أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا خسر العرب معركتهم الحضارية؟















المزيد.....

لماذا خسر العرب معركتهم الحضارية؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2976 - 2010 / 4 / 15 - 12:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أرقام وإحصائيات ما يسمى بالأمة العربية في الحضيض والدرك الأسفل في مجالات الصحة والتعليم والأمية والازدهار والرفاه الاجتماعي، وتحتل معظم ما يسمى بالدول الناطقة العربية أماكن متقدمة و"مرموقة" وكل الحمد والشكر لله، على مؤشرات الفساد والفقر والقهر والعهر العالمي، وتتجه حوالي عشر دول، أو اتجهت بالفعل، نحو احتلال مكانتها الطبيعية والمحترمة على قائمة الدول الفاشلة التي لا تستطيع أن تحافظ على أمنها وسلامتها، ومخترقة من كل حدب وصوب، ويستشري فيها كل ما هو لا قانوني ولا شرعي ولا معقول، وينعدم فيها أي شكل من أشكال السلم الأهلي، وهناك دول عربية أخرى مرشحة قريباً لنيل هذا الشرف الرفيع..(نستخدم كلمة ما يسمى للإشارة بالطبع إلى أن معظم هذه الكيانات الأبوية والعائلية تفتقر بالمطلق إلى أي مقوم أو خاصية من خاصيات الدول الحديثة بشكلها الحداثي السوسيولوجي الأنيق المعروف في الغرب، ولا يمكن اعتبارها دولاً بالمنظور الحديث، وشتان وفرق كبير بين نظام أبوي عشائري وعائلي بطريركي، ونظام ديمقراطي علماني حديث، لذا اقتضى التنويه).

وقد حاولت بعض مما يسمى بالدول العربية، في المرحلة الليبرالية، التي أعقبت سقوط ما كان يسمى بدولة الخلافة الإسلامية، النهوض والتعافي من المرحلة السلفية الظلامية الخلافية البدوية المطبقة التي هيمنت على المنطقة، ونجحت في ذلك إلى حدود دنيا مقارنة مع ما هو مطلوب. فكان هناك انتخابات حرة، وحياة برلمانية مقبولة إلى حد، وتداول سلمي للسلطة وأحزاب وحركة تنوير، وتحرر من القيم والعادات البالية، ومظاهر من الحداثة والتحديث في المأكل والملبس والمشرب وأنماط العيش الأخرى. وشهدت تلك الفترة طفرات إبداعية فنية وثقافية كان أبرزها في مصر، ولا زالت المنطقة تتذكرها بكثير من الألم والحسر وخيبة الأمل بنفس الوقت. (اضمحلت اليوم إلى الحضيض واستبدلت، وحل محلها مثلاً فقه البول وإرضاع الكبير وظهور جيل الدعاة الظلاميين الذين هيمنوا على المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي)،

غير أن المنطقة ابتليت، لاحقاً، بثلاثة تحولات عميقة في معظم بلدان هذه المنظومة المسماة بالعربية، أدت إلى نكسة العرب الحضارية الكبرى، وهي أدهي وأفدح مما سماها هيكل بنكستهم العسكرية في العام 1967، لأن النكسة العسكرية مقدور عليها، وخسارة معركة لا تعني نهاية الحرب، كما قال ديغول، غير أن النكسة والهزيمة الحضارية، لا يمكن بعدها من قيام ونهوض واللحاق بالآخرين، وهذا ما حصل تماماً في هذه المنطقة المنكوبة بفكر الأولين. وتجلت تلك الهزيمة الحضارية بانبعاث وبعث وعودة الروح العصبية القومية والشوفينية القبلية والسلفية إلى هذه المجتمعات بعد تلك الفترة العابرة التي سميناها بالحقبة الليبرالية العربية التي لم تدم طويلاً، ولم تتمأسس، أو تتجذر، لذا كان الانقلاب عليها سهلاً ويسيراً وميسراً، من قبل القوى السلفية المتربصة بالتغيير والتحديث واللبرلة والعمنة والتطوير. وتجلت تلك العودة بثلاثة هجمات ومن ثلاثة محاور مختلفة، لكن يجمع بينها ناظم واحد ومشترك وهو بنيتها السلفية القبلية ودعوتها المعلنة للنكوص والارتداد للماضي والنـَفَـس السلفي القومي فيما بينها.

وكان التحول الأول والأهم، في هزيمة العرب الحضارية المعاصرة، هو في بروز ظاهرة الانقلابات وظهور الديكتاتوريات العسكرية، ذات الطابع السلفي القبلي والقومي العربي، وما تتمتع به من ميل ماضوي وإحياء للتراث العسكريتاري الديكتاتوري والأبوي الشمولي الإمبراطوري الديماغوجي الناري الصدامي الذي ساد قبل الحقبة الليبرالية، والذي حكم المنطقة على مدار أكثر من ألف عام وكانت تلك الانقلابات كفيلة بالقضاء على وإجهاض أي مظهر حداثي وتنويري وديمقراطي والقطع نهائياً مع تلك الحقبة الليبرالية الوجيزة والمضيئة التي هلت على سماء المنطقة والتي سادت فيها بعض قيم اللبرلة والعصرنة والتحديث، ولو قيض لها بالاستمرار لما كان حال شعوب المنطقة على ما هو عليه الحال اليوم، غير أنه كان للعسكر وبسطارهم اليد العليا في هذا المجال، وسيسجل التاريخ أن لجمال عبد الناصر الفضل في القضاء نهائياً على أحلام التغيير والتحديث والتنوير في المنطقة.

التحول الآخر، ذو السمة المشابهة، تجلى فيما يسمى بحركة التعريب التي سادت فيما يسمى بدول المغرب العربي، في وجه ومقابل حركة الفرنسة التنويرية الفولتيرية الحداثية الإنسانية التي كادت أن تمأسس وتتجذر في عمق تلك المجتمعات ولو قيض لها الانتصار النهائي لكان حال تلك المجتمعات غير ما هو حالها اليوم مع فكر وثقافة الأعاريب، (ومن دون النظر إلى العامل العسكري للاستعمار الفرنسي المدان تاريخياً، ونبقي في إطار الفرنسة الفكري والثقافي التنويري)، حركة التعريب هذه التي أحيت، أيضاً، القيم القبلية والعصبوية والشوفينية القومية العرباوية المغلقة الرافضة للحداثة وللتغير والمتصادمة مع قيم العصر وقيمه. وأجهضت حركة التعريب وما رافقها من عودة لأنماط "الأولين"، كل فكر تنويري ومحاولة للتغيير بحجة أن ذلك يصطدم مع قيم الآباء والأجداد، التي لم تغن ولم تسمن من جوع، وبذا عادت هذه المنظومة، وفي هذه البيئة المغاربية، التي كان يؤمل لها، لو استمرت قيم الفرنسة والتنوير، أن تكون اليوم، عضواً في الاتحاد الأوروبي، غير أنها تفشل اليوم من مجاراة حتى بعض من دول أفريقيا. وكان حركة

والطامة الكبرى، والقاتلة، والتي كانت بمثابة الضربة القاضية ورصاصة الرحمة التي أطلقت على شعوب المنطقة ومحاولاتها للانعتاق والتحرر، كانت في ظهور ما يسمى بمنظومة دول الخليج الفارسي، ولاسيما بعد الطفرة النفطية، التي كانت وبالاً وشؤماً ونحساً على شعوب المنطقة الناطقة بالعربية. وكانت هذه الطفرة بحاجة لحامل إيديولوجي، وهو، أيضاً، ما غيره، العامل السلفي القومي القبلي الشوفيني العنصري المغلق على نفسه والمشترك مع بنية الانقلابات العسكرية الفكرية والثقافية، ومع حملة التعريب، ويتقاطع-الحامل- معهما في كثير من المفاصل والمحاور لا بل يكاد يتطابق الجميع ها هنا. وأدى هذا التحول الأخطر إلى ظهور ذلك النمط السلوكي والفكري المتغطرس الأجوف الخاوي من كل قيمة وجمال، الرث الجلف المتهور الأرعن الهمجي الجاهل القاحل الصحراوي وسيادته وطغيانه على المنظومة السلوكية والإنتاجية المعرفية والثقافية في المنطقة. ولتسويقه، تم ربطه إلى حد ما بالمقدس وهالات من التفخيم والتعظيم والتبجيل، وكان كفيلاً، هو الآخر، بوأد وإجهاض نهائي ومبرم لأية محاولة للتحديث واللبرلة والتطوير، وأفرز من الأمراض والأوبئة والمتناقضات والإشكاليات ما يستلزم المنطقة عشرات السنين للتعافي منه والتخلص من آثاره المدمرة والقاتلة.

لا فكاك ولا خلاص إلا بالتطلع نحو الأمام، ونبذ، والقطع نهائياً، مع فكر وقيم التصحر والصحراء. وبرغم حجم المأساة وتشعب المتاهات وعمق الهاوية والمأزق الحضاري والإنساني والانسداد الكبير، هناك من لا زال يصر على إتباع واجترار وتكرار نفس المأساة-الملهاة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى السيد مدير المصرف العقاري
- إهانة التاريخ العربي: رد على قيادي إخواني
- فعاليات حقيقية لمهرجان الثقافة العربية
- يا عيب الشوم يا كاجينسكي
- شاهد على العهر
- الهجوم على الإسلام
- إخوان سوريا ونصرة المنصور
- ماذا تنتظرون من مؤذن في مساجد دبي؟
- يوم في حياة الرئيس مبارك
- أوربة ديار الإيمان
- تهنئة للأخوة المسيحيين بأعياد الفصح المجيد
- هل بدأت الحرب على أسلمة أوروبا؟
- ابن تيميه في قفص الاتهام
- من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟
- العلاقمة الجدد قادمون
- الله الإنسان أو الإنسان الإله، بين أنسنة الله وتأليه الإنسان
- سيناريو افتراضي لمؤتمر القمة العربية عام 2048
- الأتمتة وسنينها: المواطن-الزبون
- هاتفكم مقطوع لأسباب مالية
- هدم المساجد: النار التي ستأكل نفسها


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا خسر العرب معركتهم الحضارية؟