أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أما كرمي فلم أنطره














المزيد.....

أما كرمي فلم أنطره


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 22:02
المحور: الادب والفن
    


أما كرمي فلم أنطرهُ

أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار، كشقق سليمان، لا تنظُرْنَ إليَّ لكوني سوداء لأن الشمسَ قد لوّحَتْني، بنو أمي غضبوا عليّ، جعلوني ناطورة الكروم، أما كرمي فلم أنطرهُ.
[من مقدمة نشيد الإنشاد]

لوني، في خرائطِ الربِّ غافياً مثلَ عَمَلٍ حسنٍ في عينِهِ، إلى قلبي ينظرُ، ولم يعُدْ ربَّ الجنودِ إسمُهُ، صارَ ربَّ الوردةِ على شبّاكي، وفي حكاياتِ جدّتي دائماً أطلَّ كبلسمٍ على مأساةِ الموجوعينَ قبلَ النهايةِ بقليل.

جثوتُ أمامَهُ حينَ تجلّى كضوءٍ على جبلٍ على ماءٍ على غيمةٍ على ريشٍ على جناحِ نَسرٍ على نارٍ على انتظارٍ لا ينتهي، سكبتُ أدعيتي وقرباني دمعُ عينيّ الفائضِ عن الحَبسِ.

تجوّلَ النّورُ فيَّ وانهمرتْ سَكينَةُ السماواتِ كثلجٍ على حريقِ صدريْ وصارَ قلبي راقصةً كغزالةٍ في مَرجٍ في ربيعٍ في إحساسِها بخِشْفِها الأوّلْ يركُلُ قلبَها فتؤلِّفُ روحاً جديدةً وتغزلُ حُبَّها الغريزيَّ كَفَرْوَةٍ لشتائِهِ الآتي.

في خيمَتي، رتَّبتُ وعودَ الرَّبِّ تحتَ وسادتيْ، وخرجتُ لأَنطُرَ كرومَ بني أمّيْ، خفيفةً بلا همٍّ يكادُ يسوقُني الهواءُ كريشةِ عصفورٍ على رملٍ في فراغٍ في عاصِفة، وحينَ ودَّعتُ الشَّمسَ وألقيتُ تعبي على حصيرتي التي جدّلتُها من بقايا القمحِ الذي أفْلَتَ من مناجلِ الحصّادين، لم أجِدْ وسادتي ولم أجِدْ ما تحتَها.

لم أعرِفْ أبي ولم أعِ أمّي، ولم أكُنْ حزينةً لهذا، لم أعرف غيرَ الكرومِ التي نطرتُها كي أهوِّنَ غضبَ الغاضبينَ الذي لم أعرفْ من أينَ كانَ يأتي دائماً كمطرٍ لا ينقطِعْ، كنتُ دائماً انتظرُ هديّةً خبّأَها الرّبُّ في اختباراتِه الهائلةِ لجسدي القصبيّ، وقلبي الذي لا يقوى على هشِّ قُبَّرةٍ عن حبّةِ قمحٍ في كرمٍ أنطُرُهُ.

أحبَبْتُ الرَّبَّ كما قالت الوصايا، لم أنطِق باسمِهِ باطلاً، وقدَّستُ سابعَ أيامِهِ فلم أشعِل ناراً ولا نطرتُ كرماً فيهِ، وسَقَطَتْ خامسُ الوصايا لأني لم أعرفْ والديَّ فأشفقتُ على كل رجلٍ وامرأةٍ، لم أعرف رجلاً بين ذراعيّ ولم أقتل نملةً ولا نظرتُ بعين الحسدِ إلى شيءٍ، لذا برّأَني الرَّبُّ من كلِّ دَنَسْ، أحسُّ براءتَهُ في قلبي كلما أيقظني ديكُ المعبدِ قبلَ أن تفرك الأرضُ عينيها من وخزِ الشَّمسْ.

يكذبون في سبيلِ الرّبِّ، جميعُهُمْ، يبكونَ في حضرتِهِ، ويكذبونْ، يذبحونَ ماشيتَهمْ القريبةَ من الموتِ قرباناً ويكذبون، يصلّونَ كي تنجحَ تجارتُهُمْ ويكذبون، يهدمونَ قلاعاً ليسبوا نساءها عبيداً للربِّ ويكذبون، يكذبونَ ويكذبون...

أنا سوداءُ وجميلة يا بنات أورشليم، أمي ما كانت إلا وصيَّةً في حِجْر جدّتي، أما كرمي، فلم أنطُرْهُ، ولم أرَهُ، وربما كان واحداً من الكرومِ الكثيرةِ التي نطرتُها، فمن غيرُ الرَّبِ يعرِفُ؟ ومَنْ غيرُ الرّبِّ قادرٌ على أن يعيدَ العالمَ إلى بداياتِهِ المسالِمةْ...

10 شباط 2010



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل قلت إني لا أحب القدس؟
- حقل موسيقى
- فجر أزرق حزين
- كيف تحتمل روحك كل هذا الجمال
- الشق
- اعتذارات
- أو هكذا قالت الغيمات
- أعتقتها فمت مرتين
- بنتٌ في كتابِ الرّملْ
- هل تريدون معرفة ما حدث في غزة؟
- أبحث عن المدينة التي أعرفها
- وجوه أليفة
- معلمة الكمنجة
- فضة المكان
- ذاكرة قصيرة
- أبعد مما يحق لك
- المساء مساء
- كبرت وحدها
- الليل
- الريح في جنازة


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أما كرمي فلم أنطره