أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - المثقف والسياسي بين بناء الحضارة وكتابة التاريخ















المزيد.....

المثقف والسياسي بين بناء الحضارة وكتابة التاريخ


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2983 - 2010 / 4 / 22 - 00:10
المحور: الادب والفن
    


يـبدو أن مصطلــح المثـقف، كغيــره مــن المصطلحـات المعرفية الحديثة التي نتداولها في أحاديثنا ونكررها باستمرار ويستخدمه الكثيرون دون أن يعرفوا مفهومه أو معناه ودون أن يعرفــوا من هو المثقف . فـــلا زال هـــذا المصطلح لم يجـد التفسير المناسب لــه. حيث لم نجــد من يتصدى باحثا أو مجتهدا لتعريفه،ووضـع العناصـــر والشروط الواجـب توافـرها بمن يمكن أن نطلق عليه صفة مثقف،وللتعريف بالمثقــف لابــد أن نحــدد معنــى الثقافة، البعض يقول : إنها الإطلاع على المعارف المتعددة بلغاتها الأم ، وقـراءة الكتــب المتنوعة في جميع مجالات المعرفـــة، في الدين والسياســة والاجتماع والتاريخ والاقتصـاد والفلسـفة، وتكويـن رأي خاص حـول القضايا المحيطــة بالإنســان علـــى الصعيدين الوطني والعالمــي ، وبهـــذا المفهوم فالمثقف هو الإنسان الذي يقف مــن أحداث عصـره موقفا ايجابيا ولا يكتفي بالتفرج عليها من بعيــد،وهــو الذي يهتــم بكل جوانب الحياة المتعددة ، فليس مثقفا من لــم يعرف شيئــا عـن الأديان وعما أضافته للثقافة من إنجازات كبيــرة،وعـــن نضالات الإنسان مــن اجــل مســـــتقبل أفضــل لا مكان بـــــه للاســتغلال،وليس مثقفا من لم يطلع على حوادث التاريــخ بمـده وجـزره، ومعرفــة لمــاذا انتصرنــا بهـذه المنازلة ، ولماذا انهزمنا بتلك، محللا عوامل الانتصار،وعوامـل الإخفاق بطريقـة متأنيـة لا اندفاع بهـا ولا انفعال . وليس مثقفـا من لم يطلع على الثورات الكبرى التي حدثــت بمنطقتنا وبالعالم من اجــل تحسين ظـروف الحياة إلى أفضل مما هي عليه. وليس مثقفـــا من لم يطلع ولو بشكل بسيط على مساهمات الإنسان في العلـوم والفنــون والآداب، ولكــن الذي نــراه الآن تجـاوزا كبيرا وتجنيا فــي إطــلاق هــذه الكلمة (المثقف ) علــى شــخص مــن الأشخاص لا لشيء إلا لأنه يقــرأ كثيـرا وبنهم للآلاف من الكتب ولمذاهب ومدارس متنوعــة ثـم يتبنى آراءها. إن الثقافة هي كل القيم المادية والروحية – ووسائل خلقها واستخدامها ونقلهـــا- التي يخلقها المجتمع من خلال سير التاريخ . ولا بد من التمــييز بين (الثقافة المادية) أي: الآلات والخبـــرة في ميــدان الإنتــــاج وغيـــر ذلك مــن الثــروة الماديــة،و(الثقافــة الروحيــة)،وهــي المنجزات فــي مجال العلــم والفــن والأدب والفلســفة والأخلاق والتربية .والثقافة ظاهــرة تاريخية ويتحدد تطورها بتتابع النظم الاقتصاديـة و الاجتماعيــة. والمعرفــة هــي الشـــرط الضروري للثقافة لكنها ليســت شــرطها الكافـي وأننــا نفكـــر بميزة العقل خصوصا عندمــا نلفظ كلمة ثقافة وبهذا المعنى يقال غالبا ثقافة عامــة. وهناك فرق بين المثقف و المتعلم فالمتعلم هـو من يجيد القراءة والكتابة ، أو من حصـل على شهادة علمية ، أما المثقف فهو المستوعب للثقافة ،وهــو يتميز بصفتين أساسيتين:الوعي الاجتماعـي الذي يُمكـّن المــرء مـن رؤية المجتمع وقضاياه،من زاويـة شـاملة وتحـليل القضايا علــى مستوى نظــري متماسك، والدور الاجتماعي وهــــو النشاط الذي يؤديــه صـــاحب الوعي الاجتماعــي بكفايــــة وقــدرة فـــي مجـــال اختصاصه المهنـــي وكفاءته الفكرية . وكثيرا ما يطلق جمع من الناس علـى أنفسهم صفــة (المثقفون) عندمـا يتقدمون بمطالبهم الى السلطة أوعنـد التعريف بشخوصهم،وحين يختلفـون مـع السلطة وحين يتفقون معها، وحين يؤيدون أو يرفضــون موقـف هذا السياسي أو ذاك، وهــذا الحزب أو تلك المنظمــة، وحين نقــرأ أســماءهم وبعدهـا تواقيعهم نجــد بينهم من لا يحمل أية شهادة - وهذا ليس عيبا - وبينهم مـن يحمل أعلى الشهادات.انه أمر يستحق الوقوف عنده والتساؤل عنه، فهــل المثقف هــو مــن يحمل شهادة أو مستوى علميا معينا؟ أو هو مــن يجيــد التكلــم بأكثــر من لغــة ؟أو هـو الخطيب الذي يمزج لغة الأدب بفـن السياسة ؟أو هــو من لديــه معرفة ومعلومات عامــة يمكن أن يُسـخـّرها ويجتـرها باستمرار في كل حديث يشارك فيه بالمناسبات الاجتماعيــة والعائليـة؟ أو أن المثقف هـــو الأستاذ الجامعي والمدرس والمعلــم والطـــبيب والمهندس ؟ ومــاذا عــن الفنانين بكــل إبداعاتهــم المسرحيـــة والتشكيلية؟ و هــل المطربون وكاتبو أغانيهم وملحنوها هم من المثقفين؟ ثم مــاذا عن صاحــب الفكـر السياسي بيساره ويمينه برجعيته وتقدميته؟ ومــاذا عــن منظـري الأحــزاب السياســــية وكتابها ،هـــل هم سياســيون أم هم مثقفون؟ وهل المثقفون هـم النخبة أم أن النخبة هي المثقفون؟ انه أمر محير سيما إذا عرفنا بأن هنـاك الكثيـر مـن أهــل الرأي والمسؤوليــة والحكمـــة لـــم تساعدهـم ظروفهم على الظهور، وهم بهذا لم يحسبوا ضمن فئة المثقفين، فمَنْ لا علاقـات لــه، ومــن لا إعــلام له،ومـن لا يحب الشهرة والظهــور يعيش معــزولاً بين العـوام،و ربما يُنسب إلى الصعاليك المحرومين من نعمة حمل لقــب "المثقف" .وهــل أن منظــري ومحللي فضائياتنا ومــا أكثرهــا وأكثرهـم مثقفــون أو انهم سياسيون . أننا بحاجـــة ماسـة لأن نعرف من هو المثقف، ومن هــو السياسي، كي لا نغلط بهما لأن عــدم التعريـف الدقيق للمثقف سيرفـع بعضا ممن لا ثقافة عنده إلى درجات لا يستحقها وينزل بمن يسـتحق أعلى المراتب إلــى أسفل الهرم الاجتماعي. ومن اجل أن لا يُظلم السياسيون وان لا تُظلم السياسة ومن اجل أن لا يُظلم المثقفون وتـُظلم الثقافة. علينـــا أن نعــرف من هـــم المثقفون ومن هــم السياســيون.أن الثقافة فضاء واسع لا نطاق له ولا حـدود.وهــي مفهوم يمكن أن يحـوي كــل مكونات البيئـة المادية المحيطة بالإنســان ولكنــه مفهوم غيــر منتظــم بحيــث تتبلور فيه المعاني والمدلولات العديــدة في إطار واحــد ،ومثلما لم يتوحد فيـه المعنى فانه يتفــرق فيــه بين العديــد مــن الألفاظ و الشروح التي مهما كثرت لا يمكنهــا أن تعبر عنه. إن الثقافــة تتضمن العديــد مـن المكونات ذات الصــلة بالزمــن، و بالتالــي الاتصال العميـق بالتاريخ و تتفــاوت مكونات الثقافــة مـن حيث الزمان بين الآني والسابق والوقتي والدائم،والطارئ والدوري . وليس هــذا فحسب بل أن الثقافـة فـي بعض عناصــرها تتصــل بالمكان و بالتالــي بالجغرافيا ،عندها يصبح من بنية الثقافة كل ماله صــلة بالمكان.