إغتصاب

نعمة الحباشنة

الحوار المتمدن-العدد: 2874 - 2009 / 12 / 31 - 22:48
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    

وسط زحمة ذلك المكان المطل على منتصف المدينة وعند بوابة قصر العدل وقفت حافلة زرقاء مخصصة للسجن
وفتح بابها ليخرج منها رجل أمن ببندقيته يراقب الطريق ويبعد الخطى عن الخارجين من ذلك القبر المتحرك ، ايديهم مصفدة باصفاد مربوطة إلى رقابهم ،
أصفاد من الذل والاحتقار وبذلاتهم زرقاء كحلية مكحلة بوقاحة البعض وانكسار البعض الآخرمنهم ومن بين هؤلاء المنكسرين كان الفتى آدم ابن الثامنة عشر ربيعا
من حاول اخفاء راسه بخجل شديد حتى لا يراه أحد من المتواجدين في تلك المنطقة أو يرى دموعه المتساقطة من عينيه ...
_ اسمك ؟؟؟؟
_ آدم
_ عمرك
_ ثمانية عشر عامآ
_ عملك
_ كنت طالب في الصف التاني الثانوي والآن سجين قالها وهو يتنهد .
_ ما رئيك بالتهمة الملقاة عليك ؟؟؟
_ مذنب يا سيدي أعترف أني مذنب ولكن ذنبهم هم أكبر .
_ من هم .
_ أمي وإخوتي وكل من ساندهم في ظلمهم قالها وهو يصرخ في وجه أمه تذكرين إن كنت لا تذكرين أنا أذكرك ،
يوم وفاة والدي كنت في الخامسة من عمري يومها جلست وحيدآ أبكي فراقه كأنني عرفت ما سيحدث بعدها ،
كنت تخرجين صباح كل يوم لزيارة رفيقاتك بينما أمكث أنا هناك وحيدا بلا طعام أنتظر عودتك ببقايا طعام وثرثرات تلك النسوة ، تذكرين كم كنت أبكي في ذلك اليوم ، يوم ألبستيني رث الثياب وامسكت بيدي لتأخذيني معك عنوة ليلة العيد لزيارة ذلك الثري وطلب الصدقة منه قلت له اكفل هذا اليتيم جزاك الله كل خير لتمنعي عني بعدها حتى الربع دينار ؟؟؟
كنت تصرخين في وجهي : أنت رجل !! الرجال لا يطلبون المال بل يجلبونه ....
_ كانت المرة الأولي يوم تركتيني مع ابن خالتك في المنزل وحدنا كانت ليلة شتوية قارسة البرودة وكنت طفل أرتعد من الخوف والبرد عندما اقترب مني ليعطيني قالب حلوى ونصف دينار ويضمني إليه بدفء وحنان ، كنت أرى شيئآ في عينيه وكنت أشعر بأنامله تداعب مناطق محرمة من جسدي ، كنت أشعربقسوة لم أعتادها ولكني خفت أن أهرب وعندما تبللت ملابسي خفت منك ومن العقاب الذي ينتظرني ولهذا صمت ، تألمت وبصمت لأني أعرف أنه عشيقك وأني المتهم دائمآ وأنك لن تصدقيني وتكررت التجربة وفي مرات كثيرة كنت أعلم أنك تعرفين وكان سكوتك يقتلني لأني عرفت أنه هو الأهم وأنا مجرد عثرة ألقت بها الأيام في طريقك

_ أنت من ألقت بي بين أحضان قريبك بعدم تصديقك لي أو الاستماع لبكائي أنت السبب وأنت البداية والنهاية ..
قالها وهو يشير بيده نحوها ثم يعيدها بسرعة بسبب قسوة الأغلال وعدم قدرته على الاستمرار .
لم يكن هناك سبيل للعيش الا بطرح جسدي متعة لمن يشتريه بثمن بخس الكل قادر على دفعه ، كنت أكبر والشهوة تكبر وأخاديد ضربك لي أنتي واخوتي الكبار بحزام والدي الجلدي المعلق على طرف ذلك الحائط ليذكرني بما سيحدث عند رفضي تلبية طلباتكم تكبر أيضا ويرحل معها حبي لكم أو له ، أنتم قتلتي !!
_ لا تحاسبني سيدي ولكن حاسبهم . هل أريك آثار سياطهم على جسدي ؟؟ هم من علموني الاغتصاب هم من إغتصبوا طفولتي لاغتصب أنا طفولة ابن أختي بعدها ...

لم يكد آدم يكمل كلماته تلك حتى سقط صريعآ مضرجا بدمائه صريع رصاصات منطلقة من مسدس يحمله على وسطه أخيه رجل الأمن والمندس بينهم لتتعالي الاصوات في المحكمة ( عافاك الله بيضت وجه العيلة كلها ) ...
ومازالت روح آدم تصرخ في كل ليلة يسمعها حراس قصر العدل وهي تنادي :
_ أعترف بذنبي ولكن حاسبوهم قبل أن تحاسبوني .

نعمة الحباشنة / عمان / الأردن / ( من مقالاتي "كفى عنف" ) 31/ 12/ 2009 م

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل