أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - بمناسبة مرور مائة عام على وفاة الكاتب العظيم تشيخوف















المزيد.....

بمناسبة مرور مائة عام على وفاة الكاتب العظيم تشيخوف


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 895 - 2004 / 7 / 15 - 06:39
المحور: الادب والفن
    


إنسانٌ متواضع ، وحيد و غامض
بمناسبة مرور مائة عام على وفاة انطون تشيخوف
إعداد و ترجمة د . إبراهيم استنبولي
[email protected]

انطون بافلوفيتش تشيخوف ( 1860 – 1904 ) واحد من اكثر الكتاب شهرة و المقروءين جداً في روسيا وفي البلدان الأخرى .. فمسرحيات تشيخوف ، والتي لم تكن تتمتع ، خلال حياته ، بنجاح خاص ، نجد انه من جديد يتم إخراجها على احسن واشهر الخشبات المسرحية في العالم ، وفي مختلف اللغات ، و أن المخرجين يجدون جانباً واحداً ، وثانيا وثالثاً ، سابقاً غامضاً وغير مكتشف فيها ، بالضبط كما لو أن تشيخوف كان على تلك الدرجة من التعقيد و الغموض بالنسبة للجمهور وبالنسبة للقراء ككاتب قصة وككاتب مسرحي . النثر لديه في منتهى البساطة . كل شيء شفاف و مفهوم . لكنها بساطة واختصار مخادعين . الخجل ، اللباقة الفائقة ، والحصافة مع غياب أي ميل للثرثرة والديماغوجية ، إلى جانب طبع يمتاز بالطيبة والإيثار ـ هذه هي مواصفات شخصية الكاتب .
وكم من الفرضيات والتكهنات التي دارت حول ما إذا كان تشيخوف مسيحياً أم مادياً ملحداً !. بل كان هناك رأي هو " .. إن تشيخوف الطبيب لم يكن مؤمناً .. " ، كذا . لقد كتب الكثيرون عن عدم كون تشيخوف مؤمناً ، لكن أعماله ـ كلها بلا استثناء ـ تشهد على العكس . فالبحث عن الحقيقة ، عن الله ، فضح الزيف والخسة ، الكشف عن الخواء الروحي ، إلى جانب محبة الناس والعطف عليهم والبحث عن معنى الحياة ـ هذه هي المعاني الرئيسية لمجمل إبداع الكاتب .
إن طبع انطون بافلوفيتش ، الليِّن والرقيق لدرجة الإدهاش ، قد تشكل على الرغم وبالضد من الأسلوب العنيف للتربية التي تلقاها في طفولته . لقد كان والده طاغية ومستبداً ، غالباً ما كان يلجأ إلى العقوبات الجسدية ، كان يضربهم من اجل كسرة خبز أعطوها للكلب . كانوا يأكلون حتى الشبع فقط عندما يحلّون ضيوفاً . لقد تربى الأطفال في ظلِّ القسوة و الانصياع ، كما كان " يحشي" لهم دماغهم بقوانين الرب ، وكان يلجأ إلى إيقاظهم ليلاً أو يضربهم على أي خطأ يرتكب عند قراءة نص من الكتاب المقدس.. وحسب تعبير الكاتب نفسه ، لقد " بالغ الأطفال في صلواتهم " ، ولم يكن في ايمان الوالد لا حب و لا رحمة و لا طيبة. كان الرب يبدو مرعباً و مخيفا. " الاستبداد و الكذب نهشا طفولتنا لدرجة أن تذكّر ذلك يبعث على الغثيان والقرف " .
" أنا تلقيت في طفولتي تعليم ديني ومثله من التربية مع غناء كنسي ، قراءة الرسل... والقيام بالصلاة الصباحية في الكنيسة بشكل منتظم... والمساعدة في الطقوس على المذبح ، وقرع الجرس. و ماذا ؟ حين أتذكر اليوم طفولتي فإنها تبدو لي مظلمة بما في الكفاية ، وانه ليس عندي من الدين شيء . يجب القول ، أنه حين كنا ، أنا و اخوتي نغني وسط الكنيسة trio التوبة" أو" لحن آرخانكلسك" ، فقد كان الجميع ينظرون إلينا بحنان وكانوا يحسدون والديَّ ، بينما نحن كنا نحس و كأنه محكوم علينا بالأعمال الشاقة " ( من رسالة ) .
وهنا يمكن أن نسأل ، من أين تلك الطيبة " التشيخوفية " ، تلك العاطفة و تلك الوداعة ؟ إنَّ نور تشيخوف لا زال يُدفئ حتى الآن . فلا مكان للانقباض والكآبة في قصصه ، وسخريته ناعمة لا تجرح أحدا . لاشيء يذهب أدراج الرياح . لاحظوا كيف أن عادات الحياة في الكنيسة وطباع الرهبان منثورة بتؤدة و بمعرفة في اقصوصات وقصص تشيخوف ! إنها من طفولته ، ولتكن قد اكسبها مسحة قاتمة العنف الأبوي على الروح الفتية .
أنهى تشيخوف معهد الطب وعمل طبيبا ممارساًً . ولذلك هناك عدد كبير من الأطباء بين أبطال قصصه ـ آستروف ، ديموف ، إيونيتش ، أبطال سلسلة القصص " جراحة " ، " السرير رقم 6 " ، وغيرها الكثير .
جهد تشيخوف من اجل إعالة جميع أفراد عائلته . مرض بداء السل منذ أن كان عمره 13 عاماً ، وكان يعرف تشخيص مرضه ، لكنه لم يعالج نفسه نهائياً . ما هذا ، نفسية الطبيب ؟ وهو ينفث الدم ، سافر في رحلة مضنية إلى جزيرة ساخالين . هل أراد أن يذري حزنه بعد وفاة أخيه المحبوب أم أراد رؤية المذنبين التائبين بأم عينيه ؟ سراب ، فقد اختفت الأوهام الوردية . اقرءوا كتابه " جزيرة ساخالين " ـ إنها بحث مستفيض لحالة الناس الساقطين روحياً . طباع خشنة ، غياب أي نوع من التوبة ، الرذيلة في افضح صورها . لقد أجرى تشيخوف ، حسب يومياته ، آلاف المحادثات . قائمة طويلة حول ما كان الناس ـ منفيون و مهاجرون ـ بحاجة إليه ، راحت تكبر وتكبر . وقبل كل شيء ـ الأدوية . وقد ثابر تشيخوف على إرسالها لهم حتى وفاته . هناك ، على جزيرة ساخالين بالضبط ، سنحت الفرصة لتشيخوف أن يلتقي اثنين من القساوسة ، خدم الرب ، اللذين ذهبا إلى هناك ، استجابة لنداء الواجب ، من دون أي ضجيج ، من اجل مساعدة المنبوذين والساقطين ، ليساعدوهم وليخففوا عنهم بما استطاعوا .
عام 1901 . حفل زفاف في كنيسة بموسكو على الممثلة المعروفة أولغا ليوناردوفنا كنيبّر . لم تنجح الحياة العائلية . هي في موسكو ، هو في يالطا . رسائل رقيقة ، لطيفة .
عام 1904 . نصحه الأصدقاء بالسفر " للعلاج " في المصح الدارج حينئذٍ ـ مكان صغير بادن فيير في ألمانيا ، حيث توفي انطون بافلوفيتش تشيخوف ، بعيداً عن الوطن وعن الأصدقاء . بجانبه كانت فقط أو لغا ليوناردوفنا ، التي كانت ، كما يُعتقد ، غير مبالية تجاه الإيمان و تجاه الرب . لكن من يدري ، فقلب الإنسان مجهول . حتى أثناء منازعته الأخيرة كان انطون بافلوفيتش غامضاً بما فيه الكفاية . كان يقلقه شيء واحد فقط : أن لا يزعج أحدا . وحين ساءت حالته ليلاً ، طلب استدعاء الطبيب ، لكنه تمنى عدم إيقاظ الصبي لكي يذهب من اجل اسطوانة الأكسجين . فهو لن يلحق في جميع الأحوال . جاء الطبيب . طلب تشيخوف كأساً من الشمبانيا . قال بالألمانية : " ايخ شتيربي " ( إني أموت ) . وبهدوء ، دون أي اختناق مبرّح ـ وهذا نادراً ما يحدث عند وفاة المصابين بالسل ـ انتقل إلى العالم الآخر ...
تم نقل جثمان الكاتب الروسي العظيم إلى روسيا . وتم دفن تشيخوف في مقبرة " نوفوديفيتشي " في موسكو . آخر رسالة كتبها إلى أخته : " ساعدي الفقراء . احفظي الوالدة . عيشوا بسلام " . كانسان متواضع و نظيف ، عاش كما كتب : " في الإنسان كل شيء يجب أن يكون رائعاً : وجهه ، و ثيابه ، وروحه ، و أفكاره " ( دكتور آستروف ، " الجد فانيا " ) .
أحدهم أحصى أن في كتابات تشيخوف تعيش وتعمل ثمانية آلاف شخصية . حتى القصص القصيرة " مسكونة " بكثافة ـ وكل بطل ـ شخصية متكاملة . ودون أن يكون مع ذلك لا مقدمات و لا وصايا في الأخلاق . الحوارات متنوعة جداً ، لكن الموضوع تقريبا واحد : موات الروح البشرية ، عن القيم الكاذبة ، الأبدية والعابرة اللحظية ، العطف نحو المستضعفين والمهانين . و .. لين مدهش ، فكاهة لا تبلغ حد التهكم ، " تشيخوفية " بامتياز ، لا تشبه الضحك " الغوغولي " من خلال الدموع ...
هناك الكثير الكثير من الكتابات والدراسات عن تشيخوف ، عن حياته و عن إبداعه . مع أن قصصه ، رواياته ومسرحياته منتشرة بدرجة واسعة جداً . ولذلك سأحاول التركيز فقط على بعض الجوانب التي ، من وجهة نظري تعتبر بالنسبة لنا ممتعة و هامة .
كتب تشيخوف ، بناء على الطلب ، قصصاً مكرسة للكنيسة و لأعياد الفصح .. لكنها لم تكن تبدو كتوصية ، بل كانت دوماً نابعة من القلب ، وتحمل الطابع الجدي للإبداع كاملاً .
" فانكا " . صبيٌّ يكتب عن حياته القاسية إلى إنسان قريب منه ، إلى جدّه ، وذلك في ليلة عيد الميلاد ، عندما يعيش المرء بشكل خاص المعاناة ، يتذكر ما هو جيد ، يشعر بالمأساة : لماذا أنت في هذا اليوم توجد عند الغرباء وليس مع الجد . أصحاب البيت ، أولئك الذين " يجرّون " الصبي لأتفه شيء ، قد ذهبوا إلى صلاة الصبح . حالة نادرة : فانكا وحيد ، وبإمكانه كتابة رسالة من غير عجلة . تفصيل صغير : الصبي يكتب وهو يجثو على ركبتيه أمام المقعد . النافذة مظلمة ، تنعكس من خلالها شمعته ، كما لو أنها " شاشة " . ترتسم في مخيلته صورة الجد الحبيب الكلب فيـون . و بفرح تتلألأ النجوم المتناثرة في السماء . ودرب التبّان يظهر بوضوح ، كما لو انه قبل العيد قد تم غسله ومُسحَ بالثلج .
قصة صغيرة للغاية . لكن كم فيها من الألم والرقة والسذاجة القدسية للصبي . والنهاية الثاقبة . فالصبي ، بعد أن ألقى بالرسالة في صندوق البريد ، وقد داعبته آمال حلوة رائعة ، ينام بعمق دون أن يعرف ، أن رسالته المعنونة باختصار " إلى القرية ، إلى الجد " ، لن تذهب إلى أي مكان ولن تصل لأي كان .
والقصة الرائعة المكرّسة لعيد الفصح ـ " القوزاق " . " جنازة " وقصة مضحكة ، مُـرّة . وكما ذكرنا ، إن موضوع الإنجيل يبرز في الرواية الوثائقية " جزيرة ساخالين " . كلمة طيبة عن القساوسة ـ الرسل ، الذين يتحملون الحرمان كما الجميع ، ويعاملون المنفيين ليس كمجرمين ، بل كأناس تعساء للغاية . و قصة " المزمار " . يفكرُ الحدائقيُّ : أربعون سنة و أنا ألاحظ عاماً بعد عام كيف إن ، الأمر بيد الرب اعرف ، كل شيء يسير إلى نهاية واحدة .. إلى الأسوأ ، أراهن . على الأرجح ، إلى الدمار ... لقد جاءت لحظة النهاية لعالم الرب ... و ، يا إلهي ، كم مؤسف ! هذه ، طبعاً ، إرادة الرب ، العالم ليس نحن من صنعه ، يا أخي ، لكن مؤسف ... كم من الخير ، يا سيدي المسيح ! " .
لقد تنبأ تشيخوف بكارثة الثورة ، بما في ذلك نتائج التطور التكنولوجي . " الإنسان الروسي الجديد " لوباخين يقطع الأشجار في حديقة الكرز ـ جمال رباني ، حديقة التقاليد الروسية ، حديقة الثقافة والروح الروسيتين ... لربما ، إن تشيخوف لم يرَ مخرجاً من المأزق ، لم ير حلاً بديلاً .. بالمناسبة ، هل واضح اليوم وسهل ـ إلى أين وكيف لروسيا أن تسير ؟ و إن الأمر ، على الأرجح ، ليس في قتل حديقة الكرز ، بل في ضعف و قصور الناس " الجيدين" المثقفين من مثال رايفسكايا و الجد فانيا مع سونيا ( شخصيات محورية في قصص الكاتب ـ المترجم ) .
من خلال الكثير من القصص تمر كالخيط فكرة أفقدت تشيخوف السكينة والهدوء : عن الأيمان الكاذب ، الاستعراضي ، عن المسيحية الميتة ، عن الظلمة و الجهل . فالأيمان الكاذب يسبب الانهيار ، الشخصي والوطني . عن هذا كتب الكثير كل من تولستوي و ليسكوف ، لكن تشيخوف يعكس ذلك بطريقته الخاصة المختلفة ، بسهولة ومع شيء من السخرية .
لقد عاد تشيخوف اكثر من مرة في كتاباته إلى الموضوع الذي طالما أقلقه ـ الأيمان الشكلي ، الروتيني - بحكم العادة ، والذي مع ذلك يرافقه خواء روحي كامل ـ وقام بدراسته من جوانب مختلفة . وهو ، بالمناسبة ، موضوع ملح في كل الأوقات .. اليوم في روسيا لو تسأل أيا كان ـ الجميع مؤمنون .. فلماذا إذن كل هذا العدد من حالات الانتحار والجرائم وعلى مختلف المستويات .. ليس بسبب الفقر على كل حال ... يقولون انهم يؤمنون بالله ، أما الواقع ـ فراغ من الداخل . هل يا ترى ممكنة الانتقالات والتحولات من المسيحية الشكلانية إلى المسيحية الحية وبالعكس ؟ كأن تعلن التوبة ، تتعمد ومن ثم فجأة تبدأ السكر وتدخل في حالة من الضلال ؟! كما تبرهن الحياة ، توجد هكذا حركة في هذا الاتجاه وفي الاتجاه المعاكس ...
حين كان يسأل تشيخوف السؤال التقليدي : أي أعماله اكثر قربا لقلبه ، فقد كان يجيب بشكل دائم : قصة " الطالب " . وهذا لأمر يبعث على السرور ، لأن تشيخوف يظهر هنا بالضبط وبشكل موجز للغاية ذلك الانتقال من القبول الاعتيادي للإنجيل ككتاب اثري إلى الفعل الذي يحمله الكلام الإلهي على الإنسان . موضوع القصة بسيط . طالب من الأكاديمية الروحية ، تحت تأثير الإحساس بالواجب ، يذهب في اليوم السابق لعيد الفصح ليقرأ من الإنجيل على الأرامل في حاكورات منازلهن . إنه جائع وحزين ، و يشعر بالبرد . هو لا يرى في " عمله العبادي " أي معنى . يبدأ بالحديث عن تبرؤ بطرس ( المقصود به نكران بطرس للمسيح ـ المترجم ) ، عن البكاء المرير للحواري ، وعن عذابات الضمير لديه . و فجأة يرى التلميذ كيف إن إحدى النسوة تبكي . فيشعر بالقلق : هذا يعني أن كل ذلك الذي حدث في تلك الليلة الرهيبة مع بطرس يلامس هذه المرأة بشكل ما . إذا بكت العجوز ، فليس لأنه هو ، الطالب ، يجيد التحدث بشكل مؤثر ، بل لأن بطرس و معاناته قريبان ومفهومان بالنسبة إليها .
و عن تعاسة آخرين ـ " الإنسان المعلب " و " موت موظف " . ربما أحد ما يعرف نفسه فيهما . بيليكوف ، الإنسان المعلّب ، الذي يحظر كل شيء ويخاف من كل شيء ـ " ربما يحدث كذا وكذا " ، ـ شاهد فتاة تركب دراجة هوائية ، مرض من المعاناة ومات . و أخيرا تم وضعه في " العلبة " .!
" السرير رقم 6 " ، " آنّا في العنق " ، " السيدة مع كلب " ، مسرحيات " حديقة الكرز " ، " الأخوات الثلاثة " ، " النورس " ـ يمكن تسمية جميع القصص والمسرحيات ، إعادة قراءتها كلها . في كل منها حياة ، محاكمات ، عذابات و استكشاف ... كاتب مدهش للغاية ...
لقد قال الفيلسوف بيردياييف عن تشيخوف : " اتحاد آلام الرب مع آلام الإنسان " .
الفيلسوف س. بولغاكوف افصح بحزم اكبر : " من حيث قوة البحث الديني إن تشيخوف يسبق حتى تولستوي ، وهو يقترب من دستويفسكي ، الذي لا مثيل له في هذا المجال " .
هناك كتاب طيب عن تشيخوف للكاتب الروسي المهاجر بوريس زايتسيف . إنها حالة نادرة بالنسبة لنا ، نحن المواطنين السوفييت ، أن يكتب عن تشيخوف إنسان متدين . من قبل تم إصدار ذلك الكتاب فقط في باريس ، والآن ظهر في روسيا أيضا .
" منذ فترة قريبة قرأت كتابكم عن تشيخوف . لقد قمتم " بنفضه " بكل حرص وبعناية فائقة . انتم " رممتموه " ، أعدتم تشكيل ما أبدعه الخالق الأول . إنكم لامستم تشيخوف الحقيقي . ولم تنسوا ، كما يبدو ، أي شيء ، حين كشفتم عن جوهره ، الذي ربما ، هو نفسه ، لم يراه حتى النهاية . إن كتابكم بمثابة اقتباس " للثمين من التافه " ، حسب كلام الرب ، الذي قاله للنبي : " إذا استخرجت الثمين من التافه فستكون كما هي شفاهي ... " . تلك السيرة الذاتية هي بالطبع ليست " أدبية " فقط ، بل تقف ، من حيث المبدأ ، عند حدود الأدب و ذلك الذي " من القلب إلى القلب يتكلم في تحية صامتة " ـ من مراسلة الاباتي يوحنا ( شاخوفسكي ) إلى بوريس زايتسيف .
الطريف أن الكاتب ، وهو يبحث عن الحقيقة ، عن الرب ، عن الروح وعن معنى الحياة ، فقد قام بذلك ليس من خلال دراسة حالات التسامي الروحي ، وإنما من خلال جوانب الضعف الأخلاقي ، من خلال حالات السقوط و عجز الشخصية . أي انه عبّر عن حبه وعطفه دون أن يقع في أحكام فاضحة . لقد تضامن تشيخوف مع دوشينكا ، مع بيليكوف ، مع كاشتانكا و مع آستروف ...
باختصار ، لنسعد بأنه لدينا هكذا كاتب ، كما هو تشيخوف ، الذي يمكن أن نقرأه ونعيد قراءته . ذلك الإنسان المتواضع جداً ، الرقيق ، الوحيد جداً والغامض .

أو لغا كولِيسوفا
كاتبة في جريدة " ميترا " المسيحية الروسية .



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوشكين .. في ذكرى ميلاده
- تحيــة إلى العفيف الأخضر مثقفاً منسجماً مع ذاته
- العولمــة : نهايـــة أسطورة
- آنا آحمادوفا : قصـة حـرفٍ و مصـير
- العولمة اعلى مراحل الاستعمار
- مهد البشرية . . الشمالي؟ أو - صفحــة من التاريخ -
- بعض الموضوعات الختامية لملتقى غوليتسينو* : - مستقبل قوى اليس ...
- الاول من ايار ـ هل عفا عليه الزمان ؟
- قمة الدول العربية القادمة و مشروع - الإصلاح الامريكي - :- سف ...
- بين بَطَر السلطة و بؤس المعارضة تضيع الاوطان- أنظمة - بطرانة ...
- احذروا دجوبولّلو أو قواعد الإمبريالية العشر
- مقال فــي الصحة النفسية
- - استعمار روسيا - حول دور روسيا في النظام العالمي الجديد
- وصــفة من أجل شباب دائم
- و في العـــراق ... قلقٌ و حزن
- معــاداة السامــية في روسيا :من ستالين حتى الطغمة المالية
- بقايــا - آلـــهة - أو قصص غير مفيدة
- الشاعر الروسي أوسيب إيملييفيتش مندلشتام قصة حياته و موته
- مــلاحظات حول موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري- ا ...
- يفغيـــني يفتوشينـــكو


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - بمناسبة مرور مائة عام على وفاة الكاتب العظيم تشيخوف