أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناصر موحى - ما أشبه الأمس باليوم !!














المزيد.....

ما أشبه الأمس باليوم !!


ناصر موحى

الحوار المتمدن-العدد: 2985 - 2010 / 4 / 24 - 02:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في نهاية القرن التاسع عشر كانت أوربا تعيش مخاضا عسيرا ومعقدا لكنه سيقلب وجه القارة العجوز ومعه تاريخ البشرية . كان الهجوم على البنيات الإقتصادية الفيودالية عنيفا وشاملا لم يترك مجالا إلا وخلخل يقينياته . مرغ الفلاسفة التنويريون أناجيل الكنيسة في برك العقل وعرضوها لشمس المنطق والتجريب . فك منظرو الإقتصاد الميركنتيلي قيود عبودية الإقطاع المأزوم الذي خلق طبقتين : واحدة أقلية تحالف فيها النبلاء والإكليروس تستحوذ على كل شئ ومعفية من أداء الضرائب واخرى مثقلة بها حد العجز تشكل اغلبية من العبيد والأقنان وتعيش على الفتات ومدعومة بطبقة ثالثة في طور التكون يشكل موظفو الدولة والمحامون عمودها الفقري وعرى خبراء السياسة الوضعيين عن مؤخرة ووجه النظام الملكي الغارق في الإستبداد ومنهج الحكم المطلق باسم شرعية التاريخ والسماء . ليخرج في الأخير شعب الرعاع إلى الشوارع . تساقطت جدران السجون ومعها أجراس الكنائس لتتهاوى أعمدة العروش بكل تاريخها الدموي وتصبح رمادا تذروه الرياح الغربية نحوالشرق حيث الأجواء مثالية لتحي عظامها (العروش) وهي رميم . بعد قرن من المخاض كانت ولادة الليبرالية كنظرية ونمط إنتاج بديل وفلسفة تقدمية لطبقة بورجوازية صاعدة أسست لمجتمع يصبح إلإنسان فيه مركز الكون بعدما حارب كل بقايا القرون الوسطى من قهر واستبداد بكل مشتقاته وأصل في تشريعاته لمبادئ حرية المنافسة والديانة والتعبير وألغى مبدأ جمع واحتكار السلط لصالح فصلها , لتقر في الأخير مبدأ الإحتكام إلى الديمقراطية كطريقة مثلى لتسيير هذا النظام السياسي الجديد . لم يمر نصف القرن حتى تخلصت أوربا من رماد التخلف وازدهرت الإختراعات والتجارة لأن الطبقة الجديدة إستثمرت في قطاعات استراتجية سرعان ما شرعت في جني ثمار وطنيتها داخليا قبل أن تتوجه إلى الخارج في شكل حملات عسكرية . فكان الإستعمار . ولإن الفاعل القوي لايكون إلا بوجود مفعول به ضعيف فقد كان باقي العالم مفعول به . لكن كيف وقع الفعل في غفلة من الجميع ولماذا مازال الفعل يفعل فعله إلى اليوم ؟
السؤال لايستمد شرعيته من كون المنطلقات كانت متشابهة لحد التماهي . لكون بنية المجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر لاتختلف كثيراعن بنية المجتمع المغربي في نفس القرن بل من التقارب الفظيع بين جوهر , وليس المظهر , بنية النظام المغربي وأشكال سيطرته في بداية القرن الواحد والعشرين ونظيرتها الفرنسية لكن في أواخر القرن الثامن عشر !! ربما استنتاج سريع ولامقارنة مع وجود الفارق . لأن صواب هذا الطرح معناه أن المغرب ومعه كل الدول التي شربت من فيروسات الإستعمار حتى الثمالة قد نامت نومة أهل الكهف ثلاثة قرون أو أنها حقنت في غفلة منها بفيروس فقدان حرية الإرادة وأصبحت ثوابت محنطة . مهما يكن فمجرد قراءة نص أدبي , فلسفي أو تاريخي عن أوضاع فرنسا ماقبل ثورة 1789 وبدون تواريخ وأسماء الأمكنة والأشخاص ستصاب بالحيرة في وضع هذا النص في سياقه التاريخي دون قلب الأرقام و الأحداث . وكثير من المعارك الفكرية والمزايدات الإيديولوجية التي يعرفها مغرب القرن الواحد والعشرين تظهر وكأن غبار الزمن نفظ عن صراعات عصر الأنوار الأوربي .
فالشاعر والمسرحي والكاتب الفرنسي الكبير موليير مثلا ألف مسرحية بعنوان "المنافق" ينتقد فيها بقوة استغلال الدين لأهداف خسيسة من خلال رجل دين حاول سرقة أموال عائلة متدينة بل و أراد الإيقاع بزوجة رب الأسرة الذي لايدخر جهدا في مساعدته مستغلا ثقته العمياء فيه كقس كاتوليكي . وفي اول عرض لها سنة 1664 م تصدت له الكنيسة مثمثلة في حركة كاثوليكية سميت "حزب المتقين " وطالبت الملك الرابع عشر بمنعها تحت ذريعة الإساءة لدين الأمة الفرنسية . نفس السيناريو لكن بأقنعة مختلفة تكرر الشهر الماضي ونحن في 2010 مع فلم سينمائي بعنوان "حجاب الحب لمخرجه عزيز السالمي . فقد وقفت جحافيل إسلاميي السياسة بالمغرب وقفة شبح واحد لمنع عرض الفلم حتى قيل مشاهدته بمبررات أن مضمون الفلم يسئ للمرأة المحجبة وهم لايدرون أن من أساء للإسلام والحجاب هم الذين جعلوا قماش الحجاب بلونه وشكله رمزا حزبيا متنقلا فوق الرؤوس . وقبله طالبوا بمنع أفلاما وكتبا وروايات بنفس المنطق القروسطوي بل وأعدموا مفكرين بجرة فتوى .

وفي منتصف القرن السابع عشر طالب مونتيسكيو وجون لوك بضرورة الإنتقال نحو دولة القوانين وذلك بفصل السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية عن بعضها البعض بعدما ظل لويس الرابع عشر يصرخ في مفكري النوار "أنا الدولة والدولة هي انا وأحكم باسم الإرادة المقدسة التي فوضتها لي السماء ". لم يدروا منظري النظام الليبرالي الكلاسيكيين أن ثلاثة قرون ستمر من تاريخ البشرية وستظل هناك شعوب سترفع نفس المطالب امام أنظمتها الإستبدادية. فمبدأ دولة الحق القانون وفصل السلط مازال حلما لدى النخبة السياسية المغربية رغم أنه مطلب إصلاحي شكلا ومضمونا . أما تقليص إختصاصات الملكية وتوضيح دور أمير المؤمنين ورئيس الدولة في أفق إعطاء مالله لله ومالقيصر لقيصر فتلك من المستحيلات .والملك كان واضحا لمن يبحث عن المسوغات في أحد خطاباته الأخيرة حين صرح بكل وضوح أن لابديل عن الملكية التنفيذية على أرض المغرب !! إوا نطحوا ريوسكم مع الحيط ..
ولكي توصل المقارنات المضحكة المبكية لقمة النشوة تكفي قراءة رواية "البوؤساء "لفكتور هيكو لتجد نفسك تتجول مع شخصياتها في شوارع البيضاء الشاسعة قلب مغرب الألفية الثالثة النابض عوض أزقة باريس القرن الثامن عشر . أما حال قراه المعزولة فسيصيب منظرها عقل كاتب فرنسا الكبير بالجنون إن لم يسكت قلبه عن الخفقان .
لكن إذا كانت وضعية فرنسا أواخر القرن الثامن عشر شبيهة لهذا الحد لوضعية مغرب القرن الواحد والعشرين فلماذا لم يفرز المجتمع المغربي طبقة متنورة وثورية تحمل على عاتقها شعار التغيير وتسرع بانهيار النظام كما حدث في فرنسا ؟ أم أن التشابه قائم بين النظامين لكن السياقات التاريخية وانساقها مختلفة تماما ؟
أسئلة مؤرقة ومشكلة لكن ملحاحية طرحها سيقود حتما لاستنتاجات مرعبة وصادمة لكنها ضرورية ...



#ناصر_موحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمار وقطار يابلدي !
- وزراء دولة أم مجرد عوازل طبية !!؟؟
- مستوطنات في فلسطين ومستوطنات في المغرب ! أية علاقة ؟(1)
- حين تصبح صاحبة الجلالة جارية في بلاط -صاحب الجلالة - رشيد ني ...
- من الأشرف ياعقلاء ؟؟حجاجنا الميامين ام عاهراتنا المهجرات ؟؟!
- هكذا يكون القضاء وإلا فلا !!
- كيف يشجع النظام المغربي الإنفصال ؟ سيدي إفني نموذجا !!
- على قارعة الزمن الرديء...(4)
- شكرا لكل من ساهم في جعلنا شعبا من المتسولين !
- ماذا لو...
- 55 جثة متفحمة هي هدية الباترونا المغربية للعمال في عيدهم الأ ...
- على قارعة الزمن الردئ...(3)
- على قارعة الزمن الردئ... (2)
- على قارعة الزمن الرديء...(1)
- لاتنكسر...
- مفهوم الإستقالة في نظام ملكي كالمغرب...
- شعبك الجائع بخير مولاي...
- زعماء المركزيات النقابية المغربية في حضرة أمير الطالبان المل ...
- المغاربة بين الشدود الجنسي والشدود السياسي
- مات الملك... ومازال أوباشه أحياء لايرزقون...


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناصر موحى - ما أشبه الأمس باليوم !!