|
هل - أجاك يا بلّوط مين يعرفك-
راضي كريني
الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 12:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقال إنّ أحد التجار حمّل صندوقي بلّوط على حماره، ونزل إلى السوق ليبيعه على أنّه كستناء، وكان ينادي على الكستناء بسعر ٍ مغرٍ، إلى أن جاءه مشترٍ يعرف البلوط، فانهارت خطته. وإسرائيل، كالتاجر الأحمق الشرس، تستبيح الدم الفلسطيني، وتصادر الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وتنكّل به وتحاصره وتعطّشه وتجوّعه و...، علَّ هذا الشعب أن يركع ويستسلم لمشيئة إسرائيل القرصان، لكن هذا الشعب كالسنديان يحمل البلوط ويعرف حاجته للكستناء، ولا يستسلم إلاّ لمشيئة الحياة. لقد تعوّدت إسرائيل على سفك الدماء الزكيّة، ولم تعد تفرّق بين دم ودم، ولو كان يهوديا، من انفلات الفاشية ومن شدّة تعطّش نتنياهو وبراك وجنرالاته للبطش. هذه الكستناء التركية، التي لها ساحاتها وأسواقها وتجّارها! أنا لست من الذين يطفون على شبر ماء، شكّكت وبحثت ودرست وترويت، لكن ردّ فعلي العاطفي يسبق منطقي ويحيلني إلى سلوك ومسالك البهجة والفرح لدخول الكستناء! التركية إلى الأسواق الطافحة ببسطات البلوط! تركيا أسهمت في كسر الحصار على قطاع غزّة، والحكومة التركية ستسقط مطرقتها على مسامير نعش علاقاتها مع إسرائيل، وتركيا تعلن على لسان وزير التجارة الخارجية، ظافر كاجلايان: " نحن نتّخذ كافة الإجراءات لتحسين العلاقات التجارية مع الدول المختلفة، لكن لا شيء يعلو على مصالحنا القومية وقيمنا الأخلاقية" . تصريحات تسرّ القلب! لقد نسينا، ومحونا من قاموسنا السياسي القيم الأخلاقية، في متاهات اقتصاد السوق والعولمة المتوحشة. نفهم من هذا الحديث أن تركيا اختطت طريقا سياسيا جديدا تجاه إسرائيل، وأنّها تدرس من جديد مجمل علاقاتها التجارية والسياسية مع دولة إسرائيل مهما بلغ حجمها، نتيجة لممارسة حكومة بنيامين نتنياهو سياسة لا إنسانية وإرهابية ( حسب التصريحات الرسمية التركية) . لهذه السياسة تبعات على الشركات الإسرائيلية، مثل: طيبع وإلبيت ومصافي البترول ونيليت ويسكار ونطيفين وغيرها. هذا علاوة على انهيار الصناعة السياحية مع تركيا وهبوط البورصة في البلدين، للمعلومية، في سنة 2009، بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل 2.5 مليار دولار تقريبا، منها مليار و388 مليون دولار استيراد، ومليار و86 مليون دولار تصدير! المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أوقفت صادراتها كليا إلى تركيا . لم تقتصر التنديدات التركية على حكومتها ووسائل إعلامها للسياسة الإسرائيلية ، بل شملت الرأسماليين الأتراك واتحاداتهم، وهذا يجعلني أرتدّ إلى المنطق والتحليل كابحا جماح بهجتي الحزينة حديثة العهد! لقد أصدرت موسياد (نقابة التجّار والصناعيين المستقلين التركية)، بيان استنكار للقرصنة الإسرائيلية، لكنّها لم تتطرق، ولوبكلمة واحدة، إلى قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل! رغم مطالبة البيان للعائلة الدولية ولهيئة الأمم المتحدة بأن تدرس من جديد تعاملها مع إسرائيل. وهناك إشارات ودلائل رأسماليّة أخرى تستدعي التروّي بالاستنتاج المتسرع، مثل ارتفاع الحجم التجاري بِنسبة 24% بين البلدَين في الربع الأول من السنة الحالية 2010 مقارنة بالسنة السابقة، إذ بلغ حجم التصدير والاستيراد 753 مليون دولار في أول ثلاثة أشهر من هذه السنة. لاشكّ عندي بأهمية المطالب التركية الرسمية والعامة وغيرها من الدول، التي تنادي بوقف "اللعبة القذرة" لجرائم إسرائيل، كما جاء في نداء اتحاد النقابات التجارية التركية لهيئة الأمم المتحدة ولحلف ناتو وللجامعة العربية ولمنظمة المؤتمر الإسلامي... أعرف وأقدّر جيّدا أهمية توازن القوى العالمي، كما لا أقلّل من أهميّة تأثيرات الفئات البرجوازية التركية على حكومتها، ورغم أهمية وضرورة التغييرات الحاصلة في ميزان القوى العالمي لصالح القضية الفلسطينية، إلاّ أن هذا لا يكفي لنقول " أجاك يا بلّوط مين يعرفك"، وعلى الفلسطيني الا ينتفخ نشوة بنزول الكستناء التركية كبديل للبلوط الإسرائيلي والأمريكي والعربي! ألم تكن مبادرة الصحفي الصهيوني توماس فريدمان بلوطا أمريكيا وأصبحت مبادرة عربية اعتمدتها قمة بيروت في 2002 وأمست بلوطا عربيا أصيلا وسّعت له القمم العربية ساحات المزاودة! لا بأس للفسطيني من أن يدرك وأن يسلك طريق ردّ الفعل العاطفي إلى حين، لكن هناك حاجة فلسطينية ضرورية وماسة بامتياز، هي الظفر الذي يحكّ الجلد الفلسطيني، ولن نجده إلا في الوحدة الفلسطينية الواعية والغلابة والوطنية والمقاومة للاحتلال و... بالإضافة إلى المؤازرة الدولية كعاملين جديين (مؤازرة ووحدة) باستطاعتهما التأثير على الرأي العام الإسرائيلي وصياغته ليكفّ عن التباهي باحتلاله واستحسانه، وهذا لن يحدث إلا إذا اقتنع الإسرائيلي بأن مصالحه السياسية والاقتصادية مهددة جرّاء الحماقات السياسية التي ترتكبها حكومات إسرائيل المتعاقبة لتخليد احتلالها للأراضي العربية، الفلسطينية والسورية واللبنانية. هناك دول أوربية عديدة تدرس بدائل واحتمالات مختلفة لمبادراتها الاقتصادية الحالية مع إسرائيل، وتشع السياسة التركية والرأسماليين الأتراك على وقف مبادراتهم وتبادلاتهم التجارية مع إسرائيل. هل جاء للبلوط الإسرائيلي مَن يعرفه؟!
#راضي_كريني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباح الاشتراكية
-
قعقور التفاوض وفنار لل OECD
-
أحمد سعد يا -خيّا-
-
نتنياهو: أرفض الدخول في مفاوضات نتائجها محددة ومعلومة سلفا
-
وظيفة المدرسة ديناميّة
-
التضليل السياسي لحكومة بنيامين نتنياهو خطر كونيّ
-
الجمل بيبي رخيص
-
لو كنتم بشرا،لاعتذرتم
-
هل البديل المهدد للمفاوضات هو دولة واحدة من النهر إلى البحر؟
...
-
أو..... با.........ما فانوس أمريكي
-
تداعيات أزمة الغذاء وغلاء الأسعار العالمية:حين تلجأ الرأسمال
...
-
لو خيًرت ما بين أن أكون سياسيا أومبدئيا
-
قم يا بني وانجح!
-
لجنة المتابعة.. مؤهّلة لخوض وقيادة معارك الاقلية القومية الع
...
المزيد.....
-
معركة بين 100 رجل وغوريلا واحدة.. من سيفوز بالنزال؟
-
ثعبان أسود عملاق يزحف على الشاطئ.. ما كانت ردة فعل الزوار وا
...
-
الكويت: زواج -الخاطف- من الضحية لن يعفيه من العقاب
-
واشنطن توافق على صفقة صواريخ للسعودية بقيمة 3,5 مليار دولار
...
-
مصدر: الجيش الروسي قصف مصنعا عسكريا أوكرانيا في زابوروجيه
-
الأردن.. إغلاق -خمارة- بعد افتتاحها بزفة تراثية (فيديو)
-
تقرير: هكذا فاجأ ترامب نتنياهو -بمقامرته النووية- مع إيران!
...
-
الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان
-
لم يتبق خيام ولا طعام وسيموت الآلاف.. منظمات إغاثية تقرع ناق
...
-
خبير عسكري: الاحتلال يتجه لـ-خنق- غزة بعد فشله في تقطيعها
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|