أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ناصر موحى - بوكرين الصعلوك ...إلى الجحيم !!














المزيد.....

بوكرين الصعلوك ...إلى الجحيم !!


ناصر موحى

الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 08:47
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ثلاثون دقيقة قبل منتصف نهار يوم الإثنين 05 أبريل . يبدو اليوم عادي كباقي أيام الوطن الرتيبة , لكن لون الحداد يلف قمم جبال الأطلس الشامخة . تحركت الهواتف بشكل لافت بين العاصمة الرباط ولؤلؤة الأطلس مدينة بني ملال . بدأت التقارير الأمنية تهطل على أقسام المسؤولين بمختلف الأجهزة المرابطين في مكاتبهم المكيفة بالإدارات والثكنات المركزية حول حدث كان ينتظره صناع المصائب المغربية بفارغ الصبر منذ خمسين سنة خلت .
بعد نصف ساعة من الإنتظار بأعصاب غاية في التوتر , رن هاتف الضابط في الإستعلامات العامة. ما أن لمح رقم هاتف رئيسه في العاصمة حتى أخذت القفقفة تستولي على جسده النحيل و كاد يضغط على زر الإغلاق من فرط الإرتباك :
"ألو ...سيدي الرئيس ...المعذرة عن الإزعاج .."
بنبرة سلطوية فظة يقاطعه رجل الرباط الهام جدا :
"ماذا هناك...؟ هل سويت بني ملال مع الأرض حتى تستعجل سكرتيرتي الخاصة على الإتصال بي وأنا في اجتماع هام ؟"
"المعذرة مون جنرال لقد توفي عجوز النحس والمصائب المسمى محمد بوكرين منذ نصف ساعة بالضبط و..."
"ماذا ؟ هل قلت محمد بوكرون بنفسه ؟ هل أنت متأكد ؟ هذا الرجل له عشرة أرواح كلما حاولنا قتله إلا ونهض من رماده كالعنقاء أكثر توحشا .
"نعم سيدي هو صعلوك تاكزيرت المعلوم "
"قلت مات منذ 30 دقيقة ولم تخبرني حتى الآن يامعتوه ؟"
"لكن... سيدي ...حاولت مع السكرتيرة لكنها طلبت مني أن أنتظرحتى انتهاء إجتماعكم ."
"كم أنت غبي ! كان عليك أن تتصل بهاتفي الخاص , مثل هذا الخبر لايقبل الإنتظار ولو لدقيقة . من المفروض أن أعرف حالته قبل أن يلفظ آخر أنفاسه لكي اكون أول من يزف بشراه لسيدي ومولاي . قل لي كيف هي الأجواء هناك في حيه وهل اتخذتم كل الإحتياطات الأمنية الضرورية ؟"
"الوضع هادئ سيدي وحيه يبكيه وبدأ أقاربه ورفاقه يتوافدون على المنزل و..."
إسمع جيدا , ضعوا كل عناصرنا السرية والعلنية في حالة تأهب قصوى . أريد تفاصيل كل شئ بدقة متناهية . عدد الزوار بأسماءهم ومهنهم وعناوينهم وارتسامات الناس عن موته , المهم كل شئ بالتفصيل الدقيق . هذا الرجل كان كابوسا دائمالأجهزتنا لعقود من الزمن ولاأريد أن يبقى كذلك في موته , ليدفن كالكلاب الضالة... ممنوع حضور أي قناة تلفزيونية عمومية لتصويره , لكن تصرفوا بليونة وحذر كي لاتكون جنازته حدثا إعلاميا آخر."
"أوامرك سيدي . استقينا كذلك معلومات من هواتف مقربيه تفيذ أنهم يفكرون في نصب تمثال تذكاري له في مكان ما ربما في قريته أو.."
" إديروا ليه الضريح لواه ! حتى مايبقى المخزن فالبلاد . هاذ الموضوع سنتركه لإسلاميينا وعلماءهم كما العادة ليفتوا بحرمان نصب تماثيل للموتى وهم أكفأ منا في مواجهة مثل هاته النوازل دون تدخلنا . يالله ديروا شغلكم ونحن سنشرب الأنخاب هاته الليلة بالخبر السعيد وليذهب بوكرين او بوكرون إلى الجحيم "

رحل إذن تشي جيفارا المغربي الذي ظل إسمه ولنصف قرن يتردد في أقبية مختلف الأجهزة القمعية كلما وقعت محاولة لزعزة كيان النظام المغربي السمسار . لم يترك شكلا نضاليا إلا وجربه مع رفاق يركبون وآخرون ينزلون سفينة التحدي والمواجهة , حمل الشعارات وهموم الفقراء وشارك في تأسيس إطارات نقابية وسياسية وحقوقية . إعتصم وأضرب عن الطعام وعن الطاعة والخنوع بل وحمل السلاح في وجه الفرنسيين صغيرا بأياد سوداء سنوات الخمسينات وفي وجه خدام الفرنسيين بأياد حمراء سنوات الغازات و الرصاص المصبوب . وفي كل صرخة الثائر بوكرين يتبعها سجن وتعذيب وترهيب , لكنه يخرج دئما كما البطل الأسطوري أكثر قوة وإصرار . من أين كل هذا العناد والشموخ وقوة التحمل في وجه نظام لم يترك وسيلة تعذيب إلا وجربها من نزع الأظافر وقلي الأرجل وقطع الأعصاب واغتصاب الجسد والذاكرة وتذويب العظام وخنق الأنام ؟؟ كيف لم تتزعزع مواقفه البطولية قيد أنملة في وقت التراجعات المهينة وشراء الذمم بالجملة والهرولة لأكل أموال الوطن باسم الدفاع عن الوطن وباسم الإنصاف القسري والمصالحة الأحادية لطي صفحات الحاضر والمستقبل وهو المطرود من عمله منذ عقود ودون عمل قار؟
وحدها جبال الأطلس التي ترعرع وسط حضنها وصلبت عوده تعرف كيف تصبح صنديدا وشامخا ومتواضعا .
لقد كان الراحل سي موح بوكرين ضحية لنظام الملك محمد الخامس وابنه الحسن الثاني وشاهدا على دموية تلك الفترة برمتها فكانت حياته تعكس تاريخ المغرب منذ مؤامرات الإستقلال المجهض . ومع دخول القرن الواحد والعشرين ورحيل الحسن الثاني تعرض المناضل اليساري لنزيف دماغي خطير صارع فيه الموت لعشرين ساعة وهزمه لأنه أحس بذكائه المعهود أن دوره لم ينته , خاصة عندما خرج ملايين المغاربة تهلل بسذاجة لانبلاج فجر الحرية والديمقراطية مع زوال ملك ومجئ ملك . لم يخطأ إحساسه فلم تمر سوى سبع سنوات عجاف من حكم محمد السادس حتى وجد تشي موح بوكرين نفسه ضيفا على سجاني القهر الجديد وهو في الثانية والسبعين من عمره . ليحصد كل الألقاب والأوسمة الشرفية !
معتقل كل ملوك مابعد خيانة إكس ليبان!!
أطعن شيخ معتقل في عهد حكم ملك شاب !!
أحد أنظف سياسيي المغرب المعاصر .
أحد القلائل الذين شاركوا في تأسيس أولى الأحزاب والنقابات والجمعيات الحقوقية المغربية وناضلوا فيها حتى الرمق الأخير دون أن يهرولوا للحصول على القيادات والزعامات ...
ثم إنه الوحيد الذي دخل الأيادي السوداء مراهقا من اجل الإستقلال ...ليدخل بعد 57 سنة كهلا لغرفة السجن السوداء من أجل نفس المطلب ... الإستقلال !!!
لقد عاش سي موح بوكرين مناضلا شريفا وعفيفا حتى النهاية ليؤكد للمتشككين والمهادنين والمحبطين قول درويش أن في هذه الأرض مايستحق الحياة .
لقد ناضل بوكرين واصر على الحياة طويلا ليخبرنا أن الطغاة إذا حكموا وطنا جعلوا أحرارها عبيدا ورعايا وانتزعوا ارضا وزرعوها قهرا وسبايا وكذلك يفعلون .
حقا لقد صدقت ....ليس في القنافذ أملس!!
لك المجد والخلود يابطل !



#ناصر_موحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أشبه الأمس باليوم !!
- حمار وقطار يابلدي !
- وزراء دولة أم مجرد عوازل طبية !!؟؟
- مستوطنات في فلسطين ومستوطنات في المغرب ! أية علاقة ؟(1)
- حين تصبح صاحبة الجلالة جارية في بلاط -صاحب الجلالة - رشيد ني ...
- من الأشرف ياعقلاء ؟؟حجاجنا الميامين ام عاهراتنا المهجرات ؟؟!
- هكذا يكون القضاء وإلا فلا !!
- كيف يشجع النظام المغربي الإنفصال ؟ سيدي إفني نموذجا !!
- على قارعة الزمن الرديء...(4)
- شكرا لكل من ساهم في جعلنا شعبا من المتسولين !
- ماذا لو...
- 55 جثة متفحمة هي هدية الباترونا المغربية للعمال في عيدهم الأ ...
- على قارعة الزمن الردئ...(3)
- على قارعة الزمن الردئ... (2)
- على قارعة الزمن الرديء...(1)
- لاتنكسر...
- مفهوم الإستقالة في نظام ملكي كالمغرب...
- شعبك الجائع بخير مولاي...
- زعماء المركزيات النقابية المغربية في حضرة أمير الطالبان المل ...
- المغاربة بين الشدود الجنسي والشدود السياسي


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ناصر موحى - بوكرين الصعلوك ...إلى الجحيم !!