التواصل و الهجرة : ماركوتينغ الاندماج في إيطاليا

يونس زكور

الحوار المتمدن-العدد: 2926 - 2010 / 2 / 24 - 05:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

تحليل صلب العلاقة بين الاندماج و الماركوتينغ أو التسويق في إيطاليا لا يمكن أن يتجاهل بأي شكل من الأشكال و سائل الإعلام باعتبار الأخيرة أداة مركزية في عملية إدماج المهاجر في واقع الحياة الجديدة, وهكذا فطبيعة العلاقة بين المهاجرين و وسائل الإعلام هي التي تحدد حجم ومدى اندماجهم داخل المجتمع الثقافي الإيطالي . و بإمعان النظر في وضعية المهاجر في إيطاليا نجد أن هذا الأخير لم يعد منعزلا عما يحدث حوله بل دائم الدراية بالأحداث الرئيسية التي تعتمل داخل البلد و خارجه بل أكثر من ذلك لم يعد المهاجر فقط "موضوع للتواصل الإعلامي" كما كان مند زمن مضى, بل أصبح بدوره فاعلا في العملية التواصلية داخل الحقل الإعلامي الايطالي.
يعزى هذا التغير في الوضع أساسا إلى انتشار وسائل الاتصال بين المهاجرين خاصة مع التطور الكبير الذي عرفته في السنوات الأخيرة, فحيازة جل المهاجرين للهاتف النقال ولجهاز التلفزيون داخل المنزل ساهم و يساهم بشكل كبير في عملية الاندماج. خاصة و أن الجهازين هما وسيلتين رئيسيتين للاتصال بحيث يضمن الأول تواصل مباشر بين الأفراد و يسمح الثاني بتسهيل عملية الاندماج في الحياة الايطالية بانماطها الثقافية خاصة و أنه أهم وسيلة يلجأ إليها المهاجر لملأ وقت فراغه .
و بالإضافة إلى الهاتف النقال و التلفاز هناك أيضا وسيلة أخرى للتواصل الإعلامي و هي الجرائد, فالمهاجر الذي يستعمل هذه الوسيلة بشكل مستمر يكون قد انتقل من صعوبة فهم اللغة الشفهية إلى فهم اللغة المكتوبة و هو بدالك يبرهن عن رغبته و استعداده للاندماج في المجتمع الجديد و عدم رغبته في العيش في عزلة عن ما يحدث بداخله.
و بالنظر إلى ما يقدمه مركز الإعلام الاثني باعتباره الشبكة الايطالية الوحيدة المتخصصة في التواصل و التسويق المتعدد الثقافات نجد ببيانات و معطيات جد مهمة تتعلق بإحصائيات حول الوسائل الإعلامية المخصصة فقط للمهاجرين و التي تتعاطى مع قضايا الهجرة من زوايا مختلفة متجاوزة بذلك النظرة الأحادية التي تلخص المهاجر في مجرد يد عاملة و تغفل بذالك الأبعاد الاجتماعية و الثقافية و الحضارية للظاهرة . وحسب المعطيات التي يوفرها المركز فهناك حوالي 172 برنامج إذاعي و 20 برنامج تلفزيوني و 29 جريدة مخصصة فقط للمهاجرين و التي تقدم برامج متنوعة و ذات قضايا هادفة.
و في تناسب مع التوزيع الجغرافي للمهاجرين فإن الجزء الأكبر من هذه البرامج يتم بثه من الشمال, و هي برامج بالأساس ذات محتوى إخباري معلوماتي و هناك برامج تقدم خدمات و أبحاث و الدراسات و تحقيقات مفصلة ذات الطابع اجتماعي, و تحكي هده البرامج بصفة عامة قصص النجاح و التسامح و التعاون و أخرى تسرد و تصف أحداث العنف و اللاتسامح و الإجرام و السرقة و غيرها كشواهد عن طبيعة الحياة في إيطاليا.
و إن كانت معظم البرامج تتم باللغة الايطالية فإنه هناك أيضا برامج يتم إجرائها أو ترجمتها إلى لغات أخرى. إلا أن الملاحظ هو أن البرامج المتلفزة التي تخصص للمهاجرين لازالت تعرف بعض التراجع مقارنة مع البرامج التي تتم على إذاعات الراديو.و هذا راجع بالأساس إلى قلة الطلب أو قلة جاذبية هده البرامج لسواد الأعظم من الإيطاليين.
فيما يخص الصحافة المكتوبة فقد قام مركز الإعلام الاثني بمسح ل 29 صحيفة و مجلة مخصصة للمهاجرين في إيطاليا و هي كلها مجلات مكتوبة بلغات متعددة, و يتم توزيعها وطنيا , فنجدها عند باعة الجرائد في الأحياء المكتظة بالمهاجرين و قرب التمثيليات الدبلوماسية و القنصلية التي تعرف توافد يومي للأجانب لقضاء الحاجيات الإدارية و غيرها.و قد برهن هذا الشكل من وسائل الإعلام عن فعاليته كأداة لتسويق الاندماج و تسهيله, ففي هده المجلات توجد معلومات و خدمات كما توجد أيضا ثقافة و هوية.
و هكذا فإيطاليا تتوفر على العديد من الجرائد و المجلات و كذا البرامج المتلفزة و الإذاعية المخصصة للمهاجرين و التي تسمح لهم بمعرفة كل ما يجري في بلدانهم الأصلية و كدا الإطلاع على ما يجري داخل إيطاليا و خارجها بلغتهم, وفي نفس الإطار يلعب أيضا الإنترنت دورا محوريا في تزويد المهاجرين بالأخبار و المعلومات و الأحداث التي تجري على المستوى الوطني و الدولي. و قد أصبح الإنترنت وسيلة ذائعة الاستعمال بين المهاجرين لما يوفره من خدمات خاصة في الاتصال بدويهم في بلدانهم بشكل مستمر و بتكلفة بسيطة كما يمكنهم من معرفة ما يجري داخل بلدانهم و مدنهم من خلال المواقع الالكترونية التي تنشر الأخبار الوطنية و المحلية بشكل أكثر تفصيلا الشيء الذي يساهم في التخفيف من مرارة الغربة عن الوطن و قسوتها.
و هكذا فالانترنت أصبح وسيلة التواصل الأكثر فعالية فهو عابر للثقافات و الأوطان و متجاوز للكل الحدود الثقافية و الجغرافية ليعطي بذلك الإمكانية لتحقق تواصل شمولي و كوني يجمع بين الثقافات و الحضارات و الأعراق المختلفة.
يونس زكور
البندقية, إيطاليـــــــــا

#يونس_زكور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات