أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)















المزيد.....

من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 870 - 2004 / 6 / 20 - 06:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


احتلال مدينة بغداد
اندفع الأسطول النهري البريطاني بجرأة كبيرة محطماً السفن النهرية التركية، ومجتازاً الخط التركي، حيث اخذ يصب ناره على القطعات التركية من الخلف، وبعد أضطرها الى الانسحاب قامت القوات التركية بتدمير مدافعها الثقيلة لعدم وجود وسائط لسحبها، وأخليت بقية الأنواع من المدافع الى منطقة نهر ديالى، وباشرت القطعات التركية انسحابها من العزيزية يوم 27 شباط، واستطاعت الخيالة البريطانية من تأسيس التماس بشكل خفيف في العزيزية مع الأتراك في هذا اليوم، وبالنظر لحراجة الموقف الإداري، والخوف من تلكئه، أوعز الجنرال مود بالكف عن المطاردة، فتوقفت القطعات البريطانية في العزيزية.
بعد فترة من التردد والمراسلات، سمحت القيادة في يوم 5 آذار للجنرال مود التحرك بقواته من العزيزية التي مكث فيها منذ يوم 28 شباط، والتقدم الى أمام، وقد وصل في يوم 7 آذار الى نهر ديالى الذي بلغ عرضه في ذلك الموسم 120 ياردة، وارتفاع الضفاف عن مستوى النهر 20 قدماً، وبعد ثلاث محاولات تمكن من نصب جسر وعبور النهر في يوم 10 آذار، بعد أن تكبدت القوات البريطانية خسائر كبيرة نتيجة لنيران القوات التركية في الضفة الأخرى، وبعد عبور نهر ديالى، انسحب الأتراك الى خط كراره - تل محمد، وتقدمت القوات البريطانية ورائها بعدما تم إكمال نصب الجسر، وحصل التماس بالدفاعات التركية، لكن القتال توقف لصعوبة الرصد بالنظر لحدوث عواصف رملية.
أصدر القائد التركي العام خليل باشا بعد أن تمكنت القوات البريطانية من عبور نهر دجلة، أوامره بانسحاب القوات التركية نحو بغداد، ويقال بأنه أصبح بوضع نفسي سيء، وكانت أوامره متناقضة، ولم يطعه القائد كاظم بك بالتوقف في العزيزية لمقاتلة البريطانيين، بل استمر بانسحابه نحو سلمان باك، ولم ينتبه الى خطورة الموقف إلا في هذا الوقت حيث طلب سحب بعضاً من القوات المتواجدة في همدان نحو بغداد للدفاع عنها.
في 27 شباط أصدر خليل باشا أوامر سرية بنقل ما يمكن نقله من مخازن الجيش الى سامراء، وتدمير الباقي، فأخذ الرعب والإشاعات تنتشر بين أهالي بغداد، وفي 6 آذار صدر الأمر الى الموظفين بمغادرة بغداد.
سمع البريطانيون أصوات انفجارات عديدة في بغداد يوم 7 آذار، مما جعل الجنرال مود يعتقد بأن الأتراك لا ينوون الدفاع عن بغداد، فقرر التقدم نحوها بأسرع ما يمكن على ضفتي نهر دجلة.
بعدما أكملت القوات البريطانية نصب جسر لعبور دجلة في باوي أصدر الجنرال مود أوامره الى فرقة الخيالة بالعبور من جسر باوي، والتوجه الى بغداد، وبالفعل استمرت في تقدمها مستهدفة الوصول الى طريق بغداد – المحمودية، إلا إنها فقدت اتجاها ووصلت مقدمتها في يوم 9 آذار الى منطقة تل اسود، حينها شعرت بوجود الخنادق التركية، وهي مواضع دفاعية مؤلفة من خطين يمتد الأول من دجلة الى خنيزيرات ومنه الى تل اسود، والثاني من دجلة الى تلول أم الطبول، وكان الأتراك في الواقع يشغلون هذه الخطوط بمجموعات دفاعية متباعدة لسعة الجبهة وقلة القطعات ولم تكن تحصيناتهم كاملة، توقف القتال في منطقة تل اسود بعد تكبد القوات البريطانية خسائر زهاء 750 بتأثير المدافع التركية، غير ان القائد التركي بعد أن أدرك كثرة عدد القطعات البريطانية أصدر أوامره بنقل بعض من قواته الى الضفة اليمنى، والبعض الأخر تم سحبه لتعزيز الموقع الأصلي في أم الطبول، وبالرغم من عدم حصول نتيجة حاسمة بقتال يوم 10 آذار، لكن أدى الى تأزم موقف القطعات التركية بشكل جدي، وخطورة الموقف دفعت خليل باشا لعقد مجلساً حربياً لتدارس الموقف.
كان يوم 10 آذار شديد النحس على بغداد ففي الساعة التاسعة من صباح ذلك اليوم هبت ريح جنوبية هوجاء مليئة بالغبار، وأخذت تشتد ساعة بعد ساعة حتى صار مجال الرؤية بعد الظهر لا يزيد على خمسين ياردة، وفي الوقت نفسه كانت الطلائع القوات البريطانية تطبق على بغداد ومن كلا الجانبين.
اختلف القواد الأتراك حول موضوع الانسحاب من بغداد وأخيراً وافق خليل باشا حينها على ذلك بمراحل، فلم يجر استخدام محطة قطار بغداد لكونها مهددة بالمخاطر بسبب اقتراب طلائع القوات البريطانية منها، واضطروا لاستخدام محطة قطار الكاظمية التي تبعد خمسة أميال منها، ولم يكد القطار يغادر المحطة حتى بدأت لمعات الانفجارات تظهر في أفق بغداد، ومن جملة ما دمر ونسف، محطة اللاسلكي، جسر بغداد، باب الطلسم وهي من الآثار القديمة، دمرت بسبب وجود مخزن ذخيرة بالقرب منها، وقد انتهز بعض الجنود الفرصة في تلك الليلة للفرار من الجندية، وعدم الالتحاق بالركب الصاعد شمالاً، وحطم السجناء أبواب السجن، وخرجوا نحو الأسواق والخانات ومحلات اليهود والنصارى يكسرون أقفالها ويعيثون فيها نهباً وتخريباً، وانضم اليهم غوغاء المدينة وضواحيها، وبذا اخذ نطاق النهب يزداد اتساعاً ساعة بعد ساعة، وشبت حرائق في بعض الخانات والمحلات والأسواق، بسبب عمليات النهب واستمر النهب طيلة الليل، واستفحل عند الصباح واتسع نطاقه، لاسيما بعد ان هدأت الريح، فاخذ الأطفال والصبيان يشاركون فيها، وأصبحت دور الحكومة ودوائرها طعمة للغوغاء يعيثون فيها كما يشاءون فلم يبقى فيها شيء من الكراسي والمناضد والرفوف حتى الأوراق والأضابير بعثرت ومزقت تمزيقاً كما حطمت الأبواب والشبابيك لاستخراج الخشب والحديد منها.
فانسحبت بقية القوات التركية ليلة 10 - 11 آذار، شمالاً نحو قرية المشاهدة، ولم يكتشف الإنكليز ذلك إلا بعد فوات الأوان.
لقد كانت القوات البريطانية الزاحفة على الجانب الشرقي من نهر دجلة، قد وصلت الكرادة الشرقية في الصباح الباكر يوم 11 آذار، لكن الجنرال مود أمرها بالتوقف، ليكون دخول بغداد أولا الى القوات في الجانب الغربي، حتى يكون لها شرف الدخول قبل غيرها، وحين دخلت جانب الكرخ، الساعة التاسعة صباحاً، وجدت الجسر قد احرقه الأتراك، فاضطرت ان تعبر النهر بواسطة القفف، وكان هذا عملاً بطيئاً ساعد الأتراك بالابتعاد مسافة عن بغداد.
كان أول من دخل بغداد من القوات البريطانية، ضابط اسمه الكابتن كمب، وكان دخوله على سبيل الصدفة، وغير مقصود لأنه كان تابعاً للقوات الزاحفة على الجانب الشرقي الواقفة في الكرادة الشرقية، حيث ظل سائراً في طريقه يحسب أن الجنود أمامه، وبعد فترة من الزمن دخل من الباب الشرقي الجنرال طومسون الذي عين حاكماً عسكرياً على بغداد، وكان على رأس ثلة من الخيالة، فكان في استقباله القنصل الأمريكي والقنصل الإيراني وحاخام اليهود وعدد من الأعيان والتجار.
وفي الساعة الرابعة والنصف عصراً دخلت بغداد سبعة مراكب حربية تحمل الجنرال مود وحاشيته، فنزل مود في دار القنصلية البريطانية الواقعة على النهر.
لقد اهتزت الإمبراطورية البريطانية فرحاً بفتح بغداد وأصبح اسم الجنرال مود مشهوراً في العالم، ومنحته الحكومة البريطانية مختلف الألقاب والأوسمة.
كان لسقوط بغداد وقع اليم في قلوب رجال بغداد والدولة العثمانية في اسطنبول، فصمموا على استعادتها بأي ثمن، وحرصوا على كتمان نبأ سقوطها.
بيان الجنرال مود
***********
بعد دخول بغداد، لم يصدر عن مود بيان، وظل بانتظار البيان الذي سيصاغ في لندن، وهو الذي نشر في يوم 19 آذار 1917 بالغتين العربية والإنكليزية، واشتهر باسم بيان مود لأنه كان مذيلاً بتوقيعه، ولكن الواقع ان مود لم يكن راضياً عنه، وقد حوى على عبارات تستميل العراقيين، وتمجد تاريخ العرب، ذاكراً ظلم الغرباء ومساؤهم ( يقصد الأتراك)، وما سببوه للعرب من تأخر وتردي في الأحوال، يحاول أن يستنهض فيهم الروح القومية لإعادة بعث أمجادهم من جديد، ويرد فيه بالنص ( إننا جئناكم محررين لا فاتحين، وقد طرد العرب من الحجاز الأتراك والألمان الذين بغوا عليهم، ونادوا بعظمة الشريف حسين ملكاً عليهم، وهو متحالف معنا، كما تحالف أشراف العرب وأمراء نجد والكويت وعسير، فيا أهل بغداد هيا للتعاون معنا لتحقيق أطماحكم القومية).
انسحاب الأتراك من الفرات الأوسط
**********************
كان للأتراك قوات في خضر الدراجي جنوب السماوة، فلما أصبحت بغداد على وشك السقوط، تسلمت أمر بالانسحاب الى الحلة، وقد وصلت يوم 10 آذار أي نفس اليوم التي انسحبت القوات التركية من بغداد، فباتت في الحلة وهي لا تعرف ماذا كان يجري في بغداد، وعند الصباح وردت اليها برقية تأمرها بالانسحاب الى سدة الهندية، ولكنها لم تكد تبدأ بانسحابها حتى صار الرصاص ينهمر عليها من سطوح دور الحلة وشرفاتها، والظاهر أن أهل الحلة علموا بخبر سقوط بغداد، فأرادوا انتهاز الفرصة للانتقام من القوات التركية جزاء ما فعلته بهم في واقعة عاكف، وقد لقيت القوات التركية أثناء سيرها في الطريق الى سدة الهندية مثلماً لقيته في بلدة الحلة، إذ كانت العشائر تطلق عليها الرصاص باستمرار وكانت هي تقاتل يميناً وشمالاً واماماً وخلفاً، وحين وصلت القوات التركية الى سدة الهندية، وردت برقية من القيادة العامة في سامراء تأمرها بنسف سدة الهندية، والانسحاب الى الفلوجة، لم تستطع القوات التركية من نسف السدة بسبب مهاجمتها من قبل الجموع المحتشدة من العشائر، فانسحبت بعدئذ الى المسيب في ظهر يوم 18 آذار، وغادرت المسيب ومعها الموظفون متجهة الى الفلوجة، وصلتها بعد ثلاثة ليالي، وبعدها تحركت نحو الرمادي فوصلت بعد ليلتين، وفي الطريق نسفت القوات التركية ناظم الصقلاوية، فانحدرت المياه وغمرت السهول الواقعة بين دجلة والفرات.
الموقف بعد احتلال بغداد
******************
كان موقف القوات التركية بعد إخلائها لمدينة بغداد، في يوم 11 آذار 1917 كالأتي:
1- قوات تنسحب على ضفة دجلة اليسرى على طريق بغداد - جديدة الى دلي عباس
2- قطعات تنسحب على ضفة دجلة اليمنى على طريق بغداد - الكاظمية - المشاهدة - التاجي - بلد
3- قوات في طريقها الى خانقين، وقد وصلتها يوم 15 آذار وكانت مؤخرتها تحتل موضعاً في ما هدشت لصد الخيالة الروسية
4- قطعات المفارز التركية التي كانت في الفرات الأوسط متواجدة في المسيب
5- قطعات تمثل رتلان تم ايفادهما ليلة 10-11 آذار الى بعقوبة والفلوجة، لكي يتم ستر وحماية انسحاب القوات التركية و من ثم التحشد فيهما.
أما الجانب الأخر البريطاني، فقد درس الجنرال مود الموقف بعد احتلال بغداد، وقدر ان موسم الفيضان على الأبواب، وان فترة الهدوء خلال الصيف المقبل قد تساعد الأتراك على إعادة تنظيمهم وجمع قوات كافية لشن تعرض مقابل لاسترجاع بغداد، ولذ رأى ان من الضروري إبعادهم عن بغداد بعداً كافياً، لاسيما وان المنطقة المحيطة ببغداد لا تصلح للدفاع، ولذا قرر إدامة التماس بالقوات التركية المنسحبة وإيفاد ارتال قوية عديدة شمالاً على ضفتي دجلة، وغرباً الى الفلوجة وعلى محور الفرات، وشرقاً على محور ديالى الذي أصبح فيه التعاون مع الجيش الروسي امراً غامضاً بعد اندلاع الثورة البلشفية في 12 آذار، وقد شرع مود تنفيذ خطته هذه منذ اليوم الأول لاحتلال بغداد.
التقدم على محور نهر ديالى ومعركة حمرين
****************************
في 12 آذار تقدمت مفرزة المدرعات البريطانية باستقامة باتجاه بعقوبة للاستطلاع، أعقبتها بيومين القطعات البريطانية، وبالنظر لتخريب الجسر وكثافة البساتين، قامت القوة البريطانية ليلة 17 - 18 آذار بحركة تمويه لعبور النهر من منطقة تقع شمال بعقوبة حوالي 3 أميال، ولكن العبور الحقيقي كان معداً ليكون من بهرز على بعد 4 أميال جنوب بعقوبة، وبذلك نجحوا في مباغتة الأتراك واحتلال بهرز التي انسحب الأتراك منها نحو شهربان ( المقدادية)، وفي اليوم نفسه تم نصب جسر على ديالى مقابل بعقوبة.
تنفيذا لأوامر الجنرال مود، تقدمت القطعات البريطانية في يوم 19 آذار نحو شهربان بقيادة الجنرال كيري لقطع خط رجعة القوات التركية بالتعاون مع الروس، وتوقفت عند جسر مهروت في المنطقة الواسعة التي كان الأتراك قد غمروها بالمياه، وبعد حركات من الجانب البريطاني، امتازت بكثير من التعقد والتأني تم لهم احتلال شهربان يوم 23 آذار بعد انسحاب الأتراك منها ليلاً.
وصل الفيلق التركي الى بايطاق في 13 آذار، وواصل مسيرته بعد ان ترك فيها مؤخرة قوية تساندها أفواج من المتطوعين لإيقاف مطاردة الجيش الروسي له، ووصل الفيلق الى خانقين بعد يومين، وأوفد فرقة الى حمرين لتكون قوة ثابتة لستر عبور الفيلق لنهر ديالى وإيقاف الجيش البريطاني، فوصلت حمرين يوم 17 آذار، وباشرت في إعداد مواضع لها على السلسلة الجنوبية، وأوفدت فوجين الى شهربان لتعزيز الحجاب المتراجع من بعقوبة.
تتألف عارضة حمرين من ثلاث سلاسل يبلغ معدل عمقها حوالي ثمانية كيلومترات، وهي تفصل بين سهلي السعدية وشهربان، جميع حركات البريطانيين في سهل شهربان نهاراً كانت مرصودة من قبل الأتراك، ويخترق نهر ديالى عارضة حمرين، يتناقص ارتفاع التلال كلما ابتعدت نحو الجنوب الشرقي، وفي جنوب السلسلة الجنوبية وعلى بعد حوالي 4 كم عنها قنال الزور ويبلغ عرضه 10 أمتار وعمقه 5 أمتار ولا يمكن عبوره إلا على الجسور وقد هدم الأتراك كل الجسور الموجودة عليه، حكم الأتراك مواضعهم مستفدين من نهر ديالى، واعدوا ثلاثة خطوط دفاعية، وقد انتبه الأتراك الى ضعف جناحهم الأيسر فقاموا بحفر كثير من المواضع البديلة، ونسقوا قواتهم بشكل يجعلهم في احتياطات دائمة عند تحويط البريطانيين لجناحهم الأيسر، فقدت القوات البريطانية عنصر المباغتة بعد توقف تقدمها لنصب جسر على نهر الهارونية، ومن ثم التوقف مرة أخرى لعدم وجود مواد لتجسير قنال الزور، ولم تتم هذه العملية إلا بعد ليلة 24 - 25 آذار، مما اضطر الجنرال كيري لتغيير خطته، حينها شعر الأتراك بحركة الاحاطة واستطاعوا من إيقاف رتلها، ومهاجمته فيما بعد، وأرغموه على التراجع.
وقد تكبد البريطانيون خسائر كبيرة زهاء 1200، أما الأتراك فبلغت خسائرهم زهاء 300، وفي يوم 27 آذار طلب البريطانيون هدنة لدفن القتلى ونقل الجرحى، فوافق القائد التركي على عقدها يوم 28، وبذلك كسبوا الأتراك يوماً آخر من الوقت استطاعوا فيه إخلاء الخط الأول ليلة 28 - 29، واحتله البريطانيون يوم 29، الذين حاولوا مهاجمة الموضع الثاني يوم 30 إلا ان هجومهم فشل.
أخلت القوات التركية حمرين يوم 30، وانسحبت الى السعدية، وعبرت ديالى يوم 1 نيسان، واحتل البريطانيون السعدية يوم 1 نيسان ثم انسحبوا الى شهربان بعد بضعة أيام، يعتبر انسحاب الفيلق التركي من إيران عملا رائعاً على النطاق العسكري، يعود الفضل فيه الى مهارة قائده علي احسان باشا، حيث كان يطارده الروس من الخلف ويهدد البريطانيون جناه الأيسر، بمحاولة عزله عن باقي القطعات التركية، بالإضافة الى حسن معالجته التوقف في خانقين بعدم وجود مواد تجسير لعبور نهر الوند، فاستخدام أبواب الدور، على العكس من القائد الإنكليزي كيري الذي أطلق الجنود الإنكليز عليه لقب ( كيس الرمل العتيق).
التقدم على محور دجلة واحتلال سامراء
**************************
كان في نية الأتراك التموضع والصمود بين نهري دجلة وديالى بعد إخلاء بغداد، إلا ان تأخر وصول قواتهم التي تم استدعائها من قاطع إيران، وإجراءات الجنرال مود، جعل تنفيذ هذه الخطة غير عملي، وقد حاولت القوات التركية المنسحبة من بغداد التموضع شمالها على خط المشاهدة - جديدة على ضفتي دجلة، إلا أن البريطانيين تمكنوا من دفعهم الى الخلف، حيث جرت معركة عنيفة، وكانت خسائر الفريقين فادحة، فانسحبت الفرقة الموجودة على ضفة دجلة اليمنى الى دلي عباس، وانسحبت بقية القوات على محور خط السكة الحديد بعد إخلاء المشاهدة في يوم 14 آذار الى الشمال بعد ترك مفرزة مختلطة لإعاقة البريطانيين في بلد، لشغل الموضع الدفاعي في اصطبلات القريبة من سامراء، إلا ان قائد التركي خليل باشا أصدر امراً بالعبور الى ضفة دجلة اليسرى والتقدم جنوباً لتهديد البريطانيين، على أمل ان يتم التقرب الى القوات التركية القادمة من إيران لمساعدتها بصورة غير مباشرة، غير ان العميد كاظم قره بكر لم يستحسن ذلك فنشب خلاف بينها، استقال على أثره العميد، بعدها استطاع الجنرال مود وبالنظر لدقة تقارير استخباراته من إدارة قواته مما جعله مسيطراً على الموقف بإحاطة القوات التركية الضعيفة والغير قادرة على القيام بحركات ناجحة على الخطوط الداخلية، وكان لنجاح حركة الاحاطة هذه فعل مؤثر، وإحراج في موقف القوات التركية، التي كاد يقضى على أحدى فرقها قضاءاً تاماً لولا توقف رتل الاحاطة عند حلول الظلام، مما جعل الأتراك يتمكنون من الانسحاب الى خط نهر العظيم ليلة 29 - 30 آذار، وقد خسر الأتراك 500، بينما كانت خسائر البريطانيين في هذه المعركة زهاء 800.
أصدر مود الجنرال مود أوامره باستئناف التقدم شمالا يوم 4 نيسان، فتم طرد المفرزة التركية المتواجدة في بلد يوم 8 نيسان.
وقد استمرت القوات البريطانية في تضييقها بالضفة اليسرى ايضاًًً، فنجحت قواتها في عبور نهر العظيم يوم 18 نيسان، كما سيأتي ذكره، واستمر التضييق في الضفة اليمنى لنهر دجلة ايضاً، فنشبت معركة ضارية في اصطبلات يومي 21 و 22 نيسان وقد تم احتلال المواضع التركية بنجاح، وبلغت خسائر كل من الجانبيين في هذه المعركة زهاء 2000، وانسحب الأتراك ليلة 22 - 23 الى امام دور، واحتل البريطانيون سامراء في 24 نيسان، وفي هذا الأثناء حاول الأتراك القيام بمحاولات تعرض من خلال زج بعض من قطعاتها القادمة من إيران، فاشتبكت بمحور الخالص مع فرقة من الخيالة البريطانية في ابي تمر يوم 11 نيسان، واضطروا الى الانسحاب، وجاءت محاولتهم التعرضية الثانية على محور نهر العظيم فلاقوا صعوبة في التقدم بسبب الظروف، وصعوبة في مواجهة البريطانيين الذين اشتبكوا معهم واضطروا ليلة 24 - 25 نيسان الى الانسحاب الى الرويضات، وارغموا بعد ذلك على مواجهة تقدم البريطانيين في الرويضات على ضفتي العظيم يوم 30 نيسان، انسحب الأتراك بعد قتال عنيف الى حمرين مساءاً، وبلغت خسائر الأتراك 900 وخسائر البريطانيين 700 ولم يقم البريطانيون بمطاردة جدية، ولا بد من الإشارة الى ان ما يلفت النظر في هذه المرحلة من الحركات دقة الاستخبارات البريطانية التي كانت تعلم بقرارات القيادة التركية قبل ان تصل القطعات ذات الشأن، وكانت دوماً مطلعة على توزيع القوات التركية وأهدافها العسكرية.
له تابع



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 3
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 2 - 10
- (10 - 1) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف
- خطوة ستكون يوماً ما إرثاً في سفر التاريخ
- لن نغفل عن مناهضة الاحتلال بالفعل الشعبي السلمي واللاعنف ـ ر ...
- المتاجرة بالصور الفواضح وعذابات العراقيين
- صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر
- الشاعر سعدي يوسف بين ذاكرة العراقيين وطقوس النضال الجديد
- هوامش في يوم العمال العالمي
- العلم العراقي بين وشاح للأموات وكرامة للأحياء
- الإرادة العراقية بين الأسود والأخضر ومجلس الحكم
- ضبابية المواقف... من زمن الولاء المطلق الى زمن الولاء المبطن
- المقاومة... حاجة أم إسقاط فرض
- زيف محاولات المزاوجة ما بين المشروع الأمريكي في الاحتلال وال ...
- إرهاصات... لحظة الخروج من الزمن المهدور
- إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه ...
- تأملات في الذكرى السبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي... صار ...
- قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
- قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)