أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمود الوندي - انقلاب 8 شباط وملحمة مدينة خانقين















المزيد.....

انقلاب 8 شباط وملحمة مدينة خانقين


محمود الوندي
(Mahmmud Khorshid)


الحوار المتمدن-العدد: 2910 - 2010 / 2 / 7 - 16:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هذه الأيام ستحل الذكرى السابعة والأربعون لانقلاب 8 شباط الدموي الذي استلم حزب البعث السلطة أي زمام الامور في العراق ، وبتخطيط الدول الكبرى ( البريطانية والامريكية تحديدا ) والجهود الحثيثة لشركات النفط العاملة في العراق (انذاك) ، وبالتحالف مع قوى أخرى ومن فلول العهد السابق وغيرها ، وبدعم قيادة الجمهورية العربية المتحدة ( مصرالعربية حاليا ) والبلدان المجاورة ، للإطاحة بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم والقضاء على منجزات ثورة الرابع عشر من تموز ، بحجة درأ الخطر الشيوعي ، ولكن الغاية في الحقيقية تخشى الديمقراطية والتطـور الاجتماعي والاقتصادي في العـراق ، وخوفا من تأثير هذه الخطوات على شعوب دول الجوار وتكـون خطـرا على حكامها ، عنـدما تطالب شـعوبهم بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية .

لا شك كان لشركات النفط الكبرى دورا مهما في الإعداد للانقلاب ، بعد ان اقدم الشهيد عبد الكريم قاسم على إصدار قانون رقـم 80 لسنة 1961 الذي أعادت حقوق العراق في ثروته النفطية من الشركات الأجنبية ، وحدد بموجبه الإستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط في العراق ، وكما الحال الى الاقطاعيين وعلماء الدين لدعم الانقلابين ايضا بعد ان تبنى الشهيد قاسم مشروع الإصلاح الزراعي يقوم على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين الذين كانوا يضطهدهم الأقطاع بمعاونة رجال الدين .

اندفعت الجماهير بأعداد هائلة إلى الشوارع يوم 8 شباط 1963 ، من كل المدن العراقية ، وتوجهت جموع غفيرة من اهالي بغداد صوب وزارة الدفاع لدعم القوات العسكرية ( الموالين الى الشهيد قاسم ) وللتحصل على السلاح لصد الانقلابين ، وفعلا صدت الجماهير لقادة الدبابات التي هاجمت وزارة الدفاع ، برغم رفض الشهيد عبد الكريم قاسم تزويد الجماهير الغاضبة بالسلاح ، ورغم ذلك لم يستطيع الانقلابين اختراقها بسهولة إلا ان لجأوا إلى الخدعة ، واخذوا يشاركون الجماهير هتافاتهم ويرددون معهم "ماكو زعيم إلا كريم"، ويرفعون صور قاسم لكي تتمكن الدبابات من شق طريقها وسط الجموع الغاضبة بعد ان تصدت لهم الجماهير الغاضبة في البداية ، واحرقوا دبابتين واحرقوا من فيها من الضباط الانقلابين .

خاضت الجماهير العراقية في مدن عديدة من العراق معارك مشهودة قادها الشيوعيون ، لا سيما في مدينة خانقين عندما خرجت الجماهير الى الشارع بمظاهرة ضخمة منذ اللحظات الأولى لوقوع الانقلاب بعد ما تتحشد هذه الجماهير وسط المدينة ضد الانقلابين ودعما ل عبد الكريم قاسم ودفاعا عن ثورة 14 تموز وعن مكتسباتها الوطنية ، وبدأت المظاهرة من الساعة العاشرة صباحا حاملين معهم صورة الشهيد عبد الكريم قاسم واللافتات تهدد بالانقلابين ، واستمرت الى التاسعة مساء كان يقودها الكوادر الشيوعية ومن بينهم الشهيد جبار الحلاج والشهيد زوران عبد العزيز بشتوان والمرحوم الدكتور حسن اسد والمرحوم ناظم مدينة ... وقد سيطرت الجماهير على المدينة برمتها ، وساهمت ايضا النسوة لاسيما الشيوعيات في المظاهرة ببسالة ومنهن زينب قرمان واختها سعاد وغيرهن ، بالاضافة الى تعاطف اهالي المدينة معهم .

وبعد أن اتضح لدى هذه الجماهير الغاضبة في مدينة خانقين من المتعذر مواصلة القتال من قبل المقاومة في بغداد بعد ان عزلت وحصرت ، وعدم أي إسناد عسكري لها ، ولم يعد هناك من داع لاستمرار المظاهرة والاحتجاج بعد أن استتب الأمر للانقلابيين ، ولكن في هذا الاثناء دخلت محموعة من وحدات من القوات المسلحة بمساندة الدبابات والمدرعات الى المدينة ، وهاجمت على المتظاهرين الذين لا يملكون سوى الاسلحة الخفيفة من البنادق والمسدسات التي كانت بحوزتهم والاسلحة البيضاء كانت بيد بعضهم ، واطلقت الرصاصات صوب المتظاهرين ، مما ادت الى اصطدام بين الطرفين ، وادعى البعض الى التفريق والابتعاد عن المعركة وخاصة الشيوخ والنساء والاطفال التي اختلطت صراخاتهم وصياحيهم بأزير الرصاص ، وخوفا على حياتهم وعدم مضايقاتهم وافساح المجال لهم بمشاركة الشباب في مقاومة ، وكانت المعركة الى جانب القوات المسلحة منذ البداية لانها غير متكافئة في اشتباك المتظاهرين مع الدبابات والمدرعات الحكم الفاشي ، وبرغم حاول المتظاهرين الصمود امامها بهذه الاسلحة الخفيفة ومحاولين صد الهجوم ، ولكنهم لم يفلحوا بسبب عدم التوازن في السلاح حيث اجبرت المقاومين ترك ساحة المعركة وتوجه الى يعض الابنية المجاورة لحفاظ عن حياتهم او تقليل من الإصابات ، في ذلك الاثناء لقد اتجهت مجموعة من المقاومين نحو بناية شرطة الكمارك المتواجدة وسط المدينة وقريبة من المتظاهرين لغرض السيطرة عليها وحصولهم علىالاسلحة والعتاد ولم يفلحوا بذلك ، والقى القبض على العديد من المقاومين ، وتوجهت مجموعة الاخرى نحو احد الكراجات لصد الهجوم من داخله ، وقد شهدت مواجهات عنيفة بينهم وبين الجيش بعد ان استطاع احدى المدرعات اقتحام الكراج ، حيث تصدوا لها بطابوق جدار الكراج بعد ان صعـدوا الى سطحه وهدموا ما به من جدرانه ، بعد ذلك قررت قادة الشيوعين الانسحاب وطلبوا من المقاومين ترك الكراج بعد نفاذ كل شيء بيدهم ، وفعلا توجهوا الى رمي انفسهم من فوق الكراج الى الجهة الثانية ، وثم انسحبوا من خلال بعض فروع المدينة واحيائها الى البساتين لاختفاء انفسهم وتدبير امورهم .

لقد اضطرت النسوية الشيوعيات في ظل ظروف غاية في الصعوبة من الهروب والاختفاء وفي مقدمتها المرأة الشيوعية زينب قرمان التي تمكنت من الافلات من ايدي الجيش والشرطة تحت وطأة الملاحقات الشرسة والاعتقالات الواسعة والقتل تحت التعذيب التي طالت العشرات من خيرة ابناء وبنات اهالنا ، وأفلحت في الخروج من مدينة خانقين مع اختها بعد ان حرقوا كل ما لديهم من الوثائق والاوراق والمستمسكات المتعلقة بتنظيم الحزب الشبوعي في خانقين والتنظيم النسائي بشكل خاص ، خوفا على رفيقاتهم وكشفهم من قبل اعوان الانقلابين والقاء القبض عليهن ، حيث لبسوا العباءة مع منقبات الوجه او البوشية قبل هروبهم لتسهيل الامور لهم وعدم معرفتهم من قبل الجلاوزة ( المنقبة اوالبوشية غطاء الوجه من قماش اسود ناعم التي كانت النساء وكبيرات منهن بالاخص يحجبن به وجوههن عند مغادرة المنزل ، بلإضافة الى العباءة السوداء ) .

لقد بدأت حملة اعتقالات واسعة في جميع أنحاء المدينة والتي طالت عشرات المئات من الناس ، رجالاً ونساءًً بعد تمشط البيوت وبعض البساتين داخل المدينة ، والقاء القبض على من شارك وشاركت في المظاهرة المذكورة ، وطالت الاعتقالات معظم السياسيين البارزين والقيادات الشيوعية والنقابية في المدينة . وملأ عدد الذين اعتقلوا بهذه الطريقة السجون الموجودة في المدينة ، وقد بدت المدينة عقب الانقلاب شبه مهجورة ، وقد استخدمت أبشع وسائل التعذيب الوحشي من قبل الجيش والاجهزة الامنية بحق الذين وقفوا ضدهم لحصولهم على المعلومات واخذ الاعترافات منهم عن اعضاء الحزب الشيوعي في المدينة وعن تحركاتهم وتنظيماتهم ، كما شن قوات الحرس القومي التي جلبت من مناطق اخرى الى المدينة ومنحت لها "سلطات مطلقة في اعتقال وتعذيب من تشاء من أفراد المدينة لقد تجاوز الحرس القومي كل الحدود الإنسانية في تعاملهم البربري مع اهالي المدينة ، بعد ان اقتحموا البيوت بيتا بيتا وهم يفتشون لألقاء القبض على شباب المدينة ، وتحت ضربات أعقاب البنادق والشتائم والصراخ ، واخرجوا جميع نساء ورجال الى خارج الدار واصطفافهم الى الحائط ، وكانت البنادق والرشاشات موجهة نحوهم حين بدأوا بعزل الرجال والشباب بالاخص عن عوائلهم ، ورغم عويل النساء والاطفال ومتعلقين باذرع رجالهم او ابائهم ، لانهم يعرفون مصير من يلقي القبض عليه على ايدي جلاوزة البعث .

ذلك اليوم المشؤوم سالت دماء كثيرة من العراقيين على ارض الوطن ، ودخل العراق مرحلة الحكم الدكتاتوري والشوفيني الواضح والصريح ، واصبح العراق رهينا في يـد هؤلاء المجرمين والقتلة ، وتغيرت أوضاع وتبدلت موازين على نحو ما جرى ويجري في المشهد العام للعراق الجريح منذ ذلك التأريخ .



#محمود_الوندي (هاشتاغ)       Mahmmud_Khorshid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دول الجوار والمسألة الكوردية
- هل يسرى الاجتثات على من يلعب على الوتر الطائفي ؟؟؟
- العدوان الإيراني ومحنة الحكومة العراقية
- قرارات البرلمان العراقي اخطر من أنفلونزا الخنازير
- نكبات العراقيين يتحملها صراع القادة السياسيين
- عقراوي يحظى بتكريم وزارة الثقافة- اقليم كوردستان
- ثقافة التغيير أم تغيير الثقافة
- الشرق الاوسط بين ديمقراطية أمريكا وأزمة النخب العربية
- مدينة خانقين قندهار العراق
- الفيدرالية عاملا مهما لبناء العراق الديمقراطي
- قناة الفيحاء لم تطفئ شمعتها
- لاعلام الكوردي متى يخرج من شرنقته ؟
- ديمقراطية الفوضى ام دكتاتورية الاحزاب
- خانقين في عين الفنان التشكيلي حسين محمد علي الوندي
- العراقيين في اوربا لا يعولون على العودة
- مشاهد لم أنسها طوال عمري
- المالكي بين دعوات المصالحة مع البعثيين وقوانين الأجتثاث
- ؟ !!! هل تقف المرأة العراقية ضد حقوقها
- أطفال الشوارع .. أعمال شاقة ومستقبل مجهول
- هذه المأساة لا تنسى – وتبقى ذكرى أليمة


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمود الوندي - انقلاب 8 شباط وملحمة مدينة خانقين