الفضائح المسكوت عنها..!

كريم الشريفي

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 20:35
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    

التقليل من شأن الحدث بكلمات ملطّفة أو بجمل رمزية أو بعبارات إحائية لايعني أبدأً اهماله أو نفيه ، لكن وضع اللّوم على أدوات التعبير (اللغة) هذه حجة عرجاء يتعكز عليها البعض. أن عدد من السياسيين (بالصدفة) يتّهم اللغة بأنها قاصرة وتفتقر الى التعبير عن الأفكار بالشكل الذي يريده ويتمنى له هذا السياسي أو ذاك المثقف، خصوصاً إذا كان الأمر يحتاح الى هجواً مبطناً لغريم سياسي أو قدحاً مدغوماً لمنافس فكري أو إشارة مذمومة الى سقطةً شيخ أي كان هذا شيخ دين أو شيخ عشيرة .. أن الإتهام المتّكرر لعجز اللغة بالتعبير تَحّول من الأدباء والشعراء الى السياسين الجُدد، لانهم يزعمون إنهم من طينة عبقرية ومبدعة، لذلك يحتاجون الى وسيلة تجّسد هذا الأبداع الفضائحي بلغة تفي وتُغني. لذا يعتبر البعض من هؤلاء السادة ان اللغة عاجزة عن شرح افكاره لأن أفكاره (طلاسم) وتعويذات.للأسف هذه الظاهرة لافتة في ثقافتنا العراقية بل العربية عموماً.المتتبع لأحاديث السادة المُرشَحينْ، والمُترشِحين، والمُترشَحون للأنتخابات البرلمانية أظهروا ثقافةً طفولية بلغة ركيكة خلاف مايزعم البعض منهم،لدرجة أن تصريحاتهم فيها الكثير من المغالطات والتناقضات بنوع التهم والغمز لفضائح غرمائهم، ومنافسيهم، وخصومهم على المنابر الأعلامية. لكن هذا لايعني ان البعض استطاع أن يؤكد اتهاماته بجدارة ضد الخصم بقوة الدّالة حدثاً أو تصريحاً ،وبحجة الدليل برهاناً أو وثيقة ويدعم الأدعاء بكلتا الحالتين الدّالة والدليل. يقول الأنثربولجست – كلاستر- (( الكلام يستمد نفوذه من المصدر الذي يُنسب إليه وليس الى منطقه الداخلي.. ما يصدر عن شيخ القبيلة هو الصواب والنافذ وما يحتكم إليه ،لكن الكلام لو نسب الى فرد القبيلة العادي لما استوقف أحداً)). هذا يدعم ما نود الحديث عنه هنا لأن الحديث صادر ليس عن شيخ قبيلة وحسب بل عن رئيس كتلة سياسية وشيخ دين اضافة الى البعض شيوخ قبائل، إذن هذه الأحاديث ممهورة بصوابها وقوتها. عندما احتدم الوقت لفرز نتائج الأنتخابات رأينا التشكيك سلفاً من البعض مما أسسّ وأجاز للقدح بالأخرين والتنابز معهم ،وهذا جعل الأخرين أن يردّوا بشكل متشنج مدفوعين الى أقصى درجات الفعل وكأن ساعة تصفية الحسابات قد حلّت بفضح الماضي ونشره أمام الملأ. رأينا هذا خلال تصريحات السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي فجرّ أول بالوناته وأطلق التهمة التي شككت بنزاهة الأنتخابات بقوله أن هناك تزويراً متّعمد يحصل بصناديق التصويت الخاص قبل معرفة أي نتيجة للفرّز بتصنيفاتها من قبل المفوضية التي صنفت فرز النتائج بالأولية والجزئية ثم الرسمية ،وآخرى النهائية . والغريب انه صرح بذلك من سوريا حيث يوجد الكثير من اتباعة لأستمالة أصواتهم وبالتالي يبعث رسالة متعددة الأهداف.غرضها التحريض ضد نزاهة المفوضية للأنتخابات،علماً أن له مراقبين في مراكز الأنتخابات . مما جعل الأصوات الاخرى تُصّرح وتصرخ باعلى أصواتها متخذةً من تصريح الهاشمي سبباً وعلة أكيدة بالتزوير. حيث صرح السيد أياد علاوي بأن عمليات تزوير متعددة حصلت لصالح قائمة نافذة ويقصد بها قائمة السيد المالكي . وثالث شكك بنزاهة المفوضية كون أعضائها جاءوا عن طريق المحاصصة وبالتالي هم غير حياديين وربما يتعمدون التّزوير .. أكد الشيخ صباح الساعدي عضو البرلمان إن المفوضية للأنتخابات مشّكلة من أعضاء الكتل جميعاً بما فيهم حزب الدعوة الذي اشترك بتأسيسها السيد علي العبادي والشيخ العطية وبالتالي المفوضية ليس كتاب مقدس لانها نتاج محاصصة أسوة بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها . ثم جاء تصريح السيد رئيس اللجنة القانونية بالبرلمان السيد بهاء الأعرجي بقنبلة من العيار الثقيل أثناء لقاء صحفي معه بالناصرية التي ترشح عنها وهي ليس مدينته مثله مثل الشيخ جلال الدين الصغير الذي ترشح عن محافظة دهوك والشيخ همام عن محافظة السليمانية حيث قال الأعرجي رداً عن حديث له على قناة البغدادية عن الخليفة أبو بكر واتهام الحزب الأسلامي بأنه تعرض للخليفة قال الأعرجي (( أن الحزب الأسلامي بعد إفلاسه بالشارع السياسي أراد أن يروج الى نفسه بالدعاية الأنتخابية ليتخذوا من الصحابي أبو بكر دعاية لهم بهجومهم علي ..ان هولاء متحاملين بسبب تصريحي حول أجتثاث طارق الهاشمي المشمول بالأجتثاث طبقاً للوثائق التي لايرقى لها الشك من خلال الأدلة والبراهين والتسجيلات التي تُثبّت شموله ، والوثائق موجودة عند هيئة المساءلة والعدالة ،اضافة الى ذلك أن الحزب الأسلامي مارس تجاوزاً بأستئثاره المناصب الحكومية والبرلمانية تجاوزاًعلى اخوته في جبهة التوافق.لذلك أنا ادعو هؤلاء الأخوة بالحزب الأسلامي بالتراجع عن أخطائهم وعليهم أن يصححونها في المرحلة القادمة وأن رفضو ذلك عليهم تبديل أسمهم من الحزب الأسلامي الى الحزب الأرهابي ،فهناك أربع أوامر قبض صادرة بحق قياديين في الحزب وهم عبد الكريم السامرائي وسليم الحبوري وهو عضو برلمان وتيسير المشهداني ، وعمر الكربولي وفق المادة 4 ارهاب من قانون العقوبات العراقي )).أن هذا التصريح خطير لكن بدورنا نسألك سيد بهاء الأعرجي كيف كنت تجلس وتحاور هؤلاء والبعض منهم في اللجنة القانونية وأنت رئيسها وتعرف انهم مطلوبين للعدالة بتهم الأرهاب ؟ لماذا كنت ساكتاً عنهم كل هذه المدة؟ هل هناك صفقة اجريتموها معهم مقابل سكوتكم عنهم ؟ الناس من حقها أن تعرف هذا ياسيد بهاء ! السيد المالكي هو الأخر اعترف في لقاء على قناة العراقية الفضائية بأنه وزع 200 مسدس على شيوخ عشائر وفنانين كهدايا مبرراً ذلك ان هؤلاء وقفوا مع الحكومة . ياسيدي أن هذه الثقافة الربوية تذكرنا بممارسات النظام المقبور وأنت من أشد المتضررين منه.. كيف تمارس هذا السلوك من العطايا والهدايا بهذا الشكل ؟ ألم يذكركك هذا بنظام رأس النظام المقبور ؟ كيف تنهي عن خلقِ وتأتي بمثله؟ إن اعادة التشريع الربوي بالثقافة والسياسة سلوك تمارسه الأنظمة الهزيلة التي تقوم بمقايضة المثقف مقابل مقالة اطراء أو قصيدة مدح لشاعر،أو شقة مقابل وشاية ، أو مسدس لشيخ عشيرة متزلف ، أو سيارة لخادم البيت.. أن هذا السلوك يُعيد للأذهان مشهد انحطاط النظام البائد الذي ربى العديد من الطبّالين ، والكثير من المداهنين ، وأرتال المتملقين ، وأشباه الرجال في أعشاش أمينة وعلفها وقت شحة الخبز وانتظر بلوغها سن الرشد ..لكنها بلغت سنّ الغدر وأول من خانته هذه الجموع بعد أن عرفت عرشه زائل وبالتالي شاركت بلدغه لتسقطه حتى تتفرج عليه مضرجاً بالدماء. أنت شكوت بمرارة العلقم من اللذين وقفت معهم في الشدة وأعددتهم للسلطة والمراكز الوظيفية ولكن لم يسمعوا كلامك ولم ينفذون اوامرك وأنت رئيس الحكومة .. عليك بأعادة حساباتك سيدي ! بعد ذلك جاء دور السيد عادل عبد المهدي وعلى نفس القناة الفضائية يعترف أمام الملأ بأنه اشترك بمؤامرة ضد السيد الماكي لأزاحته بعد أن انفرد بالقرارات التي ليست من صلاحيته ،فضلاً عن الممارسات التي تمّدد بها على صلاحياته ومنها تأسيس دوائر ومؤسسات وعيّن لها مدراء ومسؤولين بدرجات وظيفية كبيرة مستغلاً مركزه التنفيذي الذي لايجيز له ذلك. بينما يدعي المالكي بأن جهات نافذة حاولت عرقلة المشاريع الخدمية التي شرعنا بعملها . حسب زعمه بأن المجلس الأعلى حاول مراراً عرقلة المشاريع الخدمية حتى لاتُحسب منقبة الى المالكي . خصوصاً بعد أن تقدم عليهم ائتلاف (دولة القانون ) في إنتخابات مجالس المحافظات الماضية . لقد كان عبد المهدي يتصنع الوقار والهدوء ويتكلم وكأنه فيلسوف يقوم بالأستقراء والتحليل والأستنتاج على الأسئلة التي يواجهها محاولاً بتبريرات ركيكة وتفسيرات لايعقلها المشاهد لسوك المجلس الأعلى الذي يمثله. يبدو ان هناك صراعات مريرة بين السلطات الثلاثة والمواطن هو الضّحية المسكينة . أن الأخبار بدأت تتوارد عن سقوط رؤوس الفساد ومافيات التهريب بالعملة بعد تقرير صحيفة (نيويورك تايمز،والواشنطن بوست ) التي أوردت الخبر الذي يقول بأن أموال هائلة تقدر بملايين الدولارات تم تهريبها الى امريكا لمسؤولين عراقيين .أعتقد أن صفحة الفساد والعمولات والرشا انفتحت على مصراعيها من الآن ،لاسيما وأن بعض أعضاء البرلمان الذي تشكل بالمحاصصة هربوا الى الدول التي جاؤا منها ..بعد فرّز النتائج الأولية تبين أن البعض منهم حصل فقط على 3 اصوات ، والآخر على 15 صوت ..ستتساقط الرموز الكارتونية ،والكارزمات الخاوية بعد ان انقشعت الصبغة الكهنوتية عنهم وهذا سيحول الألسنة المشلولة ،والأيدي المغلولة الى ألسنة سليطة وأذرع ضاربة قريباً .

#كريم_الشريفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات