أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف















المزيد.....

بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 855 - 2004 / 6 / 5 - 04:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لقد أثبتت الأيام إن الكثير مما أثير حول مجلس الحكم، كان موقف خطلاً يجانب الصواب ويبتعد عن الواقع، وبالتحديد تلك الانتقادات والتخرصات والتهم والمزايدات، التي تفاقمت فيها دعوات التحريض الى حد الطعن بوطنية الأحزاب والشخصيات والنخب السياسية، التي تصدت لمهام المرحلة في تسير العملية السياسية في البلد بحدود الممكن، وما تبعه من تمادي سافر في توجيه اتهامات التخوين والعملنة، التي أخذت شكلاً متطوراً فيما بعد عبر التنظير والحث على أعمال العنف والإرهاب والفتك.
مجمل تلك الأحكام المسبقة كانت تعبر عن مواقف وانتماءات معروفة النوايا والأغراض والمسببات، في حق هذه الهيئة الانتقالية، وشملت في غيها كل من وقف الى جانب أمال ومصالح وتطلعات العراقيين من خلال تأييدها لهذا الكيان كمشروع وطني عراقي يحاول أن يجتهد لتأمين ما عجز النظام البائد من تأمينه خلال ثلاث عقود ونصف، يسعى لإملاء الفراغ السياسي، والخلاص من الاحتلال.
دعوات وتصريحات من هنا وهناك، لا تتعدى كونها مراسيم تشكيك في كل شيء بعد زوال الطغيان، حتى حين كان مجلس الحكم بعد في طور المداولات والتفاهمات مع سلطة الاحتلال والأمم المتحدة، أي قبل الإعلان عن التشكيلة النهائية وبدء العمل، وقد جاءت تلك الحملات لأغراض رخيصة مبطنة، تهدف بالأساس الى تعويق مسيرة العراق الجديد بعد سقوط الديكتاتورية، وربما تشبثاً في الدفاع عنها من أجل إعادتها.
دعوات وتصريحات تتجنى في طروحاتها عندما تمتشق سوط الابتزار، تحاول اجتزاء وطنية الاخرين، باستخدام أساليب المزايدات والتلفيق، والتهريج بتضخيم بعض النواقص والإخفاقات، تتستر عن حقيقة أهداف محاولاتها الدنيئة عندما تركن الى تقمص لبوس وجوه جديدة، تثير مشاعر الشفقة على الوطن الذي استباحه الأجنبي، تتبرقع زوراً بالوطنية والحرص المتناهي على ثروات البلد المهدورة، والشعب الجريح الذي طال نزيفه، تتحين فرص التصيد في الماء العكر كي تظهر سلامة رأياً فرديأ شَطَ وابتعد عن ضفة الأكثرين الى أطر ومصالح ضيقة ما عادت تلبي حاجات الشعب بأكمله، ترتجي عودة مغانم ومكاسب وهبات تبخرت عندما انطوت صفحة الحقبة المقيتة في دورة الحياة المتجددة.
لا أظن أن أحداً بمقدوره أن يقفز على الحقائق وينكر أن مجلس الحكم تشكل في ظل ظرف معقد غير طبيعي محدد بقيود الاحتلال، أخطأ وأصاب، حفلت مسيرة عمله بالكثير من الايجابيات و ببعض السلبيات، ولكنه في الوقت نفسه كان نواة للدولة العراقية بديلاً عن تلك المؤسسة التي توارت بلمحة بصر، بعد أن قولبها النظام تحت عباءته منذ أمد طويل، وما عادت قائمة تفنن في جعلها عرضة للتلاشي في أخر أيامه، تماشياً مع حاجاته، فهو قد تَشارك بعقلية المهزوم والمأزوم مع قوات الاحتلال في تدمير بناها التحتية، ولاذ هارباً فزعاً، يجرجر خيبته، يستنجد من متاهات النضال الأجوف طقوساً جديدة بأدوات الموت القديمة في الزواغير والظلام، تاركاً البلد وناسه وسط الخراب تحت رحمة من استحث قدومهم بسبب النزوات الفردية الطائشة والغباء والعنت الأرعن، أفراد اليانكي الأمريكي المتحجر القلب، وآخرين محبطين، أعداء الحضارة الإنسانية، ممن لا رحمة لهم ولا قلب، تطافروا لأرض الرافدين في لحظة سانحة وفرتها لهم ظروف الاحتلال، يَسُوقهم زيف فهم اليقين الراسخ، وأوهام الفكر السوداوي الذي يضمر العداء لأمريكا حليفهم بالأمس، مهمومين بتصفية الحسابات معها بالتقتيل الرعوي والمفخخات، غير أبهين أو مبالين بمناصرة الخائبين صناع الهزيمة المختبئين في الظلمات، يتعاضدون معاً في عرف المكائد وسنن الاحتراب، للقيام بأفعال التدمير والإجرام وإشاعة الفوضى يستهدفون قتل واغتيال الساعين في النور لخدمة البلد في زمن صعب، من رموز العراقيين البررة، والعراقيات المخلصات، ومن النخب السياسية والمثقفين، ومن الذين اضطلعوا بالمهام الجسام وقت المحنة والشّدة، ممن يرومون إعادة بناء البلد والتخفيف عن الصامتين من عذابات الماضي بتأمين الأمن والأمان في الوقت الحاضر.
من سخرية القدر جنوح البعض من ضحايا استبداد الديكتاتورية في ظل تعاميهم المقصود عن عذابات العراقيين الى تبضع هالات ومظاهر يحسبونها وطنية، حتى ولو التقت تلك الوطنية بالشكل مع النوايا المبطنة، الواضحة الملامح، المعروفة الهوية. طقوساً جديدة لا تحصد غير استحسان أعداء التغيير، يمارسها أولئك الواقفون على التل بعد خراب البصرة، يتفرسون عن بعد من شبابيك لا تؤمن لهم متسعاً كي يروا من خلالها أبعد من أرنبة الأنف، يغوصون في برك الأنوية لبناء مجد مزيف بالفرجة والخطب الوعظية المتهالكة، يتعكزون على اجترار مواقف من قرائن جاءت سفر التاريخ ، وما لحالنا أي قرين مشابه قط.
ما انفكت الأقلام والأصوات الوطنية ذات المشاعر الصادقة التي تضع مصالح العراق نصب عينيها، من تقديم النصح والنقد بكل جرأة لمجلس الحكم وبالصوت العالي، وبعضها الأصوات صدرت من داخل المجلس نفسه، لأنها كانت صادقة مع نفسها، وتهدف حقاً الى تقدم مسيرة العراق لإخراجه من أغلال الاحتلال وبراثن الدمار والخراب بأسرع وقت ممكن، لذا تجدها عبر تلك الانتقادات تسعى الى تقويم هذه الهيئة وكل ما يجري في البلد، تمني النفس بأن تصل الى الطموح، وبالفعل كان لها دوراً مشرفاً في تحصين المشروع الوطني العراقي، والتنبيه على كل ما رافق هذه التجربة من نواقص وسلبيات في الأداء والتشكيلة وآليات، وحتى القرارات التي صدرت عن مجلس الحكم وصارت آليات معتمدة لتسير استحقات لاحقة للعملية السياسية الجارية في البلد.
لقد حفزت فينا اراء النقد البناءة واصوات الاعتراض الصادقة احلاماً كانت مؤجلة، واستجدائها في الايام الخوالي كان يحسبه الجلادين في عداد المحرمات، نأمل أن تؤسس ديمقراطية في الغد المشرق الذي نروم، لا تسمح بتمرير ما رافق العمل في هذه المدة من هنات كانت محسوسة، قطعاً لا نريد إغفالها أو التغاضي عنها من دون الإشارة اليها وبيان الرأي بكيفية تجاوزها، كي لا ندفع ثمنها مرة أخرى في المستقبل.
بياض الوجه حصاد عشرة أشهر ونيف، يتوشح به مجلس الحكم في نهاية فترة عمله، جُسِدَتْ فيها الإرادة العراقية عبر فريق العمل هذا، مسنوداً بدعم كل الخيرين من أبناء دجلة والفرات الحريصين على سلامة الوطن، ووحدة الأرض والشعب، كانت خاتمتها توافقية وطنية على اختيار رئيساً للبلد ونائبيه، وتشكيل حكومة انتقالية، تحت خيمة الأمم المتحدة، خطوة نالت رضا غالبية العراقيين، بداية البداية لإنهاء الاحتلال، وترسيخ أساس غد العراق المشرق الذي لابد أن يصل في النهاية الى بناء العراق الحر الديمقراطي التعددي الفدرالي، عبر مراحل ندركها ونَعِدُ انقضاءها يوما تلو أخر، وهي من دون شك تمر بالتدرج من استلام السلطة، الى نيل السيادة الى الانتخابات الى صياغة الدستور الدائم، وبالتالي الاستقلال الوطني الناجز برحيل قوات الاحتلال، تلك الحقوق السيادية التي تم التفريط بها في أم الهزائم من قبل اللاهثين وراء طنين الشعارات، ومحاربة طواحين الهواء.
لا ريب إن وهجة الضوء، خطوة التوافق الوطني التي فرضتها الإرادة العراقية قد جادت بفرحة غامرة على قلوب غالبية العراقيين، لأنها أبعدت هواجس القلق في اختيار الاولويات وتحديد سبل وكيفية مقاومة الاحتلال، وأشاحت الظلمة عن مسالك الخيار الوطني وصواب منهجيته في مناهضة الاحتلال بالفعل الشعبي السلمي واللاعنف، وأماطت اللثام عن التباس المواقف الذي حاول البعض من المزايدين والمراهنات والحاقدين والظلاميين استغلال العناوين الكبيرة لمآرب شخصية وفئوية عبر خلط الأوراق وتأجيج نوازع الطائفية والحرب الأهلية، التي لا يمكن أن تنطلي على أحد مهما جرى بهرجتها وتزويقها، ومعطيات الأيام الماضية كانت خير دليل على فشلها، وفي قوادم الأيام سينجلي دثار زيف مثابات النضال العقيم.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوة ستكون يوماً ما إرثاً في سفر التاريخ
- لن نغفل عن مناهضة الاحتلال بالفعل الشعبي السلمي واللاعنف ـ ر ...
- المتاجرة بالصور الفواضح وعذابات العراقيين
- صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر
- الشاعر سعدي يوسف بين ذاكرة العراقيين وطقوس النضال الجديد
- هوامش في يوم العمال العالمي
- العلم العراقي بين وشاح للأموات وكرامة للأحياء
- الإرادة العراقية بين الأسود والأخضر ومجلس الحكم
- ضبابية المواقف... من زمن الولاء المطلق الى زمن الولاء المبطن
- المقاومة... حاجة أم إسقاط فرض
- زيف محاولات المزاوجة ما بين المشروع الأمريكي في الاحتلال وال ...
- إرهاصات... لحظة الخروج من الزمن المهدور
- إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه ...
- تأملات في الذكرى السبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي... صار ...
- قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
- قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر
- التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق
- صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غالي ...
- بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
- الدم ينتصر على السيف


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف