1889 ــ 1966
إعداد و ترجمة د . إبراهيم استنبولي
ولدتُ 11 ( 23 ) حزيران عام 1889بالقرب من مدينة أوديسا ( بلشوي فونتان[1] ) . كان والدي في ذلك الحين مهندسا متقاعدا ــ ميكانيكي أسطول . في السنة الأولى من عمري نُقلت إلى الشمال ــ إلى تسارسكوي سيلو[2] ، حيث عشت ُ حتى السادسة عشرة من عمري .
كتبت ُ الشعر لأول مرة عندما كان عمري 11 سنة . وقد بدأت معرفتي بالشعر ليس من خلال أعمال بوشكين وليرمنتوف بل من خلال أعمال ديرجافين [3] ( " في ولادة الصخور الأرجوانية " ) و أعمال نيكراسوف[4] ( " الجليد " ، " الأنف الأحمر " ) . فقد كانت والدتي تعرف هذه الأشياء عن ظهر قلب.
درست في ثانوية البنات في تسارسكوي سيلو . في البداية ، بشكل سيئ ، ثم احسن بكثير ، لكن دوما من دون حماس . درست السنة الأخيرة من الثانوية في مدينة كييف ، في ثانوية فوندوكلييف ، حيث أنهيت الثانوية عام 1907 م .
وفي كييف انتسبت إلى كلية القانون في معهد الدراسات النسائية العليا . وطالما كان الأمر يتعلق بدراسة تاريخ الحق ، وخصوصا اللغة اللاتينية ، ــ كنت مسرورة ، لكن حين بدأت مواد القانون الصرف ، فقد ظهرت لدي برودة تجاه الدراسة .
في عام 1910 تزوجت من ن . س . كوميليف ، سافرنا إلى باريس لمدة شهر .
عندما انتقلت إلى بطرسبورغ ــ انتسبت إلى حلقة رايف للدراسات التاريخية ــ الأدبية . في ذلك الحين كنت قد كتبت بعض القصائد التي سوف تدخل في ديواني الأول . في عام 1912 صدر أول ديوان شعري لي " المساء " . طُبع منه 300 نسخة فقط . كان موقف النقاد منه طيبا .
في الأول من أكتوبر عام 1912 وُلد ابني الوحيد ليون .
في آذار من عام 1914 صدر ديواني الثاني ــ " مِسْبَحَة " . أعطيتها من حياتي ستة أسابيع فقط .
كنت امضي الصيف كل عام في مقاطعة تفير[5] ، التي تبعد حوالي 15 فرست عن مدينة بيجسيتسك . وهي مكان فقير بالمناظر الطبيعية : حقول محروثة على شكل مربعات في منطقة مليئة بالتلال . طواحين ، " قناطر " ، برك ماء جافة ، " مستنقعات " ، قمح ، قمح ... هناك كتبن أشعارا كثيرة ــ " المسبحة " ، " السرب الأبيض " . وقد تم نشر " السرب الأبيض " في عام 1917 .
بعد ثورة أكتوبر عملت في مكتبة المعهد الزراعي . عام 1921 صدر ديواني الشعري " مزمار الراعي " ، في عام 1922 ــ صدر كتابي " آنّو دوميني "
اعتبارا من منتصف العشرينات تقريبا بدأت بحماس وباهتمام كبيرين بدراسة الفن المعماري لمدينة بطرسبورغ القديمة ، وبدراسة حياة وإبداع بوشكين . نتيجة لأبحاثي " البوشكينية " كانت عبارة عن ثلاثة أعمال : عن " الديك الذهبي " ، عن " أد ولف " لبنجامين كونستان ، و عن " ضيف من حجر " . وقد تمت طباعتها كلها في حينه . أما الأعمال " الكساندرينا " ، " بوشكين وضفاف نهر النيفا " ، " بوشكين في عام 1828 " ، والتي اشتغلت عليها طيلة السنوات العشرين الأخيرة ، ــ فهي ، على الأرجح ، سوف تدخل في كتابي " مقتل بوشكين " .
بدءا من منتصف العشرينات عمليا ً توقفوا عن نشر أعمالي الشعرية الجديدة ، ولم يقوموا بإعادة نشر القديمة .
وصلت موسكو في ربيع 1944 حيث كانت المدينة تمتلئ بالآمال السارّة وبانتظار النصر القريب . في حزيران عدت إلى لينينغراد .
في عام 1962 أنهيت " ملحمة دون بطل " ، والتي كتبتها خلال اثنان وعشرون سنة . لم أتوقف عن كتابة الشعر . إنه بالنسبة لي ـ صلة الوصل بالزمن ، مع الحياة الجديدة لشعبي . عندما كنت اكتبها ــ كنت أعيش اللحظات العظيمة من تاريخ وطني البطولي . إنني سعيدة كوني عشت في هذه الأعوام ورأيت أحداثا لا مثيل لها .
( أرسل لكم واحدة من قصائد الشاعرة )
أسرار الحِرفة
1. الإبداع
يحدث هكذا : تعب ٌ ما ،
في الأذن تدق ساعة بلا انقطاع ،
دوي ّ رعد يتناهى في البعيد .
يُتخيل لي تأوهات و أنات
لأصوات مخنوقة مجهولة ،
دائرة ما خفية تضيق ،
لكن صوتا وحيدا ينتصر
في لجة الهمسات والأصوات .
هدوء طاغ يُخيمُ حوله :
حيث يُسمع كيف العشب في الغابة ينمو ،
وكيف يمشي النحس في الأرض ...
وإذ بها تُسمع كلمات
والألحان الناقوسية للقوافي السهلة ،
عندها ابدأ افهم ،
وترتسم في الدفتر الأبيض
السطور التي ببساطة أمليت للتو .
2.
لا حاجة لي في عسكر التوحش ،
وليس لي في روعة المراثي هوى ،
عندي ، كل شيء في الشعر يجب أن يكون
بلا مناسبة
وليس ، كما عند البشر ، هو .
هلا عرفتم ، من أي زبالة
ينمو الشعر ، بلا حياء ،
كالهندباء البرية الصفراء عند السياج ،
كما القاقُلى وراعي الحمام *.
صـيحة حانقة ، رائحة طرية لعلقم ،
عفن مبهم على الجدار ...
فإذا بالشعر يصدح شجاعا ً ، رقيقاً
لسعادتنا أنا وإياكم .
3. إلهة الشعر ( موزا )
كيف العيش مع عبأ كهذا ،
أضف أنها تُدعى موزا .
يقولون : " أنت و إياها في مرج ... " ،
يقولون : " لعثمة ربانية ... " ،
اختلاجة أقوى من البردية ،
ومن جديد ، طيلة عام ، و لا حرف .
4. الشاعر
ياله ، من عمل ، ــ
عيشٌ ، لا هم َّ لي :
أن تسرق شيئا من الموسيقى
وتقول هذا لحني .
أن تُخطََّ في سطور
سكيرسو الفرح لإنسان ،
وتُقسم أن القلب الفقير
حزيناً ، وسط الحقول المزهرة ، يئن .
وبعدها ...
تسرق من الغابه ،
من الصنوبرات ، وقد بدت صامته .
وبينما ستار دخاني
للضباب يملأ المكان .
من الشمال آخذ ، ومن اليمين
و بدون شعور بالذنب ،
قليلا ً من الحياة الماكرة ،
ومن هدوء الليل ـ كل شيء .
[1] بلشوي فونتان ــ منطقة تابعة لمدينة أوديسا .
[2] تسارسكوي سيلو ــ القرية القيصرية وقد أطلق عليها بعد الثورة اسم بوشكين .
[3] ديرجافين غافر يل 1743 – 1816 شاعر روسي ممثل الكلاسيكية الروسية .
[4] نيكراسوف نيكولاي 1821 – 187778 شاعر روسي ، تأثر بفكر بيلينسكي ، اصدر مجلة " المعاصر " ثم " أوراق وطنية " .
[5] تفير ــ مقاطعة روسية اصبح اسمها مدينة كالينين في عام 1931 .
* القاقُلى و راعي الحمام : أنواع من الاعشاب البرية .