أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬البصرة














المزيد.....

قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬البصرة


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 23:16
المحور: الادب والفن
    


كان القس كوكي‮ (‬المطران كوكي‮ ‬في‮ ‬ما بعد‮)‬،‮ ‬وهو شخصية مرموقة ذات سمت وقور وملامح ودودة محبوبة،‮ ‬قد وعدنا بنبيذ معتّق من منتخبات أنبذة كنيسة الكلدان في‮ ‬العشّار،‮ ‬وكان قد طلب منا إعداد مسرجية ذات موضوع توجيهي‮ ‬بمناسبة أعياد الميلاد،‮ ‬كان اسمها‮ (‬رسول الأكواخ‮). ‬وذلك بعد أن نجحت فرقتنا المسرحية في‮ ‬نادي‮ ‬الإتحاد الرياضي‮ ‬الملكي‮ ‬في‮ ‬العشّار،‮ ‬وصار من المألوف أن تقدم عرضاً‮ ‬مسرحياً‮ ‬كل شهر‮.‬
رحّبنا بالطلب،‮ ‬وأشركنا مع فرقتنا مجموعة من الفتيان والفتيات ممن رشحتهم الكنيسة لنا‮.‬

كنا خمسة شبّان؛ توفيق البصري‮ ‬شيخ المسرحيين في‮ ‬البصرة،‮ ‬وكاظم البكري،‮ ‬وعبود علي،‮ ‬والداعي،‮ ‬و‮ ... ‬مظفر النواب‮ !!‬

ما الذي‮ ‬جاء بمظفر النواب معنا؟‮ ‬

كان‮ ‬يحضر معرض الإنطباعيين الذي‮ ‬أقيم في‮ ‬البصرة‮)‬1956‮(‬،‮ ‬وشارك فيه مع حافظ الدروبي‮ ‬وحياة جميل حافظ وأرداش كاكافيان وآخرين،‮ ‬وقد حشرناه في‮ ‬فرقتنا المسرحية،‮ ‬اعتزازاً‮ ‬به‮.‬

وفي‮ ‬حين كنا،‮ ‬توفيق وكاظم وعبود وأنا،‮ ‬نشارك في‮ ‬التمثيل،‮ ‬كان مظفر‮ ‬يقوم بمكياجنا جميعاً،‮ ‬فمكيجَ‮ ‬وأجاد‮. ‬ولا‮ ‬يفوتني‮ ‬هنا أن أشير إلى حضور صديقنا الناقد عدنان المبارك معنا وهو المتابع لنشاطنا المسرحي‮.‬

نجحت المسرحية بمقاييس‮ ‬ذلك الوقت،‮ ‬وعُرضت عدة مرات،‮ ‬وفرح بها القس كوكي،‮ ‬فدعانا إلى حضور قدّاس الميلاد،‮ ‬وقد فرحنا بهذه الدعوة،‮ ‬فحضرنا،‮ ‬وأخذنا مواقعنا في‮ ‬الصفوف الطويلة التي‮ ‬تنتظر دورها في‮ ‬الدخول إلى الكنيسة‮.‬

لم تكن لديّ‮ ‬أية ممارسة لهذه الطقوس،‮ ‬ولا أعرف من مواضعاتها أيّ‮ ‬شيء،‮ ‬ولكنني‮ ‬زججتُ‮ ‬بنفسي‮ ‬بين هذه الصفوف وأنا أتطلع إلى تصرفات الآخرين لأقتدي‮ ‬بها‮.‬

رأيت أن الداخلين إلى الكنيسة‮ ‬يرفعون أياديهم اليمنى عند مدخل الكنيسة ويحرفونها بنشاط إلى اليمين ويرسمون الصليب ويدخلون‮. ‬وعندما جاء دوري‮ ‬رفعت‮ ‬يدي‮ ‬وضربتها بحيوية إلى اليمين،‮ ‬فارتطمت بشيء صلب سقط على الأرض وأربك الحضور،‮ ‬وبلل قميصي‮ ‬وبنطلوني،‮ ‬وأثار همهمة وتهامساً‮ ‬بين الحضور‮.‬

لقد كان دورق الماء المقدّس‮.‬

توقف الحشد كله عن السير،‮ ‬ووقفت أنا لا أعرف ماذا‮ ‬ينبغي‮ ‬عليّ‮ ‬أن أفعل؛ ولكن لطف الحاضرين الذين جاءوا بأفراحهم وملابسهم الزاهية،‮ ‬ومزاجهم العراقي‮ ‬الرائق خفف من حرجي‮ ‬فقعدتُ‮ ‬أستمع إلى خطبة القس كوكي،‮ ‬وعيني‮ ‬عليه خشية أن‮ ‬يرمقني‮. ‬وكان حرجي‮ ‬وانتظاري‮ ‬لنهاية القداس،‮ ‬وهروبي‮ ‬من الكنيسة،‮ ‬ضيّع عليّ‮ ‬تفاصيل خطبته‮. ‬وقد تحرجت من زيارته ثانية،‮ ‬وتهنئته بتسنّمه درجة‮ (‬المطران‮) ‬إذ لم أستطع ذلك لأنني‮ ‬كنت مختفياً‮.‬

لم تكن‮ ‬يومذاك طائفية،‮ ‬ولا عرقية،‮ ‬وكان التواصل بين فئات الناس مبدأً‮ ‬أخلاقياً‮ ‬وإنسانياً‮ ‬كنا فيه نشارك بعضنا،‮ ‬ونحتفل بأفراحهم وطقوسهم دون أية حساسية من أي‮ ‬نوع،‮ ‬إنما كان ممارسةً‮ ‬تلقائية لما درجنا عليه في‮ ‬حياتنا اليومية‮. ‬ولذاكرتنا من مباهج هذه الحياة الطبيعية في‮ ‬مجتمع عراقي‮ ‬متعدد الأعراق والديانات ما‮ ‬ينعش الخاطر،‮ ‬ويبعث على الإعتزاز‮.‬

وإذ أستعيد هذه الذكريات الحميمة،‮ ‬لا أخفي‮ ‬شوقي‮ ‬إلى زيارة كنيسة الكلدان في‮ ‬العشار التي‮ ‬سأقوم بها إذا اتّسع العمر،‮ ‬محترزاً‮ ‬من مطبات القدّاس،‮ ‬وغفلة الشباب،‮ ‬معاهداً‮ ‬نفسي‮ ‬على إتقان ما‮ ‬يستوجب الحرص على تقاليد أبناء العراق العزيز،‮ ‬وأنا تحت ضغط القناعة بكون هذه الزوبعة التي‮ ‬تشوّه معالم حياتنا هذه الأيام العصيبة،‮ ‬غمامة وتزول بمنطق التاريخ،

ولأهلنا من العراقيين في‮ ‬كل مكان،‮ ‬وفي‮ ‬مختلف الأديان والأعراق،‮ ‬تمنيات بسنة جديدة مباركة‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدات محافظة واسط
- سامي‮ ‬عبد الحميد‮ ‬ لا‮ ̷ ...
- خذ قصيدتك وامش ١
- إنا لله وإنا لهذا العراق
- مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
- نعمة الملل
- آفاق الكتابة
- محمد شرارة الشجرة الوارفة
- مجسّات القلم
- رجلان ... أي رجلين!
- يوسف العاني يلاطف حيرتي
- اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
- أهي عناوين وهمية ؟
- ليس براءة ذمّة
- تحية إلى قمر البصرة
- بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
- أهذا هو الوفاء؟


المزيد.....




- على وقع صوت الضحك.. شاهد كيف سخر ممثل كوميدي من ترامب ومحاكم ...
- من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العال ...
- تحرير القدس قادم.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25.. مواع ...
- البعثة الأممية في ليبيا تعرب عن قلقها العميق إزاء اختفاء عضو ...
- مسلسل روسي أرجنتيني مشترك يعرض في مهرجان المسلسلات السينمائي ...
- عيد مع أحبابك في السينيما.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك أ ...
- في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو ...
- الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية ...
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161 على قناة ا ...
- -أماكن روحية-في معرض فوتوغرافي للمغربي أحمد بن إسماعيل


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬البصرة