أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد مرساوي - قشرة البرتقال/ 18 بارد وسخون آمولاي يعقوب















المزيد.....

قشرة البرتقال/ 18 بارد وسخون آمولاي يعقوب


حامد مرساوي

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 23:22
المحور: الادب والفن
    



طال الفاصل بين الفقرة السابقة وما يلي بين أيدينا. حلت عواصف مدمرة. ترجع للنظام الاجتماعي الذي يرسي المكتسبات لذوي الدخل ويدفع المهمشين نحو العبودية البيضاء.
فالصمت ليس بياضا من عدم. بل فاصل من الرياح الهوجاء التي تمنع ذوي المهن المرتبطة بأعالي البحار من النزول إلى الماء. ولعل الدربة المتوفرة تكفي لتدبير الصراع بين الألواح والأمواج. فيكفي ما انقلب من فقرات في البرنامج، أما أن تنقلب السفينة نفسها "سفاها على اعلاها"، فذاك موت محقق لكل المرتبطين بها، من فرط اضطراب الأوضاع النفسية والصحية، وما يترتب عنه من مضاعفات نوعية لها سبب مباشر بالعمر.
إن الخلخلة التي نتجت عن إحياء الحب الذي بقي في "الكوما" ما يزيد قليلا عن ثلث قرن، وصلت أقاصي الشرايين والأعصاب في أجسام المعنيين. وقد أصيبت الأدمغة بنوبات من الانهيار ومن الصعقات المتكررة. واضطربت مراكز القرار في المخ. وحل البكاء محل التفكير. وشل الشرود القدرة على التركيز.
كانت فورة الحب في الشارع العام. في الشارع الرئيسي. كان الشوق يلغي كل أشكال الاحتياط من الطرفين. والحال أن القريبة من محل سكناها على أقل من 20 كيلومتر، لم تتسبب في العطب. بينما، استنفرت عطلة عيد الأضحى أصدقاء من يبعد عن المكان بأربعمئة كيلومتر. أهلا خاي أحمد، عندما استدار وجد نفسه أمام (م) يلاحقه. إنه من أعز أعزائه. من فرط المفاجأة اختبأ (أ) ضاحكا وراء الشجرة قبل العودة للسلام على (م). فهم (م) الحرج وسلم عليه كالعادة زائد مظاهر الشوق لطول عدم اللقاء بينهما. ثم سرعان ما أشار (م) إلى (ب) في السيارة رفقة العائلة (ح، وس، وح،). وفعلا، ها هي (ب) تلتحق لتسلم. قدم (أ) (س) ل(م) من باب التعارف وكذا (م) ل(س). وصلت (ب). تسلم، يعرّفـٌها (م) بدوره على (س)، تستفسر ما إذا كانت هي صاحبة قشرة البرتقال. (أ) يؤكد. لم يكادوا يتأكدون من ملامح بعضهم البعض حتى تذكر الجميع أنهم في عجلة من أمرهم. ثم يغادر (م) و(ب). (س) و(أ) بدورهما كانا بصدد البحث عن التقاط الطاكسي. فالموعد موعد الافتراق مباشرة. (س) إلى الطاكسي. و(أ) إلى الستيام بعد الطاكسي. مغادرة باب الأحد إذن ظهر الجمعة ليلة العيد (السبت).
تغيّر إيقاع العلاقات العامة. كما تبدلت النفسية بين الإثنين. بحيث خفت نبرات الأزمة. ورجع التضامن الثنائي ملفوفا بنبرات الحزن إلا فيما ندر. بين هذه اللقيا المفاجئة وبين الهاتف الصادم في الحافلة القروية نحو التجمع السكني، خيط ما!
تجميع الأدوات المادية ممكن: أرقام الهاتف المحمول والثابت. تأكيد محل الاتصال باستمرار بناء على الرقم الجهوي للثابت. فإما تكرار السفر "الطويل" للمرة الثانية سبب كاف لإثارة الدوافع الكافية لرد الفعل. وإما ربط خيط ثان أجج واستكمل مقومات الإرادة لرد الفعل! كما التوصل من طرف آخر بالرد الشخصي ولو المنفرد بلحظة واحدة عن السفر إلى الخارج دون سابق إنذار.
في الحافلة التي انطلقت أخيرا. اشتد البرد هناك. نحن في مدينة "حيى الله أرضها من ثرى" حسب الراحل أحمد البيضاوي. منعرجات وارتفاع متدرج وبرد أكثر فأكثر. كان الستيام حافلة سابقة. والآن حافلة الأسواق القروية. الهاتف يرن،أ: (نعم؟) ح:(فين انت؟)،أ:(...)ح:(مع من انت؟)(مللي غدي تجي، غدي تصيب الدار كلشي فيها محروق، غدي نرمي لك احوايجك فالزنقة...) (ود. اللي فوضع صعيب كيفاش غدي تعمل معاها الى وصلها اخبار الدار كيف كتقول؟) المحمول ينطفئ بسبب انتهاء رصيد الطاقة. يحاول إشعاله من جديد فلا يستجيب. يتمكن من استبدال الجهاز المحمول بآخر من مرافقته التي تسافر معه لأول مرة.
يرن الهاتف المستبدل بالرقم المستهدف دائما،(أ) ينصت. (ح):(حيت اطفيتي التيليفون، ضربت لدارها وجاوبني راجلها، وأخبرته بللي مراتو مع راجلي، وقاللي: إيوا مزيان!). نزل الخبر كالصاعقة، تغيرت ملامحه. أخبر مرافقته للتخفيف عن نفسه ومقاسمتها ما يعتمل بنفسه. اقترحت عليه أن يلغي السفر ويلتحق بمنزله. رد بالرفض مباشرة ليؤكد دور الإرادة والهدوء مجتمعين في التغلب على الأزمات. كان وجهه ينبئ عن تأثره البالغ حد الأزمة.
استمرت الحافلة في الحركة نحو المكان المحدد. وصلا. اتجها نحو مكان الإقامة حجزا مكانين منفصلين. اكتفيا بالسفر معا والتجول معا داخل الموقع السكاني المستهدف.
العشاء: الطجين في مكان عمومي وفق الأثمان الشعبية المتداولة. الليل بارد. لكن الحركة لم تنقطع. كل أنواع الحوانيت ما زالت مفتوحة. وحركة العائلات كما في أية ساعة من النهار.
حكت له في الصباح عن الأزمة التي عانت منها الليلة، شبهتها بأزمة عصبية عرفتها سنة 1977، عندما وجدت نفسها في حالة زواج مكره رفقة طفل وفي وضع القهر والزجر والفقر وبلا مأوى. رفضتها العائلة القريبة. لم ينتبه نحوها الأبوان البيولوجيان في "البلاد". أما تفاصيل الأزمة، فصبيحة 15 دجنبر 2009، يعني في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء. ( رنت عليه أتى من مبيته ليسعفها) (هي تتذكر دائما أنه لما كان يأتي ليبيت معها في منزلهم، رفقة أهلها، لم يكن يمسسها بسوء، فقط إمارات المحبة، في اللقاء وفي الوداع، احتراما لثقة أهلها به). كان جسمها منقبضا ومتقلص العضلات بكيفية مؤلمة. ساعدها بالدلك للأيدي والأرجل مع تقليب جسمها بكيفية تخفف من وطأة الانقباض على بعض الأجزاء من اليد اليمنى. طال الانقباض اقتضى الصبر من جانبه رفقة بوضعها النفسي والصحي. ولربما أكثر من ذلك. إنها كل شيء بالنسبة إليه منذ كانت، وما زالت، وستبقى. ليس لديها في الأمر غيره. وعلاقتهما الحالية ليست نزوة.
عندما يتخيل ما جرى لها في أوقات متفرقة من حياتها، منذ ابتدأ البؤس في حياتها ساعة الرحيل عن الجوار بسبب من رسائله ولو كمبرر مباشر، لا يمكن تشبيه ما أحاط بها من محاولتي القتل بين الأبوين البيولوجيين. إلى المادة الخام للجنس من كل فئات المحيط. إلى الاغتصاب فالحبس فزواج المكره فالبيت السجن. فمخطط الهروب. إلى البؤس في العراء رفقة رضيع لا يزيد عمره عن بضعة أشهر. إلى الاحتماء بما لا يمكن الاحتماء به قصد توفير الظروف "الملائمة" لاستخلاص حكم الطلاق من زوج شرس جرجرها من شعرها في بهو المحكمة. التجريب المر للحرية المشتراة والمستخلصة من النفس ولا شيء غير النفس، عندما لا يجد الانسان حتى الحب ليستخرج لنفسه ولرضيعه ظروف البقاء. جاك بريل يغني في حالة خلو اليد من أي شيء إلا الحب:
Quand on a que l’amour
حالتها الموصوفة خلت حتى من الحب. قبل التوصل إلى حل الطلاق، من وراء باب المنزل المقفل بالمفتاح الموجود في جيب الزوج المغتصب، كانت محاولة الانتحار بابتلاع حوالي 40 حبة دواء. اقتربت من الموت لكن الإنقاد كان في المستشفى بعد غسل الأمعاء في المستعجلات. حكايته هو مع نفس المستعجلات حكاية أيضا اقتربت من الموت، تذكره بمعترك مصيره المضاعف الألم.
سبق الحديث بعد الطلاق المذكور عن المصير الموالي في تازمامارت المجتمعية. بالموازاة، كانت الذات تقاسي القهر والإبعاد وما يشبه التجويع وتغيير الإسم المتداول، مع الإخضاع لنظام القبيلة حيث تازمامارت المفتوحة، كيد عاملة تتناوب على الأشغال، دون أن تختلف عن وضعية الخدم المهان والمؤدي للأشغال، رفقة أطفال يترعرعون، صغارا لا يملكون سوى عطف الأم الحرفي، بلا لعب ولا تغذية كافية، بتمييز واضح حتى في وصف لون الجسد، ونعته بالاصفرار بدل البياض من زاوية المتحدثين السمر الأسياد. يوم استقبالها في بيت زوجها الثاني بكت الأم والأخوات عند رؤيتها. هل كونها تحمل طفلا! هل كونها بلون مغاير! هل لكون ابنهم لم يستشرهم عند زواجه!
الله وحده يعلم عن الجهد المطلوب منها لتوفير التوازنات النفسية والعصبية والذهنية والحركية العضلية والعقلية، كي توفر المقاومة الملائمة كي لا تنهار جنونا أو انتحارا مرة أخرى......أما الهروب نحو المجهول، الدرس السابق ما زال في المخيلة. نعم تمكنت فيما مضى من توفير ورقة الطلاق لنفسها وبنفسها ومن نفسها...لكن الحرة لا تأكل من ثديها. ولو على القل مرتين.
متى يأذن الله بالخروج من تازمامارت المفتوحة؟
ما الذي جرى؟ نعم جاء الفرج وتم الخروج من تازمامارت المفتوحة! إن النفس ممتلئة حد الحنق وإلا لجاء عوضه الحمق. الاقتصاص للنفس من النفس وبالنفس. حياة موازية ابتدأت أم استمرت؟ سر الحكاية عند الله.
تلك ظروف الأزمة العصبية الأولى التي استمرت بأشكال متعددة. كنا بصدد الحكي عن الأزمة لليلة 14/15 دجنبر!
عندما يتأمل الحاكي تفاصيل الحياة الملتفة لهذه العزيزة، لا يجد غير الشريط الفرنسي الذي سبق لنور الدين الصايل أن وزعه في الأندية السينمائية أواخر السبعينات بداية الثمانينات:
Moi, Pierre Rivière, qui a tué mon….,mon…,
كما أتذكر مسلسل تريكة البطاش والرواية الأصلية الروسية الإخوة كارامازوف. إن حب الحياة والحرص عليها شهد لا يتذوقه سوى ضحايا معاناة اليتم والتشرد...لذلك، يتشبث أحمد وسعاد بما تبقى من عمرهما بالحب وبالحياة معا ومعا.



#حامد_مرساوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قشرة البرتقال/ 19 طعم المرارة اللذيذ
- قشرة البرتقال/ 20 عجينة البؤس وخميرة الحب
- قشرة البرتقال/17 توازنات ما بعد 7 دجنبر
- شرة البرتقال/ 16-3، الرسائل
- قشرة البرتقال/ 15 1, رسائل
- قشرة البرتقال/ 14 شعاع الجسد
- قشرة البرتقال/ 13 صور باللون الرمادي
- قشرة البرتقال/ 12- كما في الحلم، في الحياة
- قشرة البرتقال/ 10 شرنقة وعذابات
- قشرة البرتقال/ 11 حالة حب في المشرحة
- قشرة البرتقال/ 9 الإقبال على الحياة
- قشرة البرتقال/ 5 تسميم الحلم
- قشرة البرتقال/-4 -موت- كالذبح الخاطف
- قشرة البرتقال/ 3 - -الخلوة- بسعاد
- قشرة البرتقال/2-الخرجة- مع سعاد
- قشرة البرتقال/ 1- السفر الحزين


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد مرساوي - قشرة البرتقال/ 18 بارد وسخون آمولاي يعقوب