جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3017 - 2010 / 5 / 28 - 19:18
المحور:
كتابات ساخرة
أنا ما بديش أحكي عن كم تكلف أعياد ميلادهم فهذه أرقام لا يمكن لي أن أحصيها وهي تتجاوز نسبة دعم الأبحاث العلمية في الجامعات وأولاً وقبل كل شيء من المستحيل على الشعوب العربية أن تنسى أسماء الزعماء الذين يحكمونها أو حكموها سابقاً لأنه الانسان لا ينسى الذي يبكيه أو يجعله يحزن وإذا كانت هذه المقولة مشكوكٌ بصحتها فإنه على المبدأ الآخر أي بسبب أقل مدة حكم تستمر لربع قرنٍ على أقل تقدير وما عدى ذلك يكون نزول الحاكم عن حُكمه بسبب القتل أو الموت الطبيعي أو انقلاب عسكري دموي مُمِيت حتى الأمراض الخبيثة لا تفتك بهم إلا بعد صراعٍ طويل يكونون هم أسياد المعركة ومن الملاحظ أن بعض الذين أصابهم السرطان استمرّ معهم ربع قرن وحين ماتوا كانوا قد ماتوا بمرض آخر.
وهل يتذكر أحد منكم معركة برية أو جوية أو برلمانية انتصر فيها الزعماء العرب ؟
وهل يتذكر ُ أحدٌ منكم عيداً لميلاد أحد القادة الأوروبيين تخرجُ فيه الناس للشوارع مكبرين ومهللين ومسببي أزمات سير مرورية ؟وحوادث جماعية.
أو هل يتذكر النمساويون مثلاً عيد ميلاد الزعيم النمساوي ؟
وهل يتذكر مواطن فرنسي عيد ميلاد الرئيس الفرنسي ؟.
وهل مرّ أحدكم بجانب مسجد أو كنيسة في أوروبا وهم يدعون ببقاء الزعيم أو الرئيس وأن يحفظه الله هنالك من مؤسسات المجتمع المدنية والأحزاب السياسية والمؤامرات الجبانة ؟ أعتقد أنه لا يوجد داعي لذلك لأن الزعيم بزحلق لحاله خلال مدة قانونية حسب ما ينصُ به الدستور .
ربما أن الزعماء الأوروبيين لم يحققوا لشعوبهم ما حققه الزعماء العرب لذلك هذه نتيجة طبيعية أن لا يتذكرهم الشعوب في أوروبا بمناسبة أعياد ميلادهم , وأعتقدُ أنه لولا الخجل لأعلن بعض الزعماء العرب تاريخ عيد ميلادهم تاريخا ميلاديا جديدا وتقويما سنويا ولو حقق أحدهم لشعبه ما حققه أقل زعيم سياسي إسرائيلي أو فرنسي أو أي أوروبي لأعلن يوم مولده يوما ظهر فيه نجم جديد كان قد بشر به الرُهبان والأحبار في كتبهم المقدسة ,وكل الزعماء العرب قاطبة من الألف إلى الياء قادوا شعوبهم إلى أكثر من هزيمة حربية مع إسرائيل ومع التنمية الشاملة وتسببوا للشعوب العربية بأكثر من انتكاسة وهزيمة مع القوى الفكرية والأيديولوجية في العالم وانهزموا هم وشعوبهم في مئات المواقع الحربية عسكرياً وثقافياً حتى في ملاعب كرة القدم فلم يبق ملعبٌ لكرة القدم في أوروبا إلا وانهزم على أرضه الأعراب والعرب والمستعربة والعاربة, ولم تبق طاولة تنس في أوروبا إلا وانهزم عليها العرب أو ملعب كرة اليد أو الطاولة ولم يبق أيضاً مسبحٌ إلا وانهزم به السباحون العرب,ولم يدخل العرب معركة جوية مع إسرائيل إلا وانهزموا أشنع هزيمة ولم يدخلوا معركة برية إلا وانهزموا بها , حتى معارك الكُتب والثقافة انهزم العرب على أرضها أشنع هزيمة ,واسبانيا لوحدها في كل يوم تهزم العرب في عدد الكتب المباعة والمطبوعة حديثاً والمترجمة , ومع ذلك ما زالت الشعوب العربية تغني للحكام ويصفقون لهم في الشوارع الضيقة ولا نسمعُ في الدول العربية لا من اليسار ولا من أحزاب المعارضة ولا من مؤسسات المجتمع المدنية توجيه أي انتقاد لسياسة الزعماء والحُكام العرب وكلهم يقولون (حيّد عن الراس وضرب-وذرب-) بل ويكاد أن يجتمع على حبهم الكبارُ والصغار واليسار واليمين والمعارضة –طبعاً المحبة من الله-, والكل يفتديهم بالمُهج وبالمُقل وبالروح وبالدم وبالعرض وبالشرف وبالطول أفقياً وعامودياً, في الوقت الذي لا نسمعُ به كلمةَ فداءٍ من الشعوب الأوروبية لزعمائهم رغم أن أضعف حزب سياسي في أوروبا هزم العرب وأضعف رئيس حكومة في إسرائيل هزم العرب في كل المواقع البرية والجوية , وأصغر جامعة في إسرائيل هزمت وما زالت تهزم كل الجامعات العربية وغالباً ما نسمعُ من مكبرات أصواتهم انتقادات واتهامات لرؤساء الحكومات الأوروبية وإدانتهم بقضايا فساد أخلاقية أو مالية أو إدارية.
ومع كل الهزائم التي جلبها الرؤساء العرب لشعوبهم غير أنهم حتى هذه اللحظة ما زالوا يحصلون على نسبة 97% من أصوات شعوبهم في الانتخابات الرئاسية وكذلك على نسبة 98% وأحياناً 99%.
ويحتفل العرب بأعياد ميلاد الزعماء أكثر مما يحتفلون بأعياد ميلاد أولادهم من إناث وذكور, بالرغم من ازدياد أعداد نسبة البطالة والباحثين عن العمل, ولا تكاد تخلو محطة فضائية أو تلفزيونية من عرض صورهم حتى أن الكتب المدرسية يفتتحها الطلاب وصور الزعماء في المقدمة, وحدثني صديقي المهندس الكاتب محمد الحلو أن أحد أصدقاءه أرسل برسالة تهنئة للمستشار الألماني هلموت كول بمناسبة عيد ميلاده فرد عليه هلموت كول قائلاً: هذا جيد وغريب أن يفتكر رجلٌ عربي يوم عيد ميلادي ويبعث لي ببرقية تهنئة في الوقت الذي لم يتذكر به عيد ميلادي أي مواطن ألماني.
وهنالك ظاهرة غريبة وهي أن انتقاد الزعماء العرب لا يتم إلا من خلال إشاعة النُكات والطُرف عنهم , أما أن تجدّ مثلاً صحيفة عربية تنتقدُ رئيسها فهذا ما لم يحصل أبداً بشكل علني ومباشر رغم أن كل الزعماء العرب قادوا شعوبهم إلى غالبية الانهزاميات العسكرية والمدنية.
وغالبية الشعوب الأوروبية يعرفون أسماء الزعماء العرب ويظنُ الجهلة من العرب أن زعمائهم محبوبين لدرجة أن الشعوب الأوروبية تعرف أسماءهم غير أن الحقيقة ليست كذلك بل لأن الزعماء العرب يجلسون على مقاعدهم أكثر من خمسين عاماً أو 25 عاما وتتراوح أعمار حكهم بين النصف قرن والربع قرن والثُلث قرن أن غالبيتهم يعيشون لجيلين متواصلين وهم على سُدة الحكم لذلك من الطبيعي أن يحفظ المواطن الأوروبي أسماء الزعماء العرب من خلال تكرار أسماء الزعماء في وسائل اتصالاتهم الإعلامية, أما بالنسبة للمواطن العربي فإنه من النادر أن يحفظ اسم الزعيم الفرنسي أو الياباني أو السويسري لأنه لا يستمر في مدة حكمه لأكثر من أربع سنوات.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