أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقية















المزيد.....

الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقية


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 20:32
المحور: حقوق الانسان
    


لم تهدأ بعد فضيحة المعتقلات السرية التي تم الكشف عنها مؤخرا ( سجن المثنى في بغداد والذي يدار من قبل الأجهزة الأمنية المرتبطة برئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي) ودللت على مدى الأنتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في السجون السرية حتى أطلت علينا فضيحة أخرى أبطالها هذه المرة ( قوات دولة القانون) وحيث قام أفراد هذه القوات بحشر 100 معتقل في عربتين تكفي الواحدة منهما ل15 شخص ، اي تم حشر 50 معتقل في كل عربة حديدية ( صندوق حديدي كما وصفه البعض) خالية من النوافذ وأية وسيلة للتهوية ، أثناء نقلهم من سجن التاجي الى سجن اللجنة التحقيقية في مركز تسفيرات الرصافة في بغداد في الثاني عشر من آيار الجاري ، مما أدى الى حدوث حالات أختناق واسعة بين المعتقلين توفى منهم سبعة وأصيب 15 آخرون بحالات ضيق نفس ، نتيجة أرتفاع درجات الحرارة التي يتميز بها الصيف في العراق .

وسط الأوضاع الحالية التي يمر بها العراق وفي ظل العمليات الارهابية والابادة المنظمة التي يتعرض لها الكثير من العراقيين وفي ظل صراعات القوى السياسية من أجل كراسي الحكم ، فإن حادثة وفاة سبعة معتقلين عراقيين أختناقا ، تكاد أن تكون مجرد حادثة عابرة أو هكذا اراد لها البعض أن تكون ،غير أنها حادثة تكشف عن مدى رخص حياة الأنسان في العراق وإنه لايعدو ان يكون سوى الطرف الأضعف والأكثر خسارة وسط كل ما يحدث وما يدور حوله . لاشيء أشد قسوة ووطأة على الأنسان من وضعه رهينة المعتقلات والسجون وتعريضه للتعذيب الجسدي والنفسي وحرمانه من كل ما يجعله يشعر إنه كائن آدمي يستحق الحياة بعد توجيه تهمة ما له وجعله يدفع ثمنها الباهض . هناك وفي تلك الأماكن يشعر الأنسان برخص حياته وقدرة الآخر ، السجان أو المحقق والأجهزة الأمنية المختلفة التي تسعى لأثبات التهمة ضده أولا ،على التلاعب بحياته وتعريضة لكل أشكال الأذلال وأمتهان الكرامة .

هذه الحادثة المأساوية لم تكن حادثة عرضية أوعادية إسوة بالكثير من الحوادث التي تقع في العراق ويكون ضحيتها عدد من العراقيين ، بل هي فضيحة أخرى تضاف الى سيل الفضائح المتواصلة في العراق . فضائح السجون والمعتقلات السرية والأغتيالات والتصفيات والأنتهاكات التي يتعرض لها من يقع في قبضة الأجهزة الأمنية التابعة للدولة أو لمليشيات الأحزاب المختلفة في العراق أو لقوات دولة الأحتلال .

ما حدث للضحايا السبعة ومهما كانت التهم الموجهة اليهم وأي كانت أنتمائاتهم السياسية فإنه يكشف وبشكل لا لبس فيه أننا أزاء ممارسات قمعية بشعة يتم تكرارها وإستنساخها بشكل متواصل وإن الحديث عن عهد جديد وزمن جديد يتم فيه أعلاء شأن وكرامة الأنسان في العراق وأشاعة سلطة وقيم القانون وحكم العدالة ،الذي يهدف لأحقاق الحق وحماية ارواح الابرياء من عنت القمع واستغلال السلطة وأن تكون السجون والمعتقلات علنية ولايتعرض فيها المعتقل أو الموقوف بسبب قضية ما الى اي شكل من اشكال التعذيب والأكراه وأمتهان الكرامة أو تعريضه للانتهاكات الجسدية والنفسية من أجل الحصول الى أعترافاته وتثبيت التهمة الموجهة اليه ، ما هو الا لعبة سمجة وأستهلاك إعلامي مفضوح وإن ما يتم من ممارسات بحق المعتقلين لم يكن سوى وسيلة للتصفيات الجسدية وتنفيذ أحكام مسبقة بحقهم ولعل ما قالته وجدان سالم وزيرة حقوق الأنسان في العراق في معرض تعليقها على حادثة أختناق المعتقلين ( إن كل الأحتمالات مفتوحة بشأن الأسباب التي أدت الى وفاة السجناء السبعة أثناء عملية نقلهم .. مشيرة الى : أمكانية وجود جهات غير معروفة تقف وراء وفاتهم ، إذ كان من المتوقع أطلاق سراح بعضهم في حالة عدم وجود أدلة تثبت الأتهامات الموجهة لهم ) يكشف عن الكثير من الممارسات والأنتهاكات التي تتم بحق المعتقلين من قبل الجهات والأجهزة الأمنية والتابعين لها وأدرات السجون والمعتقلات بشكل سري ومنظم ويدلل على استعدادهم لإرتكاب المزيد من الجرائم بحق المعتقلين من أجل تحقيق مكاسب معينة .

ما يحدث من أنتهاكات وجرائم بشعة بحق السجناء والمعتقلين يشكل صفعة قوية لمجمل إدعاءات الأمل التي راجت بعد سقوط نظام البعث الأجرامي السابق في العراق التي لم تفارق مخيلة الذين ذاقوا وطأة العيش في ظل نظام حكم إستبدادي . فالممارسات الأجرامية البعشة التي ارتكبها نظام البعث بحق الكثير من العراقيين يتم أستنساخها وتكرارها بشكل متواصل الآن من قبل الكثير من الأجهزة والمؤسسات التي يدعي القائمون عليها أنها مطابقة لكل المواصفات والمعايير والمعاهدات الدولية التي تلبسها ثوبا أنسانيا يمكنها من ازاحة ما تراكم على كاهل العراقيين من فظائع وأنتهاكت سابقة راح ضحيتها الكثير منهم وتحولت حياة القسم الأكبر منهم الى حجيم لايطاق .

حالات حشر السجناء في العربات والقطارات بأعداد كبيرة أثناء نقلهم من مكان الى آخر حتى وإن كانت وسائل النقل هذه غير مخصصة لنقل البشر ، تكاد تكون كلها متشابهة في تاريخ العراق المعاصر ،سواء كانت في فترات حكم البعث الأسود أو الحكومات التي سبقته أو في زمن حكومات العراق الجديد وكلها تتم بهدف واحد هو تنفيذ أحكام أعدام وعقوبات إستباقية قاسية بحق المعتقلين الذين يتم نقلهم محشورين في عربات الموت هذه رغم عدم صدور اي حكم قضائي بحقهم ، بل إن عمليات النقل تتم من أجل أطلاق سراحهم أو عرضهم على المحاكم في أحيان كثيرة أو نقلهم من سجن الى آخر .

المعتقلات والسجون السرية التي يمارس فيها التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين وتنتهك كرامتهم ووجودهم الأنساني ، هي الادوات السرية والمعلنة التي تستخدمها السلطات الحاكمة من أجل القضاء على من يعارضها ويخالف توجهاتها السياسية وهي جزء لايتجزا من موؤسساتها الفوقية . هذه الأدوات إستخدمتها السلطة البعثية الفاشية في العراق ، فضاع في زنازينها وجحورها المظلمة أعداد كبيرة من العراقيين فيما عاش الكثير منهم وطأة القسوة والبطش السافر والأذلال في أقسى وأبشع صوره وغادرها الكثير وقد فقدوا ذاكرتهم ووعيهم وخرجوا فاقدي الارادة ولايمتلكون القدرة على مواصلة العيش بشكل طبيعي مع ذويهم ومحيطهم الأجتماعي . وحين أسقطت سلطة البعث فإن الكثير من العراقيين كانوا يمنون النفس بأن يعيشوا في بلد تنعدم فيه السجون والمعتقلات والزنازين السرية وأن تكون عدالة القانون والمحاكم هي الأساس الذي تستند اليه السلطات في تعاملها مع مخالفيها ، ولكن يبدو أن الكثير من العراقيين يواصلون لعبة الغرق في الوهم وتصديق الخديعة ، وهم الذين ذاقوا مرارة التعذيب وقسوته فتسامت أرواحهم المخنوقة للعيش في عالم أو بلد خال من التعذيب وقسوة الأنتهاك والأذلال .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة أختطاف وقتل الصحفي سردشت عثمان ومستقبل حرية الصحافة في ...
- في تفسير أكذوبة المسافة الواحدة
- حتى لا يتحول العراق الى لبنان آخر
- لمصلحةِ مَن يجرى هذا الأستفتاء ؟
- قمة سَرت التي لاتسر
- أيها الساسة ،أياكم ولعبة الشارع
- إنتخابات العراق... قراءة من الخارج
- عن المخاوف من عودة حزب البعث الى السلطة في العراق..
- مسدسات المالكي
- حرب الرموز
- في الدفاع عن دولة المواطنة - الجزء الثاني
- في الدفاع عن دولة المواطنة -الجزء الأول
- كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية
- كرة القدم من السجود الى رفع المصاحف
- هوامش على معلقة معد فياض
- مآزق العراق ..قرارات هيئة المساءلة والعدالة نموذجاً
- ثورة عراقية زرقاء عبر الفيس بوك
- صدور كتاب فني عن الراحل كامل شياع
- في الاستنساخ والتناسخ الدكتاتوري
- الإنتخابات الإيرانية ...قراءة في مشهد مخادع


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شاكر الناصري - الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقية