أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - رواية وجوه أخرى والسمو الانساني














المزيد.....

رواية وجوه أخرى والسمو الانساني


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 19:26
المحور: الادب والفن
    



رواية(الوجوه الأخرى)للأديبة د.وداد البرغوثي الصادرة عام 2007عن دار الخيال في بيروت تقع في 175صفحة من الحجم المتوسط.

بداية أقول أنه كلما قرأت عملا ابداعيا للمبدعة وداد البرغوثي،كلما تأكد لي من جديد أن المبدع في كتاباته يكتب شيئا من حياته،وأن أختنا وداد تبحث في خبايا ذاكرتها لتستخرج من مخزونها ما تصوغه لنا عملا ابداعيا،وفي روايتها هذه فان شخصية الكاتبة واضحة في الصحفية(اسماءناصر) التي هي الراوية،وهي محركة شخصيات الرواية،وعندما تسافر الى تونس لحضور مؤتمر اعلامي فانها تتذكر صديقتها وزميلتها اليمنية التي درست واياها في موسكو وتتساءل(هل يمكن ان التقي بصديقتي الصحفية اليمنية؟هل ستنتدبها صحيفة14اكتوبر لتشارك في هذا المؤتمر؟)ص6وتحدثنا شيئا عن طفولتها المبكرة، وكيف كادت تغرق في سيل مياه الأمطار الجارية،وعن انتعال الأحذية البلاستيكية،وعن عدم رضاها عن نفسها عندما جاء ترتيبها الأولى على الطالبات في الصف الابتدائي الأول لظنها الطفولي أن الأخريات أفضل منها،وعن سجن والدها،وهذه أمور ذكرتها جميعها في روايتها(تلّ الحكايا)غير أن سردها لها بشكل عابر في رواية(الوجوه الأخرى)له ما يبرره لخدمة النص الروائي،دون الاثقال على القارئ،لكنه في كل الأحوال يبقى دليلا على أن أديبتنا تكتب شيئا من سيرتها الذاتية في كتابتها معتمدة على ذاكرتها التي تنشط في الوقت المناسب،تماما مثلما هو شاهد عليها بأنها تكتب أدبا واقعيا عن حوادث ترهق ذاكرتها، وتنوء بحملها فتطرحها على الورق لأخذ العبر منها.

وفي(الوجوه الأخرى)طرحت لنا الكاتبة شخصيات ليست سوية ايجابا أو سلبا،شخصيات تعاني مشاكل لا دخل لها في مسبباتها،لكنها بشكل وآخر هي ضحايا لها.وأولى هذه الوجوه هي عصمت الندام الذي أخذ حيزا كبيرا في الرواية،وعصمت هذا وحيد أبويه،والده داود الندام عميل سقط في شَرَكِ المخابرات، أسقطوه ودفعوه ليتقرب الى الناشطين في المقاومة في قريته،فأوقع بهم مقابل شواقل قليلة،فاستشهد أحدهم وأصيب آخر واعتقل آخرون،وسجن معهم ليواصل تجسسه من داخل السجن،وليقبع في غرف العار، ومع ذلك حكموه خمسة عشر عاما،وليكسب عداوة رفاقه وأقاربه،وأبناء قريته ومعارفه،ولينبذ الجميع افراد أسرته،مع أنهم لا ذنب لهم اقترفوه،فعصمت الطفل الذي اعتقل والده،اكمل مدرسته وسافر الى تونس ليكمل دراسته في القانون ليدافع عن المظلومين،التقى بـ(أسماء)في تونس عن طريق شخص تونسي،وتعاطفت معه كونه ابن سجين سياسي،مثلما هي ابنة سجين سياسي،وكونه في مثل جيل ابنائها ايضا،وعن طريقه تعرفت على طالب الفنون التشكيلية حمدون العراقي اللاجئ السياسي في تونس،ويلاحظ ان عصمت الذي لم يكن يعرف شيئا عن حقيقة والده كان فخورا بهذا الوالد،ولما أفرج عن والده عاد وهو في شوق عظيم لهذا الوالد،لكنه عندما علم بالحقيقة شكلت له صدمة نفسية جعلته يتوارى عن الناس،وهنا فهم سرّ زواج حبيبته وزميلته منذ الطفولة هدى التي تعلق بها، ويبتعد عنهم لعدم قدرته على مواجهتهم نتيجة عار والده في العمالة،فما لبث ان ترك القرية بحجة مواصلة التعليم حيث سافر الى روسيا،ليتزوج هناك من فتاة روسية مسلمة"ناديجدا"-نادية-والذي علم لاحقا ان لها أكثر من عشيق،وليسقط بعدها على الرصيف من شرفة الطابق الثالث عشر في احدى البنايات،دون معرفة اذا كان ذلك انتحارا أو بدافع من آخر،أو تزحلقا عفويا.

ويلاحظ أن الكاتبة فضحت العمالة بأسلوب روائي سردت فيه ما يتعرض له الساقط في براثن العمالة من ضغوط نفسية، ومن اذلال على ايدي جلاديه،وعلى أيدي ضحاياه أيضا،وانه اذا لم يقتل على ايدي من خانهم من ابناء شعبه،فانه سيقتل على أيدي اسياده بعد ان انتهوا منه،لكن أثر العمالة لا يقتصر على العميل نفسه،بل يتعداه الى بقية أفراد أسرته،مع أنهم لم يشاركوه العمالة،وهذا ما لاحظناه على أم عصمت زوجة العميل داود الندام التي قاطعتها صديقاتها السابقات عندما علمن بعمالته،فصديقتها أم خالد زوجة وأم لشهيد وأمّ لأسير هم ضحايا لهذا العميل،وقريبه محمود الندام قضى سنوات طويلة في السجن نتيجة ابن عمه العميل،أما عصمت فقد كانت خيبته كبيرة بأبيه العميل،مما قاده الى الهجرة بعيدا عن وطنه حيث قضى نحبه،وما لم تقله الرواية لكنه يّقرأ بين السطور أن داود الندام مسؤول عن ضياع ابنه وقتله ايضا،وقد أحسنت الكاتبة وصفا عندما شبهت العميل بـ(مصيفة الغور اللي لا صيفه جابت ولا رجعت بشرفها)وهو مثل فلسطيني يضرب فيمن يفشل في عمل ما،ويخسر شرفه ايضا.

ويلاحظ ان الرواية لم تُدِن ابناء العملاء وزوجاتهم وأسرهم لأنهم لم يقترفوا ذنبا،وقد ظهروا في الرواية كضحايا لا حول لهم ولا قوة،وفي هذا رسالة لمن تسول له نفسه بالعمالة مفادها ،أنه عمله الجريمة لن تقتصر نتائجه التدميرية عليه فقط،بل تتعداه الى أقرب الناس اليه،الذين من المفترض أن يوفر لهم الحماية والعيش الكريم،كزوجته وأبنائه،وتتعداهم الى أبناء العائلة والأصدقاء.

ومن المفارقات الجميلة في الرواية وجود العراقي حمدون الفنان التشكيلي،فوطنه محتل هو ايضا،لكنه كان سعيدا في تونس وفي موسكو،وزوجته التي كانت معلمة مدرسة تركت عملها لتلتحق ومعها طفلاها دجلة وفرات بزوجها،على عكس عصمت ابن العميل فقد تركته صديقة الطفولة والتي كان يخطط للزواج منها والسبب هو أنه ابن عميل.
27-3-2010



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة للتأبين أم للتحرير
- الرهان على السلام مع نتنياهو
- الفساد ينمو ويكبر
- سواحرة الواد دراسة قيمة
- فتاوي التكفير والهدم
- تل الحكايا في ندوة اليوم السابع
- تل الحكايا .. ما بين السيرة الذاتية والغيرية
- نتنياهو يضع الحل من جانب واحد
- أنا والجنود والكلب
- ندوة اليوم السابع تحتفل بيوم الثقافة الفلسطينية وتحيي ذكرى م ...
- للفساد وجوه كثيرة
- الثقافة ومُصَلِّح بابور الكاز
- رسائل نتنياهو للعرب
- حسام خضر في ندوة اليوم السابع
- تل الحكايا سيرة مناضل ونضالات شعب
- سواحرة الواد في بيت المقدس وأكنافه
- حسام خضر اعتقال وصمود
- ماجد أبو غوش في ديوانه الأخير
- الابراهيمي وبلال أولاً والأقصى ثانياً
- (كلب البراري)اصدار قصصي جديد لجميل السلحوت


المزيد.....




- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - رواية وجوه أخرى والسمو الانساني