أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فنزويلا الاشتراكية - نعوم تشومسكي: الأزمة والأمل..أزمتهم وأزمتنا















المزيد.....

نعوم تشومسكي: الأزمة والأمل..أزمتهم وأزمتنا


فنزويلا الاشتراكية

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 17:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في كنيسة ريفيرسايد، هارلم، نيويورك، وقف المفكر والباحث الأمريكي نعوم تشومسكي في 12 حزيران/يونيو 2009 أمام أكثر من 2000 شخص ليلقي خطابه الجديد.

إن تشومسكي (80 عام)، صاحب أكثر من 100 كتاب والذي يعرف بحديثه المعلن ضد الامبريالية الأمريكية، يتميز بصوته المنطلق من ميدان الامبريالية ذاتها مما يجعله أقرب وأعلم بتفاصيلها وخطورتها. وهذا ما جعل فكره المعادِ للامبريالية يلقى ترحيباً واسعاً من قبل أعداد هائلة من الجمهور العالمي.
في ندوة برعاية منتدى بريشت، ألقى تشومسكي خطابه الأحدث بعنوان "الأزمة والأمل: أزمتنا وأزمتهم" الذي يتناول فيه الأزمة الاقتصادية العالمية والأزمة البيئية والحرب في العراق وأفغانستان وباكستان إضافة إلى المقاومة ضد الامبريالية الأمريكية وغير ذلك الكثير.

بدأ تشومسكي حديثه عن الأزمة مسلطاً الضوء على المفارقة في فهم مصطلح "الأزمة" من قبل طبقات مختلفة في مجتمعات مختلفة.

يقول تشومسكي "هناك الكثير من الفروقات البسيطة والمتنوعة في التمييز الدقيق بين "نحن" و"هم". وبالطبع لا أنا ولا أي شخص آخر يمكنه أن يتحدث بلسان الضمير "نحن". ولكنني سأفترض أنه ممكن.
وهناك أيضاً مشكلة بالنسبة لكلمة "أزمة" ما هي الأزمة التي تخطر في البال؟ هناك العديد من الأزمات الصعبة. فبالنسبة للغرب، كلمة أزمة لها معنى واضح وضوحاً كافياً. إنها الأزمة المالية التي ضربت الدول الغنية والتي بالتالي هي ذات أهمية قصوى.
ولكن في الحقيقة، حتى بالنسبة للأغنياء والأثرياء، ليست هذه هي الأزمة الوحيدة ولا حتى الأكثر صعوبة من بين الأزمات التي يواجهونها."

يشير تشومسكي في كلمته إلى أن الأزمة المالية على الرغم من خطورتها إلا أنها ليست الأكثر جدية لأن هناك أزمات أخرى تواجه العالم بأسره، بفقرائه وأثريائه، وليست فقط محصورة في أصحاب الملايين، فيتحدث عن الأزمة الحقيقية قائلاً "إن الأمل بأن الفقر المدقع على الأقل يمكن القضاء عليه بحلول نهاية عام 2015، كما هو منصوص عليه في أهداف الألفية الإنمائية للأمم المتحدة، يبدو غير واقعي على الإطلاق. ليس بسبب انعدام الموارد بل بسبب انعدام الاهتمام الحقيقي بفقراء العالم. إنهم يتحدثون هنا عن حوالي مليار شخص يواجهون الجوع وسوء التغذية الشديد، علماً بأن 30 أو 40 مليون منهم يعيشون في الدول الأغنى في العالم. هذه أزمة حقيقية، وإنها تزداد سوءاً أكثر فأكثر."

ومن ثم يأتي تشومسكي بدلائل وأرقام في سياق الأزمة التي يتحدث عنها محللاً بشكل مبسط كيف ترتبط الأزمة المالية بالأزمات الأخرى فيقول "أوردت صحيفة فاينانشل تايمز إن برنامج الغذاء العالمي أعلن مؤخراً أنه بدأ يقطع المساعدات الغذائية ويغلق عملياته. والسبب هو أن الدول المانحة أصبحت تقلص التمويل نتيجة الأزمة المالية، وتقوم أيضاً بتخفيض مساهماتها. بالتالي، فإن هناك صلة قريبة جدا بين أزمة الغذاء المروعة وأزمة الفقر من جهة وبين الأزمة الخطيرة، ولكن الأقل خطورة، الأزمة المالية. لقد انتهى بهم الأمر بإغلاق عملياتهم في رواندا وأوغادنا وإثيوبيا وغيرها الكثير. إنهم مضطرون-فهناك 20 إلى 25% انخفاض في الميزانية فيما ترتفع أسعار الغذاء وإن الأزمة المالية، الأزمة الاقتصادية العامة، تأتي بالبطالة وخفض التحويلات من الخارج. هذه أزمة أساسية كبرى.

