أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - محددات السياسة الخارجية التركية














المزيد.....

محددات السياسة الخارجية التركية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2841 - 2009 / 11 / 27 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت السياسة الخارجية التركية، خاصة منذ وصول حزب " العدالة والتنمية " إلى الحكم في العام 2002، تغيّرات عدة في التوجهات والتحركات، إذ باتت تعتمد على تعدد العلاقات وعدم حصرها في محور واحد، الأمر الذي حوّل تركيا إلى مركز هام في السياسة الإقليمية والدولية، بعدما كانت تعتاش على أطراف حلف " الناتو ". فوسط العواصف المندلعة قرب حدودها تحتفظ تركيا بهدوئها وحساباتها الواقعية، وتسعى إلى إبعاد النار عن داخلها، وتحاول لعب دور الإطفائي حيث تستطيع، وتقدم نفسها كقوة استقرار في المنطقة، محاولة توظيف قدرتها على التحدث إلى الجميع.
ومما يساعدها على ذلك أنّ عدد سكانها حوالي 70 مليون نسمة ومساحتها 700805 كلم2، وهي أشبه بجسر يربط بين خمسة عوالم جغرافية - أثنية: الأوروبي، والروسي، والتركوفوني، والإسلامي، والعربي. وقد جمعت تاريخياً بين الحضارتين الهيلينية والإسلامية، وفي حال تطوير دورها الإقليمي فقد تستطيع زيادة فرص التفاعل بين العالم الخارجي والشرق الأوسط، لأنها دولة كبيرة وتشغل حيّزاً استراتيجياً مهماً يطل على رقعٍ استراتيجية هامة: أوروبا والبلقان والبحر الأبيض المتوسط والعالم العربي من جهة، وروسيا وآسيا الوسطى ومنطقة القوقاز من جهة ثانية.
كما وفّرت السياسة التركية أسساً داخلية مهمة لدور إقليمي، من خلال المضي في طريق الديمقراطية عبر نظام انتخابي تمثيلي، وكسر حدة التطرف سواء من جانب ذوي النزعة الطورانية أو من جانب جماعات الإسلام السياسي المتطرف، كما عملت باتجاه إيجاد أسس لمعالجة مشاكل الأقليات القومية. إضافة إلى تحريك الواقع الاجتماعي في الداخل، بما يعطي فرصة أفضل لتعبّر مكوّنات المجتمع التركي عن نفسها وتطوير أوضاعها نحو الارتقاء والتقدم.
ويعتبر وزير خارجية تركيا أحمد داوؤد أوغلو المنظّرالأهم للاستراتيجية التركية " العثمانية الجديدة " التي قوامها إخراج تركيا من بلد " طرف " عضو في محاور وعداوات، إلى بلد " مركز " على مسافة من الجميع، وفي الوقت نفسه إلى بلد ذي دور فاعل ومبادر في كل القضايا الإقليمية والدولية. وقد وردت ملامح هذه الاستراتيجية في كتابه الأشهر " العمق الاستراتيجي ".
وتهتم تركيا في توجهاتها، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمنطقة العربية، بثلاث مسائل رئيسة: الأمن والاقتصاد والمياه. وهي المسائل التي تفتح مجالاً جديداً لقراءة أكثر عمقاً للخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط عموماً، وفي التوجه التركي تجاه هذه المنطقة على وجه الخصوص.
فالأمن، من وجهة النظر التركية، لا يعني فقط مقولة مكافحة " الإرهاب "، وإنما تحديد وسائل ضمان إزالة المخاطر التي تهدد السلام الإقليمي. والمياه، إحدى أهم الأوراق الرابحة في اليد التركية، خصوصاً بعدما دخل تنفيذ مشروع جنوب شرقي الأناضول " مشروع الغاب " مرحلة حاسمة ( يتمثل المشروع في إنشاء 22 سداً على نهري دجلة والفرات)، ووضع اليد التركية - بالتالي - على الموارد المائية الحيوية الخاصة بكل من سورية والعراق. وتتبدى أهمية المياه، كورقة رابحة في المنظور التركي، عبر المشروع المتعلق بتصدير المياه إلى دول المنطقة، خاصة إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي. أما الاقتصاد، الذي يخضع بدوره إلى مفهوم يربطه بجملة التطورات الممكنة والمتمحورة حول الترتيبات الإقليمية في المنطقة، في إطار تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، فإنه تأكيد على مقدرة تركيا على دعم جميع المشروعات الاقتصادية المشتركة.
وقد تكون تركيا أدركت أخيراً أنّ إهمالها لعلاقاتها شرقا، وتجاهلها لحقائق التاريخ والجغرافيا، وتعاميها عن موجبات المستقبل تجاه الجوار، قد أوصلتها إلى وضع أعاد إيقاظ كل هواجسها ورواسبها. وفي هذا السياق، تشعر تركيا بأنّ تعاظم دورها الإقليمي قد يوفر دوراً لسياستها في رسم التطورات المتعلقة بمستقبل العراق وتحديداً شماله، سواء لجهة التخفيف من مخاوفها إزاء إقامة دولة كردية هناك، أو لجهة تحقيق دور تركي إقليمي في التطورات المقبلة، وهو الأمر الذي يعني لها الظهور بمظهر الدولة الإقليمية القادرة على رسم التصورات المستقبلية للمنطقة. كما قد يدفع أوروبا إلى تفهم الحقيقة الجغرافية - الحضارية لموقع تركيا ودورها في السياسات الأوروبية المستقبلية، لا أن تكون مجرد دولة هامشية تحس بوطأة هويتها الإسلامية إذا ما أصبحت دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
وفي الواقع يثبت تحليل توجهات السياسة الخارجية التركية أنّ تركيا، في ظل المتغيرات التي حصلت على المستوى الدولي، قامت بعملية تموضع جديدة، وإعادة تعريف لدورها، يتناسب مع الواقع الدولي، وانسجاماً مع مزاج الشارع التركي الذي شهد انزياحاً شديداً صوب مشرقيته وتراثه.
إنّ لعب تركيا لدورها في العالم كضامن للسلام والأمن في المنطقة، ليس محاولة لاستعادة مكانتها العثمانية القديمة، بقدر ما هو تعبير عن نجاح قدرتها، وإخصاب خصوصيتها، ومعادلة توازنها بين الشرق والغرب، أو بين التراث والمعاصرة، أو بين العلمانية والإسلام.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صخر حبش .. وكلمة وفاء
- التنمية في أفريقيا: المعوّقات وآفاق المستقبل
- حول توازن القوى في الشرق الأوسط
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (5/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (4/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (3/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (2/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (1/5)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (3/3)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (2/3)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (1/3)
- حاجة العرب إلى التنمية المستدامة
- أسس الحداثة ومعوقاتها في العالم العربي المعاصر (5/5)
- أسس الحداثة ومعوقاتها في العالم العربي المعاصر (4/5)
- أسس الحداثة ومعوقاتها في العالم العربي المعاصر (3/5)
- أسس الحداثة ومعوقاتها في العالم العربي المعاصر (2/5)
- أسس الحداثة ومعوقاتها في العالم العربي المعاصر (1/5)
- أصول إشكاليات الحالة العربية في التاريخ المعاصر وآفاق تطورها ...
- أصول إشكاليات الحالة العربية في التاريخ المعاصر وآفاق تطورها ...
- أصول إشكاليات الحالة العربية في التاريخ المعاصر وآفاق تطورها ...


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - محددات السياسة الخارجية التركية