أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الثامنة)















المزيد.....


الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الثامنة)


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 06:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(( الفلسفة الهلينية ))

في هذه الحلقة سنرى كيف يمكن احتمال وتجاوز الأوقات الصّعبة؟... وجهة نظر الرّواقيّين... وجهة نظر الأبيقوريّين... وجهة نظر اللاـ أدريّين: الشكّاكين...

ازدادت أهمّيّة الفلسفة ومكانتها بعد أن وضع كلٌ من أفلاطون وأرسطو علامتهما. قد ساهما في بروز ما يسمّى "بالعصر الهلينستي"، وهو الفترة التي انتشرت فيها الفلسفة اليونانية في جميع الدّول الواقعة على حوض البحر المتوسّط وخلال القترة التي كان فيها "ألكسندر العظيم" يبسط نفوذه على المنطقة كلّها.
ممّا ساعد على انتشار الفلسفة الإغريقية هي أن الناس نظروا إليها كطريقة تساعدهم على عيش حياتهم بشكل طبيعي. وكنتيجة لذلك، أصبحت الفلسفة أكثر بنيويةً وتنظيماً. فقد ظهرت إلى الوجود عدّة مدارس لتعليم الفلسفة ليتمكّن الناس من الاختيار بينها.
من أهمّ تلك المدارس الفلسفية الكثيرة كانت: "الرواقية stoicism" و"الأبيقورية Epicureanism" و"الشكّية skepticism". على الأرجح أنت متآلف بشكلٍ أكبر مع هذه المدارس أكثر من غيرها من الفلسفات الأخرى، ليس لأنّ هذه المدارس الثلاث هي المدارس الأكثر أهمّيّة بشكلٍ عام _هي ليست كذلك_ بل لأنها شقّت طريقها إلى لغتنا في العصر الحديث.
هذه الفلسفات أقلّ مثاليةً من فلسفة أفلاطون أو أرسطو، فهي لم تقدّم الكثير في التوصّل إلى الحقيقة الكونية أكثر من اهتمامها بأمور الحياة اليومية. فالسؤال لم يكن: "ما هو العالم؟"، بل كان: "ما هي أفضل طريقة لتدبير أمور العالم الواقعي؟". وقد منحت كلٌ من المدرسة الرواقية، والأبيقورية، والشكّيّة ثلاث إجابات مختلفة.
*******************
۞ الرواقية
هل حدثت معك أمور جيّدة أو سيّئة ولم تهتمّ بها فعلياً؟، قد تكون إذاً رواقياً. وكرواقي، فإنك ستتقبّل واقع أنّ الكثير من الأمور خارجة عن سيطرتك. وبما أنك لا تستطيع أن تسيطر على الأشياء، فليس هناك أيّ داعٍ إذن للبحث فيها والقلق بشأنها.
هل تشعر بأنك حزين؟، فأنت أخرق. توقف عن التمرّغ في رثاء الذات وتابع حياتك. أو لا تفعل. فذلك غير مهمّ.
تلك هي الرّواقية. لقد وُلِدَت في اليونان قبل 300 عام من الميلاد على يد الفيلسوف "زينون Zeno" الذي قام بنشر أفكاره بين تابعيه ومريديه. وهم بدورهم قاموا بنشرها على نطاق أوسع، وخصوصاً في "روما" حيث أصبحت الرواقية ذائعة الصّيت والانتشار. وبعض أشهر الرواقيين الرومان هم: سينيكا Seneca، إبيكتيتوس Epictetus، وماركوس أوريليوس Marcus Aurelius.
في الواقع، كان مذهب الرواقيه ذو تأثير كبير لدرجة أنه ما زال قائماً حتى يومنا هذا. على الأرجح أنك تعرف حقّ المعرفة ما الذي أتكلّم عنه هنا. كما أنك على الأرجح تعرف شخصاً رواقياً أو اثنان. فهم يتحمّلون كلّ ما يصيبهم خلال يومهم من دون أن يشتكوا من ذلك.
إنّ الرواقية هي مذهب للأقوياء فقط. والفكرة هنا ليست أنّ عليك أن تكون مفتول العضلات، بل في أن عليك أن تتبنّى طريقة في الحياة أو أسلوب مناسب ليتماشى مع الواقع المحبِط للأشياء. فالأمور السّيئة تحدث باستمرار، وعلينا ألاّ ندعها تسحقنا وتدمّرنا.
*******************
في الحقيقة، إنّ زينون والرواقيين الآخرين قد لاحظوا أنّ أكثر المشكلات والمعضلات التي يمرّ بها الناس يبدو أنها تختفي وتزول عندما يقرّرون ببساطة أنهم لن يزعجوا أنفسهم بشأنها. فالتعاسة، والضّيق، وحتى الألم جميعها أمور موجودة في عقلنا فقط. أخرجها من عقلك فتصبح وكأنها لم تكن موجودة قط. حتى بالرّغم من أنك لا تستطيع السيطرة على ما يحدث لك، فبإمكانك التحكّم بموقفك تجاه تلك الأحداث.
وأشهر مثالٍ على موقف الرّواقي هو موقف "إبيكتيتوس" العبد الروماني، الذي تمّ تعذيبه على يد سيّده. وعلى غرار جميع الرواقيين الصالحين، رفض "إبيكتيتوس" أن يتأوّه أو يئنّ تحت التعذيب، كما بدا بأنه لم يكن يشعر بالألم إطلاقاً. بل اعترف ببساطة وبطريقة مرتجلة: "إذا حافظت على طوي ساقي بهذا الشكل، فتأكّد من كسرها". وكان محقاً بكلامه، فقد كانت رجله مكسورة. وعندما أدرك ذلك، قال بنفس النبرة: "ألم أخبرك؟ إنها مكسورة".
*******************
يرى البعض أنّ الرواقية هي أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس لأن يكونوا لئيمين وسيئين. فإذا كنت تشعر بأنك ليس عليك أن تكبت مشاعرك وأحزانك، فإنها ستخرج في وقت لاحق على شكل قسوة وفظاظة تجاه الآخرين، وكأنّ عقلك يقول لنفسه: "لقد عانيت أنا بدوري، لذلك يجب أن يعاني الآخرون".
من الضروري أن نشير هنا إلى أنّ "إبيكتيتوس" لم يحتمل أوجاعاً وآلاماً جمّةً فحسب، بل إنه تحمّل حقيقة أنّ سيّده هذا كان ساديّاً ومجنوناً. في الواقع، إنّ الرّواقي لا يلقي بالاً إلى آراء الناس الآخرين. فهو ينظر إلى الناس كأغبياء، ضعاف، جبناء، وأنانيين.
هذه النظرة إلى الجنس البشري هي السّبب الوحيد التي دفعت الرواقي للاعتقاد أنّ عليه ألاّ يلقي بالاً مهما حدث له. فإذا منت مهتمّاً بشيءٍ ما، فذلك يعني أنك ضعيف وأحمق، لذلك فأنت تستحق كل الأمور السّيّئة التي تحدث لك. أمّا إذا كنت أحد الحكماء القلائل الذين يتحلّقون حولهم الناس، عندها ستكون عالماً بأنّ عليك ألاّ تقلق بشأن أيّ شيء، لذلك، مجدّداً، لا تهتم.
*******************
حتى وإنّ كان هناك شيءٌ ما يستحقّ الاهتمام من قبلنا، يرى الرّواقي أنه لا يوجد هناك أيّ شيء يمكن أن يفعله الناس تجاه هذا الأمر. فالقدر يحكم جميع الأشياء. ومن سخرية القدر أنّ الجبرية الرواقية stoic fatalism لم تكن تقصد أنّ الإنسان الرّواقي رفض أنّ يتحمّل مسؤولية أفعاله الخاصّة. لقد آمنوا أنّك عندما يكون بإمكانك أن تسيطر على موقفٍ ما، فعليك بذلك. لم يكونوا يحاولون تغيير القدر المحتوم، لكنهم حاولوا التصّرف وفق مراسيم المصير في تحمّل مسؤولية أعمالهم وتصرّفاتهم وسلوكهم.
فإذا كان لديهم عمل عليهم أن ينجزوه، فهم يقومون بذلك فحسب. ولهذا السبب كان الرّواقيون، كغيرهم من الناس الآخرين، يعملون في مجالات مختلفة، كالتجارة، السياسة، والحياة العائلية.
كان لهذا الموقف تأثيرٌ كبير على منظومة القوانين الرومانية، التي طلبت من الناس تنفيذ مهامهم وأعمالهم من دون تفضيل أو إظهار الشفقة على الناس الذين كانوا يتعرّضون للتعذيب. وتمّ تطبيق هذه القاعدة حتى في ظلّ أشدّ الظروف قسوة، فمثلاً إذا طُلِبَ منك أن تقتل نفسك، فعليك أن تفعل ذلك بكلّ بساطة، وهذا ما فعله العديد من الرّواقيين ومن ضمنهم الفيلسوف والدبلوماسي الروماني "سينيكا"... حتى بالرغم من أنه لم يكن مسيحياً، من المتوقع أن يكون سينيكا قد كتب رسائل كثيرة، وتلقى الكثير من الرسائل أيضاً من الحواري المسيحي "بولس"، وبسبب إرادته الدائمة في الموت من أجل أفكاره ومبادئه، تمّ اعتبار سينيكا من بين القدّيسين المسيحيين من قِبَل القدّيس "جيروم" أحد آباء الكنيسة.
*******************

۞ الأبيقورية
في نفس الوقت الذي أوجد فيه "زينون" مذهبه الرواقي، خرج إلى السّاحة الفلسفية فيلسوف آخر عاش في اليونان القديمة وجلب معه أسلوباً جديداً في التعامل مع الفكرة التي تقول أنّ بعض الناس أنذال وأنّ الحياة يمكن أن تخدعك بألاعيبها القذرة. وقد أطلِق على هذه المدرسة الفلسفية اسم "الأبيقورية" وذلك على اسم موجدها "أبيقوروس Epicurus".
قال أبيقوروس أنّ هدف الحياة هو السعادة. فمن المعروف أنّ الانغماس في الملذّات الجسديّة كالأكل، والشرب، الجنس، الاستلقاء على الأريكة طوال اليوم كلّ ذلك يجلب السعادة. في الواقع، هذه الأنواع من الملذّات أصبحت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأبيقورية.
ومع ذاك، فهذا الارتباط بين الفلسفة الأبيقورية واللّذة الحسّيّة والذي تطوّر عبر القرون هو ترابط مضلّل بعض الشيء. فبالرّغم من أنّ الأبيقوريين الأوائل لم يعارضوا اللّذات الحسّيّة بشكلٍ أكيد، إلاّ أنهم كانوا أكثر تركيزاً على مسألة تجنّب الألم.
********************
إنّ أحد الأسباب التي أدّت إلى عدم فهم الأبيقورية قد يكون أنّهم كانوا في منافسة ضخمة مع غيرهم من الجماعات كالرواقيين والمسيحيين الذين اختلفوا مع آرائهم ومعتقداتهم. وبالمقارنة مع صرامة المدرسة الرواقية والمسيحية، قد تبدو الأبيقورية غارقة باللّذة الحسّية والجسدية، لكنّ هذه النقطة ليست هي النقطة الرئيسية التي أراد الأبيقوريون أن ترتكز أفكارهم عليها.
في يومنا هذا إنّ الأبيقوري epicure هو الشخص الذي يقدّر الطّعام والشراب الجيّدين. بالرّغم من أنّ الأبيقوريين الأوائل لم يكونوا أعضاء في مجتمع خبير بالأطعمة، لكنهم كانوا يشكّلون مدرسة فلسفية تهتمّ بالهدوء والسّلام العقلي.
في الحقيقة، لاحظ الأبيقوريين وجود مشكلة في اللّذة الحسية: بمعنى أدق، غالباً ما يرافق اللّذة الألم. فالسعي وراء اللّذة لتحقيقها لا ينجح في جميع الأوقات. فالشرب بإسراف في ليالي السّمر على سبيل المثال قد يكون أمراً ممتعاً للغاية، إنّما لوقتٍ قصيرٍ فقط. لكنّ الصّباح التالي يكون مختلفاً تماماً.
ولتجنّب الألم، يبدو أنّ الأبيقوريين لديهم أفكار عن الحياة مختلفة تماماً عن أندادهم الرواقيين. أمّا في الواقع، فكلا الفلسفتين لا تختلفان إلى حدٍ بعيد. فكلتاهما تدرك أنّ أهمّيّة الألم تتوقف على حالتك العقلية. فمن المهمّ أن يكون لديك موقف صحيح تجاه الحياة لتكون في حالة وقاف وسلامٍ داخل عقلك. وقد أطلق الإغريق القدماء على حالة السلام الداخلي هذه اسم "أتراكسيا ataraxia"، أو حالة الوجود المنفصل عن أعباء الواقع والعيش وفق حالة السلام مع نفسك.
إنّ الأبيقوريين وأمثالهم، الرواقيين، كانوا يسعون لتحقيق حالة "الأتراكسيا". والفارق الأساسي بين المدرستين هو أنّ الرواقيين أكثر اهتماماً بتحمّل مسؤولياتهم الاجتماعية بينما كان الأبيقوريين يركّزون على الحرّيّة الفرديّة.
نعم، كان هدف الأبيقوريين هو تجنّب الألم الجسدي، لكنّ هذا الأمر لم يتطلّب وجود فلسفة عميقة ليفعل الناس ذلك. فالذي استرعى اهتمام أبيقوروس وأتباعه بشكلٍ خاص كان مشكلة تفادي الألم العقلي. فقد آمنوا بأنّ الناس، من دون أن يكون هنالك ضرورة لذلك، يعانون من الألم العقلي بسبب معتقداتهم الخاصّة. لقد وجود أنّ تحقيق الأمان والسلام الداخلي للعقل هو الهدف الأساسي للفلسفة.
*******************
لقد آمن الكثير من الناس في اليونان وفي المناطق المحيطة بها أنّ الآلهة ترعاها وتراقبها وتحميها، وهي مستعدّة لأن تعاقبهم إذا قاموا بارتكاب معصية أو أيّ عملٍ سيئ. وقد لاحظ أبيقوروس أنّ الناس يرهقون أنفسهم في محاولة فهم ما الذي تريده منهم الآلهة ليقوموا به وكيف عليهم أن يقوموا به بالفعل. وقد رأى أنّ الآلهة لا يهتمّون مطلقاً بما يفعله البشر، لذلك فبدلاً من القلق حول ما الذي تريده الآلهة، علينا أن نتمتع بالحياة قدر استطاعتنا. ويقول أبيقوروس أنّ المعتقدات الخرافية تسبب ألاماً نحن بغنى عنها.
بما أنّ أبيقوروس لم يؤمن بأنّ الآلهة مهتمّة بالبشر بشكلٍ أو بآخر، كان عليه أن يوضّح كيف جاء العالم المليء بالبشر إلى الوجود إذا لم تخلقه الآلهة. لذلك فقد رجع إلى فيلسوف آخر كان معاصراً لسقراط هو "ديمقريطس Democritus" الذي قال أنّ العالم صُنِع من الذرات.
تنويه: إنّ مصطلح "أتوم Atom: ذرّة" هو عبارة عن لفظة إغريقية قديمة تعني "غير القابل للانقسام". فالذرة, بالنسبة للأبيقوريين، هي جزء من المادّة لم يعد بإمكاننا تقسيمه وتقطيعه إلى أجزاء أصغر.
*******************
بناءً على النظرية الكونية لديموقريطس، قال أبيقوروس أنّ العالم تشكّل بفعل التصادم بين الذرات بالصّدفة. في الأصل، جميع الذرات كانت تسبح في الفضاء الخالي ببساطة. لكنّ بعض الذرات كان لها حركة جانبية عشوائية سبّبت تصادمها مع بعضها البعض، ممّا جعلهم يتحلّقون حول أنفسهم تباعاً. وفي الوقت الذي أدّى تجمّع الذرات حول بعضها البعض إلى ظهور العالم الذي نعرفه الآن، امتلأ من فوره بالصّخور والمياه والأشجار وكل شيء.
بما أنّ العالم مصنوع من الذرات ولم تخلقه الآلهة، فليس على الناس أن يقلقوا بشأن إذا كانت الآلهة ستعاقبهم لأفعالهم على الأرض. فالبشر أنفسهم هم عبارة عن مجموعة من الذرات الملتحمة مع بعضها البعض، كما أنّ أرواحنا، هي كذلك، وهي تتفكّك وتنحلّ بعد موتنا.
ولأننا مصنوعون من الذرات، فليس هناك أيّ داعٍ للقلق حول مسألة الموت. لأنّ أرواحنا ستنحلّ، لن تكون هناك أيّ حياة _جيّدة أم سيّئة_ فيما وراء القبر لنقلق بشأنها. أكثر من ذلك، أنّ الموت لن يكون مؤلماً، لأنك لن تكون موجوداً بعد موتك. لن يكون هناك وجود لكينونتك كي تشعر بالألم، بل مجرّد مجموعة من الذرّات التي ستفصل عن بعضها وتتفكّك. ستنتهي الحياة حتى قبل أن تدرك ذلك، فلماذا القلق؟.
على غرار الرواقيين، اعتقد الأبيقوريين أنّ الألم الجسدي قد تمّت المبالغة في تقييمه. فهو ما أن يبدأ حتى يتوقف، وغالباً ما يصاحب زواله شعورٌ لذيذ بالراحة والسعادة. حتى المرض لا ينبغي أن يكون بهذه الدرجة من السوء، فللمرض سمعة سيّئة لأنّه غالباً ما ينتهي بالموت، لذلك فالناس يخشونه ويقلقون بشأنه. لذلك فبدون قلق الموت، يكون المرض مجرّد مسألة بسيطة وسخيفة.
أحد أهمّ أتباع أبيقورس كان الفيلسوف والشاعر "لوكريتيوس" الذي قال: "أنّ أجيال الكائنات الحية تمضي بسرعة خاطفة، وكالعدّائين الذين يمسكون بيدهم شعلة الحياة". فالحياة بمعنى آخر، مثل سباق التتابع، حيث أننا نقوم بتمرير الشعلة إلى الأجيال اللاحقة، عندما ننتهي من سباقنا الخاص.
*******************
لأنّ الأبيقوريين لم يهتمّوا بمسألة الموت والحياة ما بعد الموت، فهُم شعروا بالحرية ليستمتعوا بالحياة كما يريدون. فرأيهم بالحرّيّة الشخصيّة فصلهم عن الرواقيين الذين آمنوا بالقدر والحتمية. فالرواقي يقبل بفكرة أنّ جميع الأشياء محكومة بالقدر وليس بمستطاع البشر أن يفعلوا أيّ شيء تجاه ذلك.
أمّا الحرية التي يتمتع بها الناس في الفكر الأبيقوري فهي المكوّنة بعد حركة الذرّات التي صنعت الكون. أصلاً إنّ الذرّات كانت تسبح في الفضاء بنفس السرعة وبنفس الاتجاه. لأنها كانت تتحرّك بكلّ حرّية، بعض الذرّات انحرفت في دربٍ جانبي وبدأ تأثير الارتداد ricochet effect الذي أدّى إلى ظهور العالم كما هو الآن. والكائنات البشرية هي بنفس الدرجة من الحرّيّة في التجمّع وبأيّ طريقة يرغبون بها.
لذلك فالناس الحكماء سيقرّرون الطّريقة الأنسب بالتجمّع اعتماداً على الشكل الذي سيحقق لهم السّعادة. والفكرة هنا هي معرفة أيّ الملذّات التي تقود إلى نهاية مؤلمة، وأيّ الملذّات غير المشروطة التي توصلنا إلى السّعادة.
هناك الكثير من الرّغبات والملذّات غير المشروطة التي قد تتعامل مع العادات الاجتماعية كالزواج والحياة السياسية. وقد عارض أبيقوروس الزواج لأنه وجد أنّ الزواج يشكّل عقبة أمام تحقيق السّلام العقلي (كما يفعل بعض الناس في أيامنا هذه). كما أنه اعتقد أنّ المشاركة في الحياة السياسية قد تكون معيقاً من شأنها أن تعكّر صفو الحالة العقلية. ويتضمّن ذلك محاولة تحقيق الغايات الخيالية، أكثر من محاولة البحث عن صفاءك الذهني الخاص. ويقوم كلٌ من الزواج والسياسة على التركيز الشديد على ما يريد أن يفعله الناس الآخرون، لذلك فقد اعتقد أبيقوروس أنه من الأفضل تجنّب هذين المجالين.
من جهةٍ أخرى، إنّ الصّداقة مسألة هامّة جداً بالنسبة لأبيقوروس. في الواقع، إنّ الفلسفة الأبيقورية كانت عبارة عن مجهود جماعي مع كافّة المدارس الأبيقورية الأخرى التي تجتمع فيما بينها لتتناقش وتتحاور حول كيفيّة تحقيق السعادة الذهنية. فمدرسة أبيقوروس التي أطلِق عليها اسم "الحديقة" أصبحت أكثر شعبيةً من مدرسة أفلاطون "الأكاديمية"، ومدرسة أرسطو "الليسيوم أو المشائية".
*******************
هنا نورد قائمة لأهمّ المدارس الفلسفية في اليونان القديمة خلال العصر الهلينستي:
• الأكاديمية: أول من أوجدها هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون في مدينة أثينا حوالي عام 385 قبل الميلاد، وقد استمرت تلم الأكاديمية في الوجود من بعده بأشكال مختلفة، وكانت تدار من قِبَل أساتذة ناجحين حتى عام 529 ميلادي. وعند هذا التاريخ كانت السلطات الدينية المسيحية قد أغلقت المدرسة، وحكمت عليها كمصدر رئيس للأفكار الوثنية. فخلال مرحلة معينة، كانت الفلسفة الشكّيّة قد سادت تلك الأكاديمية.
• الليسيوم أو المدرسة المشائية: أوجد أرسطو هذه المدرسة عام 335 قبل الميلاد، كما سمّيت "بيريباتوس Peripatos" أو "الممشى المغطّى" الذي كان متصلاً بالمبنى. على الأرجح كان الطّلاّب والفلاسفة يناقشون الأمور الفلسفية وهم يسيرون في بهو المدرسة. وقد استمرّت المدرسة المشائية حتى القرن الثالث الميلادي.
• المدرسة الرواقية The Stoa Poikile: اسم هذه المدرسة يعني "الرّواق المسقوف"، وهي المكان الذي كانت تدار فيه المناقشات الفلسفية، ومن هنا جاءت كلمة "رواقي". أوجد القرن الثالث الميلادي.
• الحديقة: هذه المدرسة أوجدها "أبيقوروس" عام 300 قبل الميلاد. واسمها يشير إلى الحديقة الخارجية لمنزل أبيقوروس حيث كان يلقي تعاليمه. والحديقة لم تكن مجرّد مدرسة، بل كانت أشبه بوحدة حيث يعيش الطّلاّب في عزلة عن المجتمع سعياً خلف اللذّة الأبيقورية والصّفاء الذهني. وعندما مات أبيقوروس عام 270 قبل الميلاد، قام بإدارة هذه المدرسة تلميذه السابق "هيرماركوس Hermarchus".
كانت الفلسفة الأبيقورية منافسة ناجحة بالنسبة إلى الفلسفة الأفلاطونية والأرسطية لقرون عديدة، حتى جاءت الفلسفة المسيحية وعدّلت فلسفة أفلاطون وأرسطو لتتناسب مع أفكارها اللاهوتية. في هذا الوقت، توفي أبيقوروس. وقد عاد إلى الوجود خلال القرن السابع عشر عندما بدأ العلماء في أخذ فكرة الذرات بعين الاعتبار. فقد أعجب علماء القرن السابع عشر بالميول التجريبية للذرية الأبيقورية، فالأبيقوريين وعلماء القرن السابع عشر فهموا العالم من الناحية الفيزيائية كشيء يمكن أن تشعر به ونتذوّقه.
كما أنّ المدرسة الذرية عادت إلى الظهور خلال القرن السابع عشر في مظهر جديد، وقد واجهت الكثير من المعارضة من قِبَل الفلاسفة الذين كانوا يرون أنّ الله له تأثير على العالم الواقعي، وقد ترجموا أفكارهم [الفلاسفة الذريون] أنّ العالم نشأ من تصادم عرضي بين الذرات، كما يقول الملحدون منهم.
*******************
۞ الشكّيّة
أمّا الفلسفة الهلينية الثالثة التي جاءت بعد الرواقية والأبيقورية هي الشكّيّة σχεπτιχος.
فالشكّي يؤمن بأننا لا يمكن أن نعرف الحقيقة. فكلّ ما لدينا مجرّد أفكار قد تكون صحيحة أو لا تكون. ولدعم هذه الفكرة، فقد قالوا بأننا لا يمكننا أن نثق بحواسّنا لمعرفة الماهية الحقيقية للأشياء. كما أنهم أشاروا إلى أننا لا يمكن أن نعتمد على ما يقوله الناس الآخرين، بما أنّ الناس مختلفين في وجهات نظرهم وآرائهم.
إنّ الشكّاك يمارس مختلف أنواع التفكير الشكّي. فبعضهم يقولون أننا يمكن أن نعرف معظم الأشياء بدقة ولكن ليس جميع الأشياء. لكن هناك آخرون يتخذون موقفاً متطرّفاً بالقول أنه لا يوجد شيء يمكن معرفته بشكل دقيق وكامل.
ويُعَدّ الفيلسوف "فيرون الإيلي Pyrrho of Ellis" هو الفيلسوف الشكّاك الأول الذي قال أنّنا لا يمكن أن نعرف شيئاً على وجه الدّقة. وقد استمدّ أفكاره من أفكار سقراط والسفسطائيين، وكلّ الذين أشاروا إلى أنّ البشر غالباً ما يكونون مخطئين في اعتقادهم حول صحّة شيءٍ ما. وقد نظّم فيرون نوعاً من الشكّ كان يستعمله سقراط وآخرون غيره في تفكيرهم وأفعالهم. وبالرّغم من أنه كان قد بدأ بفكرة أننا لا يمكننا أن نعرف شيئاً، كان قد اهتمّ بشكلٍ خاص بما قد يخبرنا ذلك عن الطريقة التي ينبغي أن نتصرّف وفقها.
من أهمّ الحجج التي يسوقها الشكّيون في مسألة لماذا لا يمكننا أن نكون واثقين ومتأكّدين من أيّ شيء هي أنّ أيّ شيء يشعر به أي أحد قد يكون عبارة عن شيء متخيّل ووهمي. في الواقع، قد تكون الآن في حالة حلم ولا تدرك ذلك. قد تعتقد أنك تقرأ هذا الكتاب، لكن كيف يمكنك أن تتأكّد من ذلك؟
إنك تقول أنّ بإمكانك أن تعقص نفسك لتتأكّد من أنك في حالة يقظة؟ ربّما أنت تعقص نفسك في الحلم ليس إلاّ. والنقطة هنا هي أنّ الفكرة التي لديك عن العالم الواقعي والتي تكمن في عقلك هي مجرّد فكرة لا أكثر ولا أقل. وكلّ ما تعرفه أنّ الناس يشعرون ويرون الأمور بشكلٍ مختلف عن فيما بينهم. ولمجرّد أنك اختبرت شعوراً ما لا يعني ذلك أنّ هذا الشعور حقيقي، فقد يكون مجرّد ظاهرة من ظواهر الجسد أو العقل.
كما أنّنا لا نستطيع أن نثق بأحاسيسنا الخاصّة بنا، فنحن لا نستطيع أن نثق بأحاسيس الناس الآخرين. في الواقع، لقد أشار الشكّيّون إلى أنّ كافة المرجعيّات التي يتطلع إليها البشر تتناقض مع بعضها البعض... لعلّ جميع الناس متوهّمين.
*******************
إنّ الشكّاكين عارضوا بشكلٍ خاص التفكير الدوغمائي عند الفلاسفة الآخرين، وخصوصاً الرواقيين، الذين كانوا يتصرّفون وكأنهم متأكّدين من كلّ شيء حول العالم الخارجي وكيف يجب أن يتصرّف الناس الآخرون. فالدوغما Dogma تعني أنّ أيّة فكرة أو أيّة منظومة فكرية يتمّ التعبير عنها وكأنها الحقيقة الوحيدة.
على الرغم من حقيقة أنّ الفلاسفة الشكّيّين عارضوا التعاليم الدوغمائية للفلاسفة الآخرين، فقد كانت لديهم فكرة هامّة شائعة بينهم. هذه الفكرة كانت فكرة "الأتراكسيا ataraxia"، أو حالة الصّفاء الذهني. لذلك فالشكّيّة لم تنزع إلى أن تكون مجرّد طريقة في انتقاد أفكار الآخرين، بل كان من المفترض أن تساعد البشر في أن يعتادوا على حقيقة أنّ هناك الكثير من الحوادث التي تقع خلف سيطرتنا وتحكّمنا بها. فإذا أدركنا أنّه ليس هناك من شيء أكيد في هذه الحياة، فذلك سيسهّل علينا التخلّي عن توقعاتنا التي تحملها عن العالم والتي قد تصدمنا فيما بعد. وكنتيجة لذلك، لن نصاب بخيبة الأمل عندما تجري الرياح كما لا تشتهي السفن.
في الحقيقة، قد يكون "فيرون" هو الذي قدّم فكرة "الأنتراكسيا أو الصفاء الذهني" إلى الفلاسفة الهلنستيين الآخرين، ومن ضمنهم أبيقوروس. ولعلّ فيرون قد التقط هذا المفهوم أثناء زيارة له إلى الهند، حيث كانت الفلسفة تميل إلى التركيز على نبذ الرغبات والملذّات الدنيوية وفصل النفس البشرية عن الحياة اليومية العادية.
كان فيرون منفصلاً عن العالم حيث أنه لم يكلّف نفسه عناء تدوين فلسفته وآرائه الخاصّة. وقد ترك تلك المهمّة إلى تلاميذه وأتباعه من بعده. على أيّة حال، فقد قام بإدارة أكاديمية أفلاطون لعدّة سنوات.
بالرغم من أنّ من الصّعب على أيّ أحد أن يساير الشكّيّة المتطرّفة Extreme Skepticism _الفكرة التي تقول أننا لا يمكننا أن نثق بأي فكرة من أفكارنا الخاصّة_ فالشكّيّة المعتدلة كانت طريقة تفكير هامّة ومؤثرة في الوقت نفسه. فالعلم الحديث على سبيل المثال، يعتمد بشكل أساسي على التفكير الشكّي.
إنّ العلماء المعاصرون لا يسلّمون بصحّة أيّ شيء لم يتحققوا منه. فقد تحققوا من تجاربهم الخاصّة، وأحاسيسهم، والناس المرجعيّين. فالعلم طبعاً لم يكن مجرّد فلسفة سلّمت بصحّة كلّ شيء، بل كان عبارة عن منهج في تجريب الأفكار والحوادث، ولطالما اعتبر أنه من المحتمل أن تكون الفرضيات التي نلجأ إليها لتفسير الأشياء خاطئة ومغلوطة.
هذا الشكل من العلوم لم يظهر إلى الوجود حتى قرون قليلة مضت. ومع ذلك، فقد وضع الفلاسفة الإغريق أساساً راسخاً للعلم المعاصر والذي سيتمّ إعادة اكتشافه في القرنين السادس عشر والسابع عشر. في الوقت الحالي، بات الفلاسفة مشغولين بتطوير نظرة دينية لاهوتية نحو العالم الواقعي.
أخيراً: من المتعارف عليه أنّ "فيرون" الشكّاك كان عديم المبالاة بحياته الشخصية لدرجة أنّ تلاميذه كانوا يعتنون به كطفل صغير كي يمنعوه من إلحاق الأذى بنفسه. وقد قام أحد طلاّبه بإبعاده من أمام عربة متنقلة كادت أن تدهسه في أحد الأيام. وبالرغم من أنّ فيرون كان يحدّق بشكلٍ مباشر في العربة، إلا أنه كان منشغلاً جداً في "تعليق الحكم" حول حقيقة وجود العربة والتصرف المناسب.

يتبع...



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة السابعة)
- مع ألبير كامو ضدّ المقصلة 2
- مع ألبير كامو ضدّ المقصلة 1
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة السادسة)
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الخامسة)
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الرابعة)
- الفلسفة لجميع الناس...(الحلقة الثالثة)
- الفلسفة لجميع الناس (لحلقة الثانية)
- الفلسفة لجميع الناس (الحلقة الأولى)
- فيروس العقل: ليس مجرد كتاب
- من الإنجيل إلى الإسلام: مقابلة مع كريستوف لوكسنبرغ
- حدذ الرّدّة وحقوق الإنسان... ابن الورّاق
- الإسلام والإرهاب الفكري... ابن الوراق
- الحور العين، وما أدراك ما الحور العين؟!... ابن الورّاق
- العار في الإسلام: نزع حجاب الدموع... ابن الوراق
- تهافت المقال: مقالة محمد علي السلمي أنموذجاً
- الحوار المتمدن... إلى أين؟
- منكر ونكير: ملكان أم شيطانان ساديان؟!!
- هل علم النفس -علم-؟
- الدر المعين في معرفة أحوال الشياطين!!!؟


المزيد.....




- بايدن: دعمنا لإسرائيل ثابت ولن يتغير حتى لو كان هناك خلافات ...
- تيك توك تقاتل من أجل البقاء.. الشركة الصينية ترفع دعوى قضائي ...
- بيلاروس تستعرض قوتها بمناورات عسكرية نووية وسط تصاعد التوتر ...
- فض اعتصامين لمحتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعتين ألمانيتين
- الولايات المتحدة لا تزال تؤيد تعيين الهولندي ريوتيه أمينا عا ...
- -بوليتيكو-: واشنطن توقف شحنة قنابل لإسرائيل لتبعث لها برسالة ...
- بحوزته مخدرات.. السلطات التونسية تلقي القبض على -عنصر تكفيري ...
- رئيسة -يوروكلير-: مصادرة الأصول الروسية ستفتح -صندوق باندورا ...
- سماع دوي إطلاق نار في مصر من جهة قطاع غزة على حدود رفح
- انتخابات الهند: مودي يدلي بصوته على وقع تصريحاته المناهضة لل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الثامنة)