أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - رحلة العمر 1 ( قصة قصيرة )














المزيد.....

رحلة العمر 1 ( قصة قصيرة )


زياد صيدم

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 07:22
المحور: الادب والفن
    


حلقة 1
هو: فكر في صنع آلة لغرض ما في نفسه؟ مرت عليه سنوات وما يزال عاكفا على تنفيذ فكرته بصبر وأناة وإرادة.. عبقرية منقطعة النظير وان كانت غريبة الأطوار سيذكرها التاريخ على مر الأجيال.. انحدرت من دراسات معمقة وأبحاث افني جل شبابه على وضعها وبلورتها عمليا.. كان كلما مر عليه نفر سأله: لما هذا الشيء المهول الذي تصنع؟ لغرض ما في نفسي..كانت إجابته ويضيف: ستعلمون لاحقا عند انتهائي من بنائها!

هم: يتبادلون الحديث عنه ليلا ونهارا.. حتى أصبح شغلهم الشاغل ..لقد أصاب عقله هوس من جنون.. لم يستبينوا طبيعته بعد؟ لكنهم تأكدوا وبالغوا الثرثرة عنه في مجالسهم.. حتى غزا حديثه عقر قلاعهم الحصينة، داخل جدرانهم المغلقة وعلى أسرة نومهم!.

هي: كانت تضحك مرة، وتبكى عشرات المرات.. لكن ما باليد حيلة..جملتها التي تكررها على نفسها.. فقد صدقت كلامه من كثرة ما كان يقنعها بمنطق لا يحتمل الهزل ..حتى أنهم تهامسوا عليها بالجنون تماما كزوجها.. لولا اعتراض النسوة على اتهاماتهم لها.. لأصبحت مضغة يعلكونها بألسنتهم التي تشبه المنشار.. كانت زوجته تحتمل الغمز واللمز والسخرية صابرة.. فلا غير الصبر لها.. قبل أيام زف إليها بشرى سعيدة.. عندما عاد من مزرعته حيث نصب فيها ورشته: الحفار يوشك أن يجهز لرحلة العمر!.. وسيكون حديث الأجيال لعدة قرون..قالها مزهوا بما أنجزه.. متفائلا بتحقيق أمنياته؟ واثقا من قدراته وعلمه وأبحاثه التي أمضى سنين طويلة عاكفا عليها لا يكل ولا يمل .

نحن: لا يسعنا إلا الانتظار.. حتى يحين الميعاد المرتقب.. فنحكم على الأمور من حيث صدقها من عدمه.. وحتى نقيم مدى ما ذهب إليه عقله المجنون !أحقيقة أم خيال ما يفعله ؟ أوهى مجرد أوهام عصفت بعقله؟ فاردته في غياهب مظلمة من عبقرية العظمة المفقودة !.

هو: يستمر في آخر أيامه بالعمل ليل نهار..وقد ضاعف من جهده.. واستقدم صبية ورجالا من أصحاب الحرف المختلفة.. كان يدفع بسخاء أجورهم ليساعدونه في تركيب تلك القطع الثقيلة العجيبة.. لقد شارف على الانتهاء.. و حدد يوما معلوما لبدء رحلة المستحيل.

هم: يتجمعون .. يتنادون فيما بينهم.. يزحفون من كل الأعمار.. تزدحم الطرق المؤدية لمزرعته .. حيث يصادف اليوم ميعاد التجربة المنتظرة من سنين أمام عيون الجميع.. وستكون الحقيقة ماثلة أمام عيون الأشهاد من أهل بلدته والبلدات المجاورة، فقد ذاع صيته وانتشرت أخباره..

هو: انتهى من آخر استعداداته.. دخل إلى كبينة القيادة، بعد أن لبس ملابس خاصة، صممها بنفسه ،فكل شيء من تفكيره وعلمه ودراساته عبر سنوات مرت متباطئة..نظر إليها مستبشرا.. وسط ذهول من الجميع .. كان فرحا، منتشيا، واثقا من صنع يديه وابتكار عقله .

هي: بادلته نظرات حائرة ، وقد اغرورقت عيناها بدموع غزيرة..لم تتبين طبيعتها فى تلك اللحظات.. أهي دموع الفرح أم دموع الفراق.. عبرات تنهمر على صحن خدها الذي تيبس.. لقد نسيت أنوثتها منذ أن بدأ في انجاز تلك الآلة اللعينة..دموع حجبت تساؤلات كبيرة، كانت من حقها عليه.. لكنها استطاعت إخفاؤها طيلة تلك السنوات.. فقد كانت تحبه وما تزال على عهدها ووفائها له.. وسط تكذيب عقلها عن التصديق بان لحظات كهذه قد تكون يوما ما حقيقة واقعية!..وها قد جاء اليوم المحتوم ..

جففت دمعها وابتسمت له، ثم أشاحت بوجهها إلى حيث الجموع الغفيرة المحتشدة ونادت: اليوم تكون الحقيقة.. فانتظروا معي ما كنتم تكذبون زوجي.. أرادت أن تعطى أملا وثقة بقربها من زوجها حتى آخر اللحظات الحرجة..وإيصال رسالتها لزوجها المغادر إلى حيث المجهول؟ بأنها كانت وما تزال، مثال الزوجة المحبة والمخلصة والصابرة..

هم : هللوا.. تعالت أصواتهم.. تحول المكان إلى صخب وضجيج، وبدأت همهمات الرجال وتعالت زغاريد النساء ؟ همس احدهم متسائلا: على ماذا تزغرد نساءنا الحمقاوات ؟ ثم انفجرا يقهقهان بأصوات عالية..تاهت في غبار الرمال، وهدير الجموع، وزغاريد النسوة .

هو: أغلق كبينة القيادة بإحكام على نفسه، وأدار مفتاح التشغيل للحفار !!...
- يتبع -

إلى اللقاء في الحلقة القادمة.



#زياد_صيدم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديق الأسرة ! (قصة قصيرة )
- حظوظ عرجاء !! (ق .ق. ج)
- س. ص ! (قصة قصيرة)*
- غزة.. دخان يا كييفي الدخان
- ومضات غزلية (ق. ق.ج)
- حكايات من طوكر!(ق.ق.ج)
- ابتسامات ما بعد الموت ! (قصة قصيرة)
- لحى.. ولكن! ( ق. ق. ج )
- صخب الموانئ 12 (الأخيرة).
- صخب الموانئ 11
- رهان مع الشيطان 3.
- ثرثرة فلسطينية قبل القمة العربية
- صخب الموانئ 7،8
- رهان مع الشيطان 2 .
- صخب الموانئ 2،3
- قصص معنونة .( قصيرة جدا )
- سقوط الأقنعة !( قصص قصيرة جدا ).
- صخب الموانئ 5 .
- تحت ظلال القمر..!! (ق. ق.ج)
- تصورات لقطاع غزة بعد 25/1/2010.


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد صيدم - رحلة العمر 1 ( قصة قصيرة )