ترجمة و إعداد د . إبراهيم استنبولي
وُلد في 18 حزيران من عام 1933 في محطة زيــما من منطقة كراسنويارسك . كان والده جيولوجياً ، لكنه لم يكف
طيلة حياته عن كتابة الاشعار ، لذلك فقد ربّى ابنه على محبة الشعر .
بعد ان انتقلت العائلة للعيش في موسكو ، كان الشاعر المقبل ـ وأثناء تعلمه في المدرسة ـ يدرس في حلقة الشعر في قصر الطلائع الكائن في منطقة دزيرجينسكي . وفيما بعد صار يزور صف الاستشارات الادبية تحت إشراف دار النشر " الحرس الفتي " ، حيث تدرب خلال ثىث سنوات على يد الاستاذ الشاعر أ . دوستال .
في تلك الفترة قام ي . يفتوشينكو بكتابة الكثير من الاشعار ، وكان يتمتع بطاقة هائلة في حبه للعمل . وقد بدأ بنشر أشعاره اعتباراً من سن السادسة عشرة ، لكن البداية الفعلية لابداعه هو يعتبر قصيدتا " الفركونة " و" قبيل اللقاء " ،
اللتين كتبهما عام 1951 .
في عام 1952 انتسب يفتوشينكو الى معهد غوركي الادبي في موسكو والذي كان يضم في ذلك الوقت بين جدرانه مجموعة من المع شعراء وكتاب القصة في المستقبل ( ن . سوكولوف ، ب . أحمادولينا ، ر . روجديستفينسكي ، يو . كازاكوف ، وغيرهم). قام يفتوشينكو خلال الخمسينيات بنشر سلسلة من الدواويين الشعرية : " الثلج الثالث " 1955 ، " درب المتطوعين " 1956 ، " الوعد " 1957 وغيرها .. اما قصيدة " هل يريد الروس الحرب ؟" فقد تم تحويلها الى اغنية حازت شعبية واسعة وكانت الجماهير ترددها .
بعد ان قام بنشر سيرته في المجلة الفرنسية " اكسبرس " تعرض الشاعر لانتقادات حادة . بعدها غادر مع يو. كازاكوف الى بيتشورا في الشمال حيث عاش وتعرف على حياة وعمل صيادي السمك وعمليات قتل الحيوانات .. وقد تركت تلك الرحلة اثرا واضحا على ابداعه ـ فكانت نتيجتها سلسلة من الاشعار التي تم نشرها فيما بعد في مجلة " العالم الجديد " و " الفتوة" ـ ( منها : " حكاية عن الصيد الجنائي " ، " حكاية عن السراب " ، " بداية عاصفة "* وغيرها .. ) .
شغل الموضوع الجورجي ** حيزا هاما في ابداع يفتوشينكو ـ قام بترجمة عدد كبير من الاشعار من اللغة الجورجية ، وكتب عن جورجيا . وفي عام 1979 قامت دار نشر " ميراني " بطباعة مختارات من اشعاره عن جورجيا وكذلك ترجماته من الشعر الجورجي في مجلد تحت عنوان " الاراضي الثقيلة " .
اعتبارا من منتصف الستينات صار يفتوشينكو يكتب الملحمة الشعرية بشكل اساسي ، وقد نشر منها حوالي 14 ملحمة شعرية ( منها : " تحت جلد تمثال الحرية " 1968 ، " جامعة قازان " 1970 ، " ثلج في طوكيو " 1974 ، " حَمَام في سنتياغو " 1978 ، " ماما والقنبلة النيوترونية " 1982 وغيرها .. ) .
كتب يفتوشينكو النثر منذ ان كان طالبا .. اول قصة له بعنوان " الشارع الشعبي*** الرابع " نشرت في مجلة " الفتوة " عام 1959 . بعدها باربع سنوات ظهرت قصته الثانية " إله من دجاج " . وعلى اثر عدة زيارات للشاعر الى كوبا ظهرت الى النور الملحمة النثرية " انا ـ كوبا " ، التي تم تحويلها الى فيلم سينمائي عام 1964 .
لم يكن نشاطه في حقل السينما أقل نجاحاً ـ فقد لعب دور البطولة ( شخصية العالِم تسيولكوفسكي " **** ) في فيلم " الإقلاع " عام 1979 ، ثم جاء فيلم " روضة الاطفال " عام 1984 الذي كان بالكامل من اخراج الشاعر .
في عام 1967 كتب قصة طويلة بعنوان " بيرل هاربور " ، ومن ثم بعد انقطاع طويل كتب في بداية الثمانينات قصة طويلة اخرى " اراديبولا " ، وكذلك كتب رواية " أماكن من توت " ، التي قييمها الروائي ف . راسبوتين بشكل عال .
من اعمال يفتوشينكو ايضاً كتاب : " الابداع ـ أعجوبة ليس بالصدفة " لعام 1980 ، الذي يضم اهم الاعمال النقدية التي كتبها الشاعر .
في عام 1996 تمت طباعة ديوانه الشعري " إن شاء الله .. " الذي يضم اشعاره الاخيرة .. ومنه نقطتف هذه القصيد المترجمة .
يعيش الشاعر ويعمل في موسكو .. كما يقوم بتدريس مادة الشعر الروسي في مختلف الجامعات الامريكية على اساس المنهاج الموجود في كتابه " انتولوجيا الشعر الروسي " .
إن شاء الله ..
إلهي ، ليستعيد بصره الاعمى ،
وليستقم ظهر الاحدب .
إلهي ، كن ـ ولو قليلاً ، الله َ ،
لكن ، قليلاً ، لا يجوز ان يُصلب .
إن شاء الله ، لن اتورط في السلطة
و دون ان أموت من الحسد .
أن أكون غنياً ـ دون سرقة ،
طبعاً ، اذا كان ذلك يُوجد .
....
إلهي ، لتكن الجراح قليلة
عندما النزال يحتد ،
إلهي ، اعطني اوطانا كثيرة ،
لكن ، وطني دون ان افقد .
إن شاء الله ، بلادك
بالجزمة لن تركلك .
إن شاء الله ، زوجتك
حتى فقيراً ستحبك .
إلهي ، ليغلق الكاذبون افواههم
وقد سمعوا صوت الرب في صراخ طفل .
إلهي ، ليبصر الاحياء المسيح
في هيئة إمرأة ، إن في غير هيئة رجل .
...
إلهي ، إمنح كل شيء ، كل شيء
بشرط ، للجميع ـ كي لا يحزن احد .
إلهي ، مِن كل شيء فقط اعطني
ما لن استحي به فيما بعد .
كلمات في الريح
في الريح ارمي كلماتي ،
غير آسف ، دعها تضيع .
يداعبها الناس ، كأوراق الشجر ،
وبها ، كما بأوراق اللعب ، يقرؤون .
وُتكسبني الاهتمام ،
الذي ، ربما ، لا أستحقه ،
بقداسة ترفعني الكلمات ،
بكل بهائها العظيم .
لكن ، لو أن صبية تجمدت
وهي تهمس أشعاري ،
لكان حلَّ بي ، كما العدوى ،
ألم الأخت لا الكبرياء .
أرمي كلماتي في الريح ،
التي تحكي مآسي كثيرة .
صدفةً ـ أرميها لقرون .
مُضمراً للأبد ـ و إذ لساعة .
لكن الريح تأخذ الكلمات ،
تحملها الى البطش والمحاكمة .
والريح ترفع الكلمات ،
الموتَ أو المجدَ تمنحُها .
والريح ترميها ، وهي تطير ،
هناك ، حيث ينتظرها من يثق بها .
ويتملكني رعبُ لكل كلمةٍ
مع الريح رميتها .
1971
* العنوان الاصلي للمجموعة يعني بالضبط الموجة القوية قبل بدء العاصفة البحرية . ( المترجم )
** من اسم جمهورية جورجيا السوفييتية سابقاً . المترجم
***الكلمة في النص الاصلي تعني تلك الشريحة من الشعب التي تملك المال دون ان تملك الثقافة ، أي انها لا تمت بصلة الى طبقة النبلاء ( المترجم )
**** تسيولكوفسكي : عالم روسي ساهمت ابحاثه في غزو الفضاء الخارجي (المترجم )