أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟














المزيد.....

من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2964 - 2010 / 4 / 3 - 11:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لبلادي شعري، ولست أبالي رفضته أو باركته السماء، نزار قباني.
قد يكون الغيب حلواً، إنما الحاضر أحلي، رددتها أم كلثوم في أغنية أغداً ألقاك وهي من شعر ونظم الشاعر السوداني الهادي آدم.
أنا من قرية عزلاء منسية، وكل من فيها يحبون الشيوعية، محمود درويش في رائعته، نعم عرب ولا "يخجلون"، ومع الاعتذار للشاعر الكبير.
وهناك الكثير من مثل هذه الجمل التي لم تكن تتوقف عند السقوف والحواجز الكثيرة التي وضعت في وجه الإبداع وأياً كانت مخارجه شعراً، أو أدباً، ونثراً، وفناً، أو مسرحاً، وسينما. نعم كانت حرية التعبير أفضل بكثير مما هي عليه الآن، والسقف أعلى بما لا يقاس، فكانت تلك الألحان العذبة تنساب، والجمل الرائعة تنسكب لتدخل القلب والوجدان، وتعلق في ثنايا الفؤاد، من دون حواجز وقيود هذا "التحشيش" الإيديولوجي الذي نراه.

من يجرؤ اليوم، وقد انقضى عقد رهيب من الألفية الثالثة، عقد شهد كل رثاثات البداوة، وانفلاتاتها المذهلة، وانزلاقات العقل القصوى نحو الحضيض الموبوء بثقافات هجينة قادمة من عمق الصحراء القاحلة إلا من القساوة والفظاطة والجفاف ويباس الرأس والروح. ثقافات لم يكن أحد يتخيل أنها ستعود إلى الوجود بعد ثورات العقل التنويرية الكبرى التي اكتسحت العالم من أقصاه إلى أقصاه، ولكن هذه الثورات العملاقة، وبكل زخمها وقوتها الإقناعية والجدلية، تعجز عن مجرد الولوج الدخول إلى تخوم هذه الرؤوس والعقول والمجتمعات المثخنة بالجراحات والثارات الأبدية التي بقيت تلوك ذاتها على مر الزمان.

هذه عينات من أقوال رائعة وخالدة قيلت في ذلك الزمن الرومانسي الجميل الذي تذوقنا بعضاً من نهاياته، قبل الهجمة المغولية السلفية البترودولارية البدوية الشرسة الدامية التي أتت على أخضر ويابس هذه المجتمعات، لدرجة أن صار أي حديث بين اثنين، سراً، وهمساً، وحتى بين زوج وزوجته، في عش الزوجية، بحاجة لفتوى، وعرضة لتدخل وتوجيه أجلاف البدو وإجازته قبل قوله.

فنزار قباني ها هنا، وعلى الملأ، وفي أماسي شعرية هنا وهناك، لا يعبأ حسب تعبيره، برضا السماء، وما أدراك ما السماء في ثقافة البدو، ولا يهتم، البتة، لنيل بركاتها، كما يسعى اليوم الجميع للتعلق بأهداب الغيب المجهول لحل قضايا حياتية مستفحلة ومستعصية وعالقة. فالقضية الوطنية عند نزار أهم من قضية السماء، التي لا يهمه إن تزعل أو تفرح تلك السماء البعيدة، لشعره الذي يقوله في بلاده. وقارنوا ذلك، اليوم، حجم الهزيمة والفجيعة والتراجع والردة الحضارية الكبرى، وفي عصر الفضاء الإليكتروني، حين نرى موقعاً سورياً يسحب مقالاً تحت ضغط رعاع الشارع المخدر بالغيب، ويعتذر من الغوغاء بسبب نشره لمقال، يشير بشكل عابر، ومن بعيد لبعيد، إلى ممارسات فظة ارتكبت في مسيرة تاريخية.

وأم كلثوم، في الزمن الليبرالي المصري، تغني وتطرب الملايين، بحنجرتها الذهبية الخالدة، قائلة، قد يكون الغيب حلواً، وما أدراكم ما الغيب في الثقافة البدوية إنه المقدس ذاته، وقد حرف تحقيق لا محل له من الإعراب كما من الوجود، أي ربما لا يكون الغيب موجوداً، وقد يكون الغيب حلواً، تتضمن أن الغيب يحتمل ألا يكون حلواً، تصدح أم كلثوم بهذه الدرر الفلسفية والموسيقية أمام عشاقها الذين يتمايلون طرباً لذلك، دون أن يطلع لها واحد مثل الشيخ يوسف البدري ليقيم عليها دعوى بالحسبة ويجرجرها إلى المحاكم بتواطئ من أجهزة الدولة الرسمية المتحالفة مع القوى الظلامية، وكما يحصل اليوم، لخنق تطلعات وأماني وإبداعات الشعوب. هل لأحد أن يتخيل ماذا لو قام مطرب أو مطربة في مصر اليوم بتناول هذا "الغيب" بأية كلمة لا تروق لأسماع شيوخ الأزهر والسلالات السلفية والجهادية التي تقبض على عنق الثقافة والعقل والإبداع في مصر؟

وقد كانت الشيوعية في زمن ما رمزاً للرد على التسلط وعلى الجبروت الإمبريالي العالمي وقواه، وأذرعه الجارحة، فما كان من محمود درويش إلا أن صدح بتلك الكلمات التي تعني في محصلتها تحد لقوى الهيمنة تلك، أكثر مما هو عشق حقيقي للشيوعية، بطبعتها السوفيتية، السائدة، وقتذاك، وكان التعلق بالشيوعية، والتنوير سبيل المجتمعات الوحيد للخلاص من أتون القهر والفقر والتمايز الطبقي المستشري، ولكن ماذا سيكون حال أي شاعر، أو مبدع لو نطق بجزء من هذا الكلام اليوم في ما يسمى بفلسطين، حيث تقبض القوى الظلامية على الخطاب، وتجيره في خدمة الصهيونية، وإسرائيل، والإمبريالية من حيث تدري ولا تدري.

لا أحد يجرؤ اليوم، كما الأمس، على الكلام، مع سقوط مجتمعاتنا في براثن البدونة المدعومة أمريكياً وصهيونياً، فهي السبيل الوحيد للسيطرة وتخدير هذه المجتمعات. لا أحد يجرؤ على رفع الصوت في وجه الموجة المغولية الظلامية التي تجتاح المجتمعات، ويفضل كثيرون الصمت والسلامة على المواجهة، والتدروش والبهللة والتمتمة وقراءة التعاويذ والبسملات والتحمدات أمام تحديات العصر واستحقاقاته وهو السلاح الوحيد الذي يملكونه، ففي عمق الذاكرة الشعبية الكثير من القصص الدموية والمؤلمة ضد كل أولئك الذين تجرؤوا على الوقوف في وجه المد البدوي عبر التاريخ، فحين يجرؤ أحد على مقاومة الرثاثة سرعات ما يتهم بالزنقة، والكفر، والضلال، والشعوبية، في عملية فرز عنصرية لا تهدأ، ولا تستقر، أو تتراجع وتائرها برغم كل هذا الزخم التنويري العولمي الهائل.

ملاحظة هامة: العنوان هو لكتاب شهير للسيناتور الأمريكي بول فندلي حول السياسات الأميريكية غير المتوازنة في الشرق الأوسط والتغلغل الصهيوني في المجتمع الأميركي عبر شخصيات معروفة وكبيرة مثل وليم فولبرايت وفليب كلوتزنك، وجورج بول، وجيسي جاكسون..... إلخ، وفقد بسبب ذلك مقعده في الكونغرس الأمريكي، ونحن، وكل الحمد والشكر لله، ليس لدينا أي كرسي، أو مقعد نخسره ولا حتى في حديقة عامة، أو محط رجل، ومربط فرس، ، في طول وعرض هذا الماخور السياسي المفتوح والمسمى بالوطن العربي.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقمة الجدد قادمون
- الله الإنسان أو الإنسان الإله، بين أنسنة الله وتأليه الإنسان
- سيناريو افتراضي لمؤتمر القمة العربية عام 2048
- الأتمتة وسنينها: المواطن-الزبون
- هاتفكم مقطوع لأسباب مالية
- هدم المساجد: النار التي ستأكل نفسها
- هدم المساجد: النار التي تأكل نفسها
- أين هي ثقافات وعقائد شعوب المنطقة قبل الغزو البدوي؟
- موسم الهجرة إلى الشام
- إياكم والتمسك بالأخلاق والتقاليد العربية الأصيلة
- لماذا لا يلغى مؤتمر القمة العربي؟
- دول الخليج واللعب بالنار
- متى سيكون الرد السوري؟
- مسلسل ضاحي خلفان
- مبروك للحوار المتمدن
- هل تعرف مكان يحتاج مسجد؟
- هل ستقود السعودية راية التنوير في المنطقة؟
- الموساد واجتياح دبي
- الحوار المتمدن: والقضاء على عملية تبييض المقالات
- أثرياء العرب ومشاهيرهم بين الإرهاب والجنس


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