أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - فارس محمود - العدالة والمساءلة















المزيد.....

العدالة والمساءلة


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 03:48
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


طفت ازمة جديدة اخري علي سطح الاوضاع السياسية المتأزمة اساساً في العراق. ولا نعرف كم ان كلمة "ازمة" هي كلمة دقيقة للتعبير عن الحالة. ذلك ان النظام الذي اقيم علي انقاض نظام البعث في العراق هو من الاساس نظاما يمتلك كل مقومات "الازمة المستمرة والمتواصلة". ان بناء البلد علي هذا الطراز، طراز طائفي وقومي ، هو اساس كل الازمات ومنبع لا ينضب لها.
بخلاف كل الادعاءات، ليست قضية شطب "هيئة المساءلة والعدالة" لاسماء ما يقارب 511 مرشحاً للانتخابات المقبلة و11 كياناً سياسياً متعلقاً بتاريخ اشخاص او حركات او كيانات. كما لايتعلق الامر اطلاقا بمسألة "البحث المستقل"، "استقلالية هيئة العدالة والمساءلة"، "استقلالية القضاء العراقي" و... غير ذلك. اذ ليس ثمة امر "مستقل" في عراق المليشيات والسلطات والقوي المليشاوية المكشوفة والمستترة. اذ بوسع الامر ان يورد عشرات الامثلة يومياً علي غياب هذه "الاستقلالية"، فأدوات القسر، الفرض، القمع، والاقصاء ليست علي الورق فقط، بل هناك الف آلية وآلية غير مدونة لذلك. ولهذا من يحاجج بمفهوم الاستقلالية"، فانه يعرف قبل غيره مدي كون هذا المنطق واهياً ومتهافتاً. في دولة المليشيات المعلنة والمستترة لا تستطيع الحديث عن "دولة القانون". انها بالضبط "دولة اللاقانون". ان "دولة القانون" في حالة واحدة فقط، تركيع المخالفين، ضرب الواقفين بوجه سلطتهم لا اكثر. وعليه، يجب ان لا نركض وراء هذا السراب ووراء هذه المقولات المخادعة السمجة التي يتحدثون عنها. فالمجتمع اكثر وعيا من ذلك، واكثر تقدماً من ذلك.
المسألة سياسية صرفة وليس لها ربط بالقانون او القانونية. المسالة سياسية. فما الذي جري حتي تظهر كل هذه "البعثية" و"دون سابق انذار" بين ليلة وضحاها لكي يطرد اناس من الساحة السياسية اليوم، رغم اتفاق المرء او اختلافه معهم، علما انهم تربعوا هيئات ومؤسسات مهمة ومناصب حكومية مهمة؟! ما الذي يجعل من وزير دفاع (لاحظ وزير دفاع ليس شيئاً بسيطاً!!) من بين الذين يتم "اجتثاثهم" اليوم؟! ان جواب هذا الامر ليس في دهاليز "هيئة المسألة والعدالة" ولا في "مجلس القضاء الاعلي"، انه في مكان اخر، في لوحة الاوضاع السياسية اليوم، في التحولات العالمية، في التحولات الاقليمية وفي ميزان القوي السياسي اليوم.
لقد كان عراق ما بعد سقوط النظام عراق ايران دون منازع. شنت امريكا الحرب، بيد ان ايران بمطامحها التوسعية وبما تمتلكه من ادوات وعتلات سياسية وجماعات مؤثرة هي من انتصرت! تركيا التي تفتقد الي عتلات هذا التدخل اجبرت علي البقاء منزوية وهامشية، ليس لها سوي اداة صراع حزب العمال الكردستاني في العراق، وهي اداة محدودة وهامشية. من جهة اخري وجود تيار معاد بقوة لايران ولدورها في العراق والمنطقة وحتي معارض لمسارات كثيرة في العملية السياسية في العراق، استرداد التيار القومي، ببعثييه وغير بعثييه، انفاسه، ازاح عن نفسه بعضاً من غبار الانقاض الهائلة التي انهالت عليه ابان الحرب علي العراق، وبدأ يسترد انفاسه تدريجيا. ان لهذا التيار امتدادات اقليمية، ان الدول العربية حليفة جدية له وفي مقدمتها سوريا ومصر والسعودية، تركيا التي تزكيها امريكا في ملء فراغ ما بعد رحيل القوات الامريكية تري في التيار القومي العروبي ضالتها المنشودة لتحجيم دور ايران في العراق وفرض التراجع عليه. ان كل هذه عناصر جديدة في السنوات علي مرحلة مابعد سقوط النظام مباشرة.
وامام هذا الوضع، ولاهداف سياسية ومصالح سياسية معلومة، وفي الحقيقة في اوضاع سياسية تختلف نوعا ما عن اوضاع ما بعد الاطاحة بالنظام وبالاخص استياء المجتمع وسخطه العميق علي الطائفية وافلاس الورقة الطائفية، فصل المالكي حساباته، خلع عباءته الطائفيه، وهرع لارتداء المعطف الوطني- القومي، سحب نفسه من المجلس الطائفي الاعلي، رافعا راية "دولة القانون" الذي لم تر الجماهير فيها اي قانون. خرج منتشيا من انتخابات مجالس المحافظات، لايقبل الا باصطفاف الاخرين وراءه، لا ينزل من عليائه الذي اطيح به بسهولة اربعاء واحد وثلاثاء دموية ما بعدها دموية، ليجلس علي كرسي اكثر واقعية.
ظهرت قائمة اخري، معبرة اكثر اصالة عن التيار القومي العربي، اناسها اناس ذلك التيار ودعاته الاكثر تعبيرا وحقيقية، قائمة اياد علاوي-المطلك- الهاشمي، قائمة بملامح وصبغة اكثر علمانية، اكثر لادينية ولا طائفية، تسعي لعراق موحد اكثر، والخ. ما ان اعلنت هذه القائمة عن نفسها، حتي هاج وماج المالكي في اليوم ذاته رافعا راية "اجتثاث البعثيين من السلطة"، رافعا راية "استغلال كل صلاحياته القانونية والدستورية بعدم عودة الديكتاتورية!!" وغير ذلك. هرع الي رفاق الامس مستنجدا، واضعا شروطه السابقة جانبا، رفضوه بآدب بـ"ان الوقت قد فات للاسف"، لانهم يعلمون وضعه وحاله الراهن.

مصلحة مشتركة
رغم ذلك، وامام الوضع الجديد، تحالف المجلس الاعلي والقوميون الكرد وعاضدوه بقوة في هذا المسعي والتوجه، وذلك لما لهم من مصلحة مشتركة. انهم مقبلون علي انتخابات، حساسة ومهمة الي ابعد الحدود بالنسبة لهم، لها دور وتاثير في الدفع بمسار حسم السلطة، علي الاقل الدفع، لان مسالة حسم السلطة في العراق هو ليس امراً وارداً علي المدي المتوسط، ناهيك عن القريب فحسب، انه افق غير منظور. انتخابات لاربع سنوات قادمة ستشهد تغيرات جدية، اهمها انسحاب القوات الامريكية من العراق وما لهذا الامر من ابعاد سياسية جدية علي الوضع في العراق ومعادلاته واستقطاباته السياسية وعلي عموم المنطقة.
تتمثل المصلحة المشتركة بازاحة طرف سياسي ليس هيناً هو الاخر. ان خطوة ابعاد 511 مرشح و11 كياناً سياسياً هي عملية سياسية تهدف الي اقصاء جناح، تيار سياسي قومي، باسم البعث وبحجة البعث وبفزاعة البعث والبعثية. انها مسالة حسم امر السلطة السياسية القادمة في العراق لا اكثر ولا اقل. انه خطوة في التشبث باي ثمن بالسلطة. وان هذا هو سر توقيتها اليوم وليس قبل اشهر مثلا. ان هذا هو سر تذكر هذا الامر بحق اناس كانوا اطرافاً اساسية من اليوم الاول لهذه العملية السياسية المشؤومة ولحد الان. لم يتغير المطلك والعاني وفلان وفلان رغم استبدالهم الرايات القومية والطائفية بين فترة واخري حسب مقتضيات المرحلة والصراع، بيد ان ماتغير هو الاوضاع السياسية في العراق، العراق امام انتخابات ليس لها اي شبه بانتخابات، "انتخابات اللانتخاب"، انتخابات جماعات تسعي لاطار شرعي وقانوني للبقاء والتشبث، انتخابات سرقة "بصمات" الناس بوصفها دليل حقانية وقانونية حكمهم.
ولكن يبقي شيء يسترعي الانتباه فعلا. اذا كان نظام البعث بجرائمه وحروبه ومصائبه معروفا للجميع وبالاخص للعراقيين، وكانت الناس تتلهف وتعد الايام من اجل الاطاحة به، لماذا يخاف المالكي وركبه من الطائفيين والقوميين الكرد اذن؟! ان هذا يعطي مؤشر لمسالة اخري: انهم يعرفون الارض التي يقفون عليها، وكم هي هشة هذه الارض. انهم يعرفون انفسهم بأعين المجتمع، يعرفون مكانتهم، يعرفون سخط الناس عليهم وغضبهم. يعرفون ان مئات الالاف من القتلي وملايين المشردين والمهجرين كتبت اسماءهم علي جبينهم، يعرفون اي نهب وسلب خرافي قاموا به، يعرفون اية دهاليز وانفاق دموية مظلمة ادخلوا المجتمع. ان رفع راية تخويف الناس بالبعثيين هي راية مهلهلة وبالية. ماهو جواب المالكي ومن اصطفوا معه وأكثر من نصف المجتمع تحت خط الفقر في بلد مثل العراق؟! ماهو جوابهم للجوع الذي يهرس عظام الاغلبية الساحقةَ ماهو ردهم علي قضية البطالة؟! علي انعدام القانون؟! علي الانفلات الامني؟! علي امان الاطفال والفتيات وهم يذهبون للمدارس؟! علي تعاظم المخدرات ؟! علي التسول في بلد نفطي وصل سعر برميل النفط الي اكثر من 80 دولاراً؟!!!
ان المجتمع في العراق يستحق وضعاً افضل من السقوط بين رحي الطائفيين والقوميين، بين رحي الاحتلال وايران. ان المجتمع ينشد المدنية، العصرية، العلمانية، دولة القانون والمواطنة، دولة المؤسسات واحترام حقوق الانسان وحرياته المدنية والسياسية. انه يستحق مستقبلاً افضل من هذا بكثير، وهو الامر الذي لا يأتي من هذه الاوضاع وقواها اللاعبة الاساسية للاسف.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يجب اركان هذا القانون جانباً وليس تعديله!
- بصدد معايير الحزب الشيوعي العمالي لانتخابات حرة وحقيقية! حوا ...
- مقابلة مع سكرتير الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول الانتخابا ...
- خلاص المجتمع مرهون بتدخل الجماهير واولهم العمال!
- بصدد سياسة الحزب الرسمية فيما يخص التطورات الاخيرة للعلاقة ب ...
- ان التحرر الحقيقي يبدء من التحرر من القومية! (كلمة حول تشديد ...
- كيف نتصدى لهجمة البرجوازية على حق الطبقة العاملة بالتنظيم!
- حول بناء حزب سياسي واجتماعي موحد ومقتدر*
- حوار مع -فارس محمود-سكرتير اللجنة المركزية حول اخر مستجدات ا ...
- مقابلة جريدة -الشيوعية العمالية- مع فارس محمود سكرتير اللجنة ...
- يجب ايقاف التلاعب بحياة اعضاء منظمة مجاهدي خلق
- انها ليست -نعم- لاوباما، انها -لا- سافرة بوجه بوش والمحافظين ...
- لاتلتهم الطعم.. المجتمع انساني.. وعلى استعداد لتلقف الشيوعية ...
- انه سلاح صدأ، ليس بوسع حكومة المالكي اخراس صوت التحرر!
- ليس بالفاشية الاوربية-المحورية تجابه الفاشية الاسلامية!
- كلما تعمق قلقهم، ازداد زعيقهم!
- الى الوراء دُر!
- ينبغي دحر سياسة حكومة المالكي بحق قادة عمال نفط العراق!
- انهم يبغون تحويل القتل ب-البلوك- الى -ثقافة المجتمع- في كردس ...
- اغتالوه لانه كان شوكة في اعين قوى الظلام!


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - فارس محمود - العدالة والمساءلة