أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - راغب الركابي - ماذا تريد تركيا ؟















المزيد.....

ماذا تريد تركيا ؟


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 18:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من هذه الزوبعة المفتعلة ، هل تُريد منها حقاً فك الحصار عن غزة ؟ وهل تُريد حقاً مساعدة شعبها المسكين على الحياة والعيش الكريم ؟ ، أتمنى من كل قلبي ان تكون نواياها صادقة في هذا المجال ، ومن منا لايتمنى ذلك ، ولكننا نشك لأن ماوراء الأكمة ماوراءها .


فتاريخ تركيا العثماني والطوراني على حد سواء لايبشر بخير ولايدل على حُسن النوايا تجاه مجمل قضايا العرب وقضايا المسلمين ، والأتراك في نظرتهم للعرب شعوبيون ، وهم طائفيون تجاه غيرهم من أهل الملل والنحل ، وتاريخهم حافل بالدم وبالكراهية للعرب وللأقليات الأخرى ، وسجل أعمالهم بشع غير محمود في سالف الأيام والسنيين .


نعم إن مساعدة شعب غزة على الحياة أمر نبيل ، بل هو واجب شرعي وأخلاقي ، ولكن المهم في تحقق ذلك هو : بعدم الخلط بين الإرادة الخيرة وبين مايُريده الأتراك بالفعل ، في اذهان البسطاء من الناس الذين تغريهم الدعايات المضللة والأفكار المزيفة ، ويجب الإشارة إلى إن محبة تركيا لشعب غزة غريبة نوعاً ما ، لكونها أتت بعد عجزها من الدخول في منظمة الإتحاد الأوربي ، والذي كان بسبب عجزها في معالجة الإختلالات الناشئة بفعل سجلها في ميدان حقوق الإنسان ، وموقفها من شعب كردستان وحزب العمال كل ذلك وغيره يحوُل دون تحقيق حلمها في عضوية الإتحاد الأوربي ، ولشعورهم بخيبة الأمل هذه ، قالوا : فلنيمم وجهنا إذن شطر العرب فهؤلاء التعساء سيصفقون لنا كما يصفقون لكل وافد من غير جلدتهم ، وفي ذلك سنضرب كل عصافير الشجر برمية واحدة .


لأن تركيا تشعر بإن التقرب صوب العرب سيغيض الأوربيين ويدفعهم لإعادة النظر في موقفهم منها ، كما إن التقرب من العرب بما هو هو له مغانم و مكاسب كثيرة مادية ومعنوية ، فتركيا عند العرب مطلوبة بذاتها لمواجهة إيران الشيعية الصفوية التي تتمدد في الخليج وبلاد الشام ، ولا أحد في المنطقة العربية بقادر على أن يفعل لها شيء ، وتركيا وحدها بما لها من تاريخ عدائي وصراع مع إيران تستطيع وقف ذلك التمدد الإيراني ومواجهته في المنطقة العربية ، هكذا يظن العرب وهكذا يعتقدون .




هذا الإتجاه في السلوك العربي كان يُعمل عليه بالخفاء والعلن منذ وقت ليس بقريب ، حين بدء الإعلام المرتبط بالبرجوازية العربية في تهئية الأجواء للتعريف بالثقافة التركية ، عبر التركيز على المسلسلات التركية وبكثافة مثيرة للسخرية في التلفزة العربية وخاصة في تلفزيونات عرب الصحراء ، وهذا العمل كان يُقصد منه التعريف بتركيا وتقريب الذهن العربي إليها من جديد ، وتعويده للقبول بها كواحدة من مؤوسسات العقل العربي ، كما إن تركيا تشعر بان لها عند العرب حضوة ومقام كبير وهذا ما لاتجده عند الأوربيين ، فالعرب يريدون منها ان تُدير الصراع مع إيران نيابة عنهم ، لذلك يغرونها بالمال وفتح الأسواق العربية لمنتجاتها ، كما إنه لا مشكلة لدى العرب فيما لو تقدمهم الأتراك في القيادة والزعامة ، فلقد كانوا لهم ولاة أمر وخلفاء .


وتركيا تظن إن هذا التوجه سيحرج الأوربيين مما يدفعهم للتغاضي وعدم التركيز في سجلاتها تجاه حقوق الإنسان وحقوق الأقليات ، وسيدفعهم لقبولها عضواً في الإتحاد الأوربي هذا ما تسعى له وتتمناه ، فكل ماتُريده هو هذا وبان تكون جزءاً من منظومة العالم الغربي ، وهذه الضوضاء المفتعلة لا ربط لها ولا دخل لها بأماني العرب وتمناياتهم ، والمؤسف ان بعض السذج من العرب يصفق لهذا الخلط واضعاً مستقبله بيد عزيمة تركيا وموقفها الإعلامي المثير للأشمئزاز ، ظهر هذا في لحن القول عند بعض الكتاب والعاطفيّ المزاج من أنصاف وأبعاض المثقفين .


