أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز باكوش - الاسرار العميقة وراء عودة القاضي الى الداخلية















المزيد.....

الاسرار العميقة وراء عودة القاضي الى الداخلية


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 11:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتبت جريدة" أصداء " الوطنية الاسبوعية في عددها 729 مقالا لسكرتير التحرير بها تحت عنوان "الأسرار العميقة وراء عودة القاضي إلى الداخلية" يطرح الكاتب من خلاله أسئلة مشروعة حول ظروف وملابسات تعيين قاض على راس وزارة خلال التعديل الحكومي الاخير . هكذا يتساءل الكاتب "

أية زاوية يمكن أن نتسلل من خلالها لتلمس بعضٍ من الحقيقة التي يخفيها تعيين الرجل ذي تقاسيم الوجه الصارمة على رأس وزارة بقيت بين بين، بدون هوية، ما هي أم الوزارات كما كانت، وما هي أختها كما يجب أن تكون؟
كثيرون اختاروا التسلل من زاوية هوية الرجل الذي يسبق اسمه "مولاي" وما أدراك ما"مولاي" ليقفوا عند "القرب" كمفتاح وحيد للفهم، قرب الرجل من مركز القرار ومساره القضائي المتميز الذي يكشف أنه رجل الثقة قبل كل شيء.
قد يكون في المقاربة شيء من الصحة، غير أنها صحة معلولة ناقصة، فمولاي الطيب ليس الوحيد الذي يحظى بالثقة، وليس الوحيد الذي سيصعب اقتحامه من طرف الكبار الذين اعتادوا أن تفتح أمامهم دهاليز الداخلية بكل مكنوناتها، وليس الوحيد الذي سيكون على مرؤوسيه التفكير عشرات المرات قبل الخروج من الصف أو العزف خارج الجوق.
ما الذي يميز الطيب -إذن- عن باقي الطيبين؟ المسألة في منتهى البداهة التي لا تحجبها طلاسم أسطورية، فمولاي الطيب الشرقاوي، فضلا عن كونه رجلاً صارما، ذا حظوة خاصة منذ الصغر، يتمتع بصفة أخرى قد تبدو غير ذات تأثير في الأمر.. إنها صفة القاضي.
قد يقول قائل :وماذا بعد؟ فالقاضي رجل قانون، والمنصب يحتاج إلى هذا النوع من الكفاءة. المسألة صحيحة إلى حد ما مع فارق مهم، وهو أن منصب وزير الداخلية منصب سياسي وليس مجرد منصب تقني يحتاج إلى الدراية بالمساطر والقوانين. وللسياسة قواعدها التي قد يعضدها القانون وقد لا يعضدها. ولكن القاضي حين يمارس السياسة بمنطق الاستراتيجية يكون الأقدر على ابتداع المداخل والمخارج والإبحار بحنكة في الملتقى الصاخب دوما بين طموح المؤسسات وبرودة القوانين. ثم ماذا بعد؟ إن كل هذا لا يكفي! صحيح ولكن الأمر يختلف حين نقرأ كل هذه العناصر بمنظار تاريخي يقدم لنا تجارب ذات مغزى قد تفسر إلى حد بعيد ما نحن بصدده الآن، فالسيد الشرقاوي ليس أول قاض يتبوأ كرسي الداخلية وهذه هي النقطة الجوهرية الثانية التي فاتت جيش المحللين والمعلقين.
إننا اليوم أمام التجربة الثالثة لتعيين القضاة على رأس الداخلية، فقد سبق الطيب إلى هذا المنصب أحمدان اثنان هما: أحمد الحمياني وأحمد بنبوشتة وهما شخصيتان مرموقتان في تاريخ القضاء المغربي، تم تعيينهما - وهذا هو الأهم- في لحظتين مفصليتين في نشأة الدولة المغربية الحديثة.
السيد الحمياني تم تعيينه في يونيو1963 ليغادر المنصب في نوفمبر من نفس السنة. والذين عاشوا هذه الفترة أو بحثوا في ثناياها يعرفون أن رقم 63 في التسلسل الزمني المغربي يرتبط بلحظة لااستقرار كبرى عرفها المغرب في السنوات الأولى للاستقلال. كان هناك ما يسميه البعض "مؤامرة 63" والمحاكمة الكبرى في يوليوز من نفس السنة التي تمت فيها تصفية جزء أساسي من الصراع بين طرفي المعادلة السياسية آنذاك، القصر من جهة والحركة الاتحادية وجيش التحرير من جهة أخرى.
كانت اللحظة مفصلية انتهت بترجيح كفة القصر ولو بكثير من الخسائر التي انتهت لاحقا إلى إعلان حالة الاستثناء، رغم محاولة التطبيع السياسي آنذاك من خلال تشكيل حزب الملك على يد صديقه أحمد رضا كديرة الذي غادر الداخلية على التو وترك منصبه لصالح الحمياني حتى يتفرغ لمهام أخرى في رسم الخارطة السياسية، فضلا عن تصدير جزء من الأزمة في صراع ضد الجارة الشرقية.
هكذا إذن اختار الملك في ظروف الرجة السياسية الكبرى أن يطمئن إلى صلابة جهاز الداخلية عبر تحصينه بالقاضي أحمد الحمياني.
أما السيد أحمد بنبوشتة فقد تم تعيينه في نفس المنصب في غشت 1971، وهو تاريخ غني عن التعريف ولحظة مفصلية أخرى تمثلت في رجة كبرى ثانية تولدت عن انقلاب عسكري دموي عرفه قصر الصخيرات قبل أسابيع فقط. جاء القاضي أحمد بنبوشتة ليخلف اسما استثنائيا على رأس الداخلية، إنه الجنرال محمد أوفقير. ففيما تفرغ الجنرال لمهام أخرى ترتبط بالجيش جاء القاضي ليعيد ترتيب الأمور السياسية تحديدا، والأمنية كذلك على رأس جهاز كان الجنرال قد حوله إلى آلة في يده فضلا عن جزء من آلة الجيش.
لا يمكننا اليوم أن نجزم القول في مغزى خروج الجنرال من الداخلية، وإن كان فعلا تفرغاً لأمور أخطر أم غير ذلك من حسابات ما بين الانقلابيين التي لازالت -بالنسبة للدارسين- حسابات غامضة لكون القراءات تقتصر لحد الآن على روايات لمن "نجا" من الانقلابيين.
القاضي بنبوشتة دبر العصب المؤسساتي للدولة في ظرف كل شيء كان فيه مهزوزا ومنذرا بالانفجار، وهو الانفجار الذي جاء بعد مغادرته المنصب في أبريل 1972 على شكل انقلاب ثان حصد هذه المرة من كان أقرب المقربين إلى الملك، الجنرال محمد أوفقير.
هكذا يتضح أن أحلك ظروف المملكة تمت فيها المناداة على رجال القضاء لاستتباب الأمور، باستثناء الحالة الخاصة التي مثلها البصري طوال ربع قرن بقدرته على الجمع في جلبابه بين القاضي والبوليسي والسياسي وهويات أخرى. اليوم ونحن نعاين تعيين ثالث قاض على رأس الداخلية، وعلى ضوء التجربتين السابقتين، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كان هناك قاسم مشترك بين اللحظتين السابقتين واللحظة الراهنة.
المؤكد أن المخاطر بشكلها ومضمونها المشار إليهما لم يعد لهما وجود اليوم، فلم تعد هناك أطراف سياسية تتصارع على الحكم، ولم تعد هناك قوة سياسية تملك مصيرها وقرارها فأحرى القدرة ولو على الإزعاج. غير أن هذا لا ينفي وجود مخاطر، ولو من نوع مغاير تماما، ناهيك عن غياب أدنى إمكانية للمقارنة بين حجمها حاليا وحجم ما كانت عليه في الماضي، لكنها تبقى مع ذلك مخاطر.
إننا نوجد اليوم أمام عطل كبير في التدبير الداخلي لملف الوحدة الترابية، لا أدل على ذلك من اضمحلال الرهان (الذي كان كبيرا) على الكوركاس، ومن الوتد الذي ضربته الجزائر وأقزامها داخل البلاد وإن كان وتدا مهترئا لا يصلح حتى لربط حمار، بل ومن تدني فعالية النخب التي راهنت عليها السياسة الرسمية في الأقاليم الجنوبية من أعيان ومستفيدين أضحوا عاجزين عن التحول إلى رقم فعال في معادلة النزاع.
وارتباطا بهذا الملف، يوجد مشروع الجهوية في لحظة حاسمة، لحظة التفصيل والخياطة على مقاس الخصوصية والرهانات المستقبلية.
ومهما كان الخياط بارعاً، فإن أي عيب في التفصيل يجعل البذلة غير ملائمة بالمرة للابسها، وبالتالي فإن وزارة الداخلية بعد أن يقول أهل القرار كلمتهم، سيكون عليها أن تدير معركة التنفيذ، ومصطلح المعركة قليل.
ولا داعي هنا إلى أن نعيد ما سبقنا إليه الكثيرون من وقوف عند عناصر أخرى من قبيل غول الجريمة وشبح الإهاب، وغياب التأطير لملايين الشباب في الشعاب والجبال كما في الأحياء الهامشية وحتى الراقية. الخلاصة -إذن- أن أمام القاضي الطيب شعابه وجباله هو الآخر، بدءا باستعادة هيبة ومركزية الداخلية، وانتهاء بتدبير مرحلة تضع أمام المغرب صراطاً مستقيما لا مفر من عبوره اليوم بعدما تأجل لعقود.
جريدة "أصداء" العدد 729





#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتمخض - الطنجرة والمقلاة - فتلد فنا فلسفة و حياة
- أنشطة اجتماعية وتربوية بنيابة التعليم مولاي يعقوب - فاس
- كل عام ومرضانابخير
- محمد بودويك في - خيط أريان - كي لا يضل الشعر طريقه
- لا للقرصنة نعم لأخلاقيات المهنة
- في الذكرى الاولى لاجتياح غزة الحصار ليس قدرنا
- حول مشروع -الميثاق البيئي- من منظور مجتمعي
- متخيل الصحراء او صحراء المتخيل في تجربة التشكيلي المغربي عبد ...
- الدعوة إلى إعادة النظر في تركيبة المجلس الإداري لأكاديمية فا ...
- الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس بولمان بلا بناء ...
- لا للسمسرة على حساب صحة الإنسان 2/3
- ندوة نظريات المسرح العربي: ماذا تبقى منها؟
- 5844 زيا مدرسيا و73 دراجة هوائية لتلاميذ مؤسسات إقليم صفرو ل ...
- الصحة العمومية على الطريقة المغربية
- البطولة الجهوية للعدو الريفي المدرسي- تيساف- بولمان -المغرب
- الفضاء السمعي البصري بفاس المغربية يتعزز
- حول الأوضاع في إذاعة فاس الجهوية - المغرب -
- القدس في الفكر العربي والدولي
- فاس المؤتمر الدولي حول القدس عاصمة للثقافة الاسلامية
- إلى الحوار المتمدن في ذكراه الثامنة


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز باكوش - الاسرار العميقة وراء عودة القاضي الى الداخلية