أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - بعض مظاهر محنة الأمة














المزيد.....

بعض مظاهر محنة الأمة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 11:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذ يمنح التاريخ للأمم لحظات حاسمة من حياتها حتى تقف أمام الحقائق العارية لاستخلاص الدروس الكبرى لمواصلة البقاء، فإننا أمام لحظة فاصلة يتحتم فيها على الأمة العربية أن تحسن استشراف ما هو متوقع ومحتمل، بعيداً عن التمني والرجاء، وبعيداً عن الاستغراق في الأوهام.
وتبدأ محنة الأمة - أية أمة - من نقص كفاءة النظم السياسية السائدة وضعف قدرتها على تفادي توريط شعوبها في مأزق جديد بين حين وآخر، حيث تكون النتيجة هي أن تدفع الشعوب الفاتورة الغالية، بينما تستمتع بعض النظم بميّزات متزايدة وإمكانات ضخمة. وغالباً ما يرتبط ذلك بديكتاتورية الحكم وغياب الديموقراطية وسيطرة التخلف السياسي، بل وشيوع الفساد أيضاً. فقد ألّه النظام السياسي العربي الفرد الحاكم، وامتهن كرامة الشعب وأذلّه وأرعبه بالقمع الوحشي، وأشاع الفساد، واضطهد الأحرار، وأعطى دوماً القدوة السيئة في الكذب والتزوير والتعصب والمحاباة، وفرّط في استقلالية القرار الوطني والقومي.
إنّ محنة الأمة تأتي من مجموع الفرص الضائعة على مختلف الأصعدة، بدءاً من غياب التضامن العربي وضعف التنسيق السياسي ومحدودية التكامل الاقتصادي، ووصولاً إلى تزايد الفاقد من قدرات الأمة والذي يبدو أكثر كثيراً من المتاح منه، فضلاً عن سوء استخدام الموارد أو توظيف القدرات. ولكنّ التأخر السياسي هو جوهر القضية، منه بدأت مآسينا وعنه انطلقت مشاكلنا وارتبطت به نكباتنا وهزائمنا بل كوارثنا.
وإذا كان الفساد ظاهرة عالمية تعاني منها كل المجتمعات وتعرفها كل النظم ويدفع ثمنها المواطن العادي في كل الشعوب، فإنّ شيوع الفساد وتجاوز معدلاته للنسب المعتادة في العالم العربي هو الأمر الذي يدعو إلى القلق ويحتاج إلى المراجعة، علماً بأنّ الفساد كل لا يتجزأ ترتبط عناصره المختلفة بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل مناخ عام تغلب عليه المعايير السطحية وتختلط فيه السلطة بالثروة وتغيب عنه ضوابط حماية المال العام ويضعف فيه الشعور بالانتماء إلى الوطن، وعندئذ يتفشى الفساد وتشيع المحسوبية وتنتشر الرشوة وتختفي القيم الإيجابية وتسود السلوكيات المظهرية، وتبدأ حالة من الغليان لدى الفئات الشعبية وهي تشعر بالتناقض بين ما تعيش فيه وبين ما تراه حولها.
ثم فلننظر إلى واحد من معوّقات التقدم في العالم العربي،‏ وهو الفرق بين الكلمة ومعناها‏،‏ بخلاف الوضوح والتطابق بين المعنى المقصود منها في الدول المتقدمة‏،‏ وهو الشرط الأساسي لعدم التشرذم في الحركة الاجتماعية المساندة لتحقيق أي هدف عام،‏ وهو الحبل الذي يربط المجموع ببعضه،‏ فحين يقع التضارب بين الكلمة المنطوقة ومحتواها الفعلي‏ يحدث التشوش‏،‏ والتفكك،‏ والتقاعس،‏ واللامبالاة،‏ وعدم الجدية،‏ وضياع الالتزام‏.‏ حتى أنّ شعوباً عربية فقدت الإحساس بالمعنى العظيم لكلمة الحرية والاستقلال‏ عندما وجدت أنّ أنظمة الحكم التي نقلتها من عصر الخضوع للاستعمار قد أدخلتها إلى عصر من الحكم الشمولي‏،‏ والتسلط الفردي‏،‏ ونظام الحزب الواحد،‏ وفي بعض الأحيان حكم الدولة البوليسية‏.‏ ففقدت الحرية معناها‏،‏ والاستقلال مدلوله‏،‏ وتحولت الكلمتان إلى لافتات مرفوعة على وطن يفترض أنه حر مستقل.
وهكذا، ينطوي الوضع في العالم العربي على عدد من المعوّقات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تحول دون النهوض الحضاري:
(1) - تضخم دور سلطة الدولة وغياب الدور الأساسي لمؤسسات المجتمع المدني والتي تتعرض لقيود تعوق حركتها في تطوير الممارسة الديمقراطية، بسبب إحكام النظم السياسية قبضتها على تلك المؤسسات من خلال مرحلتين: سيطرة العسكريين أو الأسر الحاكمة على مقاليد البلاد بعد الخلاص من مرحلة الاستعمار، ثم تنامي نفوذ المؤسسات الأمنية بشكل تضخمت معه أجهزة السلطة وتوارت مؤسسات المجتمع المدني وانحسر دور النقابات والجمعيات المهنية المستقلة، إما بسبب القيود التنظيمية أو التدخل الحكومي في انتخاباتها وتوجهاتها.
(2) - ضعف الالتزام باحترام القانون في أغلب المجتمعات العربية، والافتقار إلى سيادة القانون وتساوي كل المواطنين حكاماً ومحكومين أمام القانون، مما جعل معظم الناس يعيشون ثقافة تولد أجيالاً عربية لا تحترم القانون وتنظر إليه على أنه تنظيم لردع الأقلية غير المنضبطة، وليس نظاماً للمجتمع وتوفير أساس لضوابط الحريات والحقوق والواجبات وتحديد المسؤوليات.
إنّ ما أصاب المشروع العربي هو أنه لم يتعزز بالديموقراطية وظل أسير تجاذباته وأزماته ولم يوسع قاعدته على أساس المواطنة والانتماء والتعددية، لذلك لم تظهر الدولة الديموقراطية الحديثة إلا في الشكل التبعي للنظام، وتحول الخطاب العربي إلى قناع يخفي التأخر والعجز والعيوب. ولم تتأسس بالتالي العلاقة التعاقدية بين الفرد والمجتمع، الفرد بصفته مواطناً وليس مجرد عضو في الطائفة والعشيرة والقبيلة، التي بدورها تقوم بالتعاقد مع النظام. ومن هنا يبدأ خلل المعاني والوظائف والأحوال، فلم تعد الدولة المعبِّر الحقيقي عن أهداف وتطلعات وأماني الشعب الذي انبثقت منه، فبدلاً من أن تمارس دورها في تحقيق التغيير لعبت دوراً آخر في تجميد وقمع وتعجيز المجتمعات العربية.
في أي حال، نحن إزاء عجز مضاعف ومركب في العالم العربي، سواء لجهة معالجة المشكلات المتراكمة والمزمنة في الداخل، أو لجهة تطوير صيغ ومؤسسات العمل العربي المشترك، أو لجهة التعاطي مع التحديات الخارجية والتحولات الجذرية والمتسارعة التي يشهدها العالم. والعجز في الداخل المحلي والوطني أو القومي والإقليمي هو الوجه الآخر للتبعية والهامشية لجهة العلاقة مع الآخر والخارج على المستوى العالمي، لأنّ من يعجز عن إدارة شؤونه وتنمية بلده وبناء قدراته، بإطلاق قواه الحية واستثمار طاقاته الخلاقة، لن يقوى على ممارسة دور فعّال على مسرح الأمم.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضرورة التغيير
- أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها
- أين الخلل العربي ؟
- إشكاليات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (3/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (2/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (1/3)
- كي يكون حوارنا متمدناً
- واقع وآفاق التعاون الاستراتيجي التركي - السوري
- محددات السياسة الخارجية التركية
- صخر حبش .. وكلمة وفاء
- التنمية في أفريقيا: المعوّقات وآفاق المستقبل
- حول توازن القوى في الشرق الأوسط
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (5/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (4/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (3/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (2/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (1/5)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (3/3)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (2/3)


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - بعض مظاهر محنة الأمة