أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - الوطنية على المحك في فهم ما بين سطور خطابين















المزيد.....

الوطنية على المحك في فهم ما بين سطور خطابين


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 885 - 2004 / 7 / 5 - 02:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ليس غريباً أن تتفاقم الجرائم والأعمال اللاانسانية المقرفة قبل أيام من انتقال السلطة الى العراقيين ونيل السيادة الوطنية، إن استعارها بهذا الشكل يدلل على عمق الإحباط الذي يلازم شذاذ الأفاق الذين يتمرغون بالعقد وينزون حقدهم الأسود باقتراف أبشع الجرائم، مستغلين بذلك ظروف خاصة ناجمة عن سقوط الدولة والنظام بسب الاحتلال، تلك الظروف التي أتاحت الفرصة الى أن يسعى الظلاميون المهزومون، طرائد أهلهم وبلدانهم من كل حدب وصوب، لتأسيس أوكار جرم ترتجي تصفية الحسابات ومحاربة الأمريكان حليفهم بالأمس على أرض العراق، وما هؤلاء القادمون من كهوف التأريخ المظلمة، وأنفاق العتمة المعزولة، المدججون بفقه البارود والعفن الذهني، إلا شخوص لم تقوِ على مواجهة الحياة بشكلها الطبيعي، ولا حتى العيش والتفاهم مع الأطر المجتمعية التي نشأوا فيها، فصاروا مطاردين قبل كل شيء من قِبَلِ الذات الموهومة بفعل جوامد التغريب وفقه التغيب، ومطاردين من قِبَلِ المحيط الإنساني بفعل مسببات انتهاك القانون المدني، وأفعالهم الهمجية التي قد تصل الى حد الجرم، هؤلاء الشخوص مجبولون على التسور بالإسلام زوراً، والاختباء باللثام والليل درءا للمخاطر، وتمكينناً لبث مفخخات البارود، وإشاعة سنن الاحتراب والتقتيل والافتراس الرعوي بالاغتيال والاختطاف.
هؤلاء الأجلاف قولبهم الزمن أدوات أخذت العنف والإرهاب ديدناً لها من الفهم الخاطيء لليقين الراسخ الذي يدعي امتلاك الحقيقة كلها، ذلك الفهم المترع بالعقد والشطط والنزوات، وقد أطلق الغزالي رحمه الله على هذا الفهم المتصحر بالإسلام البدوي، الذي يعتد بطروحاته ويكفر من ليس عليها، ويرفض الأخر ويسعى لإقصائه حتى بالبارود، وعبر هذا الفهم المأزوم والمهزوم تريد هذه الثلة، تسيدَ َقُيَم البداوة، والنيل من معالم الحضارة، بإقامة شريعة للعدل المخروم بحد السيف، حتى ولو وصلت برك الدماء الى الركاب.
لقد جادت علينا مبثات الفضاء التلفزيونية قبل أيام معدودة، بخطابين يتناولان الشأن العراقي، جاء الخطاب الأول من قبل الطريد الزرقاوي، وتلاه الثاني بعد عدة أيام لأبن العراق رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور أياد علاوي، وقد أفصح كل من الخطابين عن وجهة نظره بخصوص ما يجري في العراق، ومنهجيته للأيام القادمة، المستمدة من فكره ورؤيته وقناعاته.
الأول خطاب شخص فر مطلوباً من بلده، يركب الليل متخفياً لأنه مدان بالجرم، لم يعمل طوال حياته مقدار ذرة خيراً لبلده، جاء الى العراق متكسعاً في فسحة فرضتها الظروف الغير طبيعية التي يمر بها البلد، نأمل أن لا تمتد طويلاً، أقحم نفسه في الشأن العراقي بفرية واهية، محاربة قوات الاحتلال، ومن أجل ذلك قام بإراقة دماء العراقيين الأبرياء في كل مكان، في بغداد والنجف والبصرة وكربلاء وأربيل، يسعى لنشر رائحة الموت في كل أرجاء العراق، والادهى من ذلك كله يتفاخر بالإجرام علناً، لم يتورع بالوعيد عن تدمير البلد وبناه التحتية وثرواته، لا يفتأ يتوعد بالمزيد من أعمال القتل والاغتيالات والاختطاف في الأيام القادمة، يتعاضد مع صناع الهزيمة الباحثين عن مجد زائف ونصر موهوم، قد يأتي بعد أن تبخر في ساحات النضال الخربة بفعل أدوات الرعب والاحتراب، تلك التي استحال الوطن بها وعلى أيديهم من قبل الى أشلاء متناثرة.
ترى عن أي ديمقراطية يتهكم بها هذا المعتوه في خطابه، عن ديمقراطية إشاعة الموت بالمفخخات، والاغتيالات والقنص في الغفلة والظلمة، أو قتل الأبرياء صبراً، بالسيف من القفا، وإشاعة الدمار في البلد الجريح، وتعقيد حياة الناس الى أكثر مما هي عليه بافجاع العوائل بفلذات أكبادها، أم بقطع الطرق العامة بأعمال التسليب والاختطاف، وتعطيل الخدمات الأساسية، وبالذات محطات توليد الكهرباء، وأسلاكه الناقلة، واستهداف القضاة ورجال الشرطة، الساهرين على القانون واستتباب الأمن والأمان.
كل هذه الأساليب الفجة التي جاء بها الزرقاوي ورهطه، المسنود لا شك من البعض في داخل العراق، لا يمكن تمريرها على غالبية العراقيين بأنها محاربة للاحتلال، لأن الظلم الذي كنا نتجرع، عادت به هذه الترهات من جديد، فقد حولنا من يده اليمنى حيث كنا ضحايا الاستبداد والقهر والجور بالأمس، الى يده اليسرى حين صرنا اليوم ضحايا طقوس الزرقاوي، فيدا الظلم تنبع من نفس المنبت، وترتع من نفس المنهل، بالأمس دورته التليدة تبدأ بفحيح التقارير، وزرع المسدس في الخاصرة، وتنتهي برفة المذبوح في الأقبية والسجون والمعتقلات، واليوم من كثرة البارود الذي اختبأ وقت المنازلة الوهم، صارت المفخخات المتناثرة من دون عنوان محدد، في كل مكان، تختصر المسافات، تقتنص الأرواح البريئة دونما مهلة، فالذبح هنا قد جاء، في عصر السرعة، تنفيساً عن نوازع المهزوم والمتصحر والطائفي، بنفس الأدوات والأيادي تلك الملطخة بالدماء، ذات القلوب المتحجرة التي لا تعرف الرحمة، تحركها العقول المهزومة التي تُسْعَدُ حين تنتشر رائحة الموت في كل مكان، بعد أن تشارك، المهزومون والمهمشون في حياة الظلمة والكهوف والإنفاق، وأختبأوا من النور في الجحور والزواغير واللثام، وما عاد أعداء العراق الجديد، ومن يعاضدهم من أعداء معالم الحضارة الإنسانية قادرين أن يجدوا لهم مؤطا قدم وسط النور والشمس الساطعة.
أما الثاني فهو خطاب أبن العراق الدكتور أياد علاوي، رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الذي تلاه بعد تشكيل وزارته، يوضح فيه خطتها لتصريف الأمور لغاية إجراء الانتخابات، ما جاء في الخطاب يعكس هواجس عراقيّ، يتصدر المسؤولية في الوقت الحرج، ينوء بجسامة حال، لا أشنى منه في تأريخ العراق، يريد أن يعيد بعضاً من البسمة الى شفاه العراقيين، بتصحيح ما أرتكبه المحتلين من أخطاء، كي يلملم جراح الوطن والشعب، ويبعد مخاطر التشرذم عنه، يرنو لبناء عراق حر ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد، يضمن العدالة والمساواة لأبنائه، ويكون الوطن شراكة لجميع مكونات الشعب العراقي، يبغي أن يسود الأمن والأمان الذي فقد على أيدي الموتورين والمهزومين والظلاميين، وشذاذ الأفاق، يسعى لبناء ما تهدم جراء الاحتلال الذي إسْتُحِثَ بسبب رعونة ونزق صناع الهزيمة، وأعمار ما جرى تدميره من بعد ذلك، عبر تواصل أفعال أولئك الموغلين بالصلف، فأعمالهم الدنيئة ( في محاربة المحتل طبعاً) طالت ولا تزال معظم محطات توليد الكهرباء والمنشات التي لها مساس بحياة الناس، وثروات البلد عبر تعطيل خطوط إمداد النفط الى المؤاني.
ما تقدم هو تصوري المتواضع لخطابين، يحملان معهما تفاصيل ما جرى ويجري على أرض الرافدين، وهو من دون شك أحد مفاصل الصراع الذي يتحكم في مستقبل العراق، فقوات الاحتلال لا زالت ترتع في ربوعه، وربما الى بعد حين، والسيادة المنقولة منقوصة لا تمثل الطموح، وكثير من افرازات الماضي، وتداعيات الحاضر لازالت تفرض نفسها كأمر واقع، بحاجة الى وقت طويل للتغيير والمعالجة.
ليس هنالك أي تعقيد يضفي حالة من الالتباس في فهم الخطابين، فالأمر واضح كالشمس، واستجلاء الحقائق لا يحتاج الى مشقة، والوطنية تبقى هي مصلحة العراق، والاختلاف بين العراقيين في الرأي أمراً وارداً، ولكن أن يصل الى حد دعم مشروع الظلام الذي يريد أن يكبر ليغلف سماء العراق، بالتحريض على العنف والإرهاب والقتل والاغتيالات والاختطاف، فذلك يعني الوقوف بالضد من تطلعات وأمال الشعب العراقي المشروعة، وجعل نزيف دماء أبناءه هادراً، وسيأتي اليوم الذي يبان فيه خطل المواقف، والتأريخ لا يرحم من أراد السؤء يوماً بالعراق، أومن وقف بجانب أعداءه لشتى الأسباب.
قد لا أتفق اليوم مع دولت رئيس الوزراء في كل التفاصيل، وربما تكبر مساحة الاختلاف أو تضيق بيننا في المستقبل، فذلك مقرون بالعمل والأداء والمتغيرات، ولأنني واحد ممن تحملوا عناء عقوداً من القهر والاستبداد والجور، وممن لاكوا في خضم تلك الأيام حبات الرمل بالطحين الأسود، فلا أجد بداً من الوفاء لعراقيتي بالوقوف خلفه، ومع الأيادي التي تضطلع بالنهوض بالمشروع الوطني، الذي يرنوالى بناء مستقبل مشرق للعراق الجديد، ومن يخرج عن أطار هذا الموقف في الوقت الحاضر، مهما برع في ديباجة التنظير والتزويق لأراءه، تراه قدم مصالح الأطر الضيقة على مصالح العراق العليا، أو لأنه كان ينظر من زاوية لم تتيح له رؤية كل الحقيقة، ولا حتى كل ما يجري على الأرض.
هنيئاً لك يا عراق بتحقق أولى خطوات الألف ميل، على طريق بناء دولة المؤسسات، التي تضمن حقوق الإنسان، والتعددية، وتداول السلطة بدون عنف، فأنت في شغاف قلوب أبناءك الغيارى، حلماً لا بد أن يتحقق مهما طال الزمن، ولن يثني الملتاع ما سيتحمله من شغف، وطول عناء في الانتظار، لأن التجارب علمتنا أن لا يصح إلا الصحيح.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا
- مقاربات بين احتلالين... ما أشبه اليوم بالبارحة
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 10 صحافة العراق خلال ...
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 9 حركة الجهاد ج2
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 8 حركة الجهاد ج1
- اضاءات على معاناة الشاعر والانسان موفق محمد
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 7
- وقائع ندوة الملتقى الديمقراطي المشترك عن الديمقراطية في مدين ...
- ( 10 -6 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- ( 10 -5 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 3
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 2 - 10
- (10 - 1) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف
- خطوة ستكون يوماً ما إرثاً في سفر التاريخ
- لن نغفل عن مناهضة الاحتلال بالفعل الشعبي السلمي واللاعنف ـ ر ...
- المتاجرة بالصور الفواضح وعذابات العراقيين
- صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر
- الشاعر سعدي يوسف بين ذاكرة العراقيين وطقوس النضال الجديد


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - الوطنية على المحك في فهم ما بين سطور خطابين