إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 908 - 2004 / 7 / 28 - 11:09
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الأكراد
و فزاعة الأسرلة 2/3 * إبراهيم اليوسف
ثمة كثيرون من أعداء الكرد , وجدوا في المقال الذي نشره الصحفي الأمريكي ( سيمورهيرش ) في مجلة ( نيويوركر ) تلك الضالة التي طالما انتظروها , و نظّروا لها متنبئين , منطلقين من مبدأ المظنة , و هيرش لمن لا يعرف , هو من كلف بنشر ملف – سجن أبي غريب - ! ! – ذلك الملف الذي يعتقد بعض من انطلت عليهم اللعبة , إنه نشر خارج رغبة الاستخبارات الأمريكية , و ليس لأغراض يريدونها
- على المديين : القريب و البعيد – و هو أمر آخر طبعاً.......
إذاً , هذا الصحفي - دون غيره – ينشر ملفات مثيرة , كهذه , و في المنبر ذاته ! , و لعل كثيرين من – النشامى – الميامين الذين أسال المقال لعابهم و ابتلعوا الطعم , لأنه جاء تلبية لرغباتهم الدفينة، بل و أحقادهم المزمنة تجاه الكرد , فراحوا يقرعون – أجراس الخطر – مستثيرين نخوة أمتهم , للاجهاز على – الشقيق الدعي – المارد , حصان طروادة الكردي ! ...
و إذا كان مثل هذا الكلام , ينطبق على الشوفينيين من الأتراك أو الفرس , أيضاً , ممن طار صوابهم منذ – توقيع الدستور العراقي – و إقرار الفيدرالية , فلم يهدأ لهم بال , سراً و علا نية , للتحريض ضد شخصية الكردي , و حلمه , ووجوده ....!
إلا إن – ذلك الموقف الذي أدلى به د . بشار الأسد – رئيس الجمهورية , في مقابلة فضائية الجزيرة 1 – أيار – 2004 بخصوص حقيقة إن القومية الكردية في سوريا جزء من النسيج السوري و بل و تفنيده تهمة ارتباط الكرد بالخارج , و اعتباره أحداث 12 آذار – ردة فعل فحسب- رغم عدم ترجمة مثل هذا الموقف حتى الآن لأسباب يدركها كل من يتابع ما تبديه بعض القوى المعرقلة – من ضمن النظام السوري – من سلوكيات معروفة . و لقد جاء حديث د. محمد ناجي العطري و حول ربطه لما جرى بالخارج من خلال بعض المندسين , و تجريم – القائمين بأعمال الشغب من الأكراد , و على الخلاف مما قاله د. بشار الأسد، تماماً , و اعتباره مبادرة ( بعض ) الأكراد بتبني تكاليف ما تم تخريبه اعترافاً من الكرد بأنهم كانوا مذنبين حقاً , و هذا ما يؤكد نجاح ذلك التقدير السلطوي بهذا الخصوص، من خلال تحريك بعض رموز السلطة – في محافظة الحسكة – و توريط بعض الأكراد , و تحت حمّية - الروح الوطنية – و قصر النظر , لتبني تلك التكاليف , دون أن يتم السؤال الذي طرحه كل كردي و كل مواطن شريف : و من سيعوض لأمهات و أخوات و بنات و أخوة و أبناء الشهداء تلك الأرواح الغالية , ناهيك عن الأضرار التي لحقت بالمحلات التجارية و ممتلكات الأكراد في الحسكة – و رأس العين من قبل لصوص النهار الذين سلبوها , و حرقوها .... ضمن تلك الخطة القذرة ضد الكرد السوريين .... ! ،مع أن إعادة الحياة إلى تلك المؤسسات ، مهمة وطنية،ويجب أن تتم على نفقة من أشعل الشرارة الأولى للفتنة.
لقد تنفس هؤلاء الغلاة من الشوفينيين الصعداء ما إن – نشر مقال هيرش المذكور , و وجدوا فيه ضالتهم المنشودة , واهمين أنه الوثيقة الكبرى التي قطعت الشك باليقين , و هي بالتالي وثيقة الإدانة التي أنزلها الله عليهم من السماء , ضد الكرد , كي يتم تأديبهم , و لئلا يسموا : الوطن - welat – و لا الله xwede – و لا الخبز nan –و لا الثورة sewres , ما دام أن أربعين كردياً قتلوا برصاص الشرط و الأمن , و لم يتم محاكمة أحد ممن أطلق الرصاص ,أو أمر بذلك , ناهيك عن فظائع آلة التعذيب بحق الآف المعتقلين الكرد، و هو أمر يفتح شاهية المتربصين بالكرد، لارتكاب المزيد من الجرائم بحقهم .
لقد قلت منذ عدة أيام , لأحد محاوريّ, بهذا الخصوص : هب لو أن هذا المقال الهيرشوي , زعم أن للأكراد حقهم في أن يعيشوا ضمن دولة – كردستان – أو استعاد عرض وثا ئق تشتم منها رائحة المؤامرة على العرب , كقضية تورط بعض
الفلاحين الفلسطينين في بيع أرضهم-جهلاً - لليهود عشية نكبة فلسطين .., ترى ماذا كان سيقول هؤلاء الشامتون بالأكراد – عن تقويم الصحافة الأمريكية عموماً , ومجلة ( نيويوركر) – خصوصاً – هذا الصحفي – الأمريكي – الشهم الذي قد يمنحه هؤلاء الغلاة في عدائهم للكرد جائزة : العروبة ...! ،و قد يعده بعضهم ذات يوم من بطن أو صلب عربي ... !
. و إذا كنت هنا , بصدد رفع تهمة العلاقة مع إسرائيل من قبل الأكراد , عموماً , كما يراد توكيد ذلك , فإنني – في الوقت ذاته - أدرك أن إسرائيل ذات النوايا التوسعية , و صاحبة شعار : حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل – لن توفر أية فرصة الآن , في ظل مرحلة : اللاحرب| اللاسلم , و مستقبلاً –حتى في ظل فترة – السلام – في ما لو تم , من أجل مصالحهم , و سياساتهم , لا سيما إذا قمنا باسترجاع دعاوى الشرق أوسطية , التي سمعناها قبل سنوات عديدة , و راحت تتجسد الآن في ممارسات و طروحات أخرى ...! .
إن من يقرأ – سيد أحمد – سيجد أنه يمارس لعبة (( الغميضة )) مع قارئه , لا سيما و أنه يعترف بأنه ممن راحوا يتحدثون عن – فرضية دخول الإسرائيليين العراق بأعداد هائلة – و أن ذلك قد غدا الآن واقعاً كي يقفز – و بشكل سريع , و يتحدث عن علاقات ( تسليحية كردية ) في كردستان العراق مع إسرائيل، كي – يطلق بالونته الاختبارية – و يوسع البقعة الموبوءة حتى سوريا، ينثر وفق هندسته بذور الفتنة , و ينال من وحدة أبنائها الوطنية , و هو إذ يعيد سبب وجود أرضية للاستعداد – في كردستان العراق – لتقبل العلاقة مع اسرائيل , إلى سبب هيمنة الطابع الاستبدادي هناك , فإنه يرى بأن الأكراد في سوريا و إيران : ( هذا النمط الفريد في قهر الشعب الكردي و اقصائه عن هويته و عن دوره السياسي في بلاده , لم يكن قائماً في الحالة السورية أو الإيرانية , فقد عوملت( الجماعة الكردية ) معاملة حسنة باعتبارها جزءاًلا يتجزأ من النسيج الوطني الواسع لسوريا و ايران , وحصل أبناء هذه الجماعة على حقوقهم الكاملة في التعبير و الحياة خاصة , و رغم هنات أمنية أو سياسية هنا أو هناك إلا إن النسق العام للتعامل كان نسقاً إيجابياً و لم يشهد على الاطلاق تلك الممارسات الاستبدادية التي لاقاها أكراد العراق أوتركيا , و يتابع قائلاً : ثم كان ملفتاً للانتباه هذا الادعاء الكاذب لدى البعض ( كردياً أو أوربياً أوامريكياً ) بوقع تمييز سياسي و عرقي أدى إلى أحداث الحسكة في القامشلي في سوريا قبل شهور , إنه الادعاء الكاذب الذي تدحضه حقائق الواقع و التاريخ .
و إذا كنت أسجل هنا للسيد أحمد ( مصداقيته ) في الإشارة إلى المظالم المرتكبة بحق أكراد العراق ( و إن كان يسميها مجرد استبداد سياسي ) و يسمى صدام حسين : ( الرئيس ) العراقي ( السابق ) , لا الطاغية , إلا أنه تناسى واقع الأكراد السوريين ممن لا يتم الاعتراف بوجودهم , كأبناء ثاني قومية في سوريا , و يحرمون من أبسط حقوقهم الثقافية، و السياسية. وليس أدل على ذلك أكثر، من سلخ الآلاف من الأكرد الجنسية و هيمنة سياسة التعريب بحق الأكراد السوريين , و عدم وجود – و لو مدرسة خاصة – يتعلم فيها أبناؤهم بلغتهم الأم , ناهيك عن حرمانهم من التمثيل في السلطة : الوزارات – مجلس الشعب – الإدارة المحلية – و القائمة تطول ... و تطول ...!, و إن ما يجعل إدعاءه بخصوص الكرد السوريين مردوداً , مطعوناً فيه , وإن هؤلاء المواطنين لا يعيشون في فندق : 5 نجوم – كما يقال , إن مقتل أربعين كردياًبرصاص السلطة، دون أن تتم مساءلة الجناة لهو صورة صارخة عن الرؤية إلى الكردي السوري، ولعل أكبردليل على انخراط الكاتب نفسه في ممارسة الاستبداد السياسي , و التزوير, و التضليل بحق الأكراد , نفيه .
التمييز السياسي و العرقي الذي كان السبب في إطلاق الرصاص على الضحايا الكرد في يومي 12-13 آذار 2004- و ما تبعهما , و ما اطلاق النار على مشيعي جنازات الشهداء في قامشلي , أو ممن وقفوا دقيقة صمت حداداً على شهداء حلبجة الذين قضوا نحبهم على يد دكتاتور العراق , إلا الدليل القاطع على وجود نية مبيتة ضد الأكراد السوريين ضمن مخطط لم يعد خافياً على أحد .
يتحدث الكاتب عن القيادات الكردية المرتبطة بالخارج , وهو هنا يشير إلى القيادات الكردية في سوريا و العراق بل و ايران و تركيا الموحدة ( هكذا!) و ذلك من خلال تهمة التعويل على العامل الخارجي , و هو هنا , يعاتب الأكراد على عدم استفادتهم من خبرتهم التاريخية المريرة .بمعنى :لماذا ليرعوون ،ويقبلون بالأمر الواقع؟.
مشكلة هذا النمط من الساسة و الكتبة ممن يتناولون القضية الكردية، تكمن في ما يلي :
1- إنهم يرون أن الكرد غرباء عن وطنهم , دخلاء عليه , و أن أية مطالبة من قبلهم بالاعتراف بوجودهم تعتبر – في عرفهم – خيانةعظمى , و خروجاً عن عصا الطاعة , و تحدياً للخرائط المنزّلة من السماء , و المطوّبة بأسماء سائر شعوب المنطقة دون الكرد ...! .
2- إن هؤلاء الكتبة , يرون في أية علاقة للشعوب المتعايشة مع الكرد بالشعوب الأخرى – خارج خرائطهم – مسوّغة تماماً , و هكذا بالنسبة إلى علاقاتهم بالدول العالم منذ عهد الشريف حسين، و حتى آخر وزير خارجية، أو سفير عربي , فهي علاقات حسن جوار،أو تعاونن أو صداقةن أو رابطة اسلامية , أو عربية ...., بيد أنهم يستنكرون على – الكردي - مثل تلك العلاقات , دون أن يحققوا له شرطه الوطني , كمختلف ذي خصوصية يعيش فوق أرضه ...! كما أن حديث الكاتب عن ارتباط القادة الأكراد – هكذا دون أ ي استثناء – بالأجنبي , مجرد تهمة كاذبة , مفضوحة .
و لعلّ أسطع مثال كردي , هو أن الملا مصطفى البارزاني أعلن الهدنة من طرفه – أثناء ثورته في كردستان ضد الطرف الآخر في العام 1973- بعد أن انخرط العراقيون : عرباً و كرداً في حرب تشرين ضد إسرائيل ..., هذه الحرب التي يدرك – القاصي قبل الداني، دور الجندي الكردي في الاستبسال دفاعاً عن تراب وطنه ،وهذا لهو واجب وطني ، وليس منة على أ حد أكثر وطنية ...
و إنه لمن الواضح , أن أي قائد كردي ممن لا يجد ثمن خبز أولاده في الغالب – و في أي جزء من كردستان - لو ربط مصيره مع مصير – الأنظمة الحاكمة لكردستان – طرّاً , فهو سيوفر لنفسه تلك الرفاهية( المقيتة ) التي يتحدث عنها سيد أحمد في ظل العلاقة المزعومة مع الأجنبي , و هنا أيضاً , سأحتكم إلى تلك الإغراءات التي قدمت للبارزاني من قبل النظام العراقي على حساب الشعب الكردي , إلا أنه رفضها , كي ينزل السيف في عائلته , و عشيرته , و تزهق أرواح الآلاف المؤلفة منهم , كمهر على طريق الحرية و التحرير ....! , على يدي زبانية سفاح القرن العشرين الدموي , صدام حسين , قبح الله وجهه , و وجه كل متعاطف معه ....
إن أية عودة – على سبيل المثال – إلى برامج , و وثائق الأحزاب الكردية في سوريا , ستؤكد , إصرار الحركة الكردية في سوريا على العيش إلى جانب أخوتهم العرب ، وسائر الأقليات الأخرى التي تعيش معهم ، دون التعويل على العامل الخارجي لرفع الغبن عن كاهن الكرد السوريين ، وهذا ما يجعل من مثل هذا الاتهام الخطير مطية لخدمة أغراض الأجنبي نفسه ، كي يفتك بالوحدة الوطنية في سوريا، وهو ماينبغي عدم السكوت عليه. ولقد أدان البيان الذي أصدره عدد من المثقفين الأكراد الوطنيين السوريين ، هذا المقال المشبوه ، وأسلوب نشره ، في هذه الفترة المحرجة في تاريخ المنطقة ، تحديداً ، رغم ان كل وسائل النشر السورية ، بدءا بجريدة الثورة وانتهاءً بالكثير من مواقع ونشرات الانترنيت، لم تسمح بنشره، وإن على هذه الصحيفة – أي الثورة وبحسب قانون المطبوعات على سوئه– نشر رد أي شخص – في موقع الإساءة الموجهة إليه نفسه ، فكيف وفي هذه الحال، نحن أمام إساءة إلى شعب كامل ، بريء ، من الأكذوبة الموجهة ضده....
وإذا كان الكاتب - الذي يبدوغيوراً حتى على إيران – وتركيا ضد الأكراد ، بدعوى معاداة – إسرائيل(وشتان ما بين القضيتين ) وكأنه قد انهى مهمات الأمة العربية الواحدة ، ليحقق مهمات الأمة الإسلامية .
حيث يقترح بعض التدابير للحيلولة دون تنفيذ أي مخطط خارجي في المنطقة ، فهو لايدري أن مثل هذا الأمر يخدم الشعب الكردي في ( المربع الكردي ) كما يسميه،ولكنه يعفي نفسه من الحديث عن استحقاقات الكردي في هذا المربع ، وهي عموماً استحقاقات قومية ثقافية ، يقررها أبناء هذا الشعب ، ، كل حسب ظروفه ...!.
ومن عجب ، أن – الكاتب – راح يتحدث عن اختراقات إسرائيلية في : العرااق - سوريا ... – الخ، دون ان يشير إلى أن هناك شعوباً أخرى تعيش مع الكرد أيضاً ، وان تركيا، ومنذ بداية احتلال فلسطين، أول بلد إسلامي أقام علاقاته مع إسرائيل ، بل ان اللجوء إلى تاريخ الأكراد في المنطقة، سيوضح انه لم يشهد التاريخ أية علاقة مشبوهة له مع اسرائيل ، كما ان العلم الإسرائيلي يرفرف الان فوق عاصمة الكاتب : القاهرة ! ، بالإضافة إلى عواصم عربية أخرى معروفة ، ناهيك عن تلك الزيجات التي تحدث عنها الإعلام بين : عرب وإسرائيليين! ، لاأكراد وإسرائيليين ، وهو، وسواه ، ما يصر – الكاتب – على تجاهله، للأســـــــــــــــــــــــــــــف....!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