أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فنزويلا الاشتراكية - بوليفيا تقدم أنموذجاً للعالم















المزيد.....

بوليفيا تقدم أنموذجاً للعالم


فنزويلا الاشتراكية

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 9 - 22:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إذا كانت الأزمة المالية العالمية الأخيرة قد جاءت بمثابة اختبار لدول العالم وسياساتها الاقتصادية، فإن دولة بوليفيا تكون قد أظهرت ليس أنموذجا متميزاً على دول قارتها ودول العالم فحسب بل إنها قد أظهرت في تلك الفترة الصعبة التي مر بها العالم نجاحات أخرى في مجالات مختلفة، بل إنها قد خلقت لنفسها اختبارات جديدة خاصة بها حققت من خلالها إنجازات متنوعة وخاضت تجارب جديدة بفضل السياسة الاقتصادية والاجتماعية المتبعة فيها، مما مكنها من أن تكون مثلاً لمن يبحث عن خلاص من الأزمة التي أوصل نفسه إليها بسياساته المالية.
وقد كان هذا المشهد مقدمة منطقية لنجاح الحركة نحو الاشتراكية الحاكمة بقيادة الرئيس البوليفي إيفو موراليس لفترة رئاسية جديدة لتثبت أن سياسات الحركة في خدمة بوليفيا وسكانها هي خيار شعبي وليس مجرد برنامج حكومي.
يقول الرئيس موراليس "إن بوليفيا وعملية التغيير فيها هما مثال لبوليفيا وللعالم. إن الحركة نحو الاشتراكية قد برزت من القطاعات الريفية والسكان الأصليين، وهي الفئات التي كانت مهمشة تاريخياً."
إن المتابعين والمؤيدين للحزب الحاكم في بوليفيا أنفسهم لم يتوقعوا مستوى النجاح الذي حققته الحركة نحو الاشتراكية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وعلى الرغم من أن فوز الرئيس موراليس لم يكن مفاجئاً، إلا أن الأرقام التي نتجت عن عملية الانتخابات الديمقراطية كانت مفاجئة ومثيرة للغاية، إذ حصل الرئيس إيفو موراليس على نسب ساحقة تفوق التوقعات.
أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التي جرت في يوم 6 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، فوز الرئيس موراليس، الذي ينحدر من السكان الأصليين في بوليفيا، بجولة رئاسية ثانية بنسبة 62,5% فيما حصل المرشح الأقرب بعد الرئيس موراليس، رييس فيلا، على 27,6% ويليه دوريا ميدينا الذي حصل على 6,1%.
كما حصلت الحركة نحو الاشتراكية برئاسة موراليس على نسبة 66,7% من مقاعد مجلس الأعيان فيما حصل ائتلاف رييس (الخطة التقدمية من أجل بوليفياPPB-) على 27,8%. وتشير هذه النسب إلى قوة شعبية الرئيس موراليس مقابل قوى المعارضة التي لم تحصل مجتمعة على نسبة قريبة من نسبته.
قال الرئيس موراليس بعد فوزه "ها نحن، الأسود والأبيض وذوو البشرة السمراء، وكل منا لديه نفس الحقوق، سواء كان من السكان الأصليين أم من الطبقة العاملة. إن الدستور الجديد يضمن نظاماً اقتصادياً يحترم الملكية الخاصة والملكية الجماعية ويحترم أيضاً اقتصاد تديره الدولة. سنقوم بتسريع التغيير. إنه نصر ضد الامبريالية. إن هذا أول دستور للشعب البوليفي يأتي في صالح قطاعات متعددة من العمال."
وفي وسط هذا النصر، لا يزال الشعب البوليفي ينتظر فرصته الأخرى لكي ينتصر لخياره التاريخي في الانتخابات البلدية التي أشار الرئيس موراليس إلى أنها "ستكون نصراً يتبعه احتفال ديمقراطي."
ففي 4 نيسان/أبريل، من المتوقع أن يقوم الشعب البوليفي بانتخاب 9 محافظين و144 عضو مديرية و1887 مستشار مدني و23 سلطة محلية للسكان الأصليين ونائب محافظ للولايات.
في الحقيقة، إن الثقة الكبيرة بتحقيق النصر في الانتخابات البلدية المقبلة لم تأتي من فراغ. فكما كانت برامج الحركة نحو الاشتراكية المطبقة في البلاد في المجالات كافة سبباً واضحاً للنصر الساحق الذي حققته الحركة وقائدها الرئيس موراليس، فهي إشارة واضحة لنصر آخر في الانتخابات المحلية، خاصة وأن الانتخابات المقبلة هي الأقرب إلى الشعب البوليفي الذي يعتبر المستفيد الأول من أي خطوة أو قرار يأتي ضمن هذه البرامج.
من أبرز التعديلات والانجازات المتوقع مشاهدتها في إطار فوز الرئيس موراليس وحركته في الانتخابات، تطبيق الدستور الجديد الذي أتت به الحركة إلى الحياة البوليفية. ويتركز هذا الدستور على إعطاء السكان الأصليين الذين يشكلون ما يقارب 65% من الشعب البوليفي المزيد من الحقوق، وإفساح المجال لهم لتحقيق مشاركة أكبر في الحياة السياسية بعد أن كانوا مهمشين؛ إصلاح النظام القضائي بشكل يجعل القضاة منتخبين لا معينين؛ لامركزية السلطة على 4 مستويات: الدوائر، والأقاليم، والبلديات، والسكان الأصليين. إضافة إلى ذلك، سمح الدستور الجديد لأول مرة لبوليفيي الخارج، الذين يتواجد أكثرهم في البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة واسبانيا، بالمشاركة في الانتخابات ممارسة لحقهم السياسي في دولتهم. وقد أشارت الإحصاءات إلى أن 69% من بوليفيي الخارج صوتوا للحركة نحو الاشتراكية بزعامة موراليس.
ولم تكن الأرقام هي وحدها المثيرة في نتائج الانتخابات بل أيضاً المشهد المناطقي فيها، إذ حصلت الحركة نحو الاشتراكية في ولاية سانتا كروز، التي تعتبر قلب المعارضة، على نسبة 43% من خلال كسبها لمقاعد كانت سابقاً تحتلها المعارضة. هذا فضلاً عن أن المناطق الـ12 التي يقطنها السكان الأصليون قد صوتت للرئيس موراليس بالإجماع.
يقول أحد الذين صوتوا لموراليس ممن كانوا مناصرين سابقاً لليمين في سانتا كروز "استشعرنا العنف والتدمير في المؤسسات العامة التي دارتها المعارضة وقد استنتج الشعب بنفسه أنه يتعرض لعملية استغلال من قبل السلطات العامة الواقعة في حكم اليمين."
إن السر وراء فوز الحركة نحو الاشتراكية هو الفوائد التي عادت على اقتصاد البلاد وعلى الفئات الأكبر من سكان بوليفيا في ذات الوقت، من خلال برامج اجتماعية توازي البرامج المالية التي أنقذت البلاد من السقوط في مأزق الأزمة العالمية، إذ كانت بوليفيا هي الدولة الوحيدة في القارة التي تشهد نمواً اقتصادياً في فترة الأزمة الاقتصادية العالمية.
قال الرئيس موراليس "إن هذا النصر نصرٌ ليس للبوليفيين فحسب بل للحكومات والرؤساء والمجتمعات المعادية للامبريالية" داعياً المعارضة إلى الوحدة معه ومع غالبية الشعب البوليفي ومشاركتهم عملية التغيير.
وتكمن أهمية النموذج البوليفي في التحول نحو الاشتراكية في السيطرة على حركة التحول بشكل حكيم حتى لا تنزلق الدولة إلى منحدر الفوضى وتخسر كل ما حققته تدريجياً بدلاً من التريث وإدارة عملية التغيير بشكل يضمن شعبية هذا التغيير وبالتالي استمراريته على المدى البعيد.
بحسب إحصاءات مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية الكائن في واشنطن، فقد زادت العائدات الحكومية في بوليفيا بنسبة 20% منذ عام 2004. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد البوليفي هذا العام من 2,5% لـ3,5% وهي النسبة الأعلى في كلا الأمريكيتين الشمالية والجنوبية. كما أشاد مسؤول من صندوق النقد الدولي بحكومة الرئيس موراليس على ما دعاه "سياسات اقتصادية مسؤولة جداً."
واستذكر الرئيس موراليس ذاته في ختام الحملة الانتخابية أن صافي احتياطيات النقد الأجنبي لبوليفيا كانت عام 2005 فقط 1,700 مليون دولار وقفزت الآن إلى 9 مليار وهو ما يمثل رقماً تاريخياً.
أظهر هذا التميز في النمو الاقتصادي قدرة بوليفيا على مواجهة الأزمة المالية على المستوى المحلي حيث استقرت أسعار المواد الخام في مستوى جيد ولم تتأثر السوق المالية البوليفية بالسوق العالمية.
لم يكن الاستقرار الاقتصادي لبوليفيا معترفاً به فقط من قبل التقارير الرسمية بل أيضاً من قبل المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي واللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي.
استطاعت الحكومة البوليفية أن توازن سياساتها الاقتصادية لما فيه مصلحة البلاد على المستويات كافة، وذلك من خلال المحافظة على السياسة الاستثمارية على أن تكون استثمارات دولة وأن تكون عائدة بفائدة على المواطنين بالدرجة الأولى وفي نفس الوقت قادرة على حماية الاقتصاد الوطني من أي تراجع والارتقاء بالدولة البوليفية إلى مصاف الدول المتقدمة شيئاً فشيئاً وتجنيبها أي نوع من أنواع التبعية والاتكال على الغير.
وقد كانت هذه المشاريع الاستثمارية سبباً رئيسياً في تسهيل مرور الأزمة على بوليفيا بحسب غرفة التجارة والصناعة البوليفية. فقد واجه الاقتصاد الوطني بشكل ايجابي الأزمة العالمية من خلال الاستثمارات العامة للحكومة وكما قال رئيس الغرفة إدواردو باز "لقد أنقذت النفقات العامة لعام 2009 البلاد من الفوضى." مشيراً إلى الاستثمارات التي قامت بها الحكومة في القطاع الصناعي مما منع دخل الصادرات من الهبوط.
كان اعتماد وتخطيط الدولة في مجال الاستثمار غير مقتصر على العائدات بل أيضاً على نوعية الاستثمارات التي كانت بمثابة حرب على الركود ومقدمة قوية لعملية تغيير شاملة للبلاد تشمل القطاعات والمجالات كافة. فقد طالت استثمارات الدولة قطاع التصنيع في مجال الطاقة.
في هذا السياق، دعيت الحكومة إلى تسريع عملية التصنيع في قطاع الطاقة لتحقيق أهداف التنمية لعام 2010. قال وزير الطاقة البوليفي أوسكار كوكا إن شركة التصنيع البوليفية ستبدأ العمل بـ300 مليون دولار مخصصة من ميزانية الدولة ضمن خطة استثمارية لضمان مصادر المشروع التمويلية. وسيتم عبر هذه الشركة وضع استراتيجيات الدخل واستراتيجيات السيادة كذلك.
قال الرئيس موراليس "هذا الاستثمار سيعود بـ11 بليون دولار خلال 5 سنوات وسيضع شركة النفط البوليفية في عداد شركات أمريكا اللاتينية الكبرى."
وفي ذات الوقت الذي مضت فيه الحكومة في توجه الاستثمار البنّاء الذي قاد البلاد إلى هذا المستوى من النمو الاقتصادي، مضت كذلك في برامج التأميم التي ستقود البلاد إلى بر الأمان.
قامت السلطات البوليفية في هذا الإطار بتخصيص مبلغ 189 مليون دولار كميزانية للتأميم. لم يكن هذا التأميم بالمعنى الذي روجت له الكثير من الجهات على مر التاريخ فيما عرف باستيلاء الدولة على القطاع الخاص، بل إن التأميم في بوليفيا، كفنزويلا، لا يمكن أن يتم إلا من خلال شراء بعض الشركات التي يملكها القطاع الخاص مقابل دفع مبلغ مالي متفق عليه إلى المستثمرين من أجل تحويل الخدمات والمواد التي تقدمها هذه الشركات إلى الصالح العام من خلال البرامج الحكومية.
وهناك مجموعة من الشركات المنوي تأميمها في المرحلة المقبلة من تلك التي كانت مؤممة وتم الاستيلاء عليها من قبل القطاع الخاص أو تلك التي ستصبح ملكية عامة للمرة الأولى في عام 2010. ولم تكن حملة التأميم المعلنة لهذا العام جديدة إذ أن الرئيس موراليس قد أمم منذ عام 2006 عدة شركات تعمل في مجال الطاقة، كما أمم أكبر شركة اتصالات في البلاد.
وأعلن الرئيس موراليس في أولى المراحل لهذا العام نية الحكومة استعادة شركة سكك الحديد الوطنية وكل الشبكات التابعة لها التي استولى عليها القطاع الخاص منذ عام 1996.
وهو المشروع الذي من المتوقع أن تقوم الصين بالاستثمار فيه واسعاً بعد أن تنتهي عملية التأميم. ومن أبرز أسباب الإسراع في إحياء مشروع تأميم سكك الحديد مساهمة هذا القطاع في تصدير احتياطي الحديد الذي يقدر في بوليفيا بـ40 بليون طن.
إضافة إلى كل ما ذكر سابقاً لم يفت بوليفيا أهمية الاستثمار في المجال الاجتماعي الذي يكون غالباً الاستثمار الأنجح. فالبرامج الاجتماعية وحركة التحول الاجتماعي في بوليفيا حظت بنصيب وافر من التركيز والمتابعة، ووصفت بأنها "تلهم العالم". وتمثلت في تلقي فئات الشعب البوليفي المختلفة نفقات اجتماعية إضافية تأتت من الضرائب التي فرضتها الدولة على شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد، إضافة إلى المساعدات المالية التي وزعت على الأسر الفقيرة لحثهم على الالتحاق بالتعليم، ناهيك عن الخدمات الصحية المتميزة التي شملت شرائح واسعة من الشعب البوليفي. إذ تشير الإحصاءات إلى أن ما يقارب ربع سكان بوليفيا البالغ عددهم 10 مليون نسمة قد اكتفوا كلياً من هذه الخدمات في مراحلها الأولى.
من ضمن البرامج والاستثمارات الاجتماعية الأنجح، قامت شركة الطاقة البوليفية التابعة للحكومة بوضع خطة لاستثمار 117 مليون دولار في تركيب 150 ألف وصلة غاز طبيعي إلى المنازل خلال عام 2010. هذا المشروع أيضاً هو امتداد للسنوات السابقة حيث نفذت الشركة ذاتها تركيب 168 ألف وصلة غاز في المنازل من ضمنها 52 ألف و300 وصلة خلال عام 2009. ويعتبر هذا الاستثمار من سياسات الطاقة التي تتبناها حركة الرئيس موراليس الذي قال "إن استخدام الوقود لسد الاحتياجات المنزلية يجب أن يكون له الأولوية على السوق الأجنبية." ومن المفترض أن ينتهي هذا المشروع بالكامل بحلول نهاية عام 2011.
وكجزء من مشهد الاتزان والحكمة التي تحلت بها السياسات البوليفية هي العمل بجهد على المستويين المحلي والإقليمي، إذ خصصت الدولة اهتماما وافراً للعمل على التكامل مع المحيط الإقليمي الذي يشهد هو الآخر نمواً تدريجياً لا يمكن نكرانه.
يقول الرئيس موراليس "إن برامج التكامل هي ركن من أركان تنمية الاقتصاد الوطني."
ومن أبرز المشاريع التي لعبت على المستويات كافة، التكاملي والاقتصادي والاجتماعي كذلك، هي مشروع ربط المناطق والدوائر ببعضها البعض عبر إنشاء طرق سريعة. وفي هذا الإطار، أبرمت الحكومة البوليفية اتفاقية لإنشاء طريق سريع يربط بين منطقتي سانتا باربرا وكيكيبيه مع شركة بوليفية-أرجنتينية بقيمة 257 مليون دولار على أن تنتهي خلال 4 سنوات.
وستكون فنزويلا شريكاً في تمويل هذا المشروع بنسبة 67% على أن تتحمل الحكومة الوطنية في بوليفيا النسبة المتبقية.
وهناك 4 مشاريع ربط أخرى للمستقبل تحدث عنها الرئيس موراليس ستعمل على إنشاء شبكة للربط عبر المحيطين الأطلسي والهادي ضمن مشروع طرق سريعة لغرض التكامل يربط بوليفيا بالأرجنتين وتشيلي والبيرو والبرازيل. كما ترغب الحكومة البوليفية ببناء 186 ميل آخر من الطرق السريعة.
إلى جانب السمات الخاصة التي انفردت بها، مما انعكس على انفرادها بالنجاح الذي حققته بشكل أفضل وأوضح من غيرها، كانت بوليفيا تسير على خطى الدول اليسارية لتكون جزءاً من الامتداد المعاد للامبريالية الذي يجوب القارة اللاتينية.
ومن ذلك أنها قامت على غرار حلفائها اليساريين، خاصة فنزويلا، بطلب طائرات تدريب من نوع k-8 و10 من طائرات الهيلكوبتر للنقل من نوعmi-17 من الصين وذلك لاستخدامها ضد المتمردين وعصابات المخدرات، كما ستستخدم بشكل ثانوي لغايات التدريب.
كما علمنا التاريخ، لا يمكن لمثل هذه الانجازات والثقة في الاستمرار أن تمضي بسلام، ولا بد لقوى الشد العكسي أن تبرز في ظل كل هذه الأعمال. ليس فقط تلك المتربصة بالبلاد من الخارج لكسر أي ثورة تغيير فيها لصالح الأكثرية وانتزاع احتكارية المصالح، بل أيضاً تلك القوى التي يزداد نفوذها داخل حركة التغيير متمثلة بالبيروقراطية.
ففي بوليفيا، كفنزويلا، لم تكن عملية التحول نحو الاشتراكية الشعبية والتغيير تتسم بالكمال. وبدأت أمواج البيروقراطية تتسلل إلى قلب المسيرة. وفيما تكون سيادة البيروقراطية في أغلب هذه الحالات هي نهاية الاستمرار في عملية التغيير، إلا أن الحال ليست كذلك في النموذج البوليفي أيضاً الذي ما لبث إلا أن أعلن حربه على الفساد للتصدي لأي محاولة تشويه أو تعطيل للعملية التي اختارها الشعب ليمضي معها قدماً.
منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها نائب الرئيس البوليفي ألفارو غارسيا عن حرب الحكومة ضد الفساد أشار إلى أنها ستشمل عقوبات بالحبس لكل من هدر موجودات الدولة لمصالحه الخاصة و"من يسعى لأن يصبح ثرياً من المال الذي يعود للشعب."
اعتبر غارسيا أن الحرب ضد الفساد تتعلق بالمبادئ والقيم موضحاً أن الفساد هو "استخدام الموارد العامة لمكاسب خاصة. ولكي نحارب هذه الآفة من الضروري أن نسن قوانين تدافع عن المصالح والقيم الوطنية. ويجب كذلك أن تصاحب هذه الإجراءات عقوبات وقائية." وهكذا أصبحت الحرب ضد الفاسدين في بوليفيا هي مادة شرعية وقانونية وليست مجرد شعار يطلقه هذا الوزير أو ذاك.
وإعلاناً لذلك، صادق الرئيس موراليس رسمياً على قانون مكافحة الفساد خلال الأيام الماضية مع إضفاء بعض التعديلات عليه لتشديد العقوبات على عمليات الفساد.
سيتم تطبيق القانون بأثر رجعي ولن يكون هناك أي حصانة أمام هذا القانون لأي مسؤول حالي أو سابق وتصدر العقوبة بحق أي شخص حتى في غيابه، وذلك بسبب هروب الكثير من الفاسدين إلى دول تتبنى استقبالهم بعد أن تكون قد تبنت فسادهم أيضاً.
وعلى صعيد خارجي، فإن التقدم والازدهار في بوليفيا سبب لغضب الدول الأكثر امبريالية وبالتالي سبب لسعيها لعرقلة الطريق أمام هذا الركب. ولا يمكن هنا أن نتجاهل دور الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل بشؤون بوليفيا الداخلية للعبث في عملية التغيير، التي تكتسب أقوى سلاح، وهو وقوف الشعب خلفها للدفاع عنها.
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى كتاب المؤلفة الأرجنتينية ستيللا كالوني، الخبيرة في شؤون التاريخ السياسي لأمريكا اللاتينية. يفضح الكتاب التدخل الأمريكي الشمالي في هذه الدولة اللاتينية. وتشير كالوني في مقدمة الكتاب إلى أنه منذ عام 1950، قامت الولايات المتحدة باختراق بوليفيا عبر وكالة استخباراتها، لتبدأ سلسلة التدخلات الأزلية.
إلا أن هذه المحاولات، بحسب كالوني، المتمثلة بالتدخل الامبريالي الذي يتبعه الغزو النيوليبرالي، لم تحقق سوى نتائج دحرهما إذ قامت بسببهما سلسلة من حركات التمرد التي انتهت بأفضل مقاومة في بوليفيا. تقول كالوني "قادت هذه الظروف البلاد إلى ما هو اليوم دولة مثالية أمام أمريكا اللاتينية كلها، يقودها موراليس، الذي أشعل هذه النضالات وتحدى الاستعمارية الجديدة."



#فنزويلا_الاشتراكية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسخة العاشرة من -عالم آخر ممكن-
- كلينتون تجول أمريكا اللاتينية بحثاً عن شيء ما
- روسيا في معرض كتاب كوبي ونقد للماضي
- اليسار الحاكم في تشيلي يفشل أمام شقيقه اليمين
- انتخابات الأوروغواي توصل مغواراً سابقاً للرئاسة
- المؤتمر الاستثنائي الأول للحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا
- الرئيس تشافيز: الماركسية هي نظرية علمية متقدمة لتحليل التاري ...
- عن الإعلام البرجوازي المسيطر المتلاعب بالعقول
- -سلام بلا حدود-.. حفل في كوبا رغم تهديدات بالاغتيال
- حتى الآن.. نجح الانقلابيون بفرض واقعهم في الهندوراس
- لأنه ليس رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية
- اللقاء الدولي الأول للأحزاب اليسارية: نحو الأممية الخامسة
- كتاب اقتصاديات الثورة-اكتشاف تشي جيفارا
- كلمة موجزة في الحوار المتمدن
- من سطور تشافيز: استبدلوا الحلف على شبح الشيوعية بشبح التشافي ...
- نعوم تشومسكي: الأزمة والأمل..أزمتهم وأزمتنا
- المعارضة الفنزويلية باتجاه الوحدة لتقديم بديل للثورة الاشترا ...
- سكان البيرو الأصليون ينتصرون بصدور عارية
- مجلس الأمم المتحدة يبحث حقوق الإنسان في كوبا
- فيديل: انتصار للعالم الثالث


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فنزويلا الاشتراكية - بوليفيا تقدم أنموذجاً للعالم