أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر موحى - حمار وقطار يابلدي !















المزيد.....

حمار وقطار يابلدي !


ناصر موحى

الحوار المتمدن-العدد: 2976 - 2010 / 4 / 15 - 08:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل دول العالم التي تحترم الحكومات والأنطمة شعوبها وتعرف أنها مسؤولة عن أمن أفرادها في حياتهم ورفاه عيشهم لاتتخذ قرارا صغيرا كان أم مصيريا إلا بعد دراسة علمية معمقة تأخذ فيه بعين الإعتبار إمكانيات البلد الذاتية ماديا وبشريا . كما تقوم بترتيب المشلريع المبرمجة حسب ملحاحيتها بدءا بالآنية المستعجلة منها ثم المطلوبة في الأمد المتوسط وانتهاء بالمخططات ذات الأمد البعيد .هي منهجية فعالة لاغنى عنها في كل نظام يجعل مصلحة شعبه فوق كل اعتبار لأنها تضع المجتمع المعني في الصورة الحقيقية وليست المغلوطة لوضعه الحاضر وإمكانياته في مواجهة إكراهات المستقبل بكل ثقة وثبات وفعالية .
أما انعدام الرؤية وضبابيتها والإفتقاد إلى الإستقلالية في اتخاد القرارات والإرتهان على ماتجود به وماتقرره قوى خارجية وفق مصالحها فلن يفرز إلا ارتجال وخبط عشواء في كل شئ . إذ ترمى الأولويات الأساسية إلى رفوف الإنتطار وتنفذ قرارات غير ضرورية على عجل لرغبة دوائر الحسم الخارجية في ذلك ولو أدى إلى قصم ظهر الدولة وجعلها في عجز دائم . هي النتيجة والسبب في آن لهاته المفارقات الصارخة التي تكبر وتتضخم في كيان الدول التي منح لها استقلال شكلي ملغوم . هو حال المغرب وإليكم نقطة من فيض !
في فاتح فبراير 2010 ترأس ملك المغرب محمد السادس حفل التوقيع على عقد برنامج لتمويل مشروع إنجاز القطار السريع الفائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء بتكلفة ستتجاوز 2,5مليار دولار امريكي في أفق 2015 . سيكون الخبر عاد ومقبول لو تعلق الأمر باليابان أو بكوريا الجنوبية أو بالولايات المتحدة الأمريكية (هاته الأخيرة لايوجد فيها لحد الآن قطار سريع من هذا النوع !!) لكن أن ينجز في المغرب فتلك إما عبقرية خارقة أو بلادة و استهتار أخرق بموارد البلد التي لايكف" صناع " القرار عن تذكيرنا بأنها محدودة كلما طالب المغاربة بتوفير خدمات أساسية للبقاء أحياء . كيف يعقل حتى مجرد التفكير في قطار فائق السرعة( ت ج ف )و 30% من المغاربة لم يتم ربطهم بعد إما بشبكة الطرق المعبدة أو بشبكة الماء أكان صالحا أو لا للشرب و قرابة نصفهم لايستطيعون كتابة اسماءهم أزيد أوزيد ...؟
إن المتتبع لنشرات البروباكاندا الإخبارية على القنوات المغربية سيجد نفسه أمام مغربين لايجمعهما إلا الخريطة والقمع . مغرب يدشن فيه الملك المطارات والموانئ والقطارات السريعة والمركبات التجارية بملايير الدراهم ومغرب في أحسن الأحوال يدشن فيه ناديا للأطفال لن يشتغل ابدا لنقص التجهيزات أو سيارة للإسعاف ستصبح سيارة خاصة لأحد خدام المخزن وكل ذلك بجوج دريال !
مغرب تعيش فيه 10 ملايين فرد تحت عتبة الفقر معزولة في هوامش المدن المتوحشة و في قرى منسية في أعالي الجبال و في اعماق الوديان وفيافي قاسية بدون نهاية يعتقد ساكنيه أن زمن التغيير توقف مذ رحل المستعمرالفرنسي في بداية ستينيات القرن العشرين . ومغرب تتنافس فيه حفنة متعفنة من الإقطاعيين والبرجوازيين الكمبرادوريين مع أغنياء العالم حول استهلاك آخر صيحات المودا في كل شئ ماعدا المعرفة !
فماجدوى أن تسمي نفسك مغربيا وتفتخر بذلك حين تسافر من جحرك المنسي على متن حمار أو دابة أخرى لأيام للوصول لأقرب مركز للتسوق في حين أن مواطنا بنفس الهوية ويفترض أن تكون له نفس الحقوق يقطع نفس المسافة في أقل من ساعة . بل في الهواش المطلة على المدن الكبرى كالدار البيضاء وطنجة مغاربة يعيشون في الكهوف محرومين من أبسط متطلبات اللآدميين فمابالك بمن يسكنون في أقاصي بوعرفة ومحاميد الغزلان وأيت عبدي وغيرهم كثير.
كم من البرامج الأولية المستعجلة يحتاجها المغاربة قبل أن يصبح القطار السريع أولوية مطلوبة ؟ ثم من الأجدى لتحقيق تنمية متوازنة ومثمرة وشمولية ؟ هل بسير ربع المغرب بوتيرة 100 كلم في الساعة والباقي ب 10 كلم في اليوم أم بسير كل المغرب بوتيرة 50 كلم في الساعة ؟ أليس درس هذا الشتاء كافيا لإعادة النظر في الأولويات ؟
لقد عاش مغرب العمق فصلا كارثيا نتيجة غزارة التساقطات الثلجية والمطرية كانت حصيلته ثقيلة في الأرواح والممتلكات وهو جو لن يكون استثنائيا في الآتي من السنوات بسبب التغيرات المناخية التي تنذر بالأسوأ . فماذا هيأ خبراؤنا " العباقرة" لعدم تكرار ماحدث على مستوى البنيات التحتية والإنذار القبلي والتدخل الآني والبعدي ؟ لكن المتتبع لما يسمى نشرات الأحوال الجوية في وسائل البراباكاندا الرسمية سيفهم بسهولة أن حياة كحل الراس لاتساوي جناح بعوضة . في البلاد التي تأتي فيها سلامة المواطنين كأولى الأولويات تكون النشرات الجوية رئيسية وفي أوقات الإضطرابات يكون تتبعها على مدار الساعة مهما كانت صغيرة منذ بدايتها وبالكلومتر حتى النهاية . أما في بلاد الماروكان فالنشرات لم تتزحزح من مكانها ووتيرتها تماما مثل المسؤولين منذ ثمانينات القرن الماضي . حتى الجمل نفسها تتكررمن عهد "التلفزة تتحرك" كتعويذة دجال على شاكلة: ستكون الرياح شمالية شرقية إلى غربية احيانا في الجنوب ضعيفة ومتوسطة إلى قوية في البوغاز ...! وبعد أن تغرق مناطق بأسرها وتشرد آلاف الأسر يطلع أحد المذيعين بابتسامة استهزاء واستهتار موزونة بجمل من قبيل تهاطلت أمطار الخير والنماء !!
أليس تطوير علم الأرصاد الجوية مثلا لحفظ الأرواح والممتلكات أولى من ت ج ف ؟
أليست كراسي المدرسة لملايين الأميين أولى من كراسي قطار سريع قد يقع في حفرة في أي لحظة وينتهي الحلم مثلما انتهى حلم كأس العالم ؟
أليس توفير خيوط الجراحة بالمجان في المستشفيات لمقهوري الوطن أسبق من توفير خط حديدي لن يغير من الوضع شيئا بل سيفاقم الفوارق بين الجهات والمناطق؟
يبدو أن الجواب لهاته الأسئلة لايحتمل إلا أمرين لاثالث لهما :
إما أن صناع القرار السياسي في المغرب لايعرفون من خريطته سوى مثلث طنجة فاس أكادير والباقى محميات ومتاحف حية لجلب السياح تسكنها مخلوقات متوحشة . وإما أن صناعة القرار السياسي والإقتصادي الفعليين تتخذ في عواصم دول اخرى تتحكم بريموت كونترول في مصائرنا رؤساء ومرؤوسين .
وإذا كان الإحتمال الأول مستبعدا لكون معظم المتنفذين ينحدرون من مغرب الهامش ويعرفون معنى أن تكون كل شئ دون ان تملك شئ , فإن الأمر الثاني هو الأقرب للصواب خاصة إذا علمنا أن صفقة القطار السريع فوتت للفرنسيين دون أن تتبع المساطير القانونية المتبعة في مثل هكذا مشاريع لإرضائهم بعد أن آلت صفقة طائرات ف16 للأمريكيين .
وفي هاته الحالة علينا أن نكتب تأوهاتنا بلغة أخرى يفهمها أولي الأمر الحقيقيين لأن لغتينا الوطنيتين ينتهي دورهما مع أول حاجز للجمارك الإسبانية . بل وعلى كل المتوجهين في اعتصاماتهم اليومية نحو باب البرلمان و أبواب الوزارات بالرباط أن يبحثوا في حي الرياض عن أبواب سفارات دول بعينها حيث تصغي الآذان المسؤولة فعليا وحيث تتخذ القرارات التي لاتقبل النقاش ولا التأويل .



#ناصر_موحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزراء دولة أم مجرد عوازل طبية !!؟؟
- مستوطنات في فلسطين ومستوطنات في المغرب ! أية علاقة ؟(1)
- حين تصبح صاحبة الجلالة جارية في بلاط -صاحب الجلالة - رشيد ني ...
- من الأشرف ياعقلاء ؟؟حجاجنا الميامين ام عاهراتنا المهجرات ؟؟!
- هكذا يكون القضاء وإلا فلا !!
- كيف يشجع النظام المغربي الإنفصال ؟ سيدي إفني نموذجا !!
- على قارعة الزمن الرديء...(4)
- شكرا لكل من ساهم في جعلنا شعبا من المتسولين !
- ماذا لو...
- 55 جثة متفحمة هي هدية الباترونا المغربية للعمال في عيدهم الأ ...
- على قارعة الزمن الردئ...(3)
- على قارعة الزمن الردئ... (2)
- على قارعة الزمن الرديء...(1)
- لاتنكسر...
- مفهوم الإستقالة في نظام ملكي كالمغرب...
- شعبك الجائع بخير مولاي...
- زعماء المركزيات النقابية المغربية في حضرة أمير الطالبان المل ...
- المغاربة بين الشدود الجنسي والشدود السياسي
- مات الملك... ومازال أوباشه أحياء لايرزقون...
- من أجل مغرب المواطنة


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر موحى - حمار وقطار يابلدي !