أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - قصة الحياة والموت...














المزيد.....

قصة الحياة والموت...


جورج فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 14:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك في تلك الصحراء المقفرة حاصر جيش الموت بظلامه وحقده الحياة وقطع عنها كل سبل البقاء من طعامٍ وماءٍ. ورغم أن حصاره قد طال إلاّ أن الحياة ما زالت صامدةً وستبقى. فالموت لم يكن يعلم أن الحياة لا تستمد قوتها من الطعام والشراب لأنّ بقاءها ينبع منها ومنها فقط، فالحياة هي النبع وهذا ما لم يكن يدركه.

لم يعد الموت يطيق صبر الانتظار كي يُسقط الحياة فما كان منه إلاّ أن أرسل فرسان الظلام خاصته بجيادهم القاتمة ومناجلهم الحادة كي يحصدوها، لكنهم عادوا إليه كظلٍ بدأ بالتلاشي، فهو أيضاً لم يكن يعلم أنّ النور كان يدعم الحياة وقد بنى حولها هالةً ابتلعت كل الظلام الذي حاول الامتداد والوصول إليها، فحيث يكون النور يتلاشى الظلام، وحيث تكون الحياة هناك معها النور يسطع.
وفي شدة غضب الموت العارم واستهجانه لما حدث اقترب من أسوار النور وصرخ بالحياة أن تخرج خارج أسوارها لتواجهه وذلك في محاولةٍ منه لاستدراجها بعيداً عن النور فيسقطها، وكم كانت دهشته حين اقتربت منه الحياة ومازال النور يحيط بها، فهو ولشدة جهله لم يكن يعلم أيضاً أن الحياة من النور وأنهما لا ينفصلان. فما كان منه إلاّ أنه تراجع عائداً إلى معسكره باحثاً عن خطةٍ جديدةٍ ضد الحياة.

بعد أيامٍ مضت قضاهاً الموت ذهاباً وإياباً دخل عليه قائد كتائب الحقد موضحاً أنّ لديه خطةً عظيمةً، فأفرد خريطته وحدّد عليها مناطق التماس المباشر مع منطقة الحياة ورسم أسهماً تدلّ على أنفاقٍ وكانت الخطة كالتالي:
أولاً: يتم إرسال الحفّارات لتصنع أنفاقاً للتسلل إلى وسط منطقة الحياة.
ثانياً: وبعد الانتهاء من الحفر تُرسل أقزام الكراهية عبر هذه الأنفاق لتصل عمق الحياة وتبدأ بالنمو هناك حتى تتضخم وتصبح وحوشاً هائلة الحجم تعيث فساداً وتدمّر كل ما يقع بين مخالبها وبراثنها.
ثالثاً: على هذه الوحوش أن تؤمّن غطاءً كي تتسلل عبره كل قوات التدمير والخراب مستخدمةً الأنفاق القديمة بعد أن تتم توسعتها وذلك لهدم الجمال وبناء معسكرات القباحة هناك.
رابعاً: سيتم استخدام هذه المعسكرات كمراكز انطلاق لهجوم داخلي واسع النطاق وصنع ثغراتٍ في ستار النور كي يغزو عبرها فرسان الظلام وعندها يتم القضاء نهائياً على الحياة.

أُعجب القائد الموت بهذه الخطة العبقرية وعهد لقائد كتائب الحقد بتنفيذها والإشراف عليها وأوصى باعلامه أولاً بأول بكل المستجدات. ولم يكن يعلم هذا الموت أن هذا الحقد العبقري سيعود إليه بعد مدةٍ قصيرةٍ معلناً فشله هناك، لأنه وببساطة لم يكن يعلم أبداً أن الحياة مؤسسةٌ على المحبة وأن أساسات المحبة هذه صلبةٌ وقاسيةٌ ولم تتمكن حفاراتهم بكل إمكانياتها من اختراقها. فالحياة هناك أرضها محبةٌ أقوى من الموت.
عندها جُنّ جنون الموت وامتطى مسخه متجهاً نحو الحياة ولم يعد لديه خيارٌ سوى التحايل عليها ومفاوضتها ليعرض عليها إعطاءها كل الأراضي الشاسعة المقفرة التي تتبع له مقابل أن تخضع له وتكون تحت إمرته، وبينما هو منشغلٌ في تفكيره وجد نفسه أمام ستار النور الهائل فأدرك أن الحياة ونورها بدآ بالإمتداد واسترداد بعضاً من المناطق التي استحلها، وهنا تدارك نفسه وصرخ طالباً من الحياة الجلوس على طاولة المفاوضات وفعلاً قبلت الحياة بشرط أن يكون التفاوض ضمن أراضيها مما لم يجعل خياراً أمام الموت إلاّ بالقبول، ففتحت له الحياة منفذاً في ستار النور وبدأ يجتازه ولكنه ومع تقدمه بدأ يحس بدف الحياة وحنانها الصادرين من نورها المحيط يسري فيه ليذيب تجمده وبرودته وأحس بإحساسٍ غريبٍ لأول مرةٍ في تاريخ موته الطويل وبدأت القباحة تختفي من مسخه فما كان منه إلاّ أنه تراجع هارباً خارجاً عبر المنفذ خوفاً من أن يحيا فيتلاشى وينتهي عند حدود الحياة وكان يضرب مسخه بقوةٍ حاثاً إياه على الإسراع لإلاّ يتم ابتلاعهما من قبل الحياة وكان يصرخ سأعود، سأعود، أنا لم أستسلم، ولكنه وفي طريق عودته ولأول مرةٍ بدأ يلاحظ بعض الشموع الصغيرة والمشاعل تتقدم في أراضيه المظلمة المقفرة الموحشة ناشرةً الحياة والجمال والنور والمحبة فأدرك عندها أن لا خوف على الحياة من الموت فهي قادرةٌ على ابتلاعه، وبذلك عليه هو أن يخشى الحياة.

وصل الموت إلى معسكره وبدا منهمك القوى خائراً وضعيفاً ولكنه لم يتوانى عن البدء بإعداد خطةٍ جديدةٍ لأن المد قد بدأ والمعركة لن تتوقف، فأمسك الخريطة وبدأ يفكر ولكنه الآن كان يعلم أنه أمام النور يتلاشى الظلام وفي وجه المحبة سيتحطم كل الحقد وأن الحياة لن تموت بل إنّ الموت قد يحيا ويتلاشى أمامها.

إلى كل من يضيء شمعةً...
إلى كل من يزرع بذرة محبةٍ...
إلى كل من ينشر الجمال...
أهدي محبتي وأمد يدي لنعمل معاً من أجل حياة أفضل....



#جورج_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصليب... وأفكار...
- يسوع المسيح... ومجرد تساؤلات...
- أيها الإله.... أين أنت من زلزال هايتي؟
- صورة إلهك...!
- المعتقدات...(الخروج من الزنزانة)...
- المعتقدات...(النسر الحر)...
- المعتقدات...(القطار البشري)...
- إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى
- لماذا لا نحيا معاً؟...!
- ما بين المحبة والموت...
- صلاة أم شريط مسجل....!
- منطق الإله... وعقل البشر
- يسوع المسخ أو كما يقولون عنه.....
- ماذا لو لم يكن هناك إله...؟!
- حقيقة وجود المسيح بين التساؤل والبحث..
- معادلة المساواة....
- حوار مع الإله
- المرأة ليست نصف المجتمع...!
- رسالة من إله مجهول...
- الحرية.. العشوائية.. والفوضى


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - قصة الحياة والموت...