أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - قرصنة لم تحل دون وصول الرسالة!















المزيد.....

قرصنة لم تحل دون وصول الرسالة!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3030 - 2010 / 6 / 10 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الهجوم الدموي المسلح على قافلة الحرية هو وصمة عار اخرى على جبين دولة اسرائيل الدينية-القومية الشوفينية. ان قيامها بمهاجمة اسطول جاء لكسر الحصار على غزة بهذا الشكل البشع وقتل مايقارب 20 انسان بريء وجرح العشرات واعتقال المئات يحتاج الى امر اكثر من الجرأة. يحتاج الى الصلافة والعنجهية والاستهتار بكل معنى الكلمة. الاستهتار بابسط القيم والمعايير المتعارف عليها انسانياً وحتى الدولية (المرائية في اغلب الاحيان!). ان تقوم دولة بوليسية بهذا العمل المسلح الهمجي وبهذا الشكل السافر والمفضوح، وفي المياه الدولية، فانه دليل اخر على ان هذا الدولة لاتتمتع باي معيار او ضوابط يمكن ان تمسك ايديها. انه ارهاب دولة وقرصنة سافرة. لقد كشف هذا الحدث للعالم اجمع هذه المرة عن الوجه القبيح والكريه لاسرائيل من جهة، والقدرات الهائلة من ارهاب الدولة لاسرائيل من جهة اخرى.
ولكن كم ان هذا الجرم هو امر لايمكن تحمله من قبل كل محب للانسان والانسانية، ومبعث سخطه وغضبه العميقين، وهو الامر الذين تبين بوضوح في عشرات التظاهرات والاعتصامات واعمال الاحتجاج والتجمع التي عمت العالم وكل ردود الافعال الغاضبة، فان المرء يحتاج الى قدرات خاصة لتحمل سماع الرواية من على لسان مسؤولي هذه الحكومة عديمي القيمة والضمير. اذ تحدثوا في البدء عن ان الحكومة اوعزت لجنودها بضبط النفس وعدم الانجرار وراء الاستفزاز، بيد ان هذا المبرر لم يصمد دقائق، ولهذا تحدثت بعد ذلك عن انها قد "تعرضت الى هجوم بالفؤوس من قبل المتضامنين"، وعن "عثورها على اسلحة على متن السفينة"، وعن "وجود ارهابيين". ان الكذب، الصلافة وتزوير الحقائق هي عبارات لاتكفي لوصف هذه الرواية. ان ردود ومبررات المسئولين الحكوميين هي نموذج سافر للصفاقة وقلة الحياء. انه تذكر هذه المبررات ولكنها لاتنبس بكلمة حول: "لماذا اتت هذه السفن بمتضامنيها؟!"
وعلى النقيض من ادعائات المسؤولين الاسرائيليين، لم يكن هذا العمل سوى عمل مبرمج وسيناريو معد مسبقاً ومغرض الى ابعد الحدود. اذ رات اسرائيل نفسها بين نارين: اما القيام بالعمل وتحمل تبعاته وعواقبه السياسية والاقتصادية العالمية الكثيرة والواسعة، او ترك السفن تدخل الى غزة وبالتالي يكسر الحصار بالضد من ارادة اسرائيل، وهذا يوجه ضربة الى اعتبارها ومكانتها. ولهذا ونظراً لشدة تعنتها، اختارت، من بين النارين، النار الاولى بقصد ووعي واضحين.
في الحقيقة ليس هذا بامر غريب على دولة بنيت على اساس الاحتلال والحروب وتشريد السكان الاصليين واعمال الابادة الجماعية، القتل التعسفي، التمييز الديني-القومي والاثني، التعدد العملي والفعلي لدرجات المواطنة، سياسات الارض المحروقة، حمامات الدم، الاغتيالات، الحصار الاقتصادي والعقوبات الجماعية وغيرها. دولة تعد اشاعة الكره واحط الاحاسيس والمشاعر الدينية والقومية جزء اساسي من ادامة اجندتها ومشاريعها المعادية لابسط التطلعات الانسانية.
ولكن لنرى ماهو الجرم الذي ارتكبه متضامنوا "اسطول الحرية" ليجابهوا بهذا الشكل العدواني والوحشي الشرس. ان كل ذنبهم هو انهم قالوا اننا لانقبل، والانسانية لاتقبل ان يؤسر اكثر من مليون وربع مليون انسان ويسجن في الهواء الطلق، ويرسفون طيلة اكثر من 3 اعوام في حصار اقتصادي جائر وظالم، حصار على المواد الغذائية والطبية والعلاجية وعلى ابسط مستلزمات واساسيات حياة طبيعية وعادية، دافعة اسرائيل المجتمع في غزة الى فقر مدقع وتردي وانهيار سمات مجتمع مع مايرافق هذا الامر من انهيار معنوي واخلاقي وتفشي شتى النزعات المعادية للانسان في المجتمع. دع جانباً اعمال القصف الجوي والارضي التي اصبحت زاداً يومياً لسكان غزة. ان كل ذنب المتضامنين هو ان انسانية البشرية لاتقبل بهذا الجرم بحق شعب اعزل، وبالاخص بحق اطفال وشيوخ هم بامس الحاجة ويفتقدون الى قدرة مقاومة اوضاع مثل هذه. لقد جربته البشرية جيدا قبل ذلك في العراق ورات بام عينها اي ماسي ومصائب خلق للمجتمع!
يجب ان يرفع الحصار عن غزة فوراً بدون قيد او شرط. ان لم تصل السفن الى غزة، فان الرسالة قد وصلت بوضوح وبقوة الى ابعد نقطة في العالم. رسالة يجب ايقاف هذا الجرم. رسالة اجبرت بان كي مون وكلنتون واوباما ورئيس الوزراء البريطاني وسائر الذين دعموا اسرائيل او غضوا الطرف عن ممارساتها العنجهية طيلة عقود على القبول والحديث صاغرين عن رفع الحصار عن غزة، والى الكف عن صمتهم وعلك المبررات السابقة المتهافتة حول كون هذه الممارسات من اجل "حماية امن اسرائيل". اذ وضع هذا الحدث ولشدة بشاعته امريكا والبلدان الداعمة لاسرائيل في حيرة وارتباك اكثر من اي وقت مضى لايستطيعوا ولايعرفوا ان يقولوا شيء لتبرير الامر والدفاع عن اسرائيل وممارساتها، واصبحوا تحت المطرقة فعلاً، اذ ان الدفاع عن الامر او تبريره سيضعهم في عزلة اكثر من اي وقت مضى امام الراي العام العالمي. وبغض النظر عن رضوخ اسرائيل فورا لهذا الامر ام لا، فان رفع الحصار عن غزة قد اصبح موضوع الساعة، موضوع ينبغي انهائه فوراً.
ان تحكم حماس بغزة وسلطته هناك ليس بسبب كاف، بالنسبة لاسرائيل وغيرها من الدول، ومنها العربية، لادامة هذا الحصار. انه لايتعدى حجة. حجة يدفع ثمنها الطفل والمسن والمريض واصحاب الاحتياجات. انهم يدعون ان هذا الاجراء بسبب وجود حماس وسلطتها، ومايهدفون اليه هو فرض العزلة السياسية والاقتصادية على حماس، وبالتالي اضعاف حماس. ان هذا الحصار، مثلما بينت تجربة لا 3 اعوام فحسب بل 12 عام على العراق، يقوي والى ابعد الحدود ساعد حماس وسلطتها، وان من يتحمل عبء هذا الوضع بكل ابعاده الماساوية هو المواطن في غزة. ان اسرائيل وامريكا وغيرهم من داعمي اسرائيل يعلمون كل العلم هذه الحقيقة. هل بحصارهم يهدفون الى اضعاف حماس؟ ان نتيجة هذا الحصار هو العكس. أينشدون انهاء مايسموه التطرف والارهاب؟ انهم يعمقونه، ويحقنوه بكل امصال الاقتدار والقوة والمناعة. ان استمرار هذا الوضع هو الذي يعمق تازمه وانفلاته صوب جهة لاتحمد عقباها. والمسؤولة المباشرة والوحيدة عنه هو اسرائيل نفسها بادامة احتلالها وعنصريتها وحصارها وكل الوضع الماساوي الذي خلقته طيلة 5 عقود لجماهير فلسطين.
يجب الكشف عن كل ابعاد ماجرى وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة وقتلة الابرياء الى محاكمة من قبل اطراف محايدة، وانهاء اسرائيل مباشرة للحصار الاقتصادي على غزة. ان هذا اقل مايجب فرضه على دولة اسرائيل وداعميها رداً على هذا الهجوم.
على اسرائيل ان تطوي بصورة رسمية ملف قمع جماهير فلسطين والتنكر لحقوقهم في تاسيس دولة فلسطين. فقط بوسع السلام وتاسيس دولة فلسطينية متساوية الحقوق، وبالتالي ارساء دولتين متجاورتين غير قوميتين وغير دينيتين في اسرائيل وفلسطين ان يضع حد لهذه الماسي ومجمل اشكال الارهاب الحكومي وغير الحكومي ويوفر الارضية لارساء مجتمعين يرفلان بحدود من الحرية والاستقرار والامان والرفاه.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتبتلعوا طعم هذه المهزلة المسماة ب-الانتخابات-، بل الفظوه ب ...
- لا وطن للعمال-! (بصدد -العمالة الوافدة- والموقف الشيوعي)
- العدالة والمساءلة
- يجب اركان هذا القانون جانباً وليس تعديله!
- بصدد معايير الحزب الشيوعي العمالي لانتخابات حرة وحقيقية! حوا ...
- مقابلة مع سكرتير الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول الانتخابا ...
- خلاص المجتمع مرهون بتدخل الجماهير واولهم العمال!
- بصدد سياسة الحزب الرسمية فيما يخص التطورات الاخيرة للعلاقة ب ...
- ان التحرر الحقيقي يبدء من التحرر من القومية! (كلمة حول تشديد ...
- كيف نتصدى لهجمة البرجوازية على حق الطبقة العاملة بالتنظيم!
- حول بناء حزب سياسي واجتماعي موحد ومقتدر*
- حوار مع -فارس محمود-سكرتير اللجنة المركزية حول اخر مستجدات ا ...
- مقابلة جريدة -الشيوعية العمالية- مع فارس محمود سكرتير اللجنة ...
- يجب ايقاف التلاعب بحياة اعضاء منظمة مجاهدي خلق
- انها ليست -نعم- لاوباما، انها -لا- سافرة بوجه بوش والمحافظين ...
- لاتلتهم الطعم.. المجتمع انساني.. وعلى استعداد لتلقف الشيوعية ...
- انه سلاح صدأ، ليس بوسع حكومة المالكي اخراس صوت التحرر!
- ليس بالفاشية الاوربية-المحورية تجابه الفاشية الاسلامية!
- كلما تعمق قلقهم، ازداد زعيقهم!
- الى الوراء دُر!


المزيد.....




- ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغ ...
- ترحيل مصري من الولايات المتحدة بعد إدانته بركل كلب وإلزامه ب ...
- عودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملي ...
- صواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى ...
- روسيا تعلن التصدي لعشرات المسيّرات الأوكرانية وإصابة صحفي في ...
- سفيرة أميركا لدى روسيا تغادر منصبها في ظل نقاش عن ضبط العلاق ...
- خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي ...
- الحكومة الكينية تعتبر المظاهرات محاولة انقلابية وسط انتقاد أ ...
- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - قرصنة لم تحل دون وصول الرسالة!