أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهدي بندق - هل تصبح سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين ؟















المزيد.....

هل تصبح سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين ؟


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 18:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


بتاريخ 16/12/2003 كتب أمير أرون المحلل الاستراتيجي ورئيس تحرير صحيفة ها آرتس الإسرائيلية مقالا ً يقول فيه ما خلاصته إن حل القضية الفلسطينية مفتاحه في يد مصر ، فلو أن مصر وافقت على منح الفلسطينيين جزء من سيناء – كامتداد طبيعي لغزة – لأمكن استيعاب كل اللاجئين الفلسطينيين ( بلغ عددهم الآن 6 ملايين ) وبذلك ينفتح الفضاء السياسي لحل الدولتين دون أية عقبات ديموجرافية ؛ وبالمقابل تسعى إسرائيل لدي أمريكا وأوربا لحثهما على الأخذ بيد الاقتصاد المصري ، ومنح الرئيس مبارك جائزة نوبل للسلام ، بجانب وعد من إسرائيل أن تعيد النظر في قرارها بعدم الانضمام لمعاهدة منع انتشار السلاح النووي !
والحق أن أمير هذا لم يكن يعبر فيما كتب عن حلم طاف به في غفوة القيلولة اللذيذة ، وإنما كان شديد اليقظة ، واسع المعرفة بما آلت إليه الأمور منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 وحتى اليوم . فمن نافلة القول الاعتراف بأن إسرائيل غدت أقوي دولة في منطقة الشرق الأوسط عسكرياً وسياسيا ً واقتصاديا ً وعلميا ً . بينما جرى انقسام الفلسطينيين إلى معسكرين يحكمهما عداء سياسي وأيديولوجي متصاعد ، وبالتوازي مع هذا العداء العبثيّ الأحمق فقد تشرذمت الدول العربية ما بين مغرب نفض يده تماما ً من الخوض في هذه القضية ، ومشرق انقسم بدوره إلي خليجيين همهم الأول حماية أنفسهم من التنين الفارسي المتلمظ ، وإلى " شوام " يحاول السوريون منهم أن يحجزوا مقعدا ً في القطار الإيراني القادم على قضبان حزب الله الحديدية ، تلك القضبان التي ُتدك في لحم لبرالية لبنان الطري العاري.
وما من شك في أن مثل هذه القراءة للواقع الفلسطيني والعربي هي التي أغرت أمير أرون أن يلتفت إلى مصر بعين البومة ، ليراها في هذه الآونة المؤلمة تعاني وحيدة ً بلا رفيق أو شفيق ، تثقل كاهلها مشكلات اقتصادية غير منكورة ، وتلوب في مآقيها قطرات حيرة سياسية تحت سحابات خطر غامض ومتوقع في آن ، أقله أن أظافر الضر الآثمة قد قاربت بالفعل خدش إهاب طالما افتخر المصريون – مسلمين وأقباطا ً – بأنه مستعص على المساس .

وعد شارون المشئوم
من هنا جاء استدعاء أمير أرون للوعد الذي " تفضل " به آرئيل شارون على الفلسطينيين ذات يوم من أيام حكمه السديد بـ " أنه ينظر بعين العطف لإنشاء وطن قومي للفلسطينيين في سيناء " ! وليكن أنه لم يقل هذا بالحرف المطابق لوعد بلفور المشئوم ، لكنه قالها – على أية حال – بصيغ مختلفة ، ليكررها من بعده في صراحة المجرمين العتاة وزيرُ الخارجية الإسرائيلية الحالي إيجور لبرمان . إذن فليكرر المصريون قول عبد الناضر الشهير : لقد أعطى من لا يملك وعدا ً لمن لا يستحق ، عندها سوف يغضب الفلسطينيون من وصف أشقائهم المصريين لهم بأنهم " لا يستحقون " ! هكذا تنتقل المعركة من ساحة الجريمة الإسرائيلية إلى سراديب التنابذ بالألفاظ العربية " الجريرية / الفرزدقية " البلاغة والفصاحة وإلى أبواق " الجزيرة " ذات الصياح والنواح ، وإلى " أنفاق " مهربي السلاح وتجار المخدرات و الرقيق الأبيض ، إلى "منشورات " المؤمنين بالماضي ( الذهبي ) الكافرين بالأوطان الحالية بحدودها القائمة والمعترف بها دوليا ً ، الساخرين بكل خفة من استراتيجيات أمنها القومي ، ظنا ً منهم أنهم بهذا إنما يمهدون لخلافة إسلامية تمتد من اندونيسيا إلى موريتانيا ، ومن أفغانستان وإيران إلي السودان والصومال !
ليكن إذن للعرب وللمسلمين أن يفكروا على هذا النحو ، ولتبق لهم سراديبهم وأبواقهم وأنفاقهم وجزائرهم ومنشوراتهم وبلاغتهم وفصاحتهم ، ولتمض إسرائيل في وضع وعد شارون موضع التنفيذ ، وبهذا يسعد الجميع !

مصر ليست للبيع
بيد أن العقبة أمام كل هذه السيناريوهات إنما هي مصر ، فتلك هي الدولة العربية الوحيدة التي لم يصنعها إنجليز أو فرنسيون ، ومن قبل هؤلاء لم يصدر بإنشائها فرمان عثماني ّ ، فلقد كانت دولة بمعني الكلمة قبل أن يفتحها العرب ، وكانت دولة معترف لها بالوضع الخاص حتى وهي تحت حكم الرومان والإغريق والفرس . وبالطبع طلت دولة كاملة الأوصاف تامة السيادة قرابة 2700 عاما ً مستقلة تحت حكم أبنائها إلا بضع مئات من السنين حكمها فيها ملوك الهكسوس ، وبعض ملوك من أصول ليبية .
وعليه فإنه يغدو ضربا ً من الجنون أن يتخيل كائن من كان أن رئيسا ً لمصر يقبل بالتنازل عن جزء من أرض الوطن مقابل حل مشكلات اقتصادية ، ووعد من " العدو " التاريخي بنزع سلاحه النووي ، وفوق البيعة جائزة للسلام !
فإذا أعرضنا عن مخايلات الجنون تلك ، وعدنا إلي حديث العقل ؛ لأدركنا أن ما تفعله مصر عند حدودها من تأمين لتلك الحدود ببناء جدار يمنع مهربي السلاح والمخدرات وتجار الرقيق الأبيض وخلايا الإرهاب ؛ إنما هو عمل من صميم أعمال السيادة لابد من مباشرته تنفيذا ً لنص المادة 79 من الدستور التي تتضمن قسم رئيس الجمهورية بالحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه . ولأن هذا القسم هو المتمم لخطوات تنصيب الرئيس ، فلا يحق له – قبل أن يؤديه - أن يباشر سلطاته الدستورية ، فما من شك في أن الحنث به لا غرو يجرده من شرعيته بما يجعله معرضا ً للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمي ( المادة 85 من الدستور )
هنا قد يقول قائل : إذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لم تقم مصر هذا الجدار فورا ً بعد يوم 23/1/ 2008 وهو تاريخ اقتحام 700000 نسمة من سكان غزة للحدود المصرية بإيعاز من حماس صاحبة أيديولوجية " الدين وليس الوطن هو حدود دولة الإسلام " ؟
في تقديري أن فكرة بناء هذا الجدار لابد وضعت موضع الوجود بالإمكان Potential existence فور وقوع هذا الحدث الخطير غير المسبوق ، لكن منع نقلها من الوجود بالإمكان إلى الوجود بالفعل سببان ، الأول : أن أجهزة الأمن المصرية استطاعت بكفاءة عالية أن تعيد المقتحمين إلى بلادهم في أقل من أسبوع ، عدا من تمكنوا من التسلل إلي داخل مصر ، لتبقى كخلايا نائمة في انتظار أوامر "المجاهدين" قادة حماس وحزب الله وطهران كي يبدءوا عمليتهم الشيطانية بتفجير مصر " الفرعونية الكافرة " ! وحتى هؤلاء سرعان ما قامت الأجهزة المصرية المسئولة عن أمن الدولة والوطن وشعبه بكشفهم واعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة . وأما السبب الثاني فقد كان متعلقا ً برغبة مصر المؤكدة في الوصول بالأخوة الأعداء الفلسطينيين : فتح وحماس وسائر الفصائل المتصارعة إلى مصالحة شاملة ، هي وحدها السبيل القويم والوحيد لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني بعامة ، وعن أهالي قطاع غزة بالأخص . بيد أن الرياح لم تأت بما اشتهته السفينة المصرية الصابرة على تلاطم الأمواج الحمساوية ، تلك التي سعت لقلب السفينة وإغراقها قبل أن تبلغ بالجميع شاطئ النجاة ! لماذا فعلت حماس ذلك ؟ لأنها – وكما بات ذلك واضحا ً جليا ً – لو قبلت بالمصالحة لأهدرت أيديولوجيتها كمنظمة لا تعترف بمبدأ المواطنة ، وفصل الدولة عن الدين على خلفية فلسفة الديمقراطية ( التي تتجاوز آلية الانتخابات إلى التسليم بأن مصدر السلطات هو الشعب وليس آيات الله ) وهكذا بدا أن حماس ترحب كل الترحيب بوعد شارون أن تكون سيناء امتدادا ً لغزة . ولو تم هذا لاقتربت الساعة ، ولصارت مصر أسيرة ، محاصرة من شرقها بدولة فلسطينية دينية ، ومن داخلها بحكومة ظل أخوانية دينية . والنتيجة بعد ذلك معروفة متوقعة ، أن تسقط مصر الدولة المدنية ذات التاريخ العريق سقوطا ً أبديا ً لا قيام بعده ولا نجاة منه مهما يتقدم الزمن .
فهل تبني مصر جدارها ؟ أم تغض الطرف عن وعد شارون وليبرمان وأمير أرون الذين " ينظرون بعين العطف لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في سيناء " ؟!

ملحق
لم تنقض ساعات على كتابة هذا المقال حتى وجدنا قناة الجزيرة تبشرنا بنبأ مقتل جندي مصري برصاصة قناص حمساوي "مجاهد " ، بجانب لقطات تصور انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال المصري الغاشم، والرابض على أرض وطنهم المقترح : سيناء ، مما أدى إلى جرح سبعة عشر من الشرطة المصرية ، ممن ترى الجزيرة أنهم تجاسروا على الوقوف بوجه محاولة جديدة " مشروعة " تستهدف فتح معبر رفح بالقوة .
وما زالت الأنباء تترى .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغامرة الكتابة مع نجيب محفوظ
- المتشددون المسلمون يرقصون على موسيقي العدو و يهددون بحرب صلي ...
- هل يمكن للشعب أن يتنازل - بحريته - عن حريته ؟
- الشعر سفيرا ً فوق العادة
- لماذا يرتعب المتدينون من كلمة الحرية
- متى يعتذر الغرب للشعب المصري
- المرأة العربية في المخيال الجمعي
- مقاربة مصرية لرباعية الإسكندرية
- رواية أن ترى الآن لمنتصر القفاش
- النقد الذاتي قطار المصريين إلي الديمقراطية
- عوليس الحمساوي وارهاب العودة للبيت
- الولاء لمصر ولو كره الفرس المعاصرون
- كل ضد إلى ضده
- مياه الأمن القومي بعد إنفلوانزا الخنازير
- هل يستقيل الكاتب من ديوان العولمة ؟
- الإسكندرية والتهاب العصب الخامس
- من عصاها تهرب الحواسب الكونية
- قصيدة : نسخة وذراها الخروج عن النص ِ
- لماذا لا يطلب الأخوان السلطة في مصر
- كتاب البلطة والسنبلة - إطلالة على تحولات المصريين


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهدي بندق - هل تصبح سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين ؟