هناك مـن يعبــر عن مفهوم الثقافــة ويعــده مفهوما (مطاطيا) يطول ويقصر، يتسع ويضيق ،وهــــذه وجهة نظـر قاصـــرة لأننا لا نمـارس الثقافـــة كونها (مفهوما )علينــا تعريفه فقط، بل هي(فعل) علينــا أن نمارســه، وعنــد الممارسة نجد بان مفهوم الثقافة هو مفهوم نسبي يختلف مـن بيئة لأخرى ومــن محيط إلى آخــر، ومن شخص لآخــر وحدوده أيضا غيــر محددة إلا داخــل الفرد نفسه، إننا عندمـا نتمنى أن نكون مثقفين يجب أن نسـعى( فعلا ) لنحصل على الثقافة، فليس مفهومها هو ما سيقودنا إليها. إن الثقافـة الحقيقيـة تنزع كـل الأقنعـة لتكشف الحقيقة فهي ليست مفهوما إنما هي فعل يمحو المنفعة المباشرة و يمتد إلى أغراض شخصية، فالثقافـة تشــير إلى سـعة الإطلاع وإلى الإلمام بالشــؤون العامة في الحياة كافة ، وهي ليست ذات المعنى لكلمة الحضارة أو التمدن . ولــذا نجــد أن كلمــة المثقف ليست وصــفا إنما هي دور يفعله الإنسان ويُعرفُ به، ويجب أن يكـون المثقـف ليبراليا خـارج الســلطة ،وإلا مـا معنـى المثقــف الذي يستمد ثقافته ويأخـذها من جلالة السلطان ؟ معنــى هـــــذا تبعية المثقف للســلطة والســلطان ، وهذا ما ينطبق على الكثير من المثقفين العــرب كونهم غيــر مســتقلين فــي أفكارهــم وفي قراراتهــم ، وهــم لا يقومــون بوظيفة المثقف، بـل بعمــل يشبه الوظيفـة الثقافية وهـم بهذا لا يستحقون لقب المثقفين،و الأجدر تسميتهم بالموظفين .إن المثقف العربي يشــكو باســتمرار مــن ســطوة السياسي، فالسياسـي وأعوانــه مـن المستفيدين لا يأبه للمثقف، ويشكك فــي مدى الحاجـة إليه. كون المثقف يؤمن بأن حــق التعبير عــن الرأي حــق طبيعي للإنســان. أن الخلاف بين المثقف والسياسي كبيــر؛ الأول ينطلــق مـن العقــل الذي يجعله نقطة البدء، وهـو يجهد نفسه لإيصال أفكاره وتوضيح بيانه إلى الآخرين،و الثاني ينطلــق مـن زيادة أنصاره ومؤيديه. و بالتالي إذا كانت الفكــرة لدى المثقــف مقدسـة وغير قابلة للنقد إلا على أسس عقلانية، فإن السياسي يجد في الفكرة الوسيلة لجلب أكبر عدد من الأنصار حتى لو اشتراهم واشترى ذممهم بالمال، وهي فكــرة متقلبة بحسب مصالحــه.إن الانحيــاز إلــى الديموقراطية والحرية نكاد نجده لدى معظم المثقفين، ولكن هذا الانحياز يفقـد معناه ووظيفته عندما يظل انحيازاً معرفياً فقط. ذلك أن المطلوب أن يكـون انحيازهم فعلياً و وجودياً أيضاً.ومع الكثير من الأسئلة التي وجهتها أقــف لأسأل، مــن هـــو صاحــب الفضل فــي بناء الحضارة، وفي كتابــة التاريخ؟ أهــو السياسي أم هـــو المثقف؟



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيت في رحلة إلى المشرق
- رسالة المس بيل إلى أبيها (1 )
- الفاشلون الفائزون
- ألفية وأمنيات
- الطلبة البررة
- بغداد وقلبي
- هيت وينابعها المعدنية(1)
- آه ٍ عراق
- اخترت
- هيت في رحلة اوليفيه(1797م/1212ه)*
- هيت في رحلة ألوا موسيل
- إلى روتانا مع التحية
- ريح العين
- عيد ميلاد
- آذار والثقافة، وفرح الهيتيين
- هيت في سنة 1935
- بيت الحزب
- البطاقة الثانية إلى هيت
- -نصي ثلج- بنت الرجال
- حب هيتي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - المثقف والسياسي بين بناء الحضارة وكتابة التاريخ