إن أزمة الغذاء المريعة ليست فقط نتيجة لانعدام الاهتمام الغربي. ولكنها في جزء كبير منها نتيجة لاهتمام مطلق وواضح من قبل مديري العالم بمصالحهم الخاصة."
يتعمق تشومسكي قليلاً في حديثه عن الأزمة الغذائية من خلال تقديم مثال حي على نشوئها ونموها وتداعياتها مؤكداً أن هذا المثال موجود في أماكن أخرى كثيرة في العالم.
"لقد اندلعت أزمة الغذاء في أولى وكبرى حالاتها في هاييتي أوائل عام 2008. إن هاييتي رمز للبؤس المطلق. عندما وصل المستكشفون الأوروبيون إليها كانوا مذهولين لأنها كانت غنية كثيراً بالموارد وعلى نحو لافت. وفيما بعد أصبحت مصدراً للكثير من ثراء فرنسا. لن أخوض في التاريخ الدنيء. إنه يستحق المعرفة. إلا أن الأزمة الغذائية الحالية تعود مباشرة إلى غزو وودرو ويلسون لهاييتي الذي كان قاتلاً ووحشياً ومدمراً. و من ضمن جرائم ويلسون الكثيرة أنه حلّ البرلمان الهاييتي تحت تهديد السلاح، لأنه رفض تمرير ما سمي بالتشريع التقدمي، الذي يسمح لشركات الولايات المتحدة بالاستيلاء على أراضي هاييتي. بعد ذلك، قامت قوات ويلسون بإجراء انتخابات حرة، تم تمرير التشريع خلالها بنسبة 99,9% من الأصوات. علماً بأن التصويت كان مسموحاً لـ5% من السكان.

بعد ذلك، أتت وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية USAID ببرامجها في هاييتي لتحويلها تحت شعارات التنمية. قامت الأغلبية المسكينة بخطأ الدخول إلى الساحة السياسية وانتخاب ممثلها الخاص. بعد ذلك بعدة أشهر، أتى الانقلاب العسكري لتأسيس عهد مروع من الإرهاب كان مدعوماً من بوش، بوش الأول، وكذلك من كلينتون. بحلول عام 1994، قرر كلينتون أنه قد تم تخويف السكان بما فيه الكفاية، فأرسل قوات من الولايات المتحدة لإعادة الرئيس المنتخب-بما يسمى الآن تدخل إنساني-ولكن بشروط صارمة جداً، بما معناه أن الرئيس كان عليه القبول بنظام ليبرالي جديد شديد القساوة، أهم ملامحه انعدام أي حماية للاقتصاد.

إن القصة مألوفة، أو بالأحرى متشابهة جداً، في معظم العالم. صحيح أن الأزمة الغذائية هي نتيجة لانعدام الاهتمام الغربي، ولكنها بشكل أكثر جوهري، ناتجة عن الإخلاص لمبادئ آدم سميث حول سياسة الدولة المحكومة من قبل الشركات."

ومن هنا يعود تشومسكي إلى جذور الأزمة المالية التي كانت أساساتها هي المسبب الرئيسي لها ولبقية الأزمات في العالم "فعلى سبيل المثال، وهذا أمر طبيعي، إذا قمنا أنا وأنت بعمل صفقة، لنقل، أنت تبيعني سيارة، يمكننا أن نخلص إلى صفقة جيدة بالنسبة لنا نحن. ولكننا لا نضيف إلى حسبة هذه الصفقة التكلفة على الآخرين. وهناك تكلفة: التلوث، الازدحام، ارتفاع سعر البنزين، وأمور أخرى كثيرة ومتنوعة مثل قتل الناس في نيجيريا لأننا نأخذ البنزين منهم. هذا لا يحسب عندما نقوم نحن – لا نحسب ذلك مطلقاً. إن هذه عدم كفاءة متأصلة وملازمة للسوق، وهي أحد الأسباب وراء استحالة نجاح سياسة الأسواق.

إن أدبيات الاقتصاد المهني تشير لنا ما هو الذي يجب أن يكون واضحا، أن التدفق الحر لرأس المال يخلق ما يسمى أحياناً "مجلس شيوخ ظاهري" مكون من المقرضين والمستثمرين الذين يقومون باستفتاء لحظة بلحظة حول سياسات الحكومة. وإذا وجدوها غير عقلانية، بمعنى أنها تساعد الناس بدلاً من الأرباح، فإنهم يصوتون ضدها من خلال هروب رأس المال ومن خلال الضرائب المفروضة على الدولة وهكذا. بالتالي فإن الحكومات الديمقراطية لديها دوائر انتخابية مزدوجة، واحدة تخص سكان الدولة، والأخرى تخص مجلس الشيوخ الظاهري الذي عادةً ما يسود. أما بالنسبة للفقراء، فإن هذا يعني كارثة اعتيادية."

عرض تشومسكي مثالاً حياً على تأثير هذه السياسات على مر السنين وتداعياتها التي تتجذر في مستقبل أي دولة تقع تحت قبضتها.
قال "في الحقيقة، إن أحد الاختلافات، أحد أسباب الاختلاف الجذري بين أمريكا اللاتينية وشرق آسيا خلال نصف القرن الفائت هو أن أمريكا اللاتينية لم تتحكم بهروب رأس المال. بل إن الأغنياء في أمريكا اللاتينية بشكل عام لم يكن لديهم مسؤوليات. اقتربت نسبة هروب رأس المال من نسبة الديون الساحقة. وخلال فترة النمو الملحوظة لكوريا الجنوبية، لم يكن هروب رأس المال ممنوعاً فحسب بل كان من الممكن أن يسبب عقوبة الإعدام، وهذا واحد من العوامل الكثيرة التي أدت إلى الاختلاف المفاجئ. أمريكا اللاتينية لديها موارد أغنى بكثير من موارد شرق آسيا. من المتوقع أن تكون متقدمة أكثر بكثير من شرق آسيا، ولكنها كانت تعاني من عيب الخضوع لجناح الامبريالية."

ينتقل تشومسكي بعد ذلك للحديث عن الحروب الكثيرة حول العالم التي نتجت عن الامبريالية مشيراً إلى أن الحرب الامبريالية ضد العالم مستمرة حتى مع تغير الحكومات.

"في أفباك، أي أفغانستان وباكستان، كما تسمى المنطقة الآن، يبني أوباما سفارات جديدة ضخمة وغيرها من المرافق. كما كان الحال مع المدينة المخلوقة داخل مدينة في بغداد. وهذه ليست كأي سفارات أخرى في العالم وهي علامة على نية البقاء هناك لمدة طويلة.

إنه من غير المشجع أيضاً أن باكستان والهند تسارعان الآن في توسيع ترساناتها النووية وإن ترسانة باكستان النووية كانت قد طورت بمساعدة ريغان المصيرية. أما برنامج الأسلحة النووية للهند فقد حظي بضربة قاسية من الاتفاقية النووية الأخيرة بين الهند والولايات المتحدة. وإنها أيضاً ضربة قاسية لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي. فقد اقترب البلدان كثيراً ولمرتين من حرب نووية في كشمير كما أنهم مرتبطون بنوع من الحرب بالوكالة في أفغانستان. هذه التطورات تفرض تهديداً خطيراً جداً ضد السلام العالمي وحتى ضد البقاء الإنساني، هناك الكثير لقوله حول هذه الأزمة، ولكن لا وقت لدينا هنا.
لنفرض أن الأمريكيين قبل 50 عام كانوا مخيرين بين توجيه قيمة الضرائب التي يدفعونها لتطوير التكنولوجيا حتى يتمكن أحفادهم من امتلاك آي بود وانترنت وبين وضع نفس القيمة لتطوير نظام اجتماعي اقتصادي مستدام، ربما كانوا سيفضلون الخيار الأخير ولكنهم لم يمتلكوا الخيار. الآن هذا الوضع هو المعيار الطبيعي. هناك فجوة كبيرة بين الرأي العام والسياسة العامة بما يتعلق بجملة من القضايا الرئيسية، داخلية وخارجية، وإن الرأي العام، على الأقل بتقديري أنا، في الغالب هو الأكثر عقلانية. كما أنه يميل لأن يكون هو العنصر الأساسي إلى حد ما، مع مرور الوقت، وهذا أمر مدهش للغاية لأن الهموم والتطلعات العامة، هذا إن تم ذكرها، يتم تهميشها والسخرية منها.
يجب أن نتذكر أن الجمهورية الأمريكية قد أسست على مبدأ أنه يجب أن يكون هناك عجز ديمقراطي. جيمس ماديسون، وهو المؤطر الرئيسي للنظام الدستوري، كان يؤمن بأن القوة يجب أن تكون في أيدي أثرياء الأمة، مجموعة الرجال الأكثر مسؤولية الذين يتعاطفون مع أصحاب الأملاك وحقوقهم.

وقد سعى ماديسون لبناء نظام حكومي من شأنه أن-كما يقول هو بنفسه-"يحمي الأقلية الثرية من الأكثرية." ولهذا السبب لم يكن للنظام الدستوري الذي أطره أي فروع تتسم بالمساواة.
كان ينبغي للتنفيذي أن يكون إداري وللتشريعي أن يكون مهيمنا ولكن ليس مجلس النواب، بل مجلس الشيوخ حيث يتم حماية القوة من العامة بطرق عدة. هنا يكون مرتَكَز أثرياء الأمة. إن هذه الحقيقة ليست مغفلة من قبل المؤرخين.
غوردت وود، على سبيل المثال، قد لخص أفكار المؤسسين بقوله "إن الدستور هو مستند ارستقراطي في جوهره، صنع خصيصا لقياس الميول الديمقراطية للمرحلة" جالباً القوة لأشخاص "أفضل" واستثناء "من هم ليسوا أغنياء أو أصيلي النسب أو بارزين من خلال ممارستهم للقوة السياسية."
في تاريخ أمريكا كان هناك على الدوام نضال متواصل ضد هذا النموذج الديمقراطي المتكلف. وقد انتصرت النضالات الشعبية بالكثير من الحقوق.
بحلول الحرب العالمية الثانية. كان هناك تغيير هام. فقد لاحظ قادة الشركات والمفكرون النخبة أن الشعب قد انتصر بحقوق كافية كفيلة بعدم القدرة على التحكم به بالقوة. لذا كان من الضروري القيام بشيء آخر، بمعنى الانتقال إلى التحكم بالمواقف والآراء. هذه الأيام التي نشأت فيها صناعة العلاقات العامة الواسعة في أكثر بلاد العالم حرية، بريطانيا والولايات المتحدة، حيث كانت المشكلة أكثر تعقيداً.
في الواقع إن ما يراه الغرب على أنه أزمة، أي الأزمة المالية، من المحتمل أن يتم ترقيعها الآن بشكل أو بآخر، مع إبقاء المؤسسات التي كانت سببا رئيسيا لها ثابتة كما هي."

بعد ذلك، ينتقل تشومسكي إلى ذكر قضية كثيراً ما تم تهميشها، وهي الأزمة البيئية. ويشير في هذا الصدد إلى أهمية البحث في هذه الأزمة وخطورة عدم الاهتمام بها. فهذه الأزمة، على خلاف الأزمات الأخرى، هي أزمة تتعلق بالبشرية بأكملها بغض النظر عن النفوذ أو القوة أو الثراء أو الطبقة أو البلد، هي أزمة الإنسانية.

قال تشومسكي "هناك أزمة أكثر شدة بكثير حتى بالنسبة للأغنياء والأقوياء. وقد نوقشت في ذات العدد من صحيفة نيويورك ريفيو الذي ذكرته سابقاً. فقد حذر هذا الكاتب على مدى سنين من الأثر الأليم للاحترار العالمي (ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية). ومقاله الحالي، الذي يستحق القراءة، يعتمد على تقرير ستيرن البريطاني الذي يُعتبر الآن كالمعيار الذهبي. على هذا الأساس، وليس بشكل غير واقعي، يستنتج الكاتب أن عام 2009 قد يصبح العام الفاصل في علاقة الإنسان بأمنا الأرض. والسبب هو أن هناك مؤتمر في كانون الأول في كوبنهاغن يفترض أن يقر نظام عالمي جديد حول الاحترار العالمي. ويقول "إنه سيختبر إذا ما كانت أنظمتنا السياسية ترتقي إلى مستوى التحديات غير المسبوقة التي يمثلها التغير المناخي أمامنا." ويظن الكاتب أن الإشارات "مشوشة"، وبالنسبة لي فإن هذا التوقع متفائل إلا إذا كانت هناك حملة جماهيرية ضخمة من أجل تجاوز إصرار مدراء قطاع دولة الشركات على تفضيل الربح قصير الأمد للقلة القليلة، على أمل أنه قد يكون لأحفادهم مستقبل كريم.

قبل بضعة أيام، قامت مجموعة من علماء الإدارة المعلوماتية بنشر نتائج ما وصفوه بـ"النموذج الأكثر شمولا حول كمية السخونة التي قد يصل إليها مناخ الأرض خلال هذا القرن." ويظهر أن "من دون عمل سريع ومكثف، ستتضاعف خطورة المشكلة مقارنة بما تم تقديره سابقاً" قبل عدة أعوام. وقد يكون أكثر خطوة من ذلك لأن نموذجهم لا يدرج كلياً إحصائيات ايجابية من الممكن أن تحدث. يقول قائد المشروع "من غير الممكن ومن غير المفترض أن يخوض العالم مثل هذه المخاطرة، فإن أقل ما يمكن فعله لتخفيض المخاطرة هو البدء فوراً الآن وباطراد بتحويل نظام الطاقة العالمي خلال العقود المقبلة إلى تكنولوجيات ينخفض أو ينعدم فيها انبعاث غازات الاحتباس الحراري." وليست هناك بوادر كثيرة تشير لاقتراب تحقق هذا الأمر."
بعد أن عرض تشومسكي أهم المخاطر التي تواجه الإنسانية وعلاقة بعضها المباشر بالممارسة الامبريالية، يشير إلى دور الإنسان في مواجهة هذه المخاطر والذي نجحت الامبريالية في تجنبه بأساليب عدة.

"لم يلعب الجمهور أي دور تقريباً، غير الاختيار ضمن الإطار الضيق من الخيارات المطروحة من قبل مدراء دولة الشركات. تم دعمها بحملات ضخمة من أجل "تلفيق" المستهلكين بـ"احتياجات مصطنعة"-بحسب مصطلحات فيبلين. وإن إحدى النتائج هي انحلال المجتمع ووقوع الأفراد المعزولين بفخ الديون الكبيرة. وقد خرجت هذه الجهود من الإدراك، الذي ذكرته سابقاً، الذي كان قبل قرن من الزمن بأن الانجازات الديمقراطية يجب أن يتم تقليصها من خلال تشكيل المواقف والمعتقدات، بالشكل الذي يضعه إعلام الشركات، موجهاً الناس لأمور ظاهرية وسطحية في الحياة، مثل مستهلكات الموضة. كل هذا ضروري لضمان حماية الأقلية الثرية من الآخرين الجاهلين والمتطفلين، أي السكان.
دعوني أضف ملاحظة شخصية على هذه الفكرة. أتيت إلى هنا هذا المساء عبر الآسيلا، تكنولوجيا القطارات عالية السرعة كما تعلمون. كانت المرة الأولى التي آتي بها من بوسطن إلى نيويورك قبل 60 عام. وقد كان التقدم منذ ذلك الوقت: أنه 5 دقائق أسرع اليوم مما كان قبل 60 عام.

في الوقت الذي كانت فيه دولة الشركات تروج بقوة لخصخصة الحياة وأقصى قدر ممكن من هدر الطاقة، كانت في الوقت ذاته تقوض الخيارات الفعالة التي لا يوفرها ولا يمكن أن يوفرها السوق. وإن هذه عدم كفاءة أخرى مدمرة وملازمة لسياسة السوق. لتبسيطها، إذا أردت أن أعود إلى المنزل من العمل في المساء، يسمح لي السوق بخيار بين، لنقل، فورد وتيوتا، ولكنه لا يسمح لي بخيار بين السيارة والمترو، الذي قد يكون بلا كفاءة أكثر بكثير. إن هذا خيار اجتماعي. وفي مجتمع ديمقراطي، يعود القرار لجمهور منظم. ولكن هذا تحديداً ما يسعى هجوم النخبة ضد الديمقراطية إلى تقويضه.
إن قرار دولة الشركات ليس له أي علاقة بالنظرية الاقتصادية.

في الأيام الأولى من الثورة الصناعية في انجلترا، كان العمال يعتبرون أن فكرة أحقية من يعمل في المعمل في امتلاكه على أنها مسلّمة. واعتقدوا أن العمل المأجور يختلف عن العبودية فقط في أنه مؤقت. ولكن الكثير من الجهود أطلقت لإخراج هذه الأفكار من عقول الناس. وقد يبدو أنها نجحت، ولكن لا أظن أن عليكم التعمق كثيراً لتكتشفوا أن هذه الأفكار لا تزال كامنة ويمكن إعادة إحيائها.
وأظن أن الوقت الحالي هو وقت ملائم لإحياء هذه الأفكار والجهود المضادة، رغم أنها ضرورية-ويجب أن نقوم بها-من أجل التغلب على آثار هذه الحملة التي تهدف إلى إخراج تاريخنا وحضارتنا الخاصة من عقولنا."

يقول تشومسكي بعد كل ما قدمه من تفصيلات وتحذيرات من خطورة الاستمرار في الوضع ذاته، إن هناك أهداف قصيرة الأمد وطويلة الأمد. وينبغي البدء في السعي إلى تحقيقها للوقوف في وجه كل هذه المخاطر.

"إن كل ما ذكرته هو مجرد نبذة قصيرة عما يجري الآن، وكله يشدد على أهمية استراتيجيات قصيرة وطويلة المدى من أجل بناء-أو إحياء-أساسات مجتمع ديمقراطي فاعل. وإن أحد الأهداف قصيرة المدى هو العمل على إحياء حركة عمالية مستقلة وقوية. كانت في أوجها أساس حاسم لتقدم الديمقراطية والحقوق الإنسانية والمدنية. وهذا هو السبب الرئيسي لتعرضها إلى هجوم متواصل في السياسة والدعاية."

واختتم تشومسكي خطابه بالقول "الآن، من بين كل الأزمات التي ابتلينا بها، أظن أن إحساسي الخاص يقول إن هذه الأزمة المتزايدة التي تتعلق بالعجز الديمقراطي قد تكون الأكثر شدة. إلا إذا تم عكسها، وقد تكن توقعات أرونداتي روي في محلها، وليس في المستقبل البعيد: إن عملية تحويل الديمقراطية إلى مسرحية يكون فيها الجمهور عبارة عن مشاهدين قد تؤدي لا محالة إلى-ما تسميه "نهاية اللعبة للجنس البشري."



#فنزويلا_الاشتراكية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة الفنزويلية باتجاه الوحدة لتقديم بديل للثورة الاشترا ...
- سكان البيرو الأصليون ينتصرون بصدور عارية
- مجلس الأمم المتحدة يبحث حقوق الإنسان في كوبا
- فيديل: انتصار للعالم الثالث
- الألبا تحتفل باستقلال فنزويلا بانضمام الإكوادور
- انقلاب عسكري يوجه ضربة للديمقراطية اللاتينية
- فيديل كاسترو: عشر سنوات من التعليم والتعلم
- الرئيس إيفو موراليس ينتصر في محاولة لاغتياله
- تصويت للاشتراكية من جديد في الإكوادور
- الرئيس تشافيز: ما من ثورة بدون الطبقة العاملة
- دبلوماسية فنزويلا تفرض نفسها في قمة الأمريكيتين
- شون بن: ابتسامات للمتكلفين
- تشي....ثورة حمراء في فيلم سينمائي
- الثورة..نقص السلع والحل الجذري
- وزير التخطيط الفنزويلي: الاشتراكية انبثقت من الندرة
- فيديل كاسترو: يوم فقراء العالم
- الرئاسة لليسار السلفادوري والتحديات شديدة التعقيد
- الكاراكاسو تعود للحاضر بذاكرة لم تنس الجريمة
- المرأة الفنزويلية والمرحلة الثالثة من الثورة الاشتراكية
- فيديل كاسترو: أنباء من بوليفيا


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فنزويلا الاشتراكية - نعوم تشومسكي: الأزمة والأمل..أزمتهم وأزمتنا