|
من سيحاكم هيئة اجتثاث البعث على جرائمها
عودة وهيب
الحوار المتمدن-العدد: 2885 - 2010 / 1 / 11 - 09:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد صدور (قانون اجتثاث البعث) وتشكيل (هيئة اجتثاث البعث) لم يعد الموقف من البعثيين قضية مزاج شخصي أو حزبي ، بل أصبحت القضية برمتها مسالة قانونية ، فمن يشمله الاجتثاث تشمله إجراءات الاجتثاث، ومن لم يشمله الاجتثاث يعامل كأي مواطن عادي يتمتع بكل حقوقه وواجباته ( عدا الدخول في الأجهزة الأمنية الحساسة ) ،ومن يُشك بارتكابه لأية جريمة اثناء حكم البعث يحال إلى القضاء ليقول فيه كلمته . هكذا اتفق المتصدون للعملية السياسية . ويفترض نظريا إننا بانجازنا لقانون الاجتثاث انتهينا من ملف البعث وأغلقنا باب المزايدات وتركنا الأمر إلى هيئة الاجتثاث لتطبق قانونها بنزاهة وعدالة دون تفريق أو تمييز. غير إن الرياح لم تسر كما تشتهي مصلحة العراق،حيث حصلت الأمور التالية أولا: لم تلتزم هيئة الاجتثاث بقانون الاجتثاث وخضعت لضغوط ورغبات الأحزاب المتداينه وصارت العوبة بيدها وتم إرجاع قسم من ضباط الأجهزة الأمنية السابقة إلى الأجهزة الأمنية الجديدة رغم علم الجميع إن ذلك يتعارض مع مصلحة استقرار العراق التي تتطلب الحذر من عملية اختراق الأمن العراقي ، وكان يجب إحالة ضباط الأجهزة الأمنية السابقة إلى التقاعد أو الوظائف المدنية لحماية امن المواطن . واغرب ما في الامر إن المسؤولين الكبار في الدولة يشتكون بعد كل عملية إرهابية من اختراق الأجهزة الأمنية دون أن يبحثوا عن المسؤول الذي سمح بهذا الاختراق كي يحاسب قانونيا على هذه الجريمة التي أزهقت أرواح مئات العراقيين . أليس المفروض بهيئة الاجتثاث أن تمنع ضباط الأجهزة الأمنية السابقة وفدائي صدام من التسلل إلى الأجهزة الأمنية ؟ أليس المفروض بوزراء الوزارات الأمنية عرض أسماء من يراد تعيينهم في الأجهزة الأمنية على هيئة الاجتثاث لتتحقق من وضعهم أيام النظام السابق؟ فمن المسؤول عن اعادة هؤلاء إلى الأجهزة الأمنية ؟الأحزاب الحاكمة أم الحكومة أم هيئة الاجتثاث ؟ هل حقق القضاء العراقي مع المسؤولين عن هذا الخرق ؟ إن التسبب في اختراق الأجهزة الأمنية جريمة شنيعة راح ضحيتها المئات فكيف يسكت جهازنا القضائي عن الجناة.. ثانيا :رغم وجود قانون وطني مختص بالتعامل مع الملف البعثي إلا انه تم التعامل مع البعثيين السابقين بعدة مكاييل المكيال الأول : مكيال بعثيي المناطق الشيعية عموما: هؤلاء كونهم يعيشون في وسط شعبي ساخط على النظام السابق فقد تعرضوا إلى القتل والتشريد والنهب خارج إطار القانون وبمشاركة واسعة من ميليشيات الأحزاب المتداينة مما اضطر اعداد كبيرة منهم إلى الهرب إلى المناطق السنية والى خارج العراق . المكيال الثاني : البعثيون الذين انتموا إلى الأحزاب الدينية : بعض البعثيين الشيعة سارع بعد سقوط النظام إلى الانضمام إلى الأحزاب الدينية فتحول فلان من (الرفيق فلان ) إلى (الشيخ علان) بغض النظر عن كونه مشمول بالاجتثاث أم لا، ربما لان الله غفور رحيم ويقبل توبة البعثي إذا انظم لحزب متداين.. هؤلاء ( البعثيون الشيعة المنتمون إلى الأحزاب الدينية) هم الجيل الثاني المحسن من( ماركة التوابين) التي صنّعت في أعشاش الأسر في إيران..هؤلاء طوي ملفهم البعثي ولم يسال احد عن كونهم مشمولين بالاجتثاث أم لا.لقد كيل لهم بمكيال خاص . المكيال الثالث : بعثيو المناطق السنية هؤلاء ولكونهم يعيشون في وسط شعبي كان مستفيدا من وجود النظام السابق فإنهم لم يتعرضوا إلى ما تعرض إليه بعثيو المناطق الشيعية.. ثم في مرحلة لاحقة وجدوا إن الأحزاب المتداينه الشيعية الحاكمة تتوسل بهم وتدعوهم للمشاركة بالعملية السياسية بعد أن وجدت إن مصالحها الحزبية وضمان استمرارها بالحكم يتوجب إشراك بعض السنة بغض النظر عن انتمائهم الحالي أو السابق. لقد وجدت هذه الأحزاب أنها متهمة بالانفراد بالسلطة نتيجة مقاطعة السنة للانتخابات الأولى فسارعت، لكي تبطل التهمة، إلى التوسل بالبعثيين السابقين للمشاركة في العملية السياسية..وكانت النتيجة إشراك اعداد من البعثيين السنة في العملية السياسية ووصل بعضهم إلى البرلمان بغض النظر عن كونهم مشمولين بالاجتثاث أم لا. المكيال الرابع :مكيال الانتخابات أدركت الأحزاب المتداينة الحاكمة إن حظوظها في الفوز في الانتخابات القادمة ضعيفة لعدة أسباب منها لفشلها في تقديم نموذج حكم يرضي غالبية أبناء الشعب ولضلوع الكثير من قيادات وكوادر هذه الأحزاب بعمليات فساد كبرى، كما أدركت إن الاستقرار الأمني النسبي وتضاؤل حدة الشحن الطائفي ستبعد الناخب عنها وتدفعه إلى اختيار عناصر وطنية كفوءة ونزيهة لذا فقد لجأت إلى إثارة قضية (عودة البعث) لتجعل منها قضية رئيسية وحاسمة ولتوهم الناخب إن عدم إعادة انتخاب الأحزاب المتداينة سيؤدي إلى عودة البعث. ضمن هذا المكيال عادت الأحزاب المتداينة، وبواسطة هيئة الاجتثاث التي تقع تحت هيمنتها ، إلى اتهام البعثيين السابقين( التي هي زكتهم سابقا ودعتهم إلى المشاركة السياسية) بالعمل على إعادة البعث . إن وقوع هيئة الاجتثاث السابقة تحت سيطرة الأحزاب المتداينة الحاكمة ،وحرصها على تنفيذ رغبات تلك الأحزاب ضاربة عرض الحائط قوانين الهيئة ومصلحة الوطن، افرغ الهيئة من مضمونها القانوني وجرد منها صفة الوطنية. إننا أمام سؤال وطني كبير وخطير وهو: إذا كان هؤلاء مشمولين بالاجتثاث فمن المسؤول عن إشراكهم في العملية السياسية ؟ وهل سيحاسب من أشركهم ؟ هل ستُحاسب هيئة الاجتثاث على هذه الجريمة؟ هل ستحاسب الأحزاب المتداينة التي دعت هؤلاء إلى المشاركة في العملية السياسية من وراء ظهر هيئة الاجتثاث؟ هذه هي القضية، وليست (هل نحن ضد تطبيق الاجتثاث أم لا) كما يتوهم البعض قضيتنا ليست في الدفاع عن المطلك أو الهجوم عليه لان ذلك هو شأن قانوني قضيتنا ليست في كوننا نبغض أو نحب المطلك وفلان وفلان أو نعارضهم أو نتفق معهم لأن مصلحة العراق أهم من رغباتنا الشخصية.. قضيتنا ياسادة هي في عدم الثقة بالمسؤولين عن تطبيق قانون الاجتثاث واتهامهم بالتقصير في أداء واجبهم والمطالبة بمحاكمتهم. لقد فقدنا الثقة فيهم ، وفقداننا للثقة هذا يبرره اعتراف المسؤولين الحكوميين بوجود اختراق امني ، ويبرره وصول أشخاص يقال لنا ألان إنهم مشمولين بالاجتثاث.. قضيتنا هي المطالبة بمحاسبة من سهل للدايني ، مثلا، الوصول للبرلمان.. قضيتنا هي دعوة القضاء العراقي لتحريك دعوى قضائية ضد هيئة اجتثاث البعث لعدم قيامها بواجباتها.. يجب أن يقف مسؤولو هيئة الاجتثاث أمام القضاء ليجيبونا عن كيفية تسلل من يشملهم الاجتثاث إلى البرلمان والى الأجهزة الأمنية ..
أما قضيتنا الثانية فهي إدراكنا إن قيام الأحزاب الحاكمة باشراك البعثيين السابقين في العملية السياسية ( سواء كانوا مشمولين بالاجتثاث أم لا) هو قرار سياسي فرضته مصلحة الأحزاب المتداينة لذا فإننا اليوم نشك بأن قرار طردهم من العملية السياسية هو أيضا قرار سياسي وليس موقف قانوني، ونطالب بتشكيل هيئة المساءلة والعدالة من عناصر وطنية مستقلة حقا وحقيقة وواقعا كي تكون حيادية وعادلة في قراراتها و تلتزم الكيل بمكيال واحد في تطبيق قانون الهيئة ، عندها ، وعندها فقط ، ستطمئن نفوسنا إلى أي قرار تتخذه الهيئة. نقول هذا ونحن نعلم أن الجريمة التي اشترك فيها كل من هيئة اجتثاث البعث والأحزاب المتداينة والتي أدت إلى اختراق الأجهزة الأمنية ووصول من يشملهم الاجتثاث إلى البرلمان هذه الجريمة ستنسى كما نسيت جرائم سابقة وسجلت ضد مجهول.
#عودة_وهيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم لهيئة المساءلة والعدالة ولكن
-
منشور حب
-
المتدين والمتداين
-
ميلن
-
( عودتني )
-
اللطم من اجل( الهريسة)
-
لا تخضعوا للضغوط الايرانية
-
(حن بوية حن)
-
في المطعم البحري الابيض
-
لهاث الباء
-
وزارة الداخلية ( والعوائل المتعففة )
-
هل ان ( الحوار المتمدن ) حوار متمدن حقا
-
الفرق بين الوطني والبعثي
-
لقاء صحفي مع الحاج زعيبل زعيم قائمة شفط الشفاطة - الحلقة الر
...
-
تكعة ملا علي
-
أسباب أزمة قانون الأنتخابات
-
قبوط الحاج زعيبل
-
الجاج زعيبل يبحث عن ( الروح الوطنية )
-
هموم الحاج زعيبل الأنتخابية
-
عراقيو الخارج بعثيون
المزيد.....
-
كلمة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.. ما فحواها؟
-
مسلسل - ذو ستيكي- : قصة سرقة أكبر مخزون من -شراب القيبقب- في
...
-
مصدر لـCNN: بشار الأسد ليس موجودًا في أي مكان في دمشق
-
من هو بشار الأسد؟
-
نجل نتنياهو رهينة لدى حماس في غزة؟.. ما القصة؟
-
القضاء الأمريكي يوجه ضربة قاضية لـ -تيك توك-.. هل اقترب موعد
...
-
-يونهاب-: أكثر من 100 ألف شخص يحتشدون أمام البرلمان الكوري ا
...
-
أردوغان: نعرف جيدا ما فعله الإرهاب بسوريا
-
ترامب: العالم يتجه إلى الجنون
-
وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الإيراني في الدوحة ويبحثان
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|