الترحال الشاعري بين فن الصورة والموسيقى وتاريخ الشعوب الأصلية

احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 00:13
المحور: الادب والفن
    

جاء عرض الفيلم في أمسية 8 جانفي شباط 2010 باعتباره اول فعاليات المركز الثقافي للعام الجديد حيث ان مادة الفيلم كانت مختارة من مخرج يحمل في أعماقه كل مشاعر العشق لكل تفاصيل الأرض اليمنية بكل محمولاتها وايماءاتها التاريخية والهندسية والمعمارية وكل ما مر على اليمن من تاريخ غني بتحولاته الملموسة او المتخيلة من ملكة سبأ الى قصص الف ليلة وليلة التي سحرت الغربيين بعوالمها الشرقية فباتت جزء من واقع متجسد في العقلية الغربية وليست حكايات شيقة تروى للهروب من شهوة القتل العبثي للحاكم ..تفاصيل القهوة التي تعرف هنا بالأربيكا كانت من المصادر التي جعلت المخرج يغرم باليمن حتى القات اصبح مادة مثيرة للالمام بتفاصيلها عند عين خبيرة بالمكونات الأصلية والمميزة لكل أرض بعيدا عن التشابه الاندماجي الاستهلاكي بغابات الاسمنت الامريكية في مانهانتن ونيويورك
داني ماريكا الذي قدم فيلمه الوثائقي عن ارض سورية الكبرى في بصرى الشام وشموخها ومسارحها وتصاميمها التحتية في بادية الشام القاسية وكذلك ارض الانباط وأوابدهم المحفورة بالصخر بكل ترفها وجنونها وتحديها للطبيعة الصحراوية الجافة والقاحلة ومحاولة السيطرة عليها مهما كان الثمن لضمان طريق الحرير التجاري يقدم بفيلمه الوثائقي الجديد "اليمن :المحارة والبندقية" نمطا مختلفا من التوثيق فهو يصمم مونتاجا يمزج بين الصور الفوتوغرافية المأخوذة بمواقيت الاسقاطات التصويرية لونا وحركة وتظليلا والموسيقى التصويرية التي هي عبارة عن مزج حي بين اصوات الباعة في الأسواق او الأماكن التي التقطت فيها الصور والموسيقى الكلاسيكية التي تمنح طابع الأبدية على الأوابد والمشاهد التي تتتابع فيها اللقطات الاحترافية تصويرا..التعليقات التي تلت متابعة الفيلم والنقاش مع المخرج كانت تعكس مدى اختراق هذا الفيلم للمشاعر العميقة لمن شاهدوا هذا الفيلم وبدى الأطراء والافتتان به كشبه اتفاق بينهم
داني ماريكا ولد عام 1949 وهو بلجيكي عالم في الكيمياء البيولوجية – العضوية والبيئة في جامعة بروكسل الحرة .. صحافي ومحاضر في السياحة لمؤسسات مختلفة.. الرئيس المؤسس لجمعية " جوديسييه" اوديسا الشعوب – أو مركز الوسائط الاعلامية المتعددة للسفر الانساني ..
مركز اهتمام داني منذ سنوات يتركز على الاخراج والخلق السينمائي صوت وصورة الخاص بالأقليات الأثنية في العالم وبتعبير آخر الشعوب الأصلية كما في مشروع المؤتمر الذي سيدعو اليه عن الابيروجين السكان الأصليين لاستراليا
عشرون فيلم توثيقي صوت وربط مونتاجي صوتي كانت حصيلته الأخيرة والتي تناولت اماكن مختلفة شملت من ضمن ما شملته اسفاره عن اليمن و مصر ،بيرو ، باتاغونيا ، سيبيريا ، الاردن ، جزر الآنديز المركزية ، جنوب الصين ، باكستان ، صحاري العالم ، وناميبيا ..
حاليا يعد تحقيقاته عن اعياد القيامة: جزيرة الكون بعيدا قرب هاواي بأقصى الارض وهو يحضر مؤتمرا جديدا عن استراليا الابورجين وعن شعوب الصحارى بالتعاون مع باتريك فوريا
وظف المخرج داني ماريكا خبراته التعليمية والمهنية وما اضافته هذه الجمعية التي كان فيها الرئيس المؤسس من خبرات في مجال السفر وتقنيات صوت وصورة ليقدم فيلمه وتحقيقاته الصحفية الذي أثار اعجاب الحاضرين وذهولهم من الابهار البصري و الاعلامي الذي اضافته على متابعتهم لهذا الفيلم
عند هذا البعد الذي شكل شخصية المخرج داني ماريكا نفهم المهنية المركبة في فيلمة اليمن وافلامه وتحقيقاته التي اختص بها بين الدراسة الطبيعية لمكونات الارض والبيئة وبين البحث عن الجزر البعيدة والشعوب الأصلية التي اقتلعتها ماكينة التوسع الرأسمالي دون رحمة ودمرت ذاكرتها الجماعية واعملت بالطبيعة و الانسان الذي احتوى هذا البعد الخلاق للكون، مهما كان ، وصانه معتبرا نفسه من مكونات الارض قبل ان تظهر الروح الرأسمالية الاستقطابية الانانية التي تتمظهر بناطحات الطبيعة والسماء لتفتك بكل شيء لتعيد الكون الى ثورته العاصفة على الكائنات ولتصل الى مستوى التدمير الذاتي باعتبار رأس المال هو الاله الجديد لأمريكا ومغتصباتها الابادية الصهيونية في فلسطين واستراليا واي مكان حطت فيه حضارة رأس المال الانكليزي والامريكي والصهيوني
وعندما نتابع هذا الفيلم نفهم ايضا اختيار المخرج داني ماريكا التعريف الشاعري التالي لفيلمه وتحقيقه الواقعي والتاريخي عن اليمن "بلاد البخور والمسرات ،العربية الخضراء لخصوبتها ، السعيدة لغناها، ملوك السحر ،ملكة سبأ ،حكايات الف ليلة وليلة ،ممالك قوافل العابرين ..الوقائع والأساطير التي تشهد.. وايضا الحضور الذي يولد بمقدار ما كل الصدمة.. من البداية كأن ضربة يد بصرية وجهت لك بمعلومية ولا يمكن مقاومتها.."

#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل