أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد الرنتيسي - ايران فوق صفيح ساخن















المزيد.....

ايران فوق صفيح ساخن


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 00:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتراجع احتمالات لتتقدم اخرى ، في تطورات الملف النووي الايراني ، المتسارعة الى حد استحالة اللحاق بها ، فهناك صعوبات واضحة في مواصلة المجتمع الدولي الرقص على ايقاعات الازمة دون تغيير قواعد اللعبة ،والمؤشرات المتوفرة لا توحي بقرب التهدئة بين طهران والغرب على المدى المنظور ، وان تضاربت احتمالات التصعيد المقبل بين عمل عسكري غير مستبعد ، وعقوبات اقتصادية ، يرجح ان تأخذ شكل الضربات القاسية ، التي تترك اثارا فورية، وفعالة الى الحد الذي يعيد الحياة في ايران سنوات الى الوراء .

وهناك ما يكفي لتكوين انطباعات اولية بتناقص قدرة طرفي التجاذبات على القيام بخطوات جادة لوقف الانزلاق نحو مزيد من التسخين .

كما يندرج في هذا السياق فلتان زمام عامل الوقت من بين اصابع اللاعبين ليقلص احتمالات الحلول الوسط .

والواضح ان مختلف الاطراف العربية والاقليمية المرشحة للتأثر بالتطورات المحتملة باتت تتصرف على هذا الاساس وتستعد لأسوأ الاحتمالات .

قد يكون الوضع الداخلي الايراني ، بمختلف تفاصيله وتشعباته ، اكثر المفاتيح ملاءمة ، لقراءة مستقبل تطورات ازمة طهران مع المجتمع الدولي .

فالقضايا الخلافية التي يحتدم صراع اجنحة الحكم الايراني حولها لا تشمل الاستمرار في البرنامج النووي .

ويشكل اجماع اجنحة الحكم الايراني على هذه النقطة تحديا حقيقيا للوصول الى حل للازمة النووية .

فالجناح الاكثر تشددا ، والممسك بزمام السلطة ـ يشمل المرشد الاعلى علي خامنئي ، والرئيس احمدي نجاد ، والحرس الثوري ـ يتعامل مع القضية ، باعتبارها رافعة سياسية ، في مواجهة مطالب الاصلاحيين ، التي تركز على الاهتمام بالوضع الداخلي .

وبالتالي تكمن اهمية الازمة مع المجتمع الدولي ، وواجهتها الملف النووي ـ في مقاييس هذا الجناح ـ بفاعليتها في المزايدة على الخصوم ، وابعاد انظار الفئات الشعبية عن الازمات المعيشية التي تعيشها ، بفعل الانفاق العالي على التسلح ، وتبديد الاموال ، في محاولات عبثية للتحول الى قطب اقليمي ، يستطيع القيام بدور ما في الاستراتيجية الكونية المقبلة .

لكن توسيع زاوية رؤية المشهد الايراني الداخلي تقود الى نتائج مختلفة على المدى غير البعيد .

فالمزايدات ، واستعراضات القوة ، التي تمارسها القيادة الايرانية ، ردا على معارضيها في الداخل ، لا تعني بالضرورة القدرة على مواجهة تحديات الوضع الداخلي ، بقدر ما تقود الحالة الراهنة الى مناحي اخرى .

ومن بين السيناريوهات المحتملة لاستمرار حالة التصعيد هذه زيادة التفسخ في النظام الايراني.

فالتصعيد السياسي والامني المتسارع الى درجة لافتة للنظر ، في مواجهة ما اصطلح عليه بالمعارضة الاصلاحية ، يقود الى تصعيد مضاد ، يمارسه الاصلاحيون وغيرهم من الفئات والشرائح السياسية والاجتماعية الرافضة للاوضاع الايرانية الراهنة .

ولاستمرار التصعيد المتبادل بين اجنحة الحكم مضاعفات ، من بينها غياب البوصلة ، وتحول المشروع السياسي الذي تقوم عليه جمهورية الملالي الى عدة مشاريع .

فالصراع المندلع بين الاجنحة الايرانية ، لا يقتصر على الخلاف حول الرؤى المستقبلية ، مع امتداده الى التراث النظري ،الذي راكمته المؤسسة الحاكمة في الجمهورية الاسلامية .

كما تكشف محاولات اجنحة النظام الايراني الاختباء وراء صورة قائد ثورة الملالي اية الله الخميني عن حالة من الافلاس السياسي .

فالقادر على ضخ افكار لتجديد الحياة السياسية ، وتوفير مخارج من الازمات المتلاحقة ، سواء كانت داخلية او خارجية ، لا يختبئ وراء الرموز التاريخية .

اضطراب الاداء السياسي الايراني ، على الصعيدين الداخلي والخارجي ، والذي يصل الى حد التخبط في بعض الاحيان ، يوحي بالوصول الى مشارف غياب البوصلة وتشرذم المشروع القومي المغلف بالدين .

فهناك حالة من التخبط ، يظهرها اضطراب الخطاب السياسي الرسمي الايراني ، وآلية ادارة الازمات الداخلية ، وطريقة التعاطي مع ازمة الملف النووي .

ويظهر اضطراب الخطاب السياسي ، في تصريحات المسؤولين الايرانيين ، دون بذل جهد كبير في البحث والتنقيب عن مظاهره .

فهناك العلل التي باتت معروفة للمتابعين ، كالغربة الملموسة عن التحولات السياسية والثقافية والفكرية التي يشهدها العالم والمنطقة ، والانتماء لعصر اخر يخلو من تعقيدات القرن الواحد والعشرين .

احد تعبيرات ازمة الخطاب التي تم التوقف عندها مؤخرا التصريحات التي ادلى بها الرئيس محمود احمدي نجاد خلال قمة البيئة في كوبنهاجن والتي عرت الدوافع الحقيقية لمحاكمة الفرنسية كلوتيد ريس .

قبل ذلك تحول الرئيس نجاد الى مدافع عن النازية ، بدخوله غير المبرر الى دائرة جدل عقيم ، حول حقيقة المحرقة اليهودية ، ليقدم بذلك خدمة مجانية لاسرائيل ، باكسابها المزيد من التعاطف الغربي ، مع تكريس صورتها كضحية محاطة بالمتوحشين .

ومثل هذا الخطاب لا يجلب العداء لايران الشيعية وحدها ، فهو يكمل خطاب التطرف السني الذي يمثله تنظيم القاعدة ، ويقدم نموذجا جديدا لاثارة عداء الغرب للمسلمين .

الحسابات الآنية الايرانية التي تتضارب مع الرؤى المفترضة لم تقف عند حد جلب العداوات لقضايا عادلة كالقضية الفلسطينية .

فالرغبة في احراج القاهرة ، والبحث عن اوراق ضغط على الغرب ، يبرران لطهران اضعاف المفاوض الفلسطيني ـ الاكثر تأهيلا لمواجهة السياسة التوسعية الاسرائيلية ـ بادامة الانقسام في الساحة الفلسطينية ، رغم وصول الرؤية الحمساوية الى طريق مسدود .

وفي العراق يبدو المأزق الايراني اكثر وضوحا مع قرب العد التنازلي للانتخابات النيابية .

فقد سعى ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي بعدد من الخطوات للحصول على مباركة طهران ودعمها في الانتخابات النيابية المقبلة .

ومن اكثر هذه الخطوات فجاجة الاقتحامات والتحرشات الامنية والسياسية باللاجئين الايرانيين في مخيم اشرف المحمي بالقوانين والاعراف الدولية وتعاطف الرأي العام العربي والعالمي .

لكن الجناح الاكثر تشددا في السلطة الايرانية غلب الحسابات الداخلية وازمة طهران مع المجتمع الدولي على حسابات الحلفاء رغم ما يقدمونه من خدمات .

ففي احتلال حقل " الفكة " ما يوحي برغبة طهران في اظهار قدرتها على توتير الاجواء العراقية قبيل الانتخابات النيابية ، دون التفات للنتائج الوخيمة التي يمكن يتركها استعراض عضلات بهذه الفجاجة على حلفائها في العراق ، الامر الذي التقطته الحركة الوطنية العراقية بقيادة اياد علاوي وصالح المطلق واستثمرته بتحريك مسيرات لاجبار المالكي على الخروج عن صمته .

في مواجهة افرازات المأزق الايراني ، على الصعيدين الداخلي والخارجي ، بدت الادارة الاميركية اكثر ميلا من اي وقت مضى الى اتخاذ خطوات عملية ، لمنع ايران من امتلاك القنبلة النووية والحد من التوترات التي تثيرها في المنطقة .

ولم تقتصر مظاهر الجدية الاميركية على التهديد باجراءات عملية ما لم تظهر طهران التزامها بالخطة الاممية المتعلقة بتبادل اليورانيوم وتخصيبه خارج ايران .

فقد تداولت تقارير اميركية معلومات حول ترتيبات لفرض عقوبات اقتصادية قاسية على ايران، وعودة نائب وزير الخزانة الاميركي ستيوارت ليفي ـ المعني بالارهاب والاستخبارات المالية ـ الى الاضواء ، احد المؤشرات المقلقة لطهران في هذا المجال .

والموقف الاوروبي الذي كان متحفظا على معاقبة ايران مقابل الصفقات المالية بات اكثر تشددا من اي وقت مضى .

كما اخذت اصوات موسكو وبكين الميالة للتريث في فرض عقوبات قاسية بالخفوت لتكون اكثر تناغما مع المجتمع الدولي .

وبتراجع هامش التهدئة ، وتصدع امكانيات التوصل الى تسويات منتصف الطريق ، واتساع احتمالات التصعيد ـ سواء اخذ شكلا عسكريا او اقتصاديا ـ تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التغيرات ، يرجح ان تشمل افرازاتها العديد من بؤر التوتر العربية التي اعتادت طهران على استخدامها ميادين مناورة في صراعها مع المجتمع الدولي ، بدءا من العراق وانتهاء بفلسطين ، ومرورا باليمن ودول الخليج العربي .




#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتحار سياسي عربي على خارطة التحولات الكونية
- اقتراع عراقي على اعادة انتاج الازمات
- الوعد الاميركي والقشة الاوروبية
- عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك
- الخيارات الصعبة
- ظاهرة الافلاس السياسي
- حاضنة عربية للمزاج العراقي
- عقدة وادي عربة !!
- ملكيرت يطرق جدران الضمير العالمي
- ازمة التمثيل تقلص هامش المناورة الفلسطينية
- المصالحة المستحيلة
- ما تبقى من خطاب حكومة المالكي
- مقامرة - حمساوية - بالذخيرة الحية
- الانكشاف الكوني يضع المنطقة على حافة المواجهة
- غطاء اميركي للاستيطان الاسرائيلي
- انكفاء عربي عن المشهد الاقليمي
- عبث اميركي في حقل الالغام الشرق اوسطي
- الاخوان يتسلقون العملية السلمية
- مشارف الحسم الفلسطيني
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد الرنتيسي - ايران فوق صفيح ساخن