أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد الرنتيسي - الاخوان يهاجمون القاهرة بخطاب المودودي















المزيد.....

الاخوان يهاجمون القاهرة بخطاب المودودي


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 12:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بقدر اقترابه من التابوهات ، وتبعاته الثقيلة على محاولي سبر اغوارها ، يبقى لنبش المناطق المظلمة في تفكير الحركات الاسلامية اغراء يوازي الضجيج الذي تثيره حول ادق تفاصيل الحياة ، وقدرتها الهائلة على ايجاد الاعذار ، لتكفير وتخوين مخالفيها ، وصكوك الغفران التي تمنحها لمحازبيها ، والدائرين في افلاكها .

وفي طبيعة ومرتكزات الجدل المثار ، حول الجدار الذي تبنيه مصر على حدودها مع قطاع غزة ، ما يحرض على التعامل مع حملة الاخوان المسلمين ، بمنطق مختلف عن طرق تعامل سابقة ، بقيت دون القدرة على التخلص من هواجس المحاذير والحيل الوقائية .

فقد تداخلت السياسة مع الدين لتكتسب شيئا من القداسة ، وتداخل الدين مع السياسة الى حد افقادها المرونة المطلوبة للتعامل مع المعطيات اليومية ، والمعايير اللازمة لقياس الخطأ والصواب .

والمتوفر من معطيات الجدل ، يكفي لتشكل المزيد من الدوافع ، لاخراج المسكوت عنه في الخطاب المعاصر الذي تستخدمه قوى الاسلام السياسي ، الى دائرة الضوء ، ووضع مقاربات جديدة ، لتحديد الارضيات التي تقف عليها الجماعة ، ونظرتها لفكرة الدولة ، ورؤيتها لكيفية التعامل مع المستقبل ، وفهمها للواقع ، واستيعابها للتاريخ ، وانسجامها مع متطلبات المراحل ، واحترامها للحقيقة باعتبارها نواة المعرفة ، والقراءة السوية للاحداث .

ففي اندفاعها وراء توظيف الاحداث المتسارعة في الدفاع عن مشروع امارة غزة الاسلامية اجتازت الجماعة محددات الخطاب ، التي حرصت عليها لايجاد مساحة فاصلة مع قوى التطرف الديني ، والظهور كقوى اعتدال تقدم الضمانة اللازمة للاستقرار ، وتجنب العنف الداخلي ، الذي يهدد المجتمعات العربية والاسلامية .

وفي هذا الاجتياز تحرير لذهنية نقادها من دوافع الصمت عن شبهات التطرف التي تلوح في الافق بين الحين والاخر .


لعل محاولة ارهاب النظام المصري و فرض آليات تفكير وتدبير معينة على سياساته تجاه الوضع الفلسطيني، لتتناغم خطواته مع املاءات بعض الاطراف الاقليمية على حركة حماس ، ابرز ملامح الخطاب الذي استخدمته الجماعة في هبتها ضد الجدار .

بعض ملامح هذه المحاولة ظهرت بوضوح في مقالة للاخواني السوري الطاهر ابراهيم نشرتها صحيفة النهار البيروتية ذات التوجه الليبرالي من باب التنوع واطلاع القراء على الارضية التي تقف عليها مختلف اطراف الجدل الدائر حول ما بات يعرف بالجدار الفولاذي .

فلم يتوان الطاهر ابراهيم عن التهديد باحتمال " انفجار " الشعب الفلسطيني دفعة واحدة كما انفجر قبل عامين .

ورغم عقم احتماله الترهيبي استطاع الكاتب الذي تصفه الصحيفة بالعضو البارز في جماعة الاخوان السوريين توليد سيناريوهات افتراضية .

بين ملامح هذه السيناريوهات اجتياح اهالي قطاع غزة للجدار ، وفقدان النظام المصري صوابه ، واعطائه اوامر باطلاق النار ، مما يؤدي الى ردود فعل عنيفة من قبل الغزيين ، ورفض الجيش المصري لاوامر اطلاق النار , وامتداد العصيان الى وحدات الجيش المصري .

وبقدر من الابهام ، يستند الطاهر ابراهيم ، الى ما يصفه بـ "ذهاب بعض المحللين" لاظهار قناعته بوجود نوايا اميركية ، لانهاء حكم الرئيس حسني مبارك ، لسببين احدهما كراهية المصريين له ـ والقول للكاتب ـ والاخر عجزه عن تنفيذ المطلوب منه .

من خلال توليفة المواقف والرغبات التي اعدها العضو البارز في اخوان سوريا تلتقي الولايات المتحدة الاميركية بقدرة قادر ، ومن حيث تقصد او لا تقصد مع رغبة الشارع المصري في ترحيل الرئيس مبارك ، دون ان يحدد المعطيات التي استند اليها في تحديد هذه الرغبة .

وفات الكاتب وهو يسترسل في خطابه ذو النزعة الترهيبية ـ التي تبرر اغتيال الرئيس الراحل انور السادات باعتقاله مجموعة كبيرة من المعارضين ـ ان يلتفت لاسقاطه رغبات التنظيم العالمي لجماعته على الراي العام المصري ، والموقف الاميركي معا ، دون ان يرف له جفن .


جماعة الاخوان المسلمين في الاردن كانت الاكثر تشددا ووضوحا في التحريض على العنف .

ففي فتوى لجنة علماء الشريعة الاسلامية التابعة لحزب جبهة العمل الاسلامي ـ الواجهة السياسية لجماعة الاخوان ـ دعوة صريحة موجهة الى " كل مسلم " لمنع الجدار بما يستطيع .

وتستحق عبارة " بما يستطيع " التي وردت في الفتوى ، ان يوضع تحتها اكثر من خط ، وان يتبعها طابور من علامات الاستفهام .

كما تمنح الفتوى " اهل غزة والمجاهدين فيها " خصوصية في التصدي لبناء الجدار المصري باعتباره " جريمة " و " اعتداء على حياة الناس " معيدة اسباب البناء الى تشديد الحصار " الشامل " على اهل القطاع ، مما يؤدي الى تعميق " حالة الجوع " بين اهل غزة .

و تنطوي اللغة المستخدمة في فتوى حزب جبهة العمل الاسلامي على رغبة ما بمصادرة حق الدولة المصرية في اتخاذ قرارات مصيرية كقراري الحرب والسلام المفترض ان يكونا في صميم سيادة الدول .

فمن بين الاسباب التي تدفع الجماعة الى معارضة بناء الجدار وقوفه حجر عثرة امام تهريب السلاح الى قطاع غزة .

وعلاوة على مصادرتها لقرارات سيادية ، لا تخلو هذه الفتوى من تجاهل لالتزامات الدولة المصرية ، كتوقيعها اتفاقية سلام مع الجانب الاسرائيلي ، وطبيعة علاقاتها مع المجتمع الدولي،مثلما تتنكر لاستحقاقات قرار دعم فتح جبهة في قطاع غزة ضد اسرائيل ، وفي مقدمة هذه الاستحقاقات، جهوزية العرب لخوض حرب جديدة .

فهناك قرار جماعي بالسلام اتخذه النظام الرسمي العربي بكل تلاوينه ، المعتدل والممانع ، التقدمي والرجعي ، اليساري واليميني ، ومن غير اللائق تجاهل هذا الخيار الاستراتيجي العربي لمطالبة مصر بتحمل تبعات المضي في تحويل قطاع غزة الى بؤرة توتر تستثمرها بعض الاطراف الاقليمية لتصدير ازماتها مع المجتمع الدولي .

لكن الفكرة المطلقة التي بنيت على ارضيتها الفتوى اعفت السادة العلماء من التفكير في المعطيات التي تدفع الدولة المصرية لمنع وصول الاسلحة الى حركة حماس في قطاع غزة .

فلم يخل الامر من اتهام مباشر وصريح بان بناء الجدار المصري جاء ثمرة للتآمر مع الولايات المتحدة واسرائيل .

وبالتالي اصبح تقمص طريقة جماعة الاخوان المسلمين في التفكير ، والاعتماد على ادوات القياس التي تستخدمها ، ضمانة لاتقاء تهمة التآمر مع الخصوم ، ضد مصلحة العرب والمسلمين .

من ناحيتها لم تعجز جماعة الاخوان المسلمين في مصر عن ايجاد مدخل اخر لمهاجمة الجدار الفولاذي .

فهو غير مبرر ، وهناك خطوات اخرى اكثر اولوية ، كان يجب القيام بها ، حسب تصريحات ناشطي الاخوان ، المتناثرة في القاهرة والمحافظات المصرية الاخرى .

ومن بين هذه الخطوات تامين الحدود مع اسرائيل باعتبارها اكثر خطرا على الامن المصري .

الا ان المدخل الذي وجده اخوان مصر قاد الى ذات النتائج التي وصلت اليها تنويعات الخطاب الاخواني في عواصم عربية اخرى .

فالجدار يجلب رضا الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل ـ حسب القيادي الاخواني علي عبد الفتاح ـ وبالتالي يساعد على تمرير فكرة توريث الحكم التي يتداولها الشارع المصري وبعض مراكز رصد التطورات السياسية في اكثر من مكان .

ولحساسية المعادلة السياسية الداخلية ،ظل اخوان مصر اكثر حذرا في اطلاق العبارات ، المتمادية في التحريض على النظام ، المستخدمة في تنويعات الخطاب الاخواني .

الهجوم على مصر اقترن بدفاع غير عادي عن حماس ، باعتبارها الحركة المجاهدة المعصومة عن الخطأ ، ولانها معصومة ، لا تتحمل اية مسؤولية تجاه ما آل اليه الوضع الفلسطيني ببعديه الداخلي والخارجي .

ففي احدى عباراته يصف الطاهر ابراهيم حماس بانها تسعى الى سد رمق اهالي قطاع غزة .

وفات القيادي الاخواني السوري ان انقلاب حماس على الشرعية واعاقتها للمصالحة السبب الابرز في استمرار الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .

ففي مرحلة ما قبل الانقلاب كان معبر رفح مفتوحا للمسافرين وكانت المعابر الاسرائيلية تسمح بمرور البضائع وان لم يخل الامر من مضايقات على حركة المرور ، وبذلك لم تكن هناك حاجة لانفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة ، ولا للجدار المصري ، ولا للتفنن في افتعال الهجمات السياسية والاعلامية على القيادة المصرية .

والذي قاله الاخواني السوري بعبارة بلاغية على استحياء ، افردت له فتوى اخوان الاردن ، وهي تدافع عن تجارة الانفاق ، التي تحولت الى انجح استثمارات حكومة حماس والمتنفذين في حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى .

كما وقعت الفتوى في خطأ جسيم ، وهي تتهم القاهرة باعاقة عملية اعادة بناء بيوت القطاع المدمرة ، في الوقت الذي تقف حماس حجر عثرة امام وصول مليارات الدولارات التي رصدها المجتمع الدولي لاعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي لينطبق عليها الحديث الشريف " والذين لا يرحمون الناس لا يرحمهم الله " الذي ورد في الفتوى في سياق التعريض بالسياسة المصرية .

مغالاة اخوان الاردن في التبرير لحماس اخذت اطوارا غير مفهومة لدى الحديث عن منع ادخال السلاح الى القطاع .

فقد جاءت هذه الاشارة ، في الوقت الذي اتخذت حماس قرارا بوقف التصعيد مع اسرائيل ، واجبرت الفصائل الموجودة في قطاع غزة على تنفيذه ، انتظارا للفتة اميركية ، تنتهي بفتح قنوات تفاوض بديلة ، على ارضية الدولة المؤقتة التي تعتبرها السلطة الوطنية الفلسطينية تفريطا بالحقوق الوطنية ، ووصفة للانزلاق الى كارثة سياسية.

وبهذه الحدة والعنف في الهجوم على السياسة المصرية التي لم توفر جهدا لتحقيق المصالحة الفلسطينية ياخذ الخطاب الاخواني بتنويعاته منحى العودة الى جذوره التي اوغلت في تربة تكفير الحكومات وتغييرها بالقوة .

فالخطاب الراهن يجد له ما يسنده في مقولات ابو الاعلى المودودي وسيد قطب التي جرى التعامل معها خلال العقود الماضية باعتبارها جزء من تراث تم تجاوزه .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصفة تأزيم ايرانية ... للاحتقان العراقي
- ماراثون اللحاق بالشارع الايراني
- ايران فوق صفيح ساخن
- انتحار سياسي عربي على خارطة التحولات الكونية
- اقتراع عراقي على اعادة انتاج الازمات
- الوعد الاميركي والقشة الاوروبية
- عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك
- الخيارات الصعبة
- ظاهرة الافلاس السياسي
- حاضنة عربية للمزاج العراقي
- عقدة وادي عربة !!
- ملكيرت يطرق جدران الضمير العالمي
- ازمة التمثيل تقلص هامش المناورة الفلسطينية
- المصالحة المستحيلة
- ما تبقى من خطاب حكومة المالكي
- مقامرة - حمساوية - بالذخيرة الحية
- الانكشاف الكوني يضع المنطقة على حافة المواجهة
- غطاء اميركي للاستيطان الاسرائيلي
- انكفاء عربي عن المشهد الاقليمي
- عبث اميركي في حقل الالغام الشرق اوسطي


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد الرنتيسي - الاخوان يهاجمون القاهرة بخطاب المودودي