أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة














المزيد.....

استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المؤكد أنّ لا أحد يستطيع الادعاء أنه يملك حلاً سحرياً لتعديل صورة المستقبل، أو حتى يملك الرؤية الشاملة للخروج من المأزق الذي تمر به المنطقة. بل أكثر من ذلك، فإنّ محاولة الإجابة الشاملة على التحديات المطروحة هي جزء من تكريس الهوة والعمل على زيادتها، خاصة أننا أصبحنا نعيش في عالم لا يحتمل الشمولية واليقين المطلق في أي من مجالاته. وفي هذا السياق، نستطيع القول: إنّ محاولة الإجابة عن أسئلة المستقبل بأدوات الماضي، هي شكل من الاستعصاء الذي لا يمكن الخروج منه، وهو ما يعيد إنتاج الهوة بيننا وبين العالم.
إذ نحن لا نستطيع إعادة تكرار التاريخ وصنعه على طريقة سابقة، وهذا ما يقر به الجميع. إننا نقرأ التاريخ لاستيعاب الحاضر، فالماضي مضى وانقضى، ولكنه شكّل الحاضر ويحاصره ويؤثر في المستقبل حتى يكاد يصنعه على صورته. ولأنّ قراءة الحاضر مُختلَف عليها، فإنّ قراءات الماضي أيضاً متعددة ومختلَف عليها، ولم يعد غريباً القول إنّ لنا تواريخ وليس تاريخاً واحداً، والقراءات المتعددة للتاريخ مشروعة. لذلك، علينا الكف عن محاولة حشر أنفسنا في صياغة تاريخ واحد، لأنّ الواحدية شكل قمعي لكل أنواع التطلع الجمعي للبشر، لا بالمعنى السياسي فحسب، بل بالمعنى الفكري الأشمل.
عندما نقع أسرى الماضي، فلا شك بأننا سنأسر المستقبل معنا بمعايير الماضي، خاصة أننا أمام تاريخ عربي ثقيل، يفرض نفسه علينا بقوة كبيرة، وبالتالي يفرض نفسه على صورة المستقبل التي نحاول تكوينها والبناء عليها. من هنا فإنّ القراءة المتنوعة والمتعددة للتاريخ تفتح خيارات متعددة ومتنوعة أمام المستقبل، الذي لم يعد هناك إمكانية لبنائه شمولياً. فهو مفتوح على الاحتمالات المتعددة، ولا يمكن التعامل مع الاحتمالي إلا بخيارات متنوعة ومتعددة، لأنّ تسارع الزمن أصبح أكبر من أية مرحلة سابقة، وهذا ما يتناقض مع الشمولية، ويحتاج إلى خيارات تاريخية مرنة وقابلة للتعديل ومفتوحة على كل الاحتمالات، ما يجعل إمكانية التعاطي مع المستقبل أكثر جدوى.
ومن جهة أخرى، فإنّ شيوع فكرة المؤامرة في الثقافة العربية يعود - في الغالب - إلى أن " العقلية العربية " عقلية اتكالية تراهن على الآخرين في تحقيق مصالحها،‏ وعندما تفشل هذه المراهنات يجري الحديث عن " المؤامرة والخيانة "‏.‏ الخطورة تكمن في أنّ شيوع فكرة المؤامرة يؤدي إلي استمراء العرب لعب دور الضحية‏,‏ وبالتالي عدم الاعتراف بالمسؤولية والركون إلى الإحباط واليأس بدعوى أنّ الجميع يتآمرون علينا‏.‏ ويبدو أنّ الحكومات العربية - عموماً - تعمّق هذا التصور المريض في داخل ذهنية أفراد مجتمعاتها، لتخفي من خلال ذلك نهبها لطاقات أوطانها، وزيادة سيطرتها على ثرواتها ومواردها التي تشكل قاعدة النهوض والتطور والتنمية.
والواضح أمامنا أنّ هناك حقيقتين يعايشهما الناس في مجتمعاتنا العربية، حسب الكاتب نبيل علي صالح: أولاهما، الشعور العام المطبق بانعدام آفاق التغيير والإصلاح نتيجة السياسات الفوقية الظالمة التي طبقتها النخب السياسية والاقتصادية العربية الفاسدة عبر العقود الماضية، والتي كانت تحظى برضى المصالح والسياسات الدولية المتصلة مع نظيرتها المحلية. وثانيتهما، استشراء ثقافة العنف والتدمير في مناخ الترهل والفساد والاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه اجتماعنا السياسي.
إنّ هذا النوع من الخطابات، الماضوية والمؤامراتية، يعجز عن تفسير تفشي الفقر والفساد وتهميش المجتمعات، أو تفسير ضعف العلاقات العربية البينية وتعثر مؤسسات العمل العربي المشترك. وهي تحاول أن تسطّح حال الأزمة في التعاطي معها باعتبارها معطى طبيعياً وعادياً، في محاولة منها لحجب دور العوامل الذاتية في توطن الأزمات وتفاقمها في العالم العربي.
ولأنّ معطيات الواقع العربي الراهن تدفع إلى التشاؤم بالمستقبل القادم، ولأنّ الأسوأ ممكن دائماً رغم الواقع السيئ أصلاً، فإنّ إمساك المستقبل لا يكون إلا عبر إرادة تصر على القبض على المستقبل والأهم على صناعته عبر رهانات على توافقات البشر وحدهم القادرين على صناعة المستقبل، وهذه الإرادة لا بد من أن تأخذ بعين الاعتبار الإرادات الفردية والوطنية، خاصة أنّ المستقبل يحتاج إلى جهود متواصلة لصناعته .
لقد حان وقت مصارحة الذات العربية عمّا تفعله، عوض القعود في السفسطة الكلامية والشعاراتية وإغداق الوعود المعلقة في الهواء. فلم يعد الرهان على الغيبيات مدداً تستمطره غيوم الحرب بدعاء ملهم تنعشه رائحة البارود، وسند مزعوم آتٍ من جار يتلهف لتبؤ مكانة الدولة الإقليمية العظمى.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حظر المآذن يمتحن التنوّع الثقافي
- الخلل الرئيسي في المشروع العربي
- في الحاجة العربية إلى إصلاح حقيقي
- بعض مظاهر محنة الأمة
- في ضرورة التغيير
- أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها
- أين الخلل العربي ؟
- إشكاليات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (3/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (2/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (1/3)
- كي يكون حوارنا متمدناً
- واقع وآفاق التعاون الاستراتيجي التركي - السوري
- محددات السياسة الخارجية التركية
- صخر حبش .. وكلمة وفاء
- التنمية في أفريقيا: المعوّقات وآفاق المستقبل
- حول توازن القوى في الشرق الأوسط
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (5/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (4/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (3/5)


المزيد.....




- الكويت.. شجون الهاجري تحظى بالتضامن من زملائها على مواقع الت ...
- كيف علقت الصين على الضربة الأمريكية ضد المنشآت النووية الإير ...
- حصريًا لـCNN.. كيف سيكون رد طهران على هجوم أمريكا؟ متحدث باس ...
- مصر.. الحكومة تكشف عن خطة لعدم انقطاع الكهرباء خلال الصيف وخ ...
- بعد ساعات من استهداف المنشآت النووية الإيرانية.. واشنطن تقلّ ...
- الدفاع المدني السوري: 15 قتيلاً على الأقل وعشرات الإصابات جر ...
- فظائع في الظل.. كيف تمددت فاغنر في إفريقيا على أنقاض القانون ...
- سوريا: 15 قتيلا على الأقل في هجوم انتحاري داخل كنيسة في دمشق ...
- مدير مكتب الجزيرة في طهران: 3 جهات بإيران تحدد الخطوة القادم ...
- مساعد الذكاء الاصطناعي بواتساب يسرب رقم هاتف أحد المستخدمين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة