أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - النهر الخالد ولعنة الأشاوس















المزيد.....

النهر الخالد ولعنة الأشاوس


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 2993 - 2010 / 5 / 2 - 20:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هو أمر يفوق كل طاقة للاحتمال والصبر وضبط الأعصاب، أن تنتقل "لعنة الأشاوس" من القضية الفلسطينية، ومن تهويمات السياسة الخارجية المصرية، التي تطلق عليها ما لو غباراً أسود يحجب الرؤية ويخنق الأنفاس، إلى قضية مصيرية تهدد وجود مصر وشعبها على هذه البقعة من العالم.
لعنة العداء لما يسمى الصهيونية والإمبريالية الأمريكية، والتي يتخيل الأشاوس عفريتها يظهر لهم في كل خرابة في أنحاء حياتنا العامرة بالخراب. . ندير ظهورنا لأخطائنا وخطايانا ازاء كل ما يلم بنا من نكبات وكوارث، ونتفرغ للشجب والتنديد بالشيطان الأكبر وربيبه الشيطان الأصغر، الذين لا هم لهما إلا الكيد لنا، وإحباط سعينا المزعوم نحو تطور نعاديه، ونحو نجاح لا نمتلك أياً من مقوماته.
قلنا نُصَبِّر أنفسنا، وهم يعوقون بتهوساتهم سعي الإدارة المصرية نحو سلام المنطقة وحل القضية الفلسطينية، أن تأثيرهم الحقيقي على السياسة المصرية محدود، وأن السياسة الخارجية المصرية بطبيعتها عرجاء، ولن يفرق كثيراً في خطواتها إصابتها بالمزيد من الإعاقة!!. . وقلنا مداً لحبال الصبر إلى منتهاها أنه لابأس من قليل إضافي من الأضرار التي تلحق بحل مأمول للقضية الفلسطينية بسبب هلوسات هؤلاء الأشاوس، مادام أصحاب القضية أنفسهم يستمرؤون بقاء تلك القضية معلقة أبد الآبدين، ليمارسوا على شطآنها النحيب والولولة وابتزاز الدولارات، ولو تضررت شعوب الجوار والعالم أجمع من هذا الوضع أضعافاً مضاعفة لما يتضررونه هم بالفعل!!
لكن أن يمتد الضباب الأسود الذي تنفثه أقلام وحناجر الأشاوس إلى قضية محورية لا يدانيها لدى الشعب المصري أهمية وهي قضية مياه النيل، فهذا أمر لا يحتمل الصبر أو الصمت، خاصة بعد تفاقم انعدام التفاهم الخطير بين دولتي مصب النيل مصر والسودان من جانب، وبين دول المنبع من الجانب الآخر، ووصل الحال إلى انصراف تلك الدول المصحوب بتهديد بقيامهم بتوقيع اتفاقية بين الدول المنبع حول نهر النيل، دون اعتداد بموقف دولتي المصب.
القضية هكذا لا تحتمل الهزر ولا الزيغان والمزايدات والمتاجرات التي احترفها الأشاوس، كما لا تحتمل القعود عن السعي الجدي للعثور على حلول علمية وعملية لها، والاكتفاء بإلقاء التبعة واللوم والشجب والتنديد على شماعتنا الأثير المعتادة، وهي مؤامرات إسرائيل وأمريكا، أو ما نرمز له أحياناً "بالأيدي الخفية"، التي هي خلف كل ما نرزح فيه من بؤس وفشل، أو كل ما نواجهه من مشاكل، نعجز ونعزف عن التعامل العلمي والواقعي معها، مفضلين الفرار من مواجهة الواقع، لنضيع في أوهام التآمر على "أمة سخرت من جهلها الأمم"!!
عذراً إن كانت نبرة الانفعال هي المسيطرة على هذه السطور، فعلاوة على حيوية الأمر وخطورته البالغة، فلقد استفزني أيما استفزاز أن أستمع يوم الاثنين 26/4/ 2010 إلى حديث تليفزيوني للسيد/ الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني يتناول هذا الموضوع، لأستيقظ في صباح اليوم التالي، لأطالع مقالاً لكاتب نكن له كل الاحترام والتقدير، نشره في جريدة مستقلة شهيرة، يتناول فيه ضمن ما تناول هذا الموضوع. . شتان بين المعالجتين، معالجة السياسي السوداني الذي وإن كانت بلاده تعتمد على نهر النيل، إلا أنه على الأقل هناك أمطار تسقط على السودان، ولا تعتمد مثل مصر تماماً على النيل، وبين معالجة الكاتب الجليل رئيس تحرير جريدة لها احترامها في عالم اليوم، وربما هذا هو ما يجلب الحزن أو حتى اليأس حقيقة، أن تردد مثل هذه الشخصية الجليلة بحق تلك الترهات، وتدرج نفسها ربما بلا وعي ضمن قائمة الأشاوس، أو على الأقل ضمن ضحاياهم، وهو أمر لا يغتفر لكاتبنا الكبير بالتأكيد!!
بالطبع موضوع نهر النيل والاختلاف بين دول حوضه والمقاربات العلمية لإحلال التوافق عوضاً عن الخلاف، ليس مجاله هذا المقال، وسوف نعود إليه فيما بعد بالتأكيد، مستعينين برؤى العلماء والخبراء المتخصصين في هذا المجال، والذين لا يجدون لأفكارهم ورؤاهم العلمية المخلصة للعلم وللوطن مجالاً في وسائل إعلامنا مدمنة التهييس والهتاف والصراخ. . لكننا نكتفي هنا مؤقتاً بإبراز الاختلاف في المنهج وأسلوب التفكير، بين السيد/ الصادق المهدي، وبين كاتبنا الكبير، الذي آثرت ألا أذكر اسمه صراحة، خشية أن أسبب له ألماً شخصياً وذاتياً، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يهدف إليه كاتب هذه السطور في معالجة أي مما يتناوله من قضايا!
جاءت مقاربة كاتبنا لتركز على أهمية الخلاف القديم الذي تفاقم حديثاً بين دول المنبع ودول المصب، وتشير لتقاعس الدولة المصرية عن التصدي لحل هذه الإشكالية، وهذا جميل بلاشك، لكن رؤيته للأمر والمتوافقة مع رؤية السيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، كانت تحذيراً من خطورة الاندفاع وراء "ادعاءات زائفة لا أساس لها من الصحة تروجها أيد خفية فى بعض دول المنبع". . هكذا دفعة واحدة تم وصم موقف دول المنبع بأنها " ادعاءات زائفة"، وأن هذه الدول ألعوبة "أيد خفية"، ليكون علينا بعد ذلك كما جاء في مقال صاحبنا أن ندير ظهورنا لتلك الدول ولما تقول، وأن نتحول مباشرة لسؤال: " كيف نواجه "مؤامرات" هذه "الأيادي الخفية"؟". . ولا يفوت المقال بالطبع أن يضع النقط فوق الحروف، وكأننا لا نعرف جيداً شماعتنا الأزلية الأبدية، فيؤكد "وهذه الخطط الأمريكية والإسرائيلية لم تكن خافية"، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
نأتي الآن إلى مقاربة السيد/ الصادق المهدي، والذي ظهر جلياً خلال الحديث الذي تناول شئون السودان في جوانب شتى، مدى ما يتمتع به الرجل من عقلانية وقدرة على التحليل والرؤية الثاقبة الحداثية للعالم ولأحوال بلاده المضطربة في جميع جوانبها، ما جعلني لا أتمكن من منع نفسي أثناء حديثه، من إجراء مقارنة بين شخصية وعقلية هذا الرجل الذي يبدو في مظهره في منتهى البساطة، وبين رموزنا المصرية سواء داخل الحكم أو خارجه!!
قال الرجل بكلمات بسيطة وحاسمة كحد السيف: ما يقال عن مؤامرات خارجية حول حوض النيل هو محض كلام فارغ، والحقيقة أن دول المنبع لديها مشكلة مياه، وعلينا أن نشكل لجنة من "القديرين" في مصر والسودان، لكي نتفاهم معهم، ونصل إلى الحلول والتصورات التي تريح الجميع!!
كلمات بسيطة ومؤثرة بعقلانيتها وإخلاصها، لأعود وأسائل نفسي، أين نحن في مصر من هذا المنهج البسيط، ونحن ببساطة أيضاً نفتقد لكل من العقلانية الإخلاص؟!!
مصر- الإسكندرية



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الخلطة والخلطبيطة
- حكاية -عبد المعين-
- البرادعي والجماهير سابقة التجهيز
- دائرة الإيمان وما حولها
- ماذا تريد جريدة المصري اليوم؟
- مفهوم المواطنة على المحك
- خربشات طفولية- 2
- الديموقراطية منهج حياة
- كن ليبرالياً ودعني أقتلك
- العنف المقدس وإرهابي طائرة الرئيس
- بيان للتوقيع من علمانيين مصريين
- خربشات طفولية- 1
- بيان علمانيين أقباط- مازال مفتوحاً للتوقيع
- أجنحة الغياب- قصة قصيرة
- تغيير أم صراع على السلطة؟
- عندما يتناقض الدستور
- ثقافة الصدام المنقرضة
- البلطجة باسم الإله
- نحن والوطن
- الإخوان واستراتيجيتهم الحربائية


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - النهر الخالد ولعنة الأشاوس