم وبروز قصائدها الملفتة للتمعن الدقيق موضوعا وسباكة ومفردة وأتساعا ، استوقفتني مفردة ( أتنيسن) والتي جاءت ضمن نص غناه المطرب العراقي ( فؤاد سالم ) والذي يقول فيه ( أتنيسن وياج أخذيني يل طحت أبشوكج غفلاوي) ، والنص للشاعر المغيب (ابو سرحان) ، والفعل ( أتنيسن ) مصدره الأسم (نيسان) ، والأسماء كما درسناها أما أسم مشتق أو أسم جامد ، ونيسان أسم جامد لا تجيز اللغة العربية اشتقاق الأفعال منه ، والشاعر الشعبي جوّز لنفسه هذا الاشتقاق ، فجاءت مفردة جميلة وغير مسبوقة اختزنتها الذائقة السمعية الشعبية ، ولربما أهل الريف يقولون (أتنيسن ) أيام الحصاد ، ومن خلال قراءتي لنصوص كثيرة لأغلب شعرائنا الشعبيين لم أجد من يتصرف بالأسماء أو الأفعال كتصرف الشاعر ( شاكر السماوي) ، ولو تصفحنا دواوينه وأخذنا مثلا ديوان (رسايل من باجر) الصادر عن مكتبة الشرق لعام 1973 م لوجدنا الكثير الكثير لما يدعِّم ما أذهب إليه ، في قصيدة تمثال الشمع يورد الفعل (إتكنطرت) ، ومعلوم أنه مشتق من الاسم ( قنطرة) ، ولو اشتققنا من هذا الاسم ( قنطرة) للعربية الفصحى فعلا لكان (تقنطر) ، وهذا بزعمي ثقيل لفظه ناهيك عن عدم محبوبية إتيانه بأحد القصائد الفصيحة ، أما مفردة (أتكنطرت) جاءت وكأنها وضعت في مكانها الطبيعي الجميل باللهجة العامية ، وفي قصيدة (سوالف النجوم) من نفس ديوانه (رسايل من باجر) لوجدنا أكثر من مفردة تصرف بها الشاعر شاكر السماوي ، فأحياناً يشتق من الاسم فعلا مضارعا ومرة أخرى فعلا ماضيا ، (نور الشمس غبَش ، يصحي الغافي بعشوشه) ، ولو عدنا للفعل (غبَش) لوجدناه دالاا على فعل ماض وهو مشتق من الأسم (غبشه) أو (الغبش) ان صح وروده هكذا في اللغة العربية الفصحى ، وفي موارد أخرى نراه يشتق من الفعل باللغة الفصحى فعلا باللغة الدارجة او اللهجة العامية ، ومثل لذلك (استكان) وهو فعل مضارع مشتق من (استكان) بمعنى أستقر أو هدأ ، فنقله السماوي شاكر الى الفعل (تستجن) وهي مفردة شعبية أيضا أتت بصيغة المضارع ( تهيم أعلى الشواطي تهوف ، هلبت تستجن بيها) ، فجاءت بشكل جميل تومئ للقارئ او المستمع حرية التصرف الواسعة لدى الشاعر شاكر السماوي ،والأمثلة كثيرة جدا لمن يتسنى له قراءة دواوين الشاعر شاكر السماوي ، ( تحنط كل خيال أبرعشة ظنوني) ، أو ( تخشب ليله بعيوني) ، فالفعلان (تحنط وتخشب) جاءا بصيغة الماضي ، ولو قرأنا ( نعش أسود رهن كلبي أبصواميعه) ، وحققنا بمفردة (صواميعه) أتت هكذا على لسانه مفردة شعبية ، ولو عدنا بها للعربية الفصحى (صومعة) وهي تعني مكان الإنفراد أو الانعزال أو التعبد أحيانا ، وجمعها (صوامع أو صومعات) ولو أضفنا لها الحرف هاء للضمير المخاطب او الغائب لأصبحت صومعته أو صومعاته ، فمن من شعراء اللغة العربية يوردهن وتأتي سلسة كما أراد السماوي ، واتى بها السماوي (صواميعه) مضيفا لها ياء التملك والهاء ضمير للغائب او المخاطب فأصبحت هذه الصومعة ملكا للغائب أو المخاطب ، وعودة للأسماء وكما يقول النحاة أسماء مشتقة وأسماء جامدة ومثلا قلنا نيسان اسم جامد لا يمكن اشتقاق الأفعال منه ، وماذا سيقول النحاة لو اشتققنا من اسم جامد غير معرب ك (هتلر) القائد النازي الألماني المعروف ، وكيف إشتق من هذا الأسم غير المعرب فعلا ، وهل يجيز النحاة هذا الإشتقاق دون الرجوع الى المجمع العلمي العربي للغة العربية ، وبخبرة شاكر السماوي باللهجة الشعبية وتصرفه بهذه المفردة الأعجمية ( بالعندي خبرها أيكول ، عبر فوك الركاب الهتلرت برلين) ، وهنا نحار كيف نصف هذه المفردة (هتلرت) فهل حولها الى صفة ، ولو إفترضنا ذلك يجب عليه القول ( الهتلرية) ، في حين ان السماوي جاء بها صفة لا يجيزها النحاة العرب وأجازها لنفسه الشاعر الشعبي المتمكن شاكر السماوي ، وتجربة الشاعر الكبير شاكر السماوي تتضح لمن يقرأ دواوينه التي طبعت بعد غربته وكيف أستطاع التفرد والتحكم بمفرداته الجميلة ، يقول السماوي شاكر كنت أسير في شوارع الديوانية – مدينته – لأبحث عن ذلك المجنون الذي يجوب طرق الديوانية وهو يتغنى بمفردات موغلة بالعامية – الحسجة – ومرة أستمعت لهذا المجنون وهو يردد ( كاغد وجاسه الماي) ، فما كان من السماوي شاكر إلا أن يأخذ هذه الجملة ويوظفها في أحدى قصائده وأن لم تخني الذاكرة كانت في قصيدته المهداة للمطربة العراقية (صديقه الملايه) .
أنهي موضوعتي بالقول لو أني أمتلك كل دواوين الشاعر الكبير شاكر السماوي لجاءت الموضوعة معززة بأكثر من نص أستطاع به الشاعر أن يلعب أو يتلاعب بالمفردة العامية وهي بزعمي ليست طيعة إلا لمن أوغل بهذه اللهجة المحببة لكثير من المتذوقين للشعر الشعبي .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا سامر الحي الى الشهيد قاسم عبد الأمير عجام
- دوَه العكرب مرثية الشهيد المفكر قاسم عبد الأمير عجام
- إطلالة على الترانيم والنواعي وأغاني الرحى العراقية وتسمية(كع ...
- إطلالة على الترانيم والنواعي وأغاني الرحى العراقية وتسمية(كع ...
- إضاءة مواطنون ام مستوطنون
- إطلالة على الترانيم والنواعي وأغاني الرحى العراقية وتسمية(كع ...
- إطلالة على الترانيم والنواعي والنواعي العراقية وتسمية كعيم / ...
- إطلالة على الترانيم والنواعي وأغاني الرحى العراقية وتسمية(كع ...
- أيام المزبن /محاولة لمجاراة الرمز العراقي الكبير الشاعر مظفر ...
- إضاءة /(بالروح بالدم )
- إضاءة /بايدن قادم بعصاه
- دموع الأنبياء/مهداة لأحباب الله – الأطفال - شهداء المسيح
- أبو ذيات
- لطيف بربن سلطان الظرفاء / القسم الأخير
- كي لاننسى /3
- لطيف بربن سلطان الظرفاء / 3
- لطيف بربن سلطان الظرفاء / القسم الثاني
- كي لاننسى /2
- إضاءة / (نسرين السامرائي) وطاولة الحوار الشفيف
- لطيف بربن سلطان الظرفاء/ القسم الاول


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - التلاعب بالمفردة الشعبية لدى الشاعر الرائد شاكر السماوي