فمن منا يتذكر لتركيا الحديثة موقفاً يمكننا الإعتزاز به والإفتخار ، أليس هي من وقفت بقوة من اجل تدمير العراق وسد منافذ الحياة عليه ؟ أليس هي التي قطعت وتقطع بين الفينة والأخرى الماء عن نهري دجلة والفرات ؟ من منا لا يتذكر قتلها اليومي وإختراقاتها الدورية لحدودنا الشمالية بحجة مطاردة مسلحي حزب العمال الكردستاني !! ومن منا لا يتذكر سرقاتها لنفطنا وتهريبها لأثارنا و ثرواتنا الأخرى ، تركيا هذه تعشعش وتعيش على دمانا وعلى أموالنا ، ونحن بعد كل هذا نسبح بحمدها ونقدس بل ونعتبرها العون والمنقذ لنا من إيران .




تركيا هذا السمسار والعراب بين إسرائيل وسوريا ، لن يكون بمقدورها صُنع السلام لأنها عاجزة على صُنعه في بلادها ، وتركيا هذا الراعي لعملية تفريغ إيران من أسلحتها ومن قوتها العسكرية والأمنية ، لن تكون قادرة على ترويض المنطقة لكونها تعيش أزمة حكم وسياسة داخلية ، وما التصفيات لكبار القادة والمسؤولين إلاّ دليل وشاهد على ذلك ، وقديماً قيل - فاقد الشيء لا يعطيه - .




فالعرب ليس حقل تجارب للفاشلين ، لأن العرب يستطعيون من غير تركيا ان يصُنعوا السلام والأمن ، لكن هذا مرهون بتخلصهم من عقدة الحقارة والشعور بالنقص ، والعرب قادرين على صُنع مستقبلهم من دون وصاية من أحد ، ولكن بشرط الوضوح والشفافية والإنفتاح على بعضهم وإعتماد الديمقراطية خياراً في الحكم وفي كل شؤون الحياة ، وشعب غزة يستطيع ان يتفاعل مع الحياة حين يمتلك إرادته ، من غير حماس ومن غير مشروعها في بناء الدولة الإسلامية .




وشعب فلسطين شعب حر وشعب كبير ، وليس من السهل تضييع حقوقه نزولاً عند رغبة بعض المقامرين وقطاع الطرق والمتحالفين مع الغير ، شعب فلسطين كان واقعياً في خياراته مع أبو عمار ، وهي خيارات اجمع العرب على صحتها في بيروت ، وكلما نقول ها قد تقدم قطار السلام خرج إلينا من ينغص على شعب فلسطين حياتهم ويستدرجهم للموت والدمار عنوة ، مرةً يأتي هذا من بين أحضان الزعامات العربية الهشة ، ومرة ثانية يأتينا من بين أطماع إيران وحلمها القديم في التمدد بعيداً ، ومرة ثالثةً في التصديق بأحلام تركيا ووعودها في ان تكون مع العرب عوناً ونصيراً ، مع إنه حلم - كحلم أبليس في الجنة - .




أقول : لندع تركيا لأهلها ولشعبها ، ولندع الفلسطينين أحراراً يختارون بين السلام واللاسلام ، من غير إيحاءات وإغراءات ووعود كاذبه ، لندعهم مرةً واحدةً أحراراً يختارون الصحيح من غير تدخل أو أنانية من أحد ، ولندع منظمة التحرير تجرب بالفعل ، ولندع أبو مازن يختار الحياة وصُنع السلام والأمن والمستقبل ، لندعه ولنقف خلفه وإلى جانبه من غير تشكيك أو إفتعال للأزمات ، ومن غير إعتماد على نوايا الأغيار ووعودهم ، فحسب ظني إن العرب وغير العرب لايريدون للفلسطينيين السلام والأمن والوئام والإستقرار ...



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
- الليبرالية في الفكر النبوي
- شركاء يتقاسمون الخراب
- كيف نفهم الليبرالية ؟
- قول على قول
- الليبرالية والحكومة القوية
- واحد آيار عيد العمال العالمي
- الحل في طهران لا في بغداد
- إنتخابات الخارج ومشكل الوطنية
- المثيولوجيا والدين 2
- قول في الإجتثاث
- قراءة في كتاب نقد العقل الإسلامي
- بعض من الأخبار المزيفة في قضايا وقعة كربلاء
- الوحدة الإسلامية كما يرآها الشيخ المنتظري
- دراسة موجزة في الفكر السياسي للآستاذ المعظم آية الله الشيخ ا ...
- العراق بين إحتلالين
- الشخصية الليبرالية ج1
- عيسى المسيح وأمه مريم
- قصص من الكتاب المجيد
- ضياع الهوية الوطنية


المزيد.....




- قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية على سجن إوين في محافظة طهران ...
- مكتب نتنياهو يعلن قصف موقع رادار بإيران بعد سريان وقف إطلاق ...
- ماذا دار بين أمير قطر ورئيس إيران بأول اتصال بعد الهجوم الصا ...
- ماذا حدث بين إسرائيل وإيران بعد دخول وقف إطلاق النار حيز الت ...
- كيف طورت إيران برنامجها النووي؟
- تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلت ...
- تعطّل القطارات يثير شبهات التخريب قبيل قمة الناتو في هولندا ...
- إيران تؤكد احترام وقف إطلاق النار إذا قامت إسرائيل بالمثل
- ترامب ينتقد إسرائيل بسبب هجماتها على إيران بعد وقف إطلاق الن ...
- امتعاض في إسرائيل بعد انتقادات ترامب


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - راغب الركابي - ماذا تريد تركيا ؟