أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - العقاب وحده لا يكفي














المزيد.....

العقاب وحده لا يكفي


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 02:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لاشك أن إفلات الجناة من العقوبة في الجرائم التي ارتكبت سابقاً ضد الأقباط ، هو من أهم عوامل تكرار مثل هذه الأحداث، فسواء كان إفلاتهم راجعاً إلى تواطؤ من الأجهزة الرسمية كما يتصور كثيرون، أو كان يرجع إلى عدم مناسبة قانون الإجراءات الجنائية للتعامل مع مثل هذه الحوادث، بالإضافة بالطبع لما يسمى سياسة الموائمات، وتحاشي الدولة إغضاب تيار التعصب المتأسلم المسيطر على الشارع المصري، فإن النتيجة واحدة، وهي أن تصبح البلاد فوضى في غياب سيادة القانون، وغياب الردع لكل من تسول له نوازعه أياً كانت، بأن يرتكب ما شاء من جرائم، وهو مطمئن لغياب العقاب، ويصبح الأقباط هم "الحيطة الواطية"، التي يتسلى الغوغاء والمتعصبون بالتقافز عليها، وكأنهم يركبون المراجيح في نزهة ظريفة ومقدسة في آن!!
تعلو الأصوات الآن مطالبة بعقوبة رادعة لمرتكبي حادث مذبحة عيد الميلاد في نجع حمادي، وهذا ضروري، كما أنه من الضروري أيضاً الإتيان بمحرضي "مسجلين خطر محترفين" على ارتكاب جريمة طائفية، فاليد التي تمسك بالسكين هي التي تذبح، وليس السكين ذاته، الذي يمثله هؤلاء المجرمين. . كل هذا جميل وخطير وضروري. . لكن الأهم هو تأمين المستقبل. أن لا يتكرر ما حدث طوال أربعة عقود ماضية، من اعتداءات للغوغاء -وليس التنظيمات الإرهابية- على الأقباط. . فالتنظيمات الإرهابية قد قامت الدولة بالقضاء شبه التام عليها، أو على الأقل تقليم أظارفها وخلع أنيابها، وخرجت رموزها من السجون، لتلتحق بفيالق المروجين للعنصرية والمحرضين على الكراهية، جنباً لجنب مع منتسبي الدولة والعاملين في مختلف مؤسساتها الرسمية وشبه الرسمية.
الحادث الآن هي أن الجماهير العادية –المفترض أنها مسالمة وكادحة- هي التي تقوم بالهجمات الحارقة والدموية على إخوانهم في الوطن. . إن أرض مصر تنتج الآن الكراهية والتعصب، بدلاً من القطن والقمح والزهور، فأي دولة تلك وأي نظام، الذي يترك شعبه نهباً لمن يحولونه إلى قتلة وإرهابيين، ثم يسعى أو لا يسعى بعد ذلك لمطاردتهم بأجهزته الأمنية؟!!
أكاد أقول أن المجرمين الثلاثة المقبوض عليهم لارتكابهم مذبحة نجع حمادي، هم أيضاً ضحايا سياسة دولتنا الرشيدة، مثلهم مثل الشهداء الذين سقطوا، وإن اختلف الشكل ونوعية البشر!!. . فكما تتغاضى الدولة عن نشاط المحرضين على العنصرية والكراهية، حتى لو كانوا من رجال الحزب الوطني ووزارة الأوقاف أو سائر الوزارات الأخرى، وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم ووزارة الإعلام، فإنها أيضاً تتغاضى عن سيطرة البلطجية على كثير من المواقع، وخاصة في المدن والمراكز البعيدة عن العاصمة، فتشجعهم وغيرهم على احتراف السيطرة والبلطجة في الشارع، في وقت تضيق فيه فرص الرزق على أصحاب الحرف وحملة المؤهلات العلمية. . وقد لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فإن الأحاديث تدور عن استخدام الأجهزة للبلطجية لأداء مهام عديدة، علاوة على استخدامها من قبل شخصيات عديدة، بل وقرأنا في وسائل الإعلام عن أن مطران نجع حمادي كان يدفع مرتباً شهرياً للمجرم الرئيسي في مذبحة نجع حمادي!!
هذا الوضع المتردي والمتدهور إلى المنتهى، هو الذي يجعل من مصر مسرحاً لجرائم لا تنقطع، وفي مقدمتها بالطبع الجرائم العنصرية ضد الأقباط. . وأكثر ما يجب أن نخشاه، هو أن يتم الاكتفاء بصدور عقوبة رادعة على مجرمي مذبحة نجع حمادي الثلاثة، لكي يهدأ الضجيج، لنفاجأ بعد حين، قد يكون أياماً أو أسابيع أو حتى شهوراً، بحدوث جريمة أخرى مماثلة، وقد تكون أشد هولاً!!
هذا دور نشطاء المجتمع المدني ودعاة حقوق الإنسان. . دور كل مصري وطني شريف، سواء انتمى للأقلية أو الأغلبية، وسواء كان في صفوف الحكم أو المعارضة. . المهمة المقدسة هي التعاون مع الدولة والضغط عليها لإعادة ترتيب البيت المصري، الذي صار مهلهلاً بفعل الفساد والإهمال والتواطؤ!!
العلمانية هي الحل يا سادة. . ترتيب البيت المصري لابد وأن يكون على أسس علمية بحتة، تتيح لمجتمعنا -الذي تعفن في ركوده- ولوج العصر الحديث.. علمانية تلزم رجال الدين بالمكان الكريم اللائق بقداسة مهمتهم وهو دور العبادة، ليتولى العلماء والعلماء وحدهم، إعادة ترتيب وتنظيم حاياتنا وقوانينا وعلاقاتنا. . فبدون الحل العلماني سنظل نخوض في مستنقعات التخلف والفقر والتعصب والكراهية والعنصرية. . طالما نحن نرى الحياة بكل تنوعها وثرائها من ثقب واحد ضيق هو ثقب الدين، نرى كل شيء من خلاله، ونرى أخوة الوطن الوطن والإنسانية من خلاله، فسنظل على ما نحن فيه من تخلف وتشرذم، ويكون بداية طريق الإصلاح هو الكف عن خلط الأوراق، بالفصل ما بين السماوي والأرضي. . بين علاقة الفرد الخاصة بربه، وبين علاقته بالبشر، والتي يجب أن تكون على أسس مصلحية، على قاعدة المساواة ومعايير حقوق الإنسان.
ننتظر إذن من دولتنا ليس فقط أن توقع أقصى عقوبة قانونية على مرتكبي مذبحة نجع حمادي، وليس فقط أن تتبع أوكار المجرمين الذين تعرفهم أجهزتها الأمنية جيداً، لتمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات قبل وقوعها، بل أيضاً أن تجتث من مختلف المواقع في المساجد والإعلام ووزارة التربية والتعليم ومقرراتها الدراسية، كل المحرضين على الكراهية والعنصرية، التي تفشت حتى في المجال الرياضي، فصار معلقي المباريات ومدرب الفريق الوطني لكرة القدم من دعاة العنصرية واللامساواة بين أبناء الوطن الواحد.
مصر- الإسكندرية



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاء وخطايا شائعة
- النظام المصري والشرعية التوافقية
- مشكلة التدين في مصر
- عودة الأقباط إلى الساحة
- مقاربة لرواية د. يوسف زيدان: عزازيل
- حتمية الحل العلماني
- الأصل والصورة
- رواية: ينابيع وادى حوران
- الإخوان المسلمون والدولة المحظورة
- الرفض العنتري الرث
- مسألة الصلح – تساؤلات بريئة
- في زمن الغيبوبة والجنون
- الحوار المتمدن قصة نجاح
- مصر مصرية يا د. أبو المجد
- الأقباط ومصيدة الفاشية
- المظلوم ينقذ ظالمه
- تهمة ازدراء الأديان
- هذا يحدث في مصر
- فسيولوجيا القيم المجتمعية
- يوم الحداد الوطني


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - العقاب وحده لا يكفي