أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - خرافة : قصة قصيرة














المزيد.....

خرافة : قصة قصيرة


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 886 - 2004 / 7 / 6 - 04:50
المحور: الادب والفن
    


خرافة : قصة / رياض خليلوقف إزاء المرآة، دهش. اقترب منها، حدّق جيداً، ما هذا؟! جالت نظراته، رأى السرير.. الخزانة.. الجدار.. السقف... وكل محتويات الغرفة، كلها بدت له واضحة... جليّة خلال المرآة! إذن لا عيب فيها... إنها تعكس الأشياء وتفاصيلها جيّداً. تعجب! هزّ الخوف قلبه، تساءل عن تلك الظاهرة المستحيلة؟ ما تفسيرها؟! غير معقول؟ ثمة سرّ غامض...مرعب. تحرك. استدار. التصق بالمرآة، ابتعد عنها...لا فائدة! تلمّس جسده جزءاً جزءاً...ثيابه، نظر إلى أعضائه وأطرافه، تأكد من وجودها، بدت له طبيعية تماماً.‏ خطرت له فكرة: "سأخرج...وأسأل من أصادفه لأتأكد" بدت له الفكرة سخيفة وخطيرة، لأنهم سوف يؤولونها تأويلاً يسيء لسمعته وكرامته، واستنتج: "سيعتبرونني مجنوناً إذا بحت لهم بالسرّ"..صمم على استشفاف الحقيقة منهم بصورة غير مباشرة. خرج. سار بخطوات مضطربة. الشك يعتصر رأسه. صادف جاره. حيّاه. ردّ الجار التحية مشفوعة بابتسامة مجاملة. تابع. توقف عند محل تجاري يعرف صاحبه، اصطنع معه حواراً.‏ لم يسفر الحوار عن أي وضع غير عادي. نظر إلى زجاج واجهة المحل، الزجاج يعكس صورة الشارع والأشياء كالعادة.. إذن العيب فيه.. وليس في المرآة، ولا في الزجاج..‏ كان الوقت ظهراً.. تابع طريقه عبر الشارع...فكرّ ملياً، راقب المارّة، لفتت انتباهه ظلالهم التي تتقدم بعضهم، وتتبع بعضهم الآخر، طبقاً لاتجاه سيرهم...أوحت له تلك الظلال بفكرة. ربما تفسّر حالته المنافية للطبيعة؟!‏ بحث عن ظلّه أمامه، لم يجد أثراً له... عكس اتجاه سيره، متوقعاً أن يكون الظل وراءه، لم يجد أثراً له. استدار أكثر من مرة حول نفسه بلا جدوى.‏ أحس بعض المارة ينظرون إليه باستغراب، استاء من نظراتهم المريبة. "يعتقد ونني مجنوناً؟!" هكذا قال بينه وبين نفسه. توقف لحظة، رفع رأسه إلى السماء، سعياً لرؤية الشمس، انبهرت عيناه من شدّة سطوعها.‏ طأطأ. أغمض عينيه مستسلماً للرعب الذي اجتاح أوصاله. أمام المرآة في البيت لم يعثر على صورته أو طيفه. مع أن الأشياء كلها كانت تبدو فيها. هو فقط لم يجد لنفسه مكاناً في المرآة، ولا في زجاج الواجهات العاكس للأشياء..‏ وهاهو لا يجد لنفسه ظلاً، مع أن لكل شيء حوله ظلاً، أشجار الشارع السيارات.. المارّة.. إلا هو.. لا ظل له. لا طيف في زجاج أو مرآة؟! متى حدث ذلك؟ لا يدري. حار في الأمر غير الطبيعي. هل يتكلم؟ يصرخ؟ يجمع الناس من حوله؟ هل يذهب إلى المشفى ويسأل الأطباء عن حالته؟... هكذا كان نهر الأسئلة يتدفق مزدحماً في رأسه، دون أن يفسح له مجالاً للاختيار..‏ ماذا سيفعل الآن؟ وما مصيره؟ "ربما حجروا عليّ في مشفى للأمراض النفسية والعصبية... ربما جعلوني مادة للاختبارات الفيزيائية...هذا خطير مؤلم..مرعب..لا..لا.." وصمت لحظة،. وراح ينظر إلى الأشياء من حوله، وراح الآخرون ينظرون إليه بشكل عادي جداً. لم يلاحظ في نظراتهم ما يوحي بالغرابة. لم يستطع أن يقاوم فضوله الذي فاض عن الحد. استوقف أحد المارة.‏ سأله: "هل تراني؟ هل ترى ظلّي؟" دهش الشخص...تفحصه بعينيه من أخمص قدمه حتى رأسه.. جسّ بكفه جبينه. ارتسمت على شفتيه ووجه إشارة تعجب كبيرة!. أجاب: "هل تعاني من شيء؟" هم بالمتابعة. منعه، قال له بلهجة حاسمة: "أجبني بوضوح وتحديد عن سؤالي"، ولكي يتخلص الرجل منه أجابه: نعم أراك.. وأرى ظلك...أنا متأكد، ولكن أستغرب مثل هذه الأسئلة....لم يسبق أن سألني شخص كهذه الأسئلة الطريفة". ابتسم الرجل...وانسل ذاهباً، بينما كان صاحبنا ساهماً يتأمل ويحلل كلامه...‏ بعد قليل، تفحص نبضه. ذعر، لا نبض في شريان الرسغ، جسّ جبينه. كان بارداً...فكر أن يسأل شخصاً آخر... امتنع. توصل إلى أنه لا حلّ لمعاناته من خلال الآخرين.‏ عاد إلى منزله...دخل الغرفة، وقف إزاء المرآة عبثاً، لم يجد طيفه فيها.‏ أسرع إلى المطبخ، تناول سكيناً كبيرة بعض الشيء، ضغط برأس شفرتها على لحم ساعده، لم يشعر بأي ألم. نقلها إلى فخذه. حزّ اللحم. وصعق رعباً.‏ إنه لشيء خارق للطبيعة. لم ير الدم. لم تسقط قطرة منه تدل على وجوده.‏ وضع السكين إزاء صدره، مكان القلب. اخترقت السكين الصدر والقلب، ثم انتزعها، وشطر لحم بطنه، من الأعلى إلى الأسفل، دون أن يشعر بالألم، كما لم يلاحظ وجود الدم ولا سيلانه، تفحص أحشاءه، أخرج قلبه. تأمله.‏ تحسسه، لم يكن ساخناً، كان أشبه بكتلة من المطاط، شعر بالنعاس يسطو عليه، قاومه سدى، سقط في مكانه، وغط في نوم عميق لا قرار له.‏



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحائط : قصة قصيرة
- الطيف : قصة قصيرة
- قصائد قصيرة -3
- أفكار حول القصة القصيرة
- (2 ) قصائد قصيرة
- دعدوش : قصة قصيرة
- أنا والآخر : مقال
- الانتصار : شعر
- لم أكن أتألم
- الأمير: شعر :
- - 1 - قصائد قصيرة
- سرقة: شعر
- قصيدةشعرية
- خلل فني طارئ : قصة قصيرة
- روبوت : قصة قصيرة
- -الناسك- قصة قصيرة
- شعر: إشاعة
- مفهوم الشرعية حول قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت
- الماركسيون اللا ماركسيون
- من الماركسية المحافظة إلى العلمانية


المزيد.....




- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - خرافة : قصة قصيرة