أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - الكتب التي أكلتها















المزيد.....

الكتب التي أكلتها


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3004 - 2010 / 5 / 14 - 18:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كنتُ وما زلتُ كُلما أشعرُ بالضعة كُلما أتوقُ إلى العظمة , وكلما أحسستُ بالسقوط كلما صنعتُ جناحين للطيران من جديد وأول ما فتحتُ عينيا على عظمة الشعر وكتابته ولكن حبي وتوقي للمعرفة قد طغت على كتابة الشعر فتركته منذ صبايا ورحتُ أدخل عالم الكتب والمطبوعات ولم أكتب الشعر إلا سنة 1999م رغم أنني كتبتُ قصيدة قبل ذلك أو قصيدتين وورثتُ عن أبي مكتبة متواضعة في سلة بلاستيكية كان يضعها أحياناً خلف ظهره وأحيانا تحت السرير الذي ينامُ عليه , فنهلتُ من معين المعرفة ما جعلني مميزاً بين أقراني من الصبية الذين يلعبون بألعابهم وأنا ألعب بالكتب , فكنتُ أقرأ الكتب غير المقررة لنا في المنهاج المدرسي لذلك كنتُ أرسبُ وأنا في المدرسة في كل المواد المقررة واخترتُ لنفسي منهاجا مدرسيا أو ذاتياً من أنماط التعليم الخاص بالشاذين عن القاعدة أو المقهورين وقرأت كتباً أثرت بي من الدرجة الأولى وكتباً أثرت بي من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة وأول كتاب قرأته في حياتي كان للعقاد (رجعة أبي العلاء المعري) هذا عدى أشعار المتنبي وأحمد شوقي وكنتُ أحس بالجرس الموسيقي العذب في أشعارهم فأحفظُ حتى الأشياء التي لا أفهمها , وكان تأثير كتاب رجعة أبي العلاء في نفسي عاديا وما زلتُ أحتفظ به في مكتبتي وأتذكره جيدا, وثاني كتاب قرأته كان قد قلب تاريخي كله للأبد وهو (حديث الأربعاء ) و (في الأدب الجاهلي) لطه حسين وأحببتُ أسلوبه أكثر من حبي للعقاد غير أن العقاد قد ابتزني بشخصيته التي كانت تشبه شخصية (كولن ولسون) و (مكسيم غوركي) فهو لم يدخل الجامعات ولم يتعلم بهن , إلا أن حبي لطه حسين كان بسبب أسلوبه الخفيف الدم والظل , وبين حبي للمتنبي وللعقاد ولطه حسين ظهرت بداخلي علامات ألتوق إلى العظمة أي عظمة أولئك الكُتّاب الكبار وصرتُ أبحث عن المُلك الذي لا ينضب كما كان امرأ ألقيس يبحث أو يحاول استعادة مجد آباءه مما جعلني هذا الشيء مضطراً للقراءة أكثر وأكثر من أجل أن أثبت للناس أنني مميزٌ عنهم ومختلف عنهم شأني شأن أي كاتب من الكُتاب المشهورين ,وثالث كتاب كان أيضاً لطه حسين في ثلاثة أجزاء وهو (الفتنة الكُبرى علي وبنوه) مما أوقفني عند الفكر الشيعي فقرأت (باقر الصدر) وكذلك مفكري الشيعة القُدامى ,ورابع كتاب قرأته في حياتي كان (موسى والتوحيد) لسيجيموند فرويد فعرفتُ بداية ما هو النقد الديني وما هو النبي موسى بعد أن كنتُ أسمعُ عنه من الشيوخ وكتاب رياض الصالحين الذي يستهدف فقط الفكر السُني ويستثني عظمة الشيعة الأوائل , وخامس كتاب قرأته في حياتي كان عن نظرية تفسير الأحلام لسيجيموند وفرويد وهذا الكتاب قلب حياتي مرة أخرى وللأبد رأساً على عقب حين كانت أمي تنشدُ تفسير أحلامها اليومية _وما أكثر أحلامها ومواجعها _في كتاب (ابن سيرين لتفسير الأحلام) وهو الكتاب الأكثر بيعا وطباعة في العالم العربي أو الأردني لا أدري بالتحديد ولكنني أشعرُ فعلاً أنه الكتاب الأكثر بيعا حتى اليوم لأنني لم أدخل مكتبة في الأردن إلا ووجدتُ زبوناً بها يشتري هذا الكتاب أو يبحث عنه أو يسأل عن سعره وثمنه حسب شكل الكتاب ودار النشر التي تنشره وحتى إن وجدت في الأردن بيتاً يخلو من كتاب القرآن فإنه نادرا ما يخلو من كتاب رياض الصالحين وهذا الكتاب جعلني أعيد حساباتي في عملية تفسير الأحلام والأوهام وخصوصاً الأحلام في الجنس التي يحلمُ بمزاولتها 90% من الناس مع أنفسهم ومع جاراتهم ومع المحارم على أبلغ وصف وتحليل,وسادس كتاب قرأته في حياتي كان عن الشعر الجاهلي والمعلقات العشر أو السبع وقد حفظتُ تقريباً من تلك المعلقات أكثر من 1000بيتٍ من الشعر وهن اللواتي صقلن أذني الموسيقية على قرض الشعر ومزاولته وسابع كتاب قرأته كان عن حياة المسيح للفيلسوف هيغل وتبعته بعشرات الكتب التي تتحدث عن المسيح الإنسان والمسيح ابن المرأة والمسيح ابن الرب ولم أدع ولم أترك كتاباً يتحدث عن المسيح أو الفريسيين أو الصدوقيين إلا وقرأته وكنتُ وما زلتُ مؤمنا بهذا الدين الذي دخل روما ولم يحمل معه رمحا أو سيفاً فالمسيحيون السريان والآرامين لم يفتحوا روما بالمقالع والسيوف في معركة حامية الوطيس وهذه الظاهرة حقيقة لا يلاحظها أحد, وأصبحت بذلك أعرف ديانة التثليث والأقانيم الثلاثة وكنتُ متوهما قبل ذلك أن السيد المسيح كان يتكلم باللغة العربية الفصحى وكانت قراءتي للمسيح هي التي دفعتني لمعرفة اللغة الأصلية التي كان يتحدثها المسيح ألا وهي الآرامية السريانية ووجدتُ أمي تدين بدين الإسلام وتتكلم بلغة المسيح وهي لا تعلم بذلك فقلت لها مرة : هل تعلمي إنك ابتحكي ألف كلمه من كلمات الإنجيل دون أن تعرفي ذلك !) ومن يومها ذهبت أمي بصحبة شقيقتي إلى أحد الشيوخ وطلبت منه أن يصنع لها حجاباً يعيدني إلى رشدي وإلى عقلي وقالت كلمتها الشهيرة (وداعا يا كُتب) وانتشر الخبر في قريتنا من أنني أتكلم السريانية لغة الكفار وكل الذين سألوني هذا السؤال أقنعتهم من أنهم يتكلمون أصلاً معي ومع غيري بالسريانية دون أن يعرفوا وجمعتُ بذلك الكلمات السريانية وحفظتها في ملف خاص بي احتفظتُ به أكثر من 15 عاماً ولم أنشره إلا على صفحات الحوار المتمدن سنة 2009م, وسابع كتاب قرأته في حياتي كان عن نقد العقل المحض وكتاب نقد العقل الخالص للفيلسوف الألماني أمنوائيل كانط وعن المعرفة الإمبيريقية واندهشتُ بقلاسفة الألمان وبالفكر البروتستنتي كما كان فلاسفة العرب في العصر العباسي تدهشهم الفلسفة الأثينية ,وثامن كتاب قرأته كان عن سيرة (جان بول سارتر ) الذاتية واستغربتُ من هذا الفيلسوف كيف كان وهو في المدرسة لا يحبُ مادة الفلسفة ويرسب فيها ومع ذلك أسس فلسفة علم الوجود, وتاسع كتاب قرأته كان عن مدرسة فرانكفورت الألمانية التي قلبت مفاهيمي عن كل شيء قرأته للأبد وجعلتني رافضاً لكل شيء وغير مقتنع بقانون الأخلاق أو أن يكون للأخلاق قانونا عاماً تمشي عليه الناس , وعاشر كتاب قلب حياتي أيضاً كان كتاب (هشام شرابي ) الفيلسوف أو المفكر العربي الذي انتقد نظام السلطة الأبوية العربية البطريركية وحين مات سنة 2005كتبتُ رسالة تعزية به لذويه وابنتيه الوحيدتين مما أثر بأهله جدا وبكوا عليه معي على الهاتف بكاء مرا وما زالوا يحتفظون بتلك الرسالة التي عدوها قطعة أدبية نادرة مما زاد من احترامي لنفسي جدا , والكتاب رقم 11 الحادي عشر كان الكتاب الأكثر التصاقاً بي وهو (مغامرة العقل الأولى ) للمفكر السوري العظيم (فراس السواح) ويقال عن فراس السواح أنه مترجم فقط لا غير ومن يقرأ لغيره لا يستطيع فعلاً دحض هذا الرأي وصدر لهذا الكِتاب أكثر من عشر طبعات متواصلات وكل طبعة له اشتريتها وقرأتها أكثر من عشر مرات وهو الكتاب الذي أسستُ عليه كتابي الأول عن (أثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل ) هذا عدى ما نشره (صموائيل نوح كريمر) عن اللغة المسمارية وخصوصا كتابه (كتبوا على الطين) غير أن تأثيره بي قليلاً مثل مؤلفات (نهاد خياطه) أما كتاب عبد الرضا الطعان وعنوانه (الفكر العراقي القديم) هذا الكتاب قرأت بت عن أول ملك في التاريخ وقرأت عن أول ثورة تاريخية وهو الذي علمني أن الجغرافيا والمناخ والتضاريس هي التي تشكل الأفكار والمعتقدات الدينية البدائية والكتاب الثاني عشر الذي أثر بي كثيراً كان كل ما كتبته الرائعة نوال السعداوي والتي أسست كتاباتها في ذهني حبي للمساواة بين الجنسين وأقنعتني أنني رجل شرقي يجبُ أن أغير من مفاهيمي عن المرأة وعن نفسي والحياة بشكل تام , وبعد كل تلك القراءات قرأت الحضارة اليونانية أولا في كتاب تاريخ البشرية لآرنولد توينبي وتبعته بحبي الشديد لليونان وفلسفتهم فقرأت سقراط قراءة جدية تماماً كما قرأت المسيح وكانت الحياة عندي نسيجا مؤثرا من الحكمة الدينية والسُفسطائية والأدبية ولم يكن صحابة الرسول مثلي الأعلى بل كان الفلاسفة والعلماء هم مثلي الأعلى في كل شيء ,وقرأت كثيراً وكثيرا جدا بحيث لم أدع في مكتبة جامعة اليرموك كتاباً عن المسيح وسقراط إلا وقرأته مرة ومرتين , وبالصدفة ومن دون أن أدري قرأت كتاب رقم 13(صوت الناس) للفيلسوف الليبي الساخر (الصادق النيهوم) بحيث أنني كنتُ أقرأ كل مقال به أو كل صفحة أكثر من عشرين مرة أما مقاله (من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة؟ ) فقد قرأته وأنا أستلذ به أكثر من ألف مرة حتى أنني قد صورته ووضعته في جيبتي فكنتُ أخرجه من جيبي وأقرأه كما أقرأ الشعر أو كأنني استمع لأغنية من أغاني الطرب الأصيل ,وهو الذي زرع في داخلي الكتابات الساخرة, وكان الكتاب رقم 14(قصة الحضارة) للمؤرخ الفيلسوف (ول ديورانت) حيث قلب مفاهيمي عن أوروبا لأنني ركزتُ على الأجزاء الخاصة بعصر النهضة والعصور الوسطى فعشت مع ملوك أوروبا وحياتهم الذاتية وهذا الكتاب صقل موهبتي في فن السرد وخلِق المتعة للقارئ وتعلمتُ منه كيف أجعل القارئ يستلذ بما أكتبه عن أي شيء ولم تظهر لي تلك الموهبة إلا بعد قرائتي لقصة الحضارة , والكتاب رقم 15 هو الذي علمني على التفكير وأن أُصبحَ مفكرا صغيراً يُعجبُ بي الناس وبالذي أكتبه وأعده بمقام الأب الروحي لكل أفكاري وهذا الكتاب هو للفيلسوف المصري القبطي الرائع العظيم (سلامه موسى) وأكثر كتاب له أثر في شخصيتي كتابه (البلاغة العصرية واللغة العربية) وبسبب سلامه موسى أحببتُ الكتابة بلغة الشعب والشارع والناس حيث كنت في البداية أكتبُ لغة عربية أصيلة جدا وأرفض الكتابة بأي كلمة ليست فصيحة لذلك كانت كتاباتي مستهجنة جدا من قبل شخصي أنا أولاً ولكن حين كتبت بكلمات شعبية أصبحتُ أدرك أنني إنسان عصري ومتمدن وأستحق بذلك أن أحترم نفسي من خلال احترامي للغتي الحية ونبذي للغة الأقوام الذين ماتوا من مئات السنين وأكثر , وقرأت بين كل تلك الكتب عشرات الكُتب الأخرى ولكنني لا أستطيع تذكرها وهي تقريباً 10آلاف كتاب بما فيهن من مقالات أو قصص أو قصائد ولم أستفد من أي كاتب أو من أي كتاب خارج كل تلك الكتب المذكورة ولا أنسى طبعاً كتاب (حي بن يقظان) للفيلسوف ابن طفيل الذي أسس في الأدب الأوروبي قصة طرزان وكذلك رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا وما كتبه كارل ماركس وما كتبه انجلز عن أصل العائلة ولكن تلك الكتب كانت درجة تأثيرها على شخصي من الدرجة الثانية , أما الكتب التي أحسبها من الدرجة الثالثة فهي القصص القصيرة والمقالات لبعض الكتاب العاديين وكذلك المسرحيات والروايات وأكاد أن أقول بأن قرائتي للرواية كانت من الدرجة الثالثة جدا من حيث حبي لها وتأثيرها على نفسي , أما الكتب التي أعتبرها من الدرجة الرابعة فهي غالبية ما كتبه سيد قطب وقد قرأت سيد قطب كاملاً , وكذلك كتابات (عبد الرحمان بدوي) الذي كان يُترجم عن خمس لغات بحيث أنني تعرفتُ على الفلسفة الألمانية والفرنسية والإنكليزية واليونانية من خلال ما ترجمه من كتب ومخطوطات وأعتبر عبد الرحمان بدوي هو أول من علم العرب أسلوب تحقيق الكتب التراثية ولكن أسلوبه في الكتابة لم يُعطه حظا سعيدا كحظ طه حسين وفلاسفة القاهرة في العصر الحديث رغم أن الجميع يدينون له بالمعرفة كما يدين الذين من قبله ل (محمود أمين العالم ) وأذكر مرة أنني قرأت كتاباً للدكتور (فهمي جدعان) كان قد افتتحه بتصديره لهذه العبارة (كيف نوازن بين الذات والنحن ؟ بين ما الماضي والحاضر والمستقبل وبين ما قد كبرنا عليه وعلى أحلامه وذكرياته) وهذه العبارة هي التي ساقتني للانفصال التام عن التراث إلى اللارجعة فندمتُ حتى على حفظي للمعلقات العشرة والأدب الجاهلي وتيقنت يومها فعلاً أنني لو أعيش في مجتمع متطور لكان يتعذر على شخصي فهم لغتنا الكلاسيكية ولاعتبرناها ميتة من مئات السنين ,أما الكاتب الذي قرأت له كل ما كتبه وأحببته جدا ولم أتأثر بأسلوبه فهو (عباس محمود العقاد) ربما لأنني كنتُ أشعر أنه مثلي علُم نفسه بنفسه من دون أن يدرس دراسة أكاديمية , أما الكاتب الذي قرأت له كثيرا ولم يؤثر بي أيضا مثل العقاد فهو (زكي نجيب محمود) وأيضاً المفكرالذي رحل من أيام وهو (محمد عابد الجابري) الذي كاد أن يحتل مكانة العقاد في قراءتي وكاد الجابري أن يخطف لي بصري لولا ظهور كتاب المفكر الأردني هشام غصيب الذي وضع كتابا عظيما في نقد الفكر الجابري والمفكر الرائع الذي أقرأ له وأحب أن يغير من لغته فهو المفكر الكبير ( الطيب تبزيني) الذي قرأت له مشروعه بالكامل عن رؤية الفكر العربي وهو الوحيد الذي أقرأ لغته الصعبة وأفهمها وأكرهها وهو الذي زاد من حبي لشخصية المسيح حين أصدر من مشروعه الجزأ الرابع وعنوانه (من يهوى إلى المسيح)وأعشق ما يطرحه التيزيني كعشقي لامرأة سلبت لي عقلي وقلبي , وكذلك نظيره المفكر الأردني الماركسي (هشام غصيب) هذا الذي أوقفتني كتاباته كثيرا عند لوكاتش والفلسفة الألمانية , وقرأت عشرات أو مئات الكتب وتعبتُ منها جدا ومن أسلوبها ولم أستفد منها شيئاً وقرأت كتباً قليلة جدا واستفدت منها بحيث كانت القراءة في البداية عبثية جدا وبعد ذلك أصبحتُ أملك طريقة للاختيار , فأنا استطيع تمييز الكتاب الذي استمتع بقراءته ,ولو كانت الأرض تتكلم ولو كانت الأشجارخلف بيتي تتكلم ولو كانت الجبال التي صعدتُ عليها تتكلم ولو كانت غرفة مكتبي تتكلم , لتحدثت كل تلك الأشياء عن نزعتي الفردية , وعن سهر الليالي حين كنتُ أقرأ في اليوم الواحد أكثر من 8 ساعات متواصلات وأنا أجلس متكئاً على وسادتين من الصوف قبل أن يكون في غرفتي مكتبٌ أجلسُ خلفه اليوم ساعتين أو ثلاثة للقراءة وللكتابة, ولم يُسجل لي أحد أن رآني أجلسُ على أبواب الدكاكين أو الأعراس في قريتنا بل كانت حياتي كلها عمل محفوفة بمخاطر القراءة التي جعلت مني شخصا ينزعُ إلى الفردية وإلى الجلوس وحده منعزلاً عن حياة الناس ومشاركتهم حياتهم اليومية , وكنتُ نادراً ما أحضر على مائدة الطعام مع أمي وإخواني بل كانت أمي تحضر لي كل ما أطلبه إلى غرفتي وهي تقول (الله يهديك ويخليك تترك الكُتب) وكنتُ وما زلتُ أجدُ في الكتاب حسي ومشاعري وأنا أتعاطفُ مع ما يكتبه العظماء من نقد للفكر العربي .

كانت حياتي وما زالت مزيجا مما صنعه الفلاسفة ليس لي فيها أي ذنب فأنا لا أتحملُ ذنوبي لوحدي بل يتحملها معي (رونالت بارت) في كتابه درجة الصفر للكتابة , وأحمل مسئوليتي الكاملة لكل الذين قرأتُ لهم وسببوا لي في عقلي لوثة كبيرة فأنا أتهم نوال السعداوي وفراس السواح وهشام غصيب والطيب تبزيني أتهمهم جميعا وأحملهم مسئولية كل ما جرى وما يجري لي في مجتمع وحكومات لا تحترم الفلسفة ولا الرأي ولا الرأي الآخر , وكذلك أدين طه حسين بشدة وبشكلٍ مباشرٍ وهيغل وكارل ماركس وإنجلز وخصوصا كتابه (أصل العائلة ) وأتهم شكسبير بشكل علني ولا أعتبره بريئا من حبي للبساطة في التعبير ,ولم يكن مصطفى وهبي التل(عرار) بريئا من خطيئتي لأني حملتُ أشعاره بين أسناني ردحاً طويلاً من الزمن , وكذلك (حيد محمود) الشاعر الأردني الذي أراق دموعي عدة مرات على صفحات قصائده العذبة , وكذلك نزار قباني الذي فتلني من رأسي حتى قدمي وأغرقني في الماء وأنا أتنفسُ تحته وأقول لكل الذين كرهوني أنهم كانوا وما زالوا يكرهون التنوير والتنويع في الثقافة فمن الممكن أن تجد إمبراطورية في أي مكان ممتدة الأطراف ولكن من الصعب أن تجد حضارة هلنستية أو يونانية أو رومانية, وتعلمتُ درسا مهما جدا كان يدفعني لتثقيف نفسي وهو أن أثينا انهزمت عسكريا ولكنها انتصرت على العالم كله ثقافيا ففاح فلاسفة الإغريق المشرق والمغرب العربي وفتحوا أوروبا الناهضة وهم لا يملكون لا مدفعا ولا سيفا ولا صاروخا ولا بندقية , فأنا وغيري أقبلنا على قراءة فلسفة اليونان دون أن نجلس تحت ضغط السلاح والإرهاب.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدعاء النبوة والكذب على الله
- اليوم عيد ميلادي
- الزوجة والخادمة
- في ناس هيك, وفي ناس هيك
- العائلة المسيحية والعائلة المسلمة
- تعليم القيم وتعلمها
- لساني
- باركني
- المثقف المبدع
- تصاعد أعمال العنف المجتمعي في الأردن
- المرأة وحرية الاختيار
- احنا وين والعالم وين!
- الدين المُحرف
- كيف تختارين زوجك؟
- مشكلة الفقر والفقراء
- إسماعيل ياسين الضاحك الباكي
- من أنت؟
- من أنا؟
- هل أنت تأكل أظافرك أم ملابسك كما يفعل بعض الناس؟
- هل أنا فعلاً حمار؟


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جهاد علاونه - الكتب التي أكلتها