أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رياض خليل - من الماركسية المحافظة إلى العلمانية















المزيد.....

من الماركسية المحافظة إلى العلمانية


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


-1-
قبل كل شئ , لا بد من تبرئة ذمة ماركس من ممارسات الماركسيين النظرية و العملية , التي أساء ت أكثر مما أحسنت .
وبرغم الإخفاقات و الفشل المفجع للسياسات الشيوعية, لا تزال توجد بقايا من التيارات الماركسية الشمولية المحافظة في هذا البلد أو ذاك , و التي لا تصدق ما يحدث من حولها .
جرت متغيرات واسعة و جوهرية على الصعيد العالمي , تؤكد بما لا يقبل الشك أن المنهج
و الفكر الذي يعتنقه الشيوعيون , خاطئ و لا علاقة له بروح العلم الماركسي . إنهم لا ماركسيون عملياً.
وعلى الرغم من الارتباك و التشوش و الخلط الفكري الذي يعانونه , لا يزال يتمسكون ويدافعون عن الموضوعات والمقولات والشعارات الستاليذية المستهلكة , التي تأصلت لديهم كعادات فكرية تقاوم جدليات التغيير, بكل ما أوتيت من قدرة "نرجسية" رومانسية.
أهي الأصولية الفكرية ؟ ذلك المرض الذي - أكثر ما نجده – لدى التيارات الدينية والشوفينية .
هذا غريب وعجيب أن يصاب الماركسيون بأمراض , لأن الماركسية علم ثوري- مادي – جدلي علماني – نقدي - , وبالتالي هو علم ذو مناعة كافية ضد الأمراض العقائدية "المقدسة" , إنه محصن و مقاوم لكل ما هو "ستاتيكي" و مطلق و "ميتا فيزيقي" . فكيف يقع الماركسيون بمثل هذه المآزق , التي كرس ماركس عقله و جهده و عمره لدحضها و مناهضتها ؟! لو كان حيّاً لما رضي بما يرتكب بحقه من إساءة فهم , و ترجمه وانحراف .ليعلم الماركسيون المحافظون , أن ماركس لم يطرح نفسه وعلمه على أنه فوق العقل والنقد والحوار , ولا على أنه أصاب لب الحقيقة دون سواه ممن سبقه أو جاء بعده . كان عمله يعبر عن هويته , التي ترفض منطق المعصومية المعرفية , و مطلقية النص المعرفي.
مع كل ذلك لا يعترف الماركسيون المحافظون , بحقيقة لا ماركسيتهم و لا بضرورة إخضاع أفكارهم للتحليل و التشخيص و المراجعة و التصحيح , وإعادة بناء مناهجهم الفكرية , بما يتلاءم و حقائق الواقع و التاريخ و المتغيرات الحاصلة من حولهم , جل ما فعلوه : التكرار والاجترار والمراوحة في المكان . وكان الأولى بهم أن يقدموا إضافات , وأن يعملوا على تنمية العلم الماركسي وفقا لتطور الواقع التاريخي .
الملفت أن ما أراد ماركس الوصول إليه من خلال الاشتراكية , قد تحقق من خلال الرأسمالية ومن دون التضحية بالحرية وحقوق الإنسان .
أ كثر من قرن وربع مضى على الماركسية , فهل تصلح لزماننا ؟ وهل الحالة التاريخية الراهنة هي نفسها في عصر ماركس ؟
في أواخر أيامه , كانت الحالة التاريخية للرأسمالية تجتاز مرحلتها الانتقالية نحو الإمبريالية , وبالكاد لاحظ ماركس هذا التحول , هذا يعني أن الواقع الذي درسه ماركس مالبث أن تبدل جذريا , بالتالي لا يصح التحليل ذاته على المرحلة الجديدة , ومن باب أ ولى أن لا يصح على واقعنا المعاصر . والماركسيون لم يضيفوا أو يبدعوا جديدا كما فعل ماركس , بل عملوا على تعميم الحالة التاريخية الماركسية على التاريخ .
إنها لحالة كاريكاتورية أن نتحدث في هذه الأيام عن : ديكتاتورية البروليتاريا , والديمقراطية الاشتراكية , وحكم الحزب الواحد , والشرعية الثورية الخ .
هل يمكن في زماننا هذا إدارة وقيادة الحياة الاجتماعية بعيدا عن احترام حقوق الإنسان ؟ بعيدا عن البنى الديمقراطية الاجتماعية الشاملة ؟!
هنالك تحفظات و ملاحظات نقدية عدة على أطروحات ماركس النظرية , لا بد من الوقوف عليها و عندها.
و تحفظات وانتقادات جذرية , في ميدان التطبيق الماركسي اللاحق , ولا سيما المرحلة الستالينية و ما بعدها, والتي بالغت في دور ماركس العلمي و التاريخي, إلى الدرجة التي خرجت فيها عن الخط الماركسي الحقيقي المناهض للشمولية و الأصولية المعرفية, و الإفراط في إعلاء دور الفرد والطبقة والحزب, وهو نوع من الممارسة اللاعقلانية واللاعلمية .
وقد تحولت ديكتاتورية البروليتاريا – على صعيد التطبيق – إلى ديكتاتورية حزبية سياسية اقتصادية و ثقافية, و إعلامية ,و مارست النظم الاشتراكية الإرهاب الفكري إلى أبعد حد.
و فرضت مسطرة واحدة على أوجه الحياة كافة,ما شكل بيئة مناسبة لنمو و انتشار النفاق والتحريف و التبرير السياسي و المعرفي, و تغليب الذاتية على الموضوعية. و اعتماد (( السلفية )) الماركسية كخط أصولي يواجه حركة التاريخ بدلا من قيادتها إلى الأمام
لقد توهّم الماركسيون المحافظون أنهم يستطيعون تفصيل واقع وعالم على مقاس الخيال الماركسي , و لم يدركوا أو يصدقوا أن الخيال لا يصنع واقعا, بل الواقع هو الذي يصنع الأفكار والتصورات. أكد هذه الحقيقة سقوط النظام الاشتراكي الذي بني من فوق بلا أسس واقعية. حاولت إرادات الاشتراكيين تحويل إرادتهم إلى واقع ملموس , ففشلوا فشلا ذريعا, لأن الإرادات لا تستطيع بناء واقع مناقض لطبيعة الأشياء, و من عناصر لا وجود لها . هنا مكمن التناقض, الذي أبرز أزمة التطبيق المتفاقمة, والتي انتهت إلى فشل التجربة الاشتراكية, بعد سبعين عاما ونيّف من عمرها.
وبعد دفن الماركسية المحافظة ( ولا نقصد هنا العلم الماركسي و لا ماركس نفسه ) و تأبينها لا لاتزال بعض بقايا التيارات الأصولية الماركسية, تلملم نفسها و تصارع للاستمرار بأثواب شكلية أكثر مما هي جوهرية.

لقد شعرت تلك التيارات بأنها تعيش في غير أوانها و عصرها, و أن بناءها الفكري يهتز ويتزلزل , و أن عراقتها لم تثمر عن نتيجة ذات قيمة, على صعيد كسب الشعبية, و التجذّر الاجتماعي.
فهي لا تزال ضعيفة شعبيا و تنظيميا و فكريا, و لم تتمكن حتى الآن من إجراء تحولات جذرية جوهرية في استراتيجيتها, تمكنها من سرقة الأضواء و السيطرة على المسرح السياسي في بلدانها.
و مثل هذا التحول يتطلب خروج تلك التيارات من صومعتها الماركسية كليا, و السير على قدمين ثابتتين لا على الرأس.
لا بد من وقفة نقدية جزئية مع الذات, و مراجعة المنطلقات النظرية الدارجة مراجعة تحليلية موضوعية, للتخلص من التصورات المسبقة الجاهزة, و التي تحولت إلى نوع من العادات والتقاليد العقلية الجامدة ,وغير الصالحة للتعاطي مع وقائع العصر و استحقاقاته السياسية . .
إن أول ما يجب عمله في هذا الاتجاه هو في التخلص من(( تصنيم )) ماركس و الماركسية,و التخلي عن المقولات المستهلكة, وإعادة تأهيل و إنتاج الذات النظرية, للتكيف مع التيار العام للفكر العلمي التاريخي, و الاعتراف بالماركسية جزءا من ذلك التيار و حسب.
إن العلم الماركسي مرتبط بسياقه التاريخي المحدد , مثله مثل أي علم آخر, ولا يجوز التعامل معه على أنه مطلق, و صالح لكل زمان و مكان. بل هو مساهمة مميزة في ميراث الفكر النهضوي التنويري لأوروبا في العصر الرأسمالي,ليس أكثر
ر. و ماركس حلقة من حلقات ذلك الفكر, مرتبطة بما قبلها وما بعدها.
على الماركسيين المحافظين أن يتخلوا عن الماركسية عنوانا ومرجعية لهم و أن يتخذوا من مجمل التراث العلمي المعرفي ذلك العنوان و المرجعية, و يعودوا إلى حظيرة العلمانية التاريخية التي لم تتوقف عن التطور و النماء حتى الآن.

وعليهم أيضا أن يعترفوا بضرورة تبني الانتقال من الديمقراطية الاشتراكية إلى الديمقراطية الاجتماعية الشاملة , على خلفية العلمانية.
وحتى يتحقق من ذلك لا بد من إعادة النظر في بعض الأوهام التي لا دلالة لها, مثل (( ديكتاتورية الإمبريالية )), و (( توحش )) رأس المال, ونظرية المؤامرة, وعدم الثقة بالعالم من حولهم, و النظرة التشاؤمية لمصير العالم, والفهم الخاطئ للعولمة , وغير ذلك من أوهام
لابد من إعادة بناء الذات الفكرية والتنظيمية , على أ ساسي : العلمانية و الديمقراطية الاجتماعية. فالعلمانية هي الإطار الأ شمل للفكر , ويقع منها العلم الماركسي موقع الجزء من الكل . والديمقراطية الاجتماعية الشاملة هي الإطار الصحيح والكلي للحياة الاجتماعية الحقيقية .
إن الديمقراطية لا تنتج نقيضها : (( الديكتاتورية )) , وهي منبع السياستين : الداخلية والخارجية ,
وهنا يخطئ الماركسيون الاتباعيون , حين ينعتون الإمبريالية ب" الدكتاتورية " و” التوحّش "
وهنالك أمثلة عدة تؤكد السمة الديمقراطية للعلاقات الدولية , مابين البلدان الديمقراطية , أما البلدان التي تتبنى سياسة عدوانية ضد العالم الحر , ولاسيما البلدان المتطورة , فهي أ صلا بلدان غير ديمقراطية , ومن المتوقع أ نها تكره نقيضها الديمقراطي .
يجب التخلي عن النظرة الذاتية النفسية إزاء الإمبريالية , والاعتراف بعقلنة و علمنة رأس المال وقدرته على إدارة الحياة الاجتماعية بشكل أفضل .
على الماركسيين أن يعودوا إلى الطاولة الليبرالية – الديمقراطية , وينضووا تحت مظلة العلمانية , ما يتطلب استثمار أدواتهم ومنهجهم بحيوية وكفاءة لتجويد التعاطي مع أبجديات و مفردات العصر ومتغيراته واستحقاقاته . وتلك أولوية لامهرب منها لأجل بناء استراتيجية بناءة , قادرة على التقاط نبض الواقع والحياة المعاصرة , على قاعدة الشراكة والتعايش الديمقراطي السلمي , لما فيه مصلحة الجميع في حياة حرة كريمة .
ويعني ذلك عمليا : تحول الأحزاب الماركسية – الشيوعية إلى أحزاب ليبرالية – علمانية – منفتحة على ذاتها وعلى سائر عناصر ومكونات المجتمع الوطني والمجتمع الدولي . وتلك مهمة صعبة , واستحقاق سياسي لامفر منه .

بقلم : رياض خليل – سوريا – دمشق
27- 4 - 2004



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدمّية
- الدمّية
- السلطة الخامسة : سلطة الشعب
- قبل أن يسبقنا الوقت إلى الأصدقاء الديمقراطيين - احذروا الأصو ...
- نحو إعادة إحياء التيار الليبرالي
- من الميكافيللية إلى الديمقراطية


المزيد.....




- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رياض خليل - من الماركسية المحافظة إلى العلمانية