|
أثينا ... المدينة والأسطورة ؟
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 12:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذا نص مختصر من دراسة / الدكتور عبد المعطي شعراوي / أستاذ اللغة اليونانية واللاتينية وآدابها / جامعة القاهرة / مصر / والمنشورة في مجلة / عالم الفكر / المجلد 38 العدد الثاني للأشهر من أكتوبر لغاية ديسمبر / والتي تصدر عن / المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت - / بتصرف / . اثينة / أسم الربة / بالتاء المربوطة . أثينا / أسم المدينة / بالألف . ج3 ص 249 أساطير إغريقية لنفس صاحب النص . يقول المفكر أفلاطون على لسان أستاذه الفيلسوف الأثيني سقراط : / إن مدينتنا تستحق المديح ليس منا فقط بل من جميع أفراد البشر / ذلك لأسباب كثيرة – أولها وأهمها – أنها محبوبة لدى الآلهة – إن النزاع بين الآلهة الذين تنافسوا من أجلها والحكم الذي أصدروه بشأنها لخير دليل على صحة قولنا / . تجمع كل المصادر القديمة على أن هناك علاقة وطيدة بين مدينة أثينا والربة اثينة – بل أن هناك تشابهاً كبيراً إن لم يكن اتفاقا كاملاً بين أسم المدينة وأسم الربة . يظهر أسم الربة في المصادر الإغريقية القديمة في صور مختلفة لكن الشكل الأعم للاسم هو : ( athene ) كما يظهر عند هوميروس . أو ( athenaie ) كما يظهر في بعض المخطوطات / سوف نكتفي بهذا القدر علماً بأن هناك عدة صور مختلفة لهذا التشابه . هناك إذن صلة وثيقة بين مدينة أثينا والربة اثينة / صلة لغوية / بين أسم كل منهما . الربة اثينة يأتي أسمها في صيغة المفرد المؤنث ( athene ) بينما يأتي أسم المدينة في صيغة الجمع المؤنث ( athenaie ) وفي أغلب اللغات الأوربية القديمة والحديثة الفارق اللغوي نفسه للتمييز بين كل من المدينة والربة . أصل لفظ أثينا غامض / يعود إلى ما قبل العصور الإغريقية / بمعنى أن الربة اثينة التي فرضت أسمها على المدينة وفرضت حمايتها على أرض المدينة وسكانها ليست إغريقية الأصل ؟ سوف نأخذ احتمالين فقط : يرى جونتر نيومان ( Gunther new maan ) أن من المحتمل أن يكون أسم الربة اثينة ذا أصل / ليدي / نسبة إلى منطقة ليديا ( Lydia ) . من المحتمل أن يكون لفظاً مركباً يتكون من المقطع / ati / ويعني أم وأسم الربة الليدية / هانا هانا / ( Hanna hanna ) الذي يختصر في أماكن كثيرة في منطقة ليديا إلى ( أنا Ana ) . كما كشفت بعض الحفريات في منطقة كفر سوس في العصر الموكيني عن نص نُقشت عليه العبارة : A – ta –na – po – ti –ni –ja / يرجع تاريخه إلى العصر الموكيني . مع العلم أن أغلب الدارسين يقترح ترجمة عبارة ( Athanapotniya ) بعبارة اثينة الأم / غير أنها قد تعني حرفياً في رأي أخرين ( potniaofAl – h – ana ) والتي قد تعني بدورها سيدة / أثينا / . لم يتوقف الجدل والنقاش حول تفسير أسم الربة اثينة فقط بل امتد أيضاً حول نسبها / وكيفية مولدها / ومسقط رأسها / . أغلب المصادر تقول أنها أبنة كبير الآلهة / زيوس / .يشير إليها هوميروس على أنها ابنة زيوس .. من دون الإشارة إلى والدتها أو كيفية مولدها أو مسقط رأسها . يروي / هيسيودوس / القرن الثامن أو السابع ق م / في قصيدته المشهورة / أنساب الآلهة / ( Theogony ) : أن كبير الآلهة زيوس تزوج الربة ميتيس / Metis . / الربة ميتيس هي ألاحكم بين الآلهة والبشر / ولفظ ميتيس يعني ( المشورة الحكيمة ) . حملت ميتيس / أصبحت على وشك أن تضع مولودها / خدعها زوجها زيوس بكلماته المعسولة / غافلها / فغرفاه الواسع / ابتلعها / انزلقت ميتيس لتستقر في جوف كبير الآلهة زيوس / . لم يفعل زيوس ذلك بلا سبب / السبب معروف / نصحته ربة الأرض جايا ( Gaia ) وإله السماء / أورانوس / ouranos / أن يفعل ذلك .... لماذا ؟ نصحاه بذلك حتى لا يستطيع أي مخلوق أخر أن يبسط سلطانه على الآلهة الخالدين في قصر زيوس / إذ أن ميتيس سوف تنجب أطفالاً أذكياء – أولهم الفتاة / تريتو جينا / Tritigeneia / ذات العينيين البراقتين /التي سوف تساوي والدها زيوس في القوة / الفهم الحكيم / . لذلك ابتلع زيوس ابنته قبل أن تولد / واحتفظ بها في جوفه كي تسدي إليه النصيحة دائماً وهي في جوفه / امتدت الأسطورة على مر الزمان حتى وصلت إلى أخر الأنبياء . وما بعد ذلك ... إلى أي درجة أثرت أساطير الأولين في الديانات السماوية ؟ طوفان نوح – نار إبراهيم – عصا موسى – ميلاد المسيح – معراج محمد . / بطريق الصدفة وأنا استعرض القنوات الفضائية / استمعت لخطبة في مسجد للأخوة الشيعة / كان الخطيب يقول للمصلين بما معناه : أن جبريل عليه السلام قد التقى بالنبي محمد صلى الله عليه واله وسلمه لوحات بعدد 5 / المهم اللوحة الأخيرة كانت لسيدنا أبي عبد الله الحسين وإليكم الموقف التالي : قام جبريل بتسليم النبي محمد اللوحة ( أعتقد اللوحات من أعمال الفنان العالمي بيكاسو ) وعندما أستلم النبي محمد اللوحة سألت قطرة من الدماء عليها / لأن النبي محمد أراد أن يعلقها على الجدار / فقال النبي محمد ما هذا يا جبريل ؟ فبكى جبريل طبعاً وقال إنه الحسين يا رسول الله سوف يقتلونه في كربلاء / في الحقيقة أنا كنتُ أخشى أن يحدث زلزال داخل المسجد من شدة الصياح والبكاء والعويل / ولكن الحمد لله / المهم انتهت القصة على خير وخرج المصلين بكل أمان / ... ليس هذا فحسب بل مكتوب على عرش الرحمن / يا حسين / سابقاً كنتُ أعتقد بأن ما مكتوب / لا إله إلا الله محمد رسول الله / لكن بعد ذلك اكتشفنا أننا على خطأ ؟ مع ملاحظة أن مدينة النجف العراقية قبل طوفان نوح كانت جبلاً يمتد حتى السماء السابعة / فكيف أصبحت بالشكل التالي ؟ يبدو أن عوامل التعرية هي السبب ؟؟؟؟؟؟؟ نعود لزيوس : طبعا زيوس تزوج ميتيس دون علم زوجته / هيرا / ... / يبدو أن الإلهة كذلك تتزوج دون علم الزوجة كما نفعل نحنُ البشر ... ميتيس هي ابنة أوكيانوس / okeanos / وتيثوس / Tethys / . لقد خدع زيوس زوجته ميتيس على الرغم من حكمتها الواسعة . أخذها بين ذراعيه – ألقى بها في جوفه - / بماذا تختلف هذه الأسطورة عن الأساطير الأخرى ؟ كان يخشى أن تنجب مولوداً يفوق ( الرعد ) / ليس كاتبنا في الحوار رعد الحافظ / الرعد الذي هو رمز الإله زيوس في قوته / أتمنى أن يكون كاتبنا رعد الحافظ بنفس القوة خصوصاً وأنه سوف يتزوج قريباً ؟ لكن ميتيس كانت على الفور قد حملت في رحمها اثينة باللاس . لذا أنجبها زيوس من رأسه على شاطئ نهر ( تريتو ) / Trito . / العجب العجاب / ظلت مختفية داخل أجزاء زيوس الداخلية رغماً عن إرادة والدتها ميتيس التي تفوق الإله والبشر في الحكمة والاستقامة / بماذا تذكركم هذه الأسطورة ؟ عندئذ تسلمت الربة اثينة أسلحتها التي فاقت بواسطتها عمل الآلهة الخالدين الذين يسكنون فوق جبل / أولمبوس / وهكذا أنجب زيوس الربة اثينة وهي مدججة بالسلاح ومستعدة للحرب ؟ نعود لهيسيودوس : أنجب زيوس من رأسه / تريتو جينيا / ذات العينيين البراقتين المرعبة / المحبة للنزاع – قائدة الجيوش – الملكة التي لا تتعب – غضبت الزوجة الشرعية هيرا من زوجها زيوس – نشأ شجار بينهما – حملت ذاتياً من دون أن تقيم علاقة معه أو مع غيره / كيف / ؟ لا ندري ..... كذلك أنجبت بمفردها / هيفا يستوس / الشهير الذي فاق كل سكان السماء في مجال الحرف اليدوية ... / كيف خرجت الربة من رأس زيوس / هل تعلمون كم هي لذيذة وممتعة قراءة هكذا أساطير وربطها في المخيلة مع الأنبياء على مر العصور عند ذلك تتبين لك الحقيقة إذا ما أستمريت في التفكير وبعمق . يصف الشاعر / الكورالي / بنداروس / عاش في القرن الخامس قبل الميلاد : تلك الأرض المحاطة بالماء ... حيث أمطرها ذات مرة كبير الآلهة برذاذ من شرائح الذهب ... هناك حدث ذلك حين استخدمت يد / هيفا يستوس / الماهرة البلطة ذات الشفرة البرونزية / / عندئذ خرجت اثينة من الجرح العلوي لجبهة والدها زيوس ... ملأت صيحتها المدوية كل أرجاء السماء الشاسعة ... ارتعدت السماء / أورانوس / والأرض / جايا / ... / ما أروع هكذا مشهد / ؟ هناك كان أيضاً / هيبيريوس / العظيم / إله الشمس / الذي يمنح الضوء لكل أفراد البشر ... أمر أبناءه أن يقيموا للربة / محراباً لامعاً / وأن يضعوا أسس الشعائر المقدسة التي تقدم إليها / حتى يثلجوا صدر / زيوس / وأبنته / ذات الحربة القوية / ... هناك عدة روايات عن مولد الربة اثينة / لذلك تنوعت المصادر القديمة واختلفت فيما بينها / إلا أنها تبدو روايات متشابهة تقريباً عدا أنهم يعتبرون أن بوسيدون والد الربة اثينة / أو باللاس / أو ايتونوس ملك إيتون / وأخيراً أن الربة اثينة هي أبنة / هيفا يستوس / ... ختاماً : هكذا ارتبط تاريخ مدينة أثينا بأساطير الربة اثينة . هكذا خرج التاريخ من عباءة الأسطورة . وخرجت الأسطورة من عباءة التاريخ . ولكن من الصعب معرفة أيهما أسبق . الأسطورة أم التاريخ ؟ أيهما أقدم المدينة أم الربة ؟ الموجود حتى الآن خليط من الحقائق التاريخية والأساطير المروية ومن خلاله استطاع الدارسون أن يصوغوا شيئاً عن جغرافية أثينا وتاريخها / عن الحياة الاجتماعية / والسياسية للأثينيين / عن العادات والتقاليد التي سادت بينهم / ... لقد استطاعوا أن يرسموا صورة تكاد تكون كاملة عن العلاقة بين مدينة أثينا والربة اثينة ... / هل أعجبتكم / ؟ / ألقاكم على خير / ...
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منشأ الأخلاق ... لماذا نحنُ طيبون ؟
-
ماذا بعد 9 / 4 / 2003 ؟
-
كيف تتخلف الشعوب ؟
-
الوهم ...
-
المسيح يستحق ميدالية ...
-
نوح ولوط
-
كيف تتقدم الشعوب ؟
-
بداية عام جديد ...
-
هتلر وستالين ... أليسا ملحدين ؟
-
التفكير / تعليق قارئة الحوار المتمدن / ...
-
الفرق في السلوك ,,,
-
الوصايا العشر الجدد ...
-
ما هي مشكلة الدين ؟
-
أيتها المرأة أي عصر تفضلين ؟
-
ليتكِ ناقشتي أفكاري ... بدلاً عن من أكون ؟
-
كفى ...... أنا لستُ أنثى ؟
-
كيف يفكر المؤمن ؟
-
هل الدين هو الكلمة المناسبة ؟
-
غير مؤمن بعمق ...
-
من أين يبدأ الإصلاح ؟ رسالة من سيدة قارئة ...
المزيد.....
-
بعد صدمة فيديوهات الأسرى.. جادي آيزنكوت يحمّل نتنياهو مسئولي
...
-
تصاعد المطالب الأميركية اليهودية لإغاثة غزة وسط أسوأ أزمة إن
...
-
السودان.. قوى مدنية تبدأ حملة لتصنيف -الإخوان- منظمة إرهابية
...
-
الأردن.. إجراءات بحق جمعيات وشركات مرتبطة بتنظيم -الإخوان-
-
إغاثة غزة.. منظمات يهودية أميركية تضغط على إسرائيل
-
الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري
...
-
الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ
...
-
كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟
...
-
الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج
...
-
3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|